1. من الذي حرك قطعة جبني ؟ طريقة مدهشة للتعامل مع التغيير في عملك وفي حياتك الخاصة بقلم د . سبنسر جونسون
2. ذات مرة , في الماضي , عاشت أربعة مخلوقات صغيرة كانت تعيش في متاهة باحثة عن الجبن لكي يتغذوا منها ولكي تجعلهم سعداء . اثنان من هذه المخلوقات كانت عبارة عن فأرين اسمهما سنيف و سكوري , واثنان كانا شخصين صغيرين اسمهما هيم و هاو .
3. " الجبن " في هذه القصة هو مجازا ما نود أن نحصل عليه في الحياة , سواء كان في حياتنا العلمية أو الشخصية , سواء كان وظيفة نسعى لها , علاقات صحية , الثروة , المنزل اللائق , الحرية , الصحة , التقدير , الراحة النفسية , أو حتى أي نشاط مثل ممارسة الرياضة مثلا . كل منا يملك رأيا خاصا به عن ماهية الجبن أو بعبارة أخرى الهدف الذي يبحث عنه , والذي نسعى ونعمل من أجل الحصول عليه لأننا نعتقد أنه يجعلنا سعداء , وفي الغالب نكون مرتبطين به . لهذا إذا ما فقدناه أو أخذ عنا نشعر بالأسى والحزن .
4. في كل صباح , كان الفأرين والقزمين يرتدون ملابس الركض ويتجهون مباشرة لمحطة الجبن س في هذه المتاهة والتي يجد فيها كل منهم ما يشتهي من جبن . كانت محطة الجبن س عبارة عن مخزن كبير للجبن والذي نقل كل من القزمين هيم و هاو سكنهما ليكونا قريبين منه , حتى اصبح مركز حياتهم وانشطتهم . وحتى يشعرا أكثر أنهما في بيتهما , قام هيم و هاو بزخرفة جدران منزلها بعبارة واحدة :
5.
6. وفي صبيحة أحد الأيام , وصل كل من الفارين سنيف و سكوري إلى محطة الجبن س واكتشفا أن المحطة لم يعد بها أي جبن . لم تصبهما أي مفاجأة من ذلك , وذلك لأنهما لاحظا مؤخرا أن الجبن بدأ يتناقص يوم عن يوم , وكانا مستعدين نفسيا لتقبل مثل هذا الأمر الذي لا مفر منه بالنسبة لهما , وكانا يعلمان بشكل غريزي ما يجب عليهما القيام به . لقد قاما وبسرعة بالبحث عن جبن جديد في محطة أخرى . في وقت آخر من ذلك اليوم وصل كل من القزمين هيم و هاو إلى المحطة سي واندهشا لعدم وجود الجبن , وتسائلا من الذي أخذ الجبن؟ صرخ هيم هذا ليس عدلا . ألا يوجد جبن , ألا يوجد جبن , من الذي حركة قطعة جبني؟ . عادا إلى البيت ذلك المساء جائعين محبطين , لكن قبل أن يغادرا كتب هاو على الجدار :
7.
8. غادر في اليوم التالي هيم و هاو بيتهما وعادا إلى محطة الجبن سي . لكن الوضع لم يتغير . سأل هاو , أين سنيف و سكوري؟ هل تعتقد أنهما يعلمان شيئا لا نعلمه؟ رد هيم بسخرية , " ماذا يمكن أن يعلما؟ هما لا يزيدان عن كونهما جرذين بسيطين . كانت هذه فقط ردة فعلهما لما حدث . نحن بشر وإن كنا قزمين , نحن أذكى منهما ". قال هاو مقترحا على زميله ; يمكن من الأفضل لنا لو توقفنا عن تحليل الموقف كثيرا , وأن نتحرك لنجد بعض الجبن الجديد . قرر هاو أن يغادر محطة الجبن سي الفارغة , بينما كان هاو مازال يرغب بالبقاء في محطة الجبن الفارغة . أعلن هيم " حان الوقت لاستكشاف المتاهة وكتب التالي :
10. في تلك الأثناء , كان سنيف و سكوري قد بلغا شوطا بعيدا في سيرهما داخل المتاهة حتى وجدا محطة الجبن نون , وجدا ما كانا يبحثان عنه : كمية كبيرة من الجبن الطازج . لقد كان ذلك أكبر مخزن للجبن شاهده الفأرين في أي وقت من الأوقات . هاو في الجانب الآخر كان قد أصبح قلقا وتسائل إن كان حقا يريد الذهاب لداخل المتاهة . قام هاو بكتابة جملة على الجدار أمامه , و حدق لبرهة نحوها :
12. كان هاو قد أدرك أن التغير ما كان ليكون مفاجئا لو أنه كان قد لاحظ ما كان يحدث أو لو أنه كان قد توقع مثل هذا التغيير . توقف هاو للراحة ثم كتب على جدار المتاهة :
13. قم بشم رائحة الجبن من حين لآخر حتى تعلم متى يكون الجبن قديما وعطبا
14. تساءل هاو فيما إذا كان هيم قد تحرك أو فيما إذا كان مازال مشلول التفكير , حبيس الخوف الذي أصابه . عندها تذكر هاو الوقت الذي شعر فيه بأنه في أفضل حالاته في المتاهة , كان ذلك عندما كان يتحرك إلى الأمام , لهذا كتب :
16. عندما بدأ هاو يركض في الممشى المظلم للمتاهة , بدأ يبتسم . لم يستوعب هاو ذلك بعد لكنه كان يكتشف ما كان يدفع روحه للمضي قدما . لقد ترك نفسه تمضي وكان واثقا مما ينتظره أمامه , بالرغم من أنه لا يعلم بالضبط ماهيته . وكان الأمر المفاجئ له أنه بدأ يستمتع بما يقوم به أكثر فأكثر , لهذا توقف ليكتب مرة أخرى على الجدار :
18. ولجعل الأمور أفضل , بدأ هاو برسم صورة في مخيلته مرة أخرى . لقد رأى نفسه وبصورة واضحة والتفاصيل وهو يجلس في وسط جبل من جميع أصناف الجبن المحبب لديه , لقد رأى نفسه يأكل الكثير من الجبن الذي يحب , وسعد كثيرا بما رأى . كلما زادت وضوح الصورة في ذهنه وهو يتمتع بالجبن اللذيذ , كلما كان أكثر قربا من الواقع والتصديق . لهذا كتب :
19. عندما أتخيل نفسي وأنا استمتع بمذاق الجبن الجديد , حتى قبل أن أجده , يقودني هذا الشعور إليه .
20. تسائل هاو لماذا كان دائما يعتقد أن التغيير سوف يقوده لأمر سيئ . الآن أدرك أن التغيير يمكن أن يقوده لأمر أفضل . عندها قام بالعدو في المتاهة بعزيمة ومرونة أكبر . حتى وجد قطع جبن صغيرة . دخل لمحطة الجبن التي وجدها لكنها كانت خالية . لاشك أن أحدهم كان هنا من قبل . توقف وكتب على الجدار :
21. كلما أسرعت بالتخلص من الجبن القديم , كلما كان حصولك على الجبن الجديد أسرع .
22. عاد هاو مرة أخرى لمحطة الجبن سي ليقدم ل هيم بعض من أجزاء الجبن الجديد الذي وجده , لكنه عاد خائبا لأن هيم مازال يرغب باسترجاع جبنه الذي فقده . هز هاو رأسه وهو يشعر بخيبة أمل إلا أن هذا لم يوقفه عن البحث من جديد ليجد جبنا جديدا , ابتسم وأدرك :
23. إن البحث في المتاهة أكثر أمانا من البقاء في محطة خالية من الجبن
24. أدرك هاو مرة أخرى , أن ما تخاف منه لا يمكن أن يكون أسوأ مما تخيل . إن الخوف الذي تتركه يكبر في ذهنك أكثر سوءا الواقع . لقد أدرك أنه كان من الطبيعي أن يستمر التغير سواء قبلنا به أم لم نقبل . التغير يمكن أن يفاجئنا إذا لم تتوقعه وإذا لم تكن تبحث عنه . عندما أدرك هاو أنه غير الكثير من قناعاته القديمة , توقف مؤقتا وكتب على الجدار :
26. لقد أدرك الآن أن تغييره لأفكاره القديمة شجعه على التعامل مع الواقع بطريقة جديدة . لقد أصبح يتصرف ويتعامل مع الوضع الآن بطريقة مختلفة عن التي كان عندما كان يعود دائما لنفس المحطة القديمة الخالية من الجبن . إن الأمر برمته يعتمد على الأفكار التي نختارها لنؤمن بها . كتب بعد ذلك على الجدار :
27. عندما ترى أنه بإمكانك أن تعثر على جبن جديد وتستمتع به , يكون التغير قد بدأ لديك
28. أمل هاو فقط أن يكون قد اتجه نحو الاتجاه الصحيح . فكر هاو بشأن احتمالية أن يقوم هيم بقراءة ما كتب على الجدران وأن يعثر على طريقه . ثم قام هاو بكتابة ما كان يدور في خلده لبعض الوقت :
29. ملاحظة التغيرات الصغيرة في مرحلة مبكرة , يساعدك على التأقلم مع التغيرات الأكبر عندما تحدث في المستقبل .
30. استمر هاو بالسير في المتاهة باحثا عن جبن جديد بمزيد من العزم والسرعة . ومر من خلال ممر طويل لم يسبق له المرور فيه , وبعد أن تجاوز هاو ركن هذا الممر , وجد جبن جديد في المحطة نون حيث رأى أكبر كمية من الجبن يراها في حياته . قام كل من سنيف و سكوري بالترحيب به , عندها صرخ هاو ” مرحبا بالتغيير “ ثم قام هاو بكتابة ملخص للدروس التي تعلمها من هذه التجربة على جدران المحطة نون , وابتسم وهو ينضر لما تعلمه :
31.
32. أدرك هاو ما كان عليه سابقا عندما كان بصحبة هيم , وأدرك أنه من السهل أن يعود إلى ما كان عليه لو لم يتعلم من هذه الدروس التي تعلمها من تجربته ولخصها على الجدران . لهذا قام كل يوم بتفقد الجبن , وكان على الرغم من المخزون الكبير يصر على الخروج للتجول في المتاهة حتى يكون على علم بما يجري وبالتغير قبل حدوثه بوقت كاف , لأنه أدرك أن توقع التغيير , والقبول به ومن ثم التعامل معه بإيجابية هو السبيل لنجاته . وفي تلك الأثناء أنصت هاو لصوت بدأ يعلو تدريجيا , عندها أيقن أن هناك قادم جديد للمحطة , هل كان هيم , تمنى هاو كما كان يفعل من قبل أن يتمكن صديقه في النهاية من أن :