SlideShare uma empresa Scribd logo
1 de 18
‫تفسير المنير : ج ٠٣‬
                                               ‫الكتاب : مراح لبيد لكشف معنى القرآن مجيد‬
                                    ‫المؤلف : محمد بن عمر نووي الجاوي البنتني إقليما ، التناري بلدا‬
                                                        ‫الناشر: دار الكتب العلمية‬
                                                          ‫مكان الطبع : بيروت‬
                                                         ‫سنة الطبع : 7141 ق‬
                                                            ‫عدد الجزاء : 2‬
                                                      ‫تحقيق : محمد أمين الصناوى‬
                                                    ‫] ترقيم الشاملة موافق للمطبوع [‬
                                                                                                                          ‫سورة ألم نشرح‬
                                                                             ‫مكية ، ثمان آيات ، وتسع وعشرون كلمة ، ومائة وثلثة أحرف‬
   ‫يروى عن طاوس وعمر بن عبد العزيز كانا يقولن : هذه السورة وسورة الضحى سورة واحدة ، وكان يقرءانهما في الركعة الواحدة وما كانا‬
     ‫ودعك ربك‬
     ‫يفصلن بينهما ببسم ا ّ الرحمن الرحيم. قال الجمل : ولما ذكر ا ّ تعالى بعض النعم عليه صّى ا ّ عليه وسّم بقوله تعالى : ما َ ّ َ َ َ ّ َ‬
                                     ‫ل‬        ‫ل ل‬                          ‫ل‬                                       ‫ل‬
                         ‫]الضحى : 3[ إلخ أتبعه بما هو كالتتمة له وهو شرح الصدور فقال : ََمْ َشْ َحْ َ َ َد َكَ )1( قال في نور المقياس :‬
                                                    ‫أل ن ر لك ص ْر‬
     ‫وهذا معطوف على قوله تعالى : َ َ َ َ َ عا ِ ً ََغْنى ]الضحى : 8[ أي ألم نشرح لك يا أشرف الرسل قلبك للسلم ، ويقال ألم نوسع قلبك‬
                                                                                   ‫ووجدك ئل فأ‬
 ‫للنبوة ، وقال الرازي : استفهم ا ّ عن انتفاء الشرح على وجه النكار ، فأفاد إثبات الشرح فكأنه قيل شرحنا لك صدرك أي بالنبوة وغيرها حتى‬
                                                                                                  ‫ل‬
                                                                                                               ‫وسع مناجاتنا ودعوة الخلق.‬
 ‫روي أن جبريل عليه السلم أتاه وهو عند مرضعته حليمة وهو ابن أربع سنين فشق صدره وأخرج قلبه وغسله ونقاه ، ثم مله علما وإيمانا ، ثم‬
     ‫رده في صدره وشق أيضا عند بلوغه عشر سنين وعند البعثة وليلة السراء فمرات الشق أربع على الصحيح ، وإنما ذكر الصدر لنه محل‬
   ‫الوسوسة ، قال محمد بن علي الترمذي : القلب محل العقل والمعرفة ، وهو الذي يقصده الشيطان فالشيطان يجيء إلى الصدر الذي هو حصن‬
   ‫القلب فإذا وجد مسلكا نزل فيه هو وجنده وبث فيه الهموم والغموم والحرص فيضيق القلب حينئذ ول يجد للطاعة لذة ول للسلم حلوة ، وإذا‬
‫طرد العدو في البتداء حتى لم يجد مسلكا حصل المن ويزول الضيق وينشرح الصدر ويتيسر له القيام بأداء العبودية ، وإنما قال ا ّ تعالى : ََمْ‬
  ‫أل‬         ‫ل‬
‫َوض ع ك و رك‬
‫َشْ َحْ َكَ تنبيها على أن منافع الرسالة عائدة إليه صّى ا ّ عليه وسّم كأنه تعالى قال : إنما شرحنا صدرك لجلك ل لجلي و َ َعْنا َنْ َ ِزْ َ َ‬
                                                                      ‫ل‬        ‫ل ل‬                                              ‫ن ر ل‬
‫)2( اّ ِي َنْ َ َ َهْ َ َ )3( أي خففنا عنك أعباء النبوة التي تثقل ظهرك من القيام بأمرها والمحافظة على حقوقها بأن يسرها ا ّ عليه صّى ا ّ‬
‫ل ل‬          ‫ل‬                                                                                                ‫لذ أ قض ظ رك‬
 ‫عليه وسّم حتى تيسرت له ، وقيل عصمناك عن الوزر الذي يثقل ظهرك ، وقيل : لئن كان نزول السورة بعد موت أبي طالب وخديجة فلقد كان‬
                                                                                                                   ‫ل‬
‫فراقهما عليه صّى ا ّ عليه وسّم وزرا عظيما ، فوضع عنه الوزر برفعه إلى السماء حتى لقيه كل ملك وحياه فارتفع له الذكر فلذلك قال تعالى :‬
                                                                                                      ‫ل‬        ‫ل ل‬
                                                                      ‫َ َ َعْنا ل َ ِكْ َ َ )4( أي رفع ذكره حيث قرن اسمه باسم ا ّ تعالى في‬
                                                                               ‫ل‬                                     ‫ورف َك ذ رك‬
    ‫كلمة الشهادة والذان والقامة ، وجعل طاعته من طاعته تعالى وصلى عليه هو وملئكته ، وأمر المؤمنين بالصلة عليه وسمي رسول ا ّ ،‬
      ‫ل‬
 ‫ونبي ا ّ ولو أن رجل عبد ا ّ تعالى وصدق بالجنة والنار وكل شيء ولم يشهد أن محمدا رسول ا ّ لم ينتفع بشيء وكان كافرا ، َِ ّ م َ الْ ُسْرِ‬
     ‫فإن َع ع‬                                  ‫ل‬                                                           ‫ل‬                  ‫ل‬
 ‫ُسْرً )5( ِ ّ م َ الْ ُسْرِ ُسْرً )6( ف »أل« في »العسر« الول للعهد الحضوري وفي الثاني للعهد الذكري فالعسر واحد وهو العسر الذي كانوا‬
                                                                                                   ‫إن َ ع ع ي ا‬                ‫ي ا‬
                            ‫فيه ، فهو هو وتنكير »يسرا« للتفخيم كأنه قيل : إن مع العسر يسرا عظيما ويسرا كامل فتناول يسر الدارين ولذلك‬
                   ‫قال صّى ا ّ عليه وسّم : »والذي نفسي بيده لو كان العسر في جحر ضب لتبعه اليسر حتى يخرجه لن يغلب عسر يسرين«‬
                                                                                                       ‫ل‬        ‫ل ل‬
 ‫فقوله تعالى : ِ ّ َ َ الْ ُسْرِ ُسْرً تكرير للتأكيد أو عدة مستأنفة بأن العسر مشفوع بيسر آخر ، وفي مصحف ابن مسعود جملة واحدة مرة واحدة‬
                                                                                                 ‫إن م ع ع ي ا‬
                                                                                                         ‫قال الرازي : والمراد من اليسرين‬
                                                                                    ‫في قوله صّى ا ّ عليه وسّم : »لن يغلب عسر يسرين«‬
                                                                                                           ‫ل‬        ‫ل ل‬
    ‫يسر الدنيا ويسر الخرة وهما استفتاح البلد ، وثواب الجنة وهذه الية تثبيت لما قبلها ، ووعد كريم بتيسير كل عسير له صّى ا ّ عليه وسّم‬
     ‫ل‬        ‫ل ل‬
‫وللمؤمنين كأنه قيل خولناك ما خولناك من جلئل النعم فكن على ثقة بفضل ا ّ تعالى ولطفه فإن مع العسر يسرا كثيرا ، َِذا َ َغْتَ َانْ َبْ )7(‬
      ‫فإ فر ف ص‬                                                 ‫ل‬
    ‫أي فإذا فرغت من عبادة فأتبعها بعبادة أخرى بأن تواصل بين بعض العبادات وبعض وأن ل تخلي وقتا من أوقاتك منها. قال قتادة والضحاك‬
‫ومقاتل : إذا فرغت من الصلة المكتوبة فاتعب في الدعاء وارغب إلى ربك في المسألة يعطك ، وقال الشعبي : إذا فرغت من التشهد فادع لدنياك‬
 ‫وآخرتك ، وقال مجاهد : إذا فرغت من أمر دنياك فاتعب وصل ، وقال عبد ا ّ بن مسعود : إذا فرغت من الفرائض فاتعب في قيام الليل ، وقال‬
                                                           ‫ل‬
‫ابن حبان عن الكلبي : إذا فرغت من تبليغ الرسالة فاتعب واستغفر لذنبك وللمؤمنين ، وقال علي بن أبي طلحة : إذا كنت صحيحا فاجعل فراغك‬
‫تعبا في العبادة ، قال عمر بن الخطاب رضي ا ّ عنه : إني أكره أن أرى أحدكم فارغا ل في عمل الدنيا ول في عمل الخرة ، َِلى َ ّ َ َارْ َبْ‬
  ‫وإ ربك ف غ‬                                                                            ‫ل‬
 ‫)8( أي إلى ربك فارفع حوائجك واجعل رغبتك إليه خصوصا ول تسأل إل فضله متوكل عليه ، وقرئ »فرغب« أي رغب الناس إلى طلب ما‬
                                                                                                                                     ‫عنده تعالى.‬


                                                                                                                                     ‫سورة التين‬
                                                                                   ‫مكية ، ثمان آيات ، أربع وثلثون كلمة ، مائة وخمسون حرفا‬
   ‫َال ّي ِ َال ّيُْو ِ )1( هما ثمران معلومات أقسم ا ّ بهما لما فيهما من المصالح والمنافع ، فإن التين فاكهة طيبة ل عجم له وغذاء لطيف سريع‬
                                                                                      ‫ل‬                              ‫و تنو زت ن‬
   ‫الهضم ودواء كثير النفع يلين الطبع ويحلل البلغم ، ويسمن البدن ، ويفتح سدد الكبد والطحال ، ويقطع البواسير والزيتون فاكهة وآدام ودواء ،‬
     ‫وقال ابن زيد : التين مسجد دمشق والزيتون مسجد بيت المقدس ، وقال محمد بن كعب : التين مسجد أصحاب أهل الكهف ، والزيتون مسجد‬
‫إيليا ، وعن ابن عباس : التين مسجد نوح المبني على الجودي ، والزيتون مسجد بيت المقدس ، وقال الضحاك : التين المسجد الحرام ، والزيتون‬
‫المسجد القصى ، وعن الربيع : هما جبلن بين همذان وحلوان ، وقال كعب : التين دمشق والزيتون بيت المقدس ، وقال شهر بن حوشب : التين‬
    ‫الكوفة والزيتون الشام ، َ ُو ِ ِي ِي َ )2( وهو جبل ثبير وهو جبل بمدين الذي كلم ا ّ عليه موسى عليه السلم ، َه َا ا ْل ََ ِ ا َ ِي ِ )3( وهو‬
            ‫و ذ بلد لْم ن‬                                   ‫ل‬                                           ‫وط ر س ن ن‬
                                                                                                ‫مكة فهو أمين من أن يهاج فيه على من دخل فيه.‬
    ‫َ َدْ ََلقْ َا الْنْسانَ ِي َحْ َ ِ َق ِي ٍ )4( أي كائنا في أحسن ما يكون من تعديل صوره ومعنى فإنه تعالى خلقه مستوي القامة متناسب العضاء‬
                                                                                                ‫ف أ سن ت ْ و م‬            ‫لق خ ن ِ‬
 ‫متصفا بأكمل عقل ، وفهم ، وعلم ، وأدب إذا تكامل شبابه ، ُ ّ َ َدْنا ُ َسْ َ َ سا ِِي َ )5( أي حال كونه أسفل سافلين أي حيث ل يستطيع حيلة ول‬
                                                     ‫ثم رد ه أ فل فل ن‬
        ‫يهتدي سبيل لضعف بدنه وسمعه وبصره وعقله ، فل يكتب له وقتئذ حسنة أو رددناه مكانا أسفل سافلين ، وهو النار ، وقرأ عبد ا ّ أسفل‬
             ‫ل‬
 ‫»السافلين« معرفا ، والسافلون هم الضعفاء والزمنى والصغار فالشيخ الكبير أسفل من هؤلء جميعا ِإ ّ اّ ِي َ آ َُوا َ َ ُِوا ال ّاِحاتِ ََ ُمْ َجر‬
 ‫فله أ ْ ٌ‬      ‫ل لذ ن من وعمل ص ل‬
‫َيْ ُ َمْ ُو ٍ )6( وهذا الستثناء على القول الول منقطع ، والمعنى : ثم رددناه أسفل ممن سفل بعد ذلك التحسين في أحسن الصورة حيث نكسناه‬
                                                                                                                    ‫غرم ن ن‬
  ‫في خلقه فقوس ظهره وضعف بصره ، وسمعه ، ولكن الذين كانوا صالحين من الهرمى فلهم ثواب دائم أو فلهم أجر غير ممنون به عليهم ، أما‬
                                                                             ‫على القول الثاني فهو متصل من ضمير رددناه فإنه في معنى الجمع‬
 ‫والمعنى : ثم رددناه أسفل ممن سفل أي أقبح من كل قبيح صورة وأسفل من كل سافل من أهل الدركات ، وهم أهل النار إل الذين كانوا صالحين‬
                                                                                                                         ‫فل نردهم أسفل سافلين.‬
       ‫َما ُ َ ّ ُ َ َعْدُ ِال ّي ِ )7( و»ما« اسم استفهام على وجه النكار والتعجب والخطاب للنسان على طريقة اللتفات أي فما الذي يحملك أيها‬
                                                                                                            ‫ف يكذبك ب ب د ن‬
  ‫النسان على التكذيب بالبعث بعد ظهور هذه الدللة الناطقة بالجزاء ، أي فإن خلق النسان من النطفة وتقويمه بشرا سويا وتحويله من حال إلى‬
‫حال كمال ونقصانا من أوضح الدلئل على قدرة ا ّ تعالى على البعث والجزاء فمن شاهد تلك الحالة ، ثم بقي مصرا على إنكار الحشر فل شيء‬
                                                                                 ‫ل‬
‫أعجب منه وقيل الخطاب للرسول ، و»ما« إما اسم استفهام أو بمعنى من أي ، فأي شيء يجعلك كاذبا بسبب إنكار الكافر الحساب بعد هذه الدلئل‬
   ‫، أو فمن يكذبك بالحساب يا أيها الرسول بعد ظهور هذه الدلئل ََليْسَ ا ُ َِحْ َمِ الْحا ِ ِينَ )8( يحكم على الكفار بما يستحقونه من العذاب ، أو‬
                                                      ‫كم‬          ‫ّ بأ ك‬ ‫ل‬         ‫أ‬
‫أليس الذي فعل ما ذكر بأتقن الحاكمين صنعا في كل ما خلق حتى يتوهم عدم العادة والجزاء ، فإن عدم إمكانهما يقدح في القدرة وعدم وقوعهما‬
 ‫يقدح في الحكمة ، كما قال تعالى : َما ََقْ َا ال ّماءَ َا َرْ َ َما َي َ ُما با ِ ً ذِ َ َ ّ اّ ِي َ َ َ ُوا »1« ]ص : 72[ وفي الحديث : »من قرأ‬
                                     ‫و خل ن س و لْ ض و ب ْنه طل لك ظن لذ ن كفر‬
                                                                                                                        ‫والتين إلى آخرها فليقل :‬
                                                                                                                ‫بلى وأنا على ذلك من الشاهدين«‬
                                                                                                           ‫أي سواء كان في الصلة أو خارجها.‬
     ‫)1( رواه مسلم صفات المنافقين )83( ، وابن حجر في فتح الباري )8 : 427( ، والسيوطي في الدر المنثور )6 : 073( ، وابن كثير في‬
  ‫البداية والنهاية )3 : 44( ، والتبريزي في مشكاة المصابيح )6585( ، والبغوي في شرح السنة )7 : 072( ، وأبو نعيم في دلئل النبوة )2 :‬
                                                                                                    ‫981( ، وابن كثير في التفسير )8 : 164(.‬


                                                                                                                                    ‫سورة العلق‬
                                        ‫وتسمى سورة القلم ، وسورة اقرأ ، مكية ، تسع عشرة آية ، اثنتان وسبعون كلمة ، مائتان وسبعون حرفا‬
   ‫اقْ َأْ ِاسْمِ َ ّ َ أي اقرأ القرآن مفتتحا باسم ربك أي قل باسم ا ّ ، ثم اقرأ القرآن اّ ِي ََ َ )1( كل شيء ََ َ الْنْسانَ ِنْ ََ ٍ )2( أي من دم‬
                ‫م ع لق‬          ‫خ لق ِ‬             ‫لذ خلق‬                      ‫ل‬                                             ‫ر ب ربك‬
‫جامد اقْرأْ َ َ ّ َ ا َكْ َ ُ )3( أي امض لما أمرت به ، والحال أن ربك الذي أمرك بالقراءة هو الكرم اّ ِي َّ َ ِالْقَ ِ )4( أي علم النسان الخط‬
                        ‫لذ علم ب َلم‬                                                                           ‫َ وربك لْ رم‬
                                      ‫بالقلم ، وعلم ينصب مفعولين وقال قتادة : القلم نعمة من ا ّ تعالى ولول ذلك لم يقم دين ، ولم يصلح عيش.‬
                                                                                ‫ل‬
                  ‫روى عبد ا ّ ابن عمرو قال : »قلت يا رسول ا ّ أأكتب ما أسمع منك من الحديث قال : »نعم فاكتب فإن ا ّ تعالى علم بالقلم«‬
                                    ‫ل‬                                                    ‫ل‬                               ‫ل‬
                                   ‫وعن ابن مسعود قال : قال رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم : »ل تسكنوا نساءكم الغرف ول تعلموهن الكتابة«‬
                                                                                 ‫ل‬        ‫ل ل ل‬
    ‫أي حذرا من تطلعهن إلى الرجال ، وحذرا من الفتنة لنهن قد يكتبن لمن يهوين َّ َ ا ِنْسانَ ما َمْ َعَْمْ )5( أي علمه بالقلم وبدونه من المور‬
                                         ‫ل يل‬              ‫علم لْ‬
‫الجلية والخفية ما لم يخطر بباله َ ّ ِ ّ ا ِنْسا َ َل َطْغى )6( َنْ َآ ُ اسْ َغْنى )7( أي حقا يا محمد إن الكافر يتكبر على ربه لن رأى نفسه مستغنيا‬
                                                                   ‫أ ره ت‬                 ‫كل إن لْ ن ي‬
       ‫عن ا ّ بالمال نزلت اليات من هاهنا إلى آخر السورة في أبي جهل. روي أن أبا جهل قال لرسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم : أتزعم أن من‬
                      ‫ل‬        ‫ل ل ل‬                                                                                      ‫ل‬
  ‫استغنى طغى فاجعل لنا جبال مكة فضة وذهبا لعلنا نأخذ منها فنطغى فندع ديننا ونتبع دينك ، فنزل عليه جبريل عليه السلم فقال : يا محمد إن‬
    ‫إن إ َبك‬
    ‫شئت فعلنا ذلك ، ثم إن لم يؤمنوا فعلنا بهم ما فعلنا بأصحاب المائدة فكف رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم عن الدعاء إبقاء عليهم. ِ ّ ِلى رّ َ‬
                                         ‫ل‬        ‫ل ل ل‬
                                                                                                                                        ‫ال ّجْعى‬
                                                                                                                                            ‫ر‬
   ‫)8( أي إن إلى مالك أمرك رجوع الكل بالموت والبعث ، فسترى حينئذ عاقبة تمردك َأ ََيْ َ اّ ِي َنْهى )9( َبْدً ِذا صّى )01( و»أ رأيت«‬
                   ‫ع ا إ َل‬             ‫رأ ت لذ ي‬
   ‫لحمل المخاطب وهو النبي على التعجب وهي تتعدى إلى مفعولين لنها بمعنى أخبرني فالمفعول الول »الذي« والمفعول الثاني محذوف وهو‬
  ‫جملة استفهامية كالجملة الواقعة بعد »أ رأيت« الثالثة أي أخبرني يا محمد الناهي من يصلي ألم يعلم أن ا ّ يطلع على أحواله فيجازيه بها حتى‬
                                  ‫ل‬
    ‫اجترأ على ما فعل. روى مسلم عن أبي هريرة قال : قال أبو جهل في مل من طغاة قريش : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ، فقالوا : نعم‬
                                                                                               ‫قال : واللت والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لطأن‬
    ‫على رقبته ولعفرن وجهه في التراب ، قال : فأتى رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم وهو يصلي ليطأ على رقبته فنكص على عقبيه وهو يتقي‬
                                                     ‫ل‬        ‫ل ل ل‬
                                     ‫بيديه فقالوا له : ما لك يا أبا الحكم ، فقال : إن بيني وبينه لخندقا من نار وهول وأجنحة فأنزل ا ّ هذه الية :‬
                                                ‫ل‬
    ‫َ ََأيْتَ ِنْ كانَ ََى الْ ُدى )11( َأوْ َ َرَ ِال ّقْوى )21( ومفعول »أ رأيت« محذوفان حذف الول لدللة المفعول الول من »أ رأيت« الولى‬
                                                                                   ‫أم ب ت‬                  ‫عل ه‬             ‫أر إ‬
    ‫عليه وحذف الثاني لدللة مفعول »أ رأيت« الثالثة عليه وأو بمعنى الواو ، والمعنى : أخبرني يا محمد ذلك الناهي إن صار على الهدى وأمر‬
  ‫بالتقوى أما كان ذلك خيرا له من الكفر با ّ والنهي عن خدمته كأنه تعالى يقول : تلهف يا مخاطب عليه كيف فوت على نفسه المراتب العالية ،‬
                                                                                          ‫ل‬
   ‫وقنع بالمراتب الدنيئة ، وهو رجل عاقل ذو ثروة ل يليق به ذلك َأ ََيْ َ ِإنْ َ ّبَ َتوّى )31( ََمْ َعَْمْ َِ ّ ا َ َرى )41( والجملة الستفهامية‬
                             ‫أل ي ل بأن ّ ي‬
                               ‫ل‬                          ‫رأ ت كذ و َ َل‬
‫تكون في موضع المفعول الثاني ل »أ رأيت« ومفعولها الول محذوف وهو ضمير يعود إلى الموصول ، أو اسم إشارة يشار به إليه أي أرأيته يا‬
   ‫محمد إن كذب هذا الكافر بتلك الدلئل الواضحة وأعرض عن خدمة خالقه ألم يعلم يعقله أن ا ّ يرى منه هذه العمال القبيحة أفل ينزجر عنها‬
                                             ‫ل‬
‫َ ّ أي لن يصل أبو جهل إلى ما يقول : إنه يقتل محمدا أو يطأ عنقه ، بل تلميذ محمد هو الذي يقتله ويطأ صدره ، وهو عبد ا ّ بن مسعود َ ِنْ َمْ‬
  ‫لئ ل‬             ‫ل‬                                                                                                                ‫كل‬
      ‫َنْ َ ِ أي وا ّ لئن لم ينته أبو جهل عن أذى النبي صّى ا ّ عليه وسّم ، َ َسْ َعاً ِال ّاص َةِ )51( أي لنأخذن الناصية ولنجرن بها إلى النار في‬
                                                       ‫ل لن ف ب ن ِي‬                    ‫ل ل‬                                      ‫ل‬       ‫ي ته‬
 ‫الخرة أو لنقبضن على الناصية في الدنيا روي أن أبا جهل لما قال : إن رأيته يصلي لطأن عنقه ، فأنزل ا ّ تعالى هذه السورة ، وأمره جبريل‬
                                ‫ل‬
‫عليه السلم بأن يقرأها على أبي جهل ويخر ّ ساجدا في آخرها ففعل فعدا إليه أبو جهل ليطأ عنقه فلما دنا منه نكص على عقبيه راجعا فقيل له :‬
                                                                                           ‫ل‬
     ‫ما لك قال : إن بيني وبينه فحل فاغرا فاه لو مشيت إليه ل لتقمني ، وقال النبي صّى ا ّ عليه وسّم : »لو دنا مني لختطفته الملئكة عضوا‬
                                         ‫ل‬        ‫ل ل‬
                                                                                                                                       ‫عضوا«‬
‫»1« وروي أنه لما نزلت سورة ال ّحْمنُ َّ َ الْ ُرْآ َ قال صّى ا ّ عليه وسّم لصحابه : »من يقرؤها منكم على رؤساء قريش« فقام ابن مسعود‬
                                                         ‫ل‬        ‫ل ل‬         ‫علم ق ن‬              ‫ر‬
  ‫وقال : أنا يا رسول ا ّ ، ثم إنه وصل إليهم فرآهم مجتمعين حول الكعبة فافتتح قراءة السورة ، فقام أبو جهل فلطمه فشق أذنه وأدماه فانصرف‬
                                                                                                              ‫ل‬
  ‫ل ل‬
  ‫وعينه تدمع فلما رآه النبي صّى ا ّ عليه وسّم رق قلبه وأطرق رأسه مغموما ، فإذا جبريل عليه السلم يجيء ضاحكا مستبشرا فقال صّى ا ّ‬
                                                                                     ‫ل‬        ‫ل ل‬
   ‫عليه وسّم : »يا جبريل تضحك وابن مسعود يبكي« فقال : ستعلم فلما ظفر المسلمون يوم بدر التمس ابن مسعود أن يكون له حظ في الجهاد ،‬
                                                                                                                       ‫ل‬
   ‫فقال صّى ا ّ عليه وسّم له : »خذ رمحك والتمس في الجرحى من كان به رمق فاقتله فإنك تنال ثواب المجاهدين« فأخذ يطالع القتلى فإذا أبو‬
                                                                                                             ‫ل‬        ‫ل ل‬
‫جهل مصروع يخور فخاف أن يكون به قوة فيؤذيه فوضع الرمح على منخره من بعيد فطعنه فلما عرف عجزه ارتقى إلى صدره بحيلة ، فلما رآه‬
                                                                                       ‫أبو جهل قال : يا رويعي الغنم لقد ارتقيت مرتقى صعبا ،‬
                                                         ‫)1( رواه الحاكم في المستدرك )1 : 765( ، والسيوطي في الدر المنثور )6 : 683(.‬
   ‫فقال ابن مسعود : السلم يعلو ول يعلى عليه ، فقال له أبو جهل : بلغ صاحبك أنه لم يكن أحد أبغض إلي منه في حياتي ، ول أحد أبغض إلي‬
  ‫منه في حال مماتي ثم قال لبن مسعود : اقطع رأسي بسيفي هذا لنه أح ّ فلما قطع رأسه لم يقدر على حمله فلما لم يطقه شق أذنه وجعل الخيط‬
                                                                 ‫د‬
        ‫فيه وجعل يجره إلى رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم وجبريل بين يديه يضحك ، ويقول يا محمد : أذن بأذن ، لكن الرأس هاهنا مع الذن.‬
                                                                                    ‫ل‬        ‫ل ل ل‬
 ‫وقرئ »لنسفعن« بالنون المشددة فالفاعل لهذا الفعل هو ا ّ والملئكة ، وقرأ ابن مسعود لسفعن أي يقول ا ّ : يا محمد أنا الذي أتولى إهانة أبي‬
                                    ‫ل‬                                           ‫ل‬
‫جهل نا ِ َ ٍ كا ِ َةٍ في قولها خا ِ َةٍ )61( في فعلها لن صاحبها متمرد على ا ّ تعالى لنه كان كاذبا على ا ّ تعالى في قوله :‬
                                    ‫ل‬                           ‫ل‬                                       ‫طئ‬                ‫صية ذب‬
        ‫إنه تعالى لم يرسل محمدا وكاذبا على رسوله في قوله : إن محمدا ساحر ، أو كذاب ، أو ليس بنبي ، و»ناصية« بدل من الناصية ، وقرئ‬
        ‫»ناصية« بالرفع والتقدير هي ناصية ، وقرئ ناصية بالنصب وكلهما على الشتم ، َلْ َدْ ُ نا ِ َ ُ )71( أي أهل مجلسه الذين يجتمعون فيه‬
                                            ‫ف ي ع ديه‬
                                           ‫للتشاور ، أو لنه مجلس العطاء والجود َ َدْ ُ ال ّبا ِ َ َ )81( هم الملئكة الغلظ الشداد كما قاله الزجاج.‬
                                                                                         ‫سن ع ز نية‬
 ‫قال ابن عباس : كان النبي صّى ا ّ عليه وسّم يصلي فجاء أبو جهل فقال : ألم أنهك عن هذا فزبره النبي صّى ا ّ عليه وسّم ، فقال أبو جهل :‬
                   ‫ل‬        ‫ل ل‬                                                           ‫ل‬        ‫ل ل‬
  ‫وا ّ إنك لتعلم بأني أكثر أهل الوادي ناديا فأنزل ا ّ تعالى َلْ َدْ ُ نا ِ َ ُ َ َدْ ُ ال ّبا ِ َ َ قال ابن عباس : لو دعا ناديه لخذته زبانية ا ّ فكأنه تعالى‬
              ‫ل‬                                            ‫ف ي ع ديه سن ع ز نية‬                          ‫ل‬                                              ‫ل‬
    ‫لما عرفه أنه مخلوق من علق فل يليق به التكبر ، فهو عند ذلك ازداد تعززا بماله ورئاسته في مكة ، ويروى أنه قال : ليس بمكة أكرم مني ،‬
  ‫وروي أن النبي صّى ا ّ عليه وسّم لما قرأ هذه السورة وبلغ إلى قوله تعالى : َ َسْ َعاً ِال ّا ِ َةِ قال أبو جهل : أنا أدعو قومي حتى يمنعوا عني‬
                                               ‫لن ف ب ن صي‬                                                     ‫ل‬        ‫ل ل‬
     ‫ربك. قال ا ّ تعالى : َلْ َدْ ُ نا ِ َ ُ َ َدْعُ ال ّبا ِ َ َ فلما ذكر الزبانية رجع فزعا فقيل له : خشيت منه قال : ل ، ولكن رأيت عنده فارسا وهددني‬
                                                                                         ‫ز نية‬            ‫ف ي ع ديه سن‬                   ‫ل‬
     ‫بالزبانية فل أدري الزبانية ، ومال إلى الفارس فخشيت منه ، وقيل : كان جبريل وميكائيل عليهما السلم على كتفيه صّى ا ّ عليه وسّم في‬
         ‫ل‬        ‫ل ل‬
      ‫صورة السد قال ابن عباس رضي ا ّ عنهما : وا ّ لو دعا ناديه لخذته ملئكة العذاب من ساعته معاينة ، وقرئ »ستدعى الزبانية« على‬
                                                                                  ‫ل‬            ‫ل‬
       ‫المجهول أي ليجروه إلى النار َ ّ أي لن يصل أبو جهل إلى ما يتصلف به من أنه يدعو قومه ل ُ ِعْهُ أي أبا جهل فيما يأمرك به من ترك‬
                                           ‫تط‬                                                       ‫كل‬
     ‫ل‬
     ‫الصلة ، بل دم على ما أنت عليه من مخالفته َاسْ ُدْ أي صل وتوفر على عبادة ا ّ تعالى فعل وإبلغا ، وقلل فكرك في هذا العدو ، فإن ا ّ‬
                                                         ‫ل‬                           ‫و ج‬
                                                                             ‫مقويك وناصرك َاقْ َ ِبْ )91( أي ابتغ بسجودك قرب المنزلة من ربك.‬
                                                                                                                       ‫و تر‬


                                                                                                                                               ‫سورة القدر‬
                                     ‫مدنية ، قال الواحدي : إنها أول سورة نزلت بالمدينة ، خمس آيات ، ولثون كلمة ، مائة وأحد وعشرون حرفا‬
 ‫ِ ّا َنْ َلْنا ُ ِي َيَةِ الْ َد ِ )1( أي إنا أنزلنا القرآن جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ على كتبة ملئكة سماء الدنيا إلى بيت العزة منها ،‬
                                                                                                                    ‫إن أ ز ه ف ل ْ ل ق ْ ر‬
‫ثم نجمته السفرة على جبريل فكان جبريل ينزله على رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم نجوما في ثلث وعشرين سنة بحسب الوقائع ، والحاجة إليه‬
                                                     ‫ل‬        ‫ل ل ل‬
    ‫ومعنى القدر التقدير ، وسميت ليلة القدر بذلك لن ا ّ تعالى يقدر فيها ما يشاء من أمره إلى مثلها من السنة القابلة من أمر الموت ، والجل ،‬
                                                                                      ‫ل‬
‫والرزق وغير ذلك ، ويسلمه إلى مدبرات المور وهم أربعة من الملئكة : إسرافيل ، وميكائيل ، وعزرائيل ، وجبريل عليهم السلم ، والجمهور‬
‫على أنها مختصة برمضان واختلفوا في تعيينها ، وقال بعضهم : إنها ليلة السابع والعشرين لن فيها أمارات ضعيفة منها : ما روي أن عمر سأل‬
‫الصحابة عن ليلة القدر ، ثم قال لبن عباس : غص يا غواص ، فقال زيد بن ثابت : أحضرت أولد المهاجرين ، وما أحضرت أولدنا فقال عمر‬
‫: لعلك تقول إن هذا غلم ، ولكن عنده ما ليس عندكم ، فقال ابن عباس : أحب العداد إلى ا ّ تعالى الوتر وأحب الوتر إليه السبعة فذكر السموات‬
                                                ‫ل‬
   ‫السبع ، والرضين السبع ، والسبوع ، ودركات النار ، وعدد الطواف ، والعضاء السبعة فدل ذلك العدد على أنها السابعة والعشرون ومنها‬
      ‫قول ابن عباس : إن هذه السورة ثلثون كلمة ، وقوله تعالى : ِ َ هو سابع وعشرون ومنها ما نقل عن ابن عباس أنه قال : ليلة القدر تسعة‬
                                                                        ‫هي‬
    ‫أحرف وهو مذكور ثلث مرات فتكون الجملة سبعة وعشرين ، ومنها ما روي أنه كان لعثمان بن أبي العاص عبد فقال : يا مولي إن البحر‬
      ‫يعذب ماؤه ليلة من الشهر ، قال : إذا كانت تلك الليلة فاعلمني فإذا هي السابعة والعشرون ، َما َدْرا َ ما َيَْ ُ الْ َدْ ِ )2( أي ما غاية فضلها‬
                           ‫و أ ك ل لة ق ر‬
                            ‫ومنتهى علو قدرها ، ثم بين ا ّ فضلها من ثلثة أوجه ، أو أربعة بقوله تعالى : َيَْ ُ الْ َدْ ِ َيْ ٌ ِنْ َ ْل ِ َهْ ٍ )3( وهي‬
                                    ‫ل لة ق ر خ ر م أ ف ش ر‬                                                              ‫ل‬
   ‫ثلث وثمانون سنة وأربعة أشهر أي إن العبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر. قال مجاهد : كان في بني إسرائيل رجل‬
                                            ‫يقوم الليل حتى يصبح ، ثم يجاهد حتى يمسي فعل ذلك ألف شهر فتعجب رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم‬
                                             ‫ل‬        ‫ل ل ل‬
  ‫والمسلمون من ذلك ، فأنزل ا ّ هذه الية أي ليلة القدر لمتك خير من ألف شهر لذلك السرائيلي الذي حمل السلح ألف شهر ، وقيل كان ملك‬
                                                                                                  ‫ل‬
  ‫سليمان خمسمائة شهر ، وملك ذي القرنين خمسمائة شهر ، فجعل ا ّ تعالى العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيرا من ملكهما ، وقال الحسن بن‬
                                                                      ‫ل‬
 ‫علي رضي ا ّ عنهما : إن رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم رأى في منامه إن بني أمية يطئون منبره صّى ا ّ عليه وسّم واحدا بعد واحد ، وفي‬
                       ‫ل‬        ‫ل ل‬                                           ‫ل‬        ‫ل ل ل‬                       ‫ل‬
 ‫رواية ينزون على منبره نزو القردة ، فشق ذلك عليه صّى ا ّ عليه وسّم فأنزل ا ّ هذه السورة ، ثم قال القاسم بن فضل : فحسبنا ملك بني أمية‬
                                                         ‫ل‬          ‫ل‬        ‫ل ل‬
                                                                                                                 ‫فإذا هو ألف شهر فكأن ا ّ تعالى يقول :‬
                                                                                                                              ‫ل‬
 ‫أعطيتك يا أشرف الخلق ليلة هي في السعادات الدينية أفضل من السعادات الدنيوية في أيام ملك بني أمية ، ومن المعلوم أن الطاعة في ألف شهر‬
‫أشق من الطاعة في ليلة واحدة لكن الفعل الواحد قد يختلف حاله في الحسن والقبح بسبب اختلف الوجوه. أل ترى أن صلة الجماعة تفضل على‬
‫صلة المنفرد بسبع وعشرين درجة مع أن صلة الجماعة قد تنقص صورة فإن المسبوق سقطت عنه ركعة واحدة وأيضا فأنت إذا قلت لمن يرجم‬
‫بالزنا هذا زان فل بأس ، ولو قلته للنصراني فهو قذف يوجب التعزير ولو قلته للمحصن فهو قذف يوجب الحد ، ولو قلته في حق عائشة كان ذلك‬
       ‫القول كفرا ، ثم القائل بقوله : هذا زان قد ظن أن هذه اللفظة سهلة مع أنها أثقل من الجبال ، فثبت بهذا أن الفعال تختلف آثارها في الثواب‬
‫ت َزل م ئكة و ر ح ف بإ ن‬
   ‫والعقاب لختلف وجوهها فل يبعد أن تكون الطاعة القليلة في الصورة مساوية في الثواب للطاعات الكثيرة. َن ّ ُ الْ َل ِ َ ُ َال ّو ُ ِيها ِِذْ ِ‬
  ‫َ ّ ِمْ ِنْ ُ ّ َمْ ٍ )4( روي أنه إذا كان ليلة القدر تنزل الملئكة ، وهم سكان سدرة المنتهى ، وجبريل ومعه أربعة ألوية فينصب لواء على قبر‬
                                                                                                                   ‫ربه م كل أ ر‬
     ‫النبي صّى ا ّ عليه وسّم ، ولواء على ظهر بيت المقدس ، ولواء على ظهر المسجد الحرام ، ولواء على ظهر طور سيناء ول يدع بيتا فيه‬
                                                                                                         ‫ل‬        ‫ل ل‬
   ‫مؤمن أو مؤمنة إل دخله وسلم عليه يقول : يا مؤمن أو يا مؤمنة السلم يقرئكم السلم إل على مدمن خمر ، وقاطع رحم ، وآكل لحم خنزير ،‬
    ‫وقوله : بإذن ربهم متعلق ب »تن ّل« أو بمحذوف هو حال من فاعله أي متلبسين بأمر ربهم فإنهم ل يتصرفون تصرفا ما إل بأمره ، وقوله :‬
                                                                                                 ‫ز‬
  ‫»من كل أمر« متعلق ب »تن ّل« أي تنزل أولئك في تلك الليلة من أجل كل أمر قضاه ا ّ تعالى لتلك السنة إلى عام قابل ، فكل واحد منهم نزل‬
                                                    ‫ل‬                                                    ‫ز‬
                                                                                                                                                    ‫لمر آخر.‬
                                                                        ‫عن النبي صّى ا ّ عليه وسّم إنه قال : »إن ا ّ يقدر المقادير في ليلة البراءة«‬
                                                                                                       ‫ل‬                  ‫ل‬        ‫ل ل‬
    ‫أي وهو نصف شعبان فإذا كان ليلة القدر يسلمها إلى أربابها ، وقرئ »من كل امرئ« أي من أجل كل إنسان فإن الملئكة يرون في الرض‬
‫أنواع الطاعات التي لم يروها في عالم السموات. َل ٌ ِ َ َ ّى َطَْ ِ الْ َجْ ِ )5( ف »سلم« خبر مقدم و»هي« مبتدأ مؤخر أي تلك الليلة سالمة‬
                                                          ‫س م ه ي حت م ل ع ف ر‬
‫عن الرياح والذى والصواعق ، ومن كل آفة كما قاله أبو مسلم ، وابن عباس و»حتى« متعلق ب »تن ّل« أي أن الملئكة ينزلون فوجا فوجا من‬
                                    ‫ز‬
                                                                           ‫ابتداء الليل إلى طلوع الفجر فترادف النزول لكثرة سلمهم على أهل الصوم‬
 ‫والصلة من أمة محمد صّى ا ّ عليه وسّم تلك الليلة ، وقيل : إن »حتى« متعلق ب »سلم« بناء على إن الفصل بين المصدر ومعموله بالمبتدأ‬
                                                                                           ‫ل‬        ‫ل ل‬
 ‫مغتفر في الجار والمجرور أي إن ليلة القدر سلم إلى طلوع الفجر أي تسليم الملئكة على المطيعين ، ويقال : إن ليلة القدر من أولها إلى طلوع‬
      ‫الفجر سالمة من التفاوت والنقصان ، فإن العبادة في كل جزء من أجزاء أوقاتها خير من ألف شهر ، فليست ليلة القدر كسائر الليالي في أنه‬
‫يستحب للفرض الثلث الول وللتطوع النصف وللدعاء السحر ، بل هي متساوية الوقات ، وقيل : إن الوقف عند قوله تعالى : َل ٌ فقوله تعالى :‬
              ‫س م‬
 ‫من كل أمر متعلق به وقوله : َل ٌ خبر بعد خبر كقوله : َن ّ ُ وقوله تعالى : ه َ مبتدأ وخبره ما بعده ، والمعنى كما قاله ابن عباس : ليلة القدر‬
                                                              ‫ِي‬                ‫ت َزل‬                      ‫س م‬
                             ‫سلمة من كل أمر مخوف ، ومن كل شرور ، وفضلها مستمر إلى طلوع الفجر ، وقرأ الكسائي »مطلع« بكسر اللم.‬


                                                                                                                                                  ‫سورة الب ّنة‬
                                                                                                                                                    ‫ي‬
        ‫وتسمى سورة لم يكن وسورة القيمة ، وسورة البرية ، وسورة منفكين ، مدنية ، ثمان آيات ، أربع وتسعون كلمة ، ثلثمائة وتسعون حرفا‬
  ‫َمْ َ ُ ِ اّ ِي َ َ َ ُوا ِنْ َه ِ الْ ِتابِ أي اليهود والنصارى َالْ ُشْ ِ ِينَ أي عبدة الصنام ُنْ َ ّي َ عن كفرهم َ ّى َأْ ِ َ ُ ُ الْ َ ّ َ ُ )1( وهي الرسول‬
                 ‫حت ت تيهم بينة‬                        ‫م فك ن‬                       ‫و م رك‬                              ‫ل يكن لذ ن كفر م أ ْل ك‬
 ‫وسمي بالبينة لن مجموع الخلق الحاصلة فيه كان بالغا إلى حد كمال العجاز أي أن الكفار من الفريقين كانوا يقولون قبل مبعث محمد صّى‬
  ‫ل‬
     ‫ا ّ عليه وسّم ل ننفك عما نحن عليه من ديننا ول نتركه حتى يبعث النبي الموعود الذي هو مكتوب في التوراة ، والنجيل وهو محمد عليه‬
                                                                                                                    ‫ل‬        ‫ل‬
    ‫السلم فحكى ا ّ تعالى ما كانوا يعدون اجتماع الكلمة ، والتفاق على الحق إذا جاءهم الرسول ، ثم ما أقرهم على الكفر إل مجيء الرسول ،‬
                                                                                                                    ‫ل‬
   ‫وقيل : إن تقدير الية لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم وإلى أن جاءتهم البينة أي التي كانت ذاته بينة على نبوته ، وقيل : المعنى لم يكن‬
  ‫الذين كفروا منفكين عن ذكر محمد بالمناقب والفضائل حتى أتاهم بيان ما سبق ذكره في التوراة والنجيل على لسان موسى وعيسى من صفات‬
                                                                                                                                  ‫محمد صّى ا ّ عليه وسّم.‬
                                                                                                                                    ‫ل‬        ‫ل ل‬
 ‫وقرئ »والمشركون« عطفا على الموصول َ ُو ٌ ِ َ ا ِ بالرفع بدل كل من كل من البينة ، وقرأ عبد ا ّ »رسول« بالنصب حال من »البينة«‬
                               ‫ل‬                                            ‫ل‬
                                                                            ‫رس ل من ّ‬
   ‫َتُْوا ُ ُفاً أي كتبا ُ َ ّ َ ً )2( أي منزهة عن الباطل ِيها ُ ُ ٌ َ ّ َ ٌ )3( أي في تلك الكتب أحكام مستقيمة تبين الحق من الباطل ، َما ت َ ّ َ‬
   ‫و َ ف رق‬                                                            ‫ف كتب قيمة‬                                ‫مطهرة‬                ‫ي ل صح‬
   ‫اّ ِي َ ُو ُوا الْ ِتابَ ِإ ّ ِنْ َعْدِ ما جا َتْ ُمُ ا ْل َ ّ َ ُ )4( أي وما اختلفوا في وقت من الوقات إل من بعد ما جاءتهم الحجة الواضحة الدالة على أن‬
                                                                                       ‫ء ه بينة‬                       ‫لم ب‬           ‫لذ ن أ ت ك‬
‫رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم هو الموعود في كتابهم دللة جلية ، َما ُ ِ ُوا ِ ّ ِ َع ُ ُوا ا َ ُخِْ ِي َ َ ُ ال ّي َ و»الواو« للحال و»اللم« بمعنى‬
                             ‫و أمر إل لي ْبد ّ م لص ن له د ن‬
                                                   ‫ل‬                                                                ‫ل‬        ‫ل ل ل‬
‫الباء أي والحال أن هؤلء الكفار ما أمروا في التوراة ، والنجيل إل بأن يعبدوا ا ّ جاعلين عبادتهم خالصة له تعالى ل يريدون رياء ول سمعة ،‬
                                                      ‫ل‬
 ‫وي ق م ص َي ت ز ة‬
 ‫وقرأ عبد ا ّ »إل أن يعبدوا ا ّ« بإبدال »اللم« ب »أن« ُ َفا َ أي مائلين عن جميع العقائد الزائغة إلى السلم ، َ ُ ِي ُوا ال ّلةَ وُؤُْوا ال ّكا َ‬
                                                                                   ‫حن ء‬                          ‫ل‬                 ‫ل‬
    ‫َذِ َ ِي ُ الْ َ ّ َ ِ )5( أي وذلك المذكور من عبادة ا ّ بالخلص وإقام الصلة ، وإعطاء الزكاة دين المستقيم و»الهاء« هاهنا قافية السورة ،‬
                                                                                  ‫ل‬                                ‫و لك د ن قيمة‬
   ‫وقرئ الدين القيمة ِن صاحب الخشية هو العالم بشئون ا ّ تعالى ، فإن الخشية مناط لجميع الكمالت العلمية والعملية المستتبعة للسعادة الدينية‬
                                                                                    ‫ل‬                                ‫إ‬
                                                                                                                                                     ‫والدنيوية.‬


                                                                                                                                                ‫سورة الزلزلة‬
                                                                                  ‫مدنية ، تسع آيات ، خمس وثلثون كلمة ، مائة وتسعة وأربعون حرفا‬
 ‫ِذا ُلْزلتِ ا َرْ ُ ِلْزاَها )1( أي إذا تحركت الرض حركة شديدة فانكسر ما عليها من الشجر والجبال والبنيان ، ََخْ َ َتِ ا َر ُ َأثْقاَها )‬
     ‫وأ رج لْ ْض ل‬                                                                                            ‫إ ز َِ لْ ض ز ل‬
‫2( أي أحمالها من الموال ، أو الموات ، ثم إن كان المراد من هذه الزلزلة الزلزلة الولى فالمعنى : أخرجت الرض الكنوز في زمن بعد‬
‫عيسى ، أو عند النفخة الولى ، فيمتلئ ظهر الرض ذهبا ول يلتفت أحد إليه ، فكأن الذهب يصيح ويقول : إما كنت تخرب دينك ودنياك لجلي ،‬
     ‫وإن كان المراد منها الزلزلة الثانية عند النفخة الثانية ، فالمعنى : أخرجت الرض الموتى أحياء كالخروج من الم وقت الولدة ، أو لفظتهم‬
 ‫ميتين كما دفنوا ، ثم يحييهم ا ّ تعالى ، وذلك على الخلف بين العلماء ، َقا َ ا ِنْسانُ أي الكافر بطريق التعجب والمؤمن بطريق الستعظام ما‬
                                                        ‫و ل لْ‬                                         ‫ل‬
      ‫َها )3( أي أي شيء ثبت للرض تزلزلت بهذه الزلزلة الشديدة ولفظت ما في بطنها َوْ َ ِ ٍ أي يوم إذ كان ما ذكر ، وهو بدل من إذا ُ َ ّ ُ‬
      ‫تحدث‬                                          ‫ي مئذ‬                                                                            ‫ل‬
                                                                                                                        ‫َخْبا َها )4( جواب إذا.‬
                                                                                                                                        ‫أ ر‬
 ‫وقرأ ابن مسعود »تنبئ أخبارها« ، وقرأ سعيد بن جبير »تنبي« بسكون النون بأن يجعل ا ّ الرض عاقل ناطقا ، ويعرفها جميع ما عمل أهلها‬
                                             ‫ل‬
 ‫فحينئذ تشهد لمن أطاع وعلى من عصى َِ ّ َ ّ َ َوْحى َها )5( و»الباء« إما سببية متعلق ب »تح ّث« أي تحدث الرض أخبارها بسبب أمره‬
                                  ‫د‬                                      ‫ل‬     ‫بأن ربك أ‬
  ‫تعالى إياها بالتحديث بأخبارها ، وإما تعدية ل »تح ّث« فتكون هذه الجملة بدل من »أخبارها« فالمعنى : تحدث الرض بأخبارها بأن ربك أذن‬
                                                                               ‫د‬
   ‫لها في الكلم َوْ َ ِ ٍ منصوب ب »يصدر« أي يوم إذ يقع ما ذكر َصْد ُ ال ّاسُ من قبورهم إلى موقف الحساب َشْتاتاً أي فرقا فرقا فريق يذهب‬
                                 ‫أ‬                              ‫ي ُر ن‬                                          ‫ي مئذ‬
   ‫إلى الموقف راكبا مع الثياب الحسنة أبيض الوجه والمنادي بين يديه ينادي هذا ولي ا ّ ، وفريق يذهب إليه حافيا عاريا مع السلسل والغلل‬
                                                  ‫ل‬
 ‫أسود الوجه والمنادي ينادي بين يديه هذا عدو ا ّ. ِي َوْا َعْماَ ُمْ )6( بضم الياء أي ليريهم ا ّ تعالى أعمالهم مكتوبة في الصحائف وهي توضع‬
                                          ‫ل‬                             ‫ل لُر أ له‬
    ‫بين أيديهم والمرئي هو الكتاب ، وقرئ »ليروا« بفتح الياء ، وهو مروي عن النبي صّى ا ّ عليه وسّم ، َ َنْ َعْ َلْ ِثْقا َ ذ ّةٍ أي وزن نملة‬
                  ‫ل فم ي م م ل َر‬                       ‫ل ل‬
                                                                                                            ‫صغيرة َيْرً َ َ ُ )7( قال أحمد بن‬
                                                                                                                            ‫خ ا يره‬
 ‫كعب القرظي : فمن يعمل مثقال ذرة من خير وهو كافر فإنه يرى ثواب ذلك في الدنيا حتى يلقى الخرة ، وليس له فيها شيء ، ومن يعمل مثقال‬
   ‫ذرة من شر من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه ، وماله ، وأهله ، وولده حتى يخرج من الدنيا وليس له عند ا ّ تعالى شر ، وهذا مروي‬
                        ‫ل‬
‫عن ابن عباس أيضا ، َ َنْ َعْ َلْ ِثْقا َ َ ّ ٍ أي ميزان أصغر النمل َ ّا َ َ ُ )8( قال ابن عباس : ليس من مؤمن ، ول كافر عمل خيرا ، أو شرا‬
                                                           ‫شر يره‬                         ‫وم ي م م ل ذرة‬
 ‫إل أراه ا ّ إياه ، فأما المؤمن فيغفر ا ّ سيئاته ، ويثيبه بحسناته ، وأما الكافر فترد حسناته ويعذب بسيئاته ، وقوله تعالى : َيْرً و َ ّا منصوبان‬
          ‫خ ا شر‬                                                                                      ‫ل‬                            ‫ل‬
‫على التمييز من »مثقال« أو على البدل من »مثقال« ، و»يره« جواب الشرط مجزوم بحذف اللف ، وقرأ ابن عباس ، والحسين بن علي ، وزيد‬
                                                          ‫بن علي ، وكذا عاصم في رواية »يره« مبنيا للمفعول ، وقرأ عكرمة »يراه« باللف.‬


                                                                                                                                ‫سورة والعاديات‬
                                                                            ‫مكية ، إحدى عشرة آية ، أربعون كلمة ، مائة وثلثة وستون حرفا‬
        ‫َالْعا ِياتِ َبْحً )1( أي والخيل الجارية بشدة في الغزو تصوت أنفاسهن من الجري ، والضبح صوت يسمع من صدور الخيل عند شدة‬
                                                                                                          ‫و د ض ا‬
     ‫الجري ، وليس بصهيل ، ول حمحمة ، بل هو صوت نفس ، وقال علي رضي ا ّ عنه وكرم وجهه : أي وإبل الحاج الجارية من عرفة إلى‬
                                                       ‫ل‬
‫مزدلفة ، ومن مزدلفة إلى منى تمد أعضاءها في سيرها ، و»ضبحا« حال بمعنى اسم الفاعل ، َالْ ُو ِياتِ َدْحاً )2( أي فالخيل التي تطأ الخصي‬
                                  ‫ف م ر ق‬
 ‫صاكات بحوافرها ما يخرج النار كنار حباحب وهو رجل من العرب أبخل الناس الذي في العساكر ل يوقد نارا حتى ينام الناس ، ثم يوقدها فإذا‬
‫انتبه أحد أطفأها لئل ينتفع بها أحد فشبهت هذه النار التي تنقدح من حوافر الخيل بتلك النار التي لم يكن فيها نفع ، أو يقال فالجماعة الذين يركبون‬
 ‫البل وهم الحجيج الموقدون نيرانهم بالمزدلفة ، َالْ ُ ِيراتِ ُبْحً )3( أي فالجماعة الذين يركبون الخيل الذين يهجمون على العداء للنهب ، أو‬
                                                                       ‫ص ا‬        ‫ف مغ‬
  ‫للقتل في وقت صبح لير ، وإما يأتون وما يذرون ، أو فالجماعة الذين يندفعون من جمع إلى منى ركبانا بإسراع السير صبيحة يوم النحر ََ َرْنَ‬
      ‫فأث‬
    ‫ِ ِ َقْعً )4( َ َ َطْنَ ِ ِ َمْعاً )5( أي فهيجن في وقت الصبح ، أو بالجري غبارا ، أو فهيجن في المغار صباحا ، فتوسطن في ذلك الوقت أو‬
                                                                                                         ‫فوس به ج‬            ‫به ن ا‬
                                                                                                               ‫بالغبار جمعا من جموع العداء.‬
‫وقرأ أبو حيوة »فأثرن« بالتشديد أي أظهرن بجريهن غبارا وقرئ »فوسطن« بالتشديد أي جعلن جمع العداء في ذلك الوقت ، أو في ذلك المكان‬
  ‫، أو بجريهن ، أو بالغبار في الوسط ، أو قطعن جمع العداء نصفين. روي أنه صّى ا ّ عليه وسّم بعث خيل فمضى شهر لم يأته منهم خبر ،‬
                                       ‫ل‬        ‫ل ل‬
  ‫فنزلت هذه اليات ، وعن محمد بن كعب قال : النقع ما بين مزدلفة ومنى الجمع مزدلفة ، فالمعنى : فتحركن وقت الصبح أو بالجري في وادي‬
‫محسر فصرن بجريهن وسط مزدلفة ، أو يكون المعنى : فأظهرن في ذلك الوقت أو في جريهن صباحا بالتلبية فجعلن مزدلفة بجريهن في الوسط‬
                                                                                      ‫ويتأكد حمل اليات على البل ، أو مع خيول الحجاج بما‬
                                   ‫روى أبي في فضل هذه السورة مرفوعا : »من قرأها أعطي من الجر بعدد من بات بالمزدلفة وشهد جمعا«‬
                                                                                                        ‫ِ ّ ا ِنْسا َ ِل َ ّ ِ َ َُو ٌ )6( أي إن طبع‬
                                                                                                                      ‫إن لْ ن ربه لكن د‬
    ‫جنس النسان لكفور بنعمة ربه كما قاله ابن عباس وغيره ، وهذا بلسان ربيعة ومضر أو لربه ل ّام فيعد المصائب ، والمحن ، وينسى النعم ،‬
                                            ‫و‬
 ‫والراحات كما قاله الحسن ، ويقال : عاص بربه بلسان حضرموت ، ويقال : بخيل بلسان بني مالك بن كنانة ، وقيل : المراد بالنسان الكافر كما‬
‫و نه ع لك‬
     ‫قال ابن عباس : إن هذه الية نزلت في قرط بن عبد ا ّ بن عمرو بن نوفل القرشي ، وقيل : في أبي حباحب أي وهما كافران َِإّ ُ َلى ذِ َ‬
                                                                                 ‫ل‬
    ‫َ َ ِي ٌ )7( أي وإن الرب تعالى على ذلك الصنع لشهيد حافظ ، وِ ّهُ أي النسان ِ ُ ّ الْ َيْ ِ أي المال َ َ ِي ٌ )8( أي قوي ولطلبه مطيق أو إن‬
                                 ‫لشد د‬             ‫لحب خ ر‬                     ‫َ إن‬                                                  ‫لشه د‬
 ‫النسان وهو قرط أو أبو حباحب لجل حب المال لبخيل ممسك ، َ َل َعَْ ُ ِذا ُعْ ِ َ ما ِي الْ ُُو ِ )9( أي أفل يعلم النسان قرط ، أو أبو حباحب‬
                                           ‫أف ي لم إ ب ثر ف قب ر‬
‫في الدنيا أنه تعالى يجازيه إذا أخرج ما في القبور من الموات ، والعامل في »إذا« ما دل عليه قوله تعالى : ِ ّ َ ّ ُمْ ِ ِمْ َوْ َ ِ ٍ َ َ ِي ٌ ومعنى علم‬
          ‫إن ربه به ي مئذ لخب ر‬
  ‫ا ّ بهم يوم القيامة مجازاته لهم ، وأتى ب »ما« لن غير المكلفين الذين في الرض أكثر ، َ ُ ّ َ ما ِي ال ّ ُو ِ )01( أي بين ما في القلوب‬
                           ‫وحصل ف صد ر‬                                                                                            ‫ل‬
                                                                                                           ‫من الكفر ، واليمان ، والبخل والسخاوة.‬
                                                                   ‫وقرئ »حصل« مبنيا للفاعل ومخففا أي ظهر ما في القلوب من السرار الخفية.‬
  ‫ِ ّ َ ّ ُمْ أي النسان ِ ِمْ َوْ َ ِ ٍ َ َ ِي ٌ )11( وقوله تعالى : ِ ِمْ ويوْ َ ِ ٍ متعلقان ب »خبير« وجمع الضمير العائد إلى النسان اعتبارا بمعناه لنه‬
                                                                    ‫به َ مئذ‬                            ‫به ي مئذ لخب ر‬                       ‫إن ربه‬
   ‫اسم جنس أي أفل يعلم النسان أن ربهم عالم بهم يجازيهم في يوم البعث فل حاكم يروج حكمه ، ول عالم تروج فتواه يومئذ إل هو ، وقرأ أبو‬
                                                                  ‫السمال »أن ربهم بهم يومئذ خبير« بفتح همزة »أن« وإسقاط اللم من »لخبير«.‬


                                                                                                                                      ‫سورة القارعة‬
                                                                               ‫مكية ، عشر آيات ، ست وثلثون كلمة ، مائة واثنان وخمسون حرفا‬
  ‫الْقا ِ َ ُ )1( أي الصيحة التي تقرع القلوب َا الْقا ِ َ ُ )2( أي أي شيء عجيب هي في الفخامة والفظاعة ، َما َدْراكَ َا الْقار َ ُ )3( أي وأي‬
             ‫ِعة‬         ‫م‬       ‫و أ‬                                               ‫م رعة‬                                         ‫رعة‬
   ‫شيء أعلمك يا أشرف الرسل ما شأن القارعة. يوْ َ َ ُو ُ ال ّاسُ و»يوم« مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف وحركته الفتح لضافته إلى الفعل‬
                                                                         ‫َ م يك ن ن‬
                                                                               ‫وإن كان مضارعا كما هو رأي الكوفيين أي هي يوم يكون الناس فيه‬
 ‫َالْ َرا ِ الْ َبْ ُو ِ )4( أي المفرق فا ّ تعالى شبه الناس في وقت البعث بالفراش المنشور في الكثرة ، والتطاير إلى الداعي لنهم لما بعثوا يموج‬
                                                                                                  ‫ل‬                  ‫ك ف ش مث ث‬
   ‫بعضهم في بعض كالفراش ، وهو الحيوان الذي يتهافت في النار َ َ ُو ُ الْ ِبا ُ َالْ ِهْنِ الْ َنْ ُوشِ )5( أي وتصير الجبال كالصوف الذي ينفش‬
                                           ‫مف‬            ‫وتك ن ج ل ك ع‬
     ‫باليد في تفرق أجزائها وتطايرها في الجو ، ََ ّا َنْ َ َُتْ َوا ِي ُ ُ )6( َ ُوَ ِي ِي َ ٍ را ِ َ ٍ )7( أي فمن ترجحت مقادير حسناته ، فهو في‬
                                             ‫فه ف ع شة ضية‬                ‫فأم م ثقل م ز نه‬
‫عيشة ذات رضا يرضاها صاحبها أي فهو في الجنة بغير حساب أما من استوت حسناته وسيئاته فيحاسب حسابا يسيرا ، ََ ّا َنْ َ ّتْ َوا ِي ُ ُ )‬
  ‫وأم م خف م ز نه‬
 ‫8( َُ ّهُ ها ِ َ ٌ )9( أي وأما من طاشت حسناته فترجحت السيئات على الحسنات فأم رأسه نازلة في النار أي فيهوى في النار على هامته ، ثم إن‬
                                                                                                                   ‫فأم وية‬
  ‫كان مؤمنا فإما أن يعذب بقدر ذنوبه ، ثم يخرج منها إلى الجنة ، وإما أن يشفع فيه ، وإن كان كافرا فيخلد في النار. َما َدْرا َ ما ِ َهْ )01( أي‬
            ‫و أ ك هي‬
                                                                                          ‫وأي شيء أعلمك يا أكرم الرسل ما هاويه والهاء للسكت.‬
 ‫وقرأ حمزة في الوصل بغير هاء ووقف بها ، والباقون بإثباتها وصل ووقفا لنها ثابتة في المصحف نا ٌ حا ِ َ ٌ )11( أي هي نار متناهية حرها‬
                             ‫ر مية‬
                                                              ‫فسائر النيران بالنسبة إليها كأنها ليست حارة نعوذ با ّ منها ومن جميع أنواع العذاب.‬
                                                                                          ‫ل‬


                                                                                                                                        ‫سورة التكاثر‬
                                                                                    ‫مكية ، ثمان آيات ، ثمان وعشرون كلمة ، مائة وعشرون حرفا‬
 ‫َلْها ُ ُ ال ّكا ُ ُ )1( أي شغلكم التغالب بالمناقب وبكثرة المال وعدد الرجال والتباهي بذلك عن التدبير في أمر القارعة والستعداد لها قبل الموت.‬
                                                                                                                         ‫أ كم ت ثر‬
  ‫روي أن بني عبد مناف وبني سهم تفاخروا بالشراف في السلم ، فقال كل من الفريقين : نحن أكثر منكم سيدا ، وأعز عزيزا ، وأعظم نفرا ،‬
     ‫فكثرهم بنو عبد مناف ، فقال بنو سهم : إن البغي أفنانا في الجاهلية ، فعدوا أحياءنا ، وأحياءكم ، وأمواتنا ، وأمواتكم ففعلوا فكثرهم بنو سهم‬
             ‫فنزلت فيهم هذه السورة. وروى مطرف بن عبد ا ّ بن الشخير عن أبيه أنه صّى ا ّ عليه وسّم كان يقرأ َلْها ُمُ وقال ابن آدم يقول :‬
                                   ‫أ ك‬               ‫ل‬        ‫ل ل‬                           ‫ل‬
                                                         ‫»مالي مالي وهل لك من مالك إل ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت«.‬
                                                           ‫وقرئ »أ ألهاكم« على الستفهام التقريري َ ّى ُرْ ُ ُ الْ َقا ِ َ )2( أي حتى أتاكم الموت‬
                                                                                  ‫حت ز تم م بر‬
 ‫فصرتم في المقابر زوارا تسيرون عنها إلى مكان الحساب. يقال لمن مات : قد زار قبره ، وإنما يقال ذلك لنه ل بد له من انتقال عنها إلى منزله‬
 ‫من جنة أو نار. َ ّ َوْ َ َعَْ ُو َ )3( أي حقا سوف تعلمون عند الموت حين يقال لكم ل بشرى وفي وقت سؤال القبر ، ُ ّ َ ّ َوْ َ َعَْ ُو َ )‬
   ‫ثم كل س ف ت لم ن‬                                                                                 ‫كل س ف ت لم ن‬
  ‫4( عند النشور حين ينادي المنادي فلن شقي شقاوة ل سعادة بعدها أبدا ، وحين يقال وامتازوا اليوم. َ ّ َلوْ َعَْ ُو َ ِلْ َ الْ َ ِي ِ )5( وجواب َوْ‬
    ‫ل‬           ‫كل ت لم ن ع م يق ن‬
     ‫محذوف أي حقا لو علمتم لي أمر خلقتم لشتغلتم به وما تفاخرتم في الدنيا ، ويقال : إن المعنى لو تعلمون علم الموت وما يلقى النسان معه‬
 ‫وبعده في القبر وفي الخرة لم يلهكم التفاخر عن ذكر ا ّ. َل َ َو ّ الْ َ ِيمَ )6( وهذا جواب قسم محذوف أي وا ّ لترون عذاب الجحيم فإنها يراها‬
                               ‫ل‬                                  ‫ل تر ُن جح‬
                                                                                    ‫المؤمنون أيضا فكان الوعيد في رؤية عذابها ل في رؤية نفسها.‬
‫وقرأ ابن عامر ، والكسائي بضم التاء أي أنهم يحشرون إلى الجحيم فيرونها ، ُ ّ َ َر ُ ّها َيْ َ ا ْل َ ِي ِ )7( أي ثم لترون نفس الجحيم بعين اليقين‬
                                         ‫ثم لت َون ع ن يق ن‬
‫فإنهم في المرة الولى رأوا لهبا ل غير ، وفي المرة الثانية رأوا نفس الحفرة وكيفية السقوط فيها وما فيها من الحيوانات المؤذية ، ول شك أن هذه‬
‫ثم‬
‫الرؤية أجلى ، والحكمة في النقل من العلم الخفى إلى الجلى ، التقريع على ترك النظر لنهم كانوا يقتصرون على الظن ول يطلبون الزيادة ، ُ ّ‬
  ‫َ ُسْ َُ ّ يوْ َ ِ ٍ أي يوم رؤية الجحيم َ ِ ال ّ ِي ِ )8( في الدنيا فسؤال المؤمن سؤال تشريف وتبشير بأن يجمع له بين نعيم الدنيا ونعيم الخرة لنه‬
                                                                                           ‫عن نع م‬                          ‫لت ئلن َ مئذ‬
     ‫شكر النعم ، وسؤال الكافر توبيخ وتقريع لنه ترك الشكر حيث قابل نعيم الدنيا بالكفر والعصيان ، وروى الحاكم في الحديث : »أل يستطيع‬
                     ‫أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم« قالوا : ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية قال : »أو ما يستطيع أحدكم أن يقرأ ألهاكم التكاثر«‬
                                                                                                                                                     ‫»1«.‬


                                                                                                                                           ‫سورة والعصر‬
                                                                                           ‫مكية ، ثلث آيات ، أربع عشرة كلمة ، ثمانية وستون حرفا‬
  ‫َالْ َصْ ِ )1( أي الدهر أقسم ا ّ به لنه مشتمل على العاجيب لنه يحصل فيه السراء ، والضراء ، والصحة ، والسقم ، والغنى ، والفقر ، بل‬
                                                                                                  ‫ل‬                     ‫و ع ر‬
                                                                                                                ‫فيه ما هو أعجب من كل عجيب ، أو هو‬
                                                           ‫)1( رواه ابن كثير في البداية والنهاية )6 : 371( ، والبيهقي في دلئل النب ّة )6 : 23(.‬
                                                                      ‫و‬
    ‫العشي أقسم تعالى بالعصر كما أقسم بالضحى ، فإن كل عشية تشبه تخريب الدنيا بالموت وكل بكرة تشبه القيامة يخرجون من القبور وتصير‬
    ‫الموات أحياء ، وقال الحسن : إنما أقسم ا ّ بهذا الوقت تنبيها على أن السواق قد دنا وقت انتهائها ، وقرب وقت انتهاء التجارة فيها ، أو هو‬
                                                                                               ‫ل‬
                                                                                                                      ‫صلة العصر أقسم ا ّ بها لفضلها.‬
                                                                                                                                  ‫ل‬
    ‫روي أن امرأة كانت تصيح في سكك المدينة وتقول : دلوني على النبي صّى ا ّ عليه وسّم فرآها رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم فسألها ماذا‬
                 ‫ل‬        ‫ل ل ل‬                   ‫ل‬        ‫ل ل‬
   ‫حدث فيك قالت : يا رسول ا ّ إن زوجي غاب عني فزنيت فجاءني ولد من الزنا ، فألقيت الولد في دن من الخل حتى مات ، ثم بعنا ذلك الخل‬
                                                                                                     ‫ل‬
                                                                                                          ‫فهل لي من توبة ، فقال صّى ا ّ عليه وسّم :‬
                                                                                                             ‫ل‬        ‫ل ل‬
                  ‫»أما الزنا فعليك الرجم ، وأما قتل الولد فجزاؤه جهنم ، وأما بيع الخل فقد ارتكبت كبيرا ، لكن ظننت أنك تركت صلة العصر«‬
                                                                                                     ‫ففي هذا الحديث إشارة إلى تفخيم أمر هذه الصلة.‬
‫ِ ّ ا ِنْسا َ َل ِي ُسْ ٍ )2( أي لفي غبن في مساعيهم وصرف أعمارهم في مباغيهم أو في نقصان عمله بعد الهرم والموت ِإ ّ اّ ِي َ آ َُوا َ َ ُِوا‬
  ‫ل لذ ن من وعمل‬                                                                                                 ‫إن لْ ن ف خ ر‬
      ‫ال ّاِحاتِ فإنهم في تجارة لن تبور حيث استبدلوا الباقيات الصالحات بالغاديات الرائحات ، َ َوا َوْا ِالْ َ ّ أي تحاثوا بكل ما حكم الشرع‬
                                 ‫وت ص ب حق‬                                                                                          ‫صل‬
                        ‫بصحته من علم وعمل َ َوا َوْا ِال ّبْ ِ )3( أي تحاثوا بالصبر على أداء فرائض ا ّ واجتناب معاصيه وعلى المرازي.‬
                                                     ‫ل‬                                       ‫وت ص ب ص ر‬


                                                                                                                                             ‫سورة الهمزة‬
                                                                                   ‫مكية ، تسع آيات ، أربع وثمانون كلمة ، مائة وإحدى وستون حرفا‬
‫َي ٌ أي شدة عذاب أو واد في جهنم من قيح ودم ِ ُ ّ ُ َ َ ٍ أي مغتاب للناس من خلفهم ُ َ َ ٍ )1( أي طعان في وجوههم نزلت هذه الية في أخنس‬
                                            ‫لمزة‬                            ‫لكل همزة‬                                            ‫و ْل‬
  ‫بن شريق ، فإنه كان يلمز الناس ويغتابهم وخاصة رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم كما قاله عطاء ، والكلبي ، والسدي ، أو في الوليد بن المغيرة‬
                                                              ‫ل‬        ‫ل ل ل‬
‫كان يغتاب النبي صّى ا ّ عليه وسّم من ورائه ، ويطعن عليه في وجهه كما قاله مقاتل وجريج ، أو في أبي بن خلف كما قاله عثمان بن عمر أو‬
                                                                                                ‫ل‬        ‫ل ل‬
     ‫في أمية بن خلف كما قاله محمد بن إسحاق ، أو في جميل بن فلل كما قاله مجاهد اّ ِي َ َ َ ما ً و َ ّ َهُ )2( أي أحصاه ، وقال الخفش أي‬
                                    ‫لذ جمع ل َعدد‬
                                        ‫جعله ذخيرة لحوادث الدهر. وقال الضحاك أي أعد ماله لمن يرثه من أولده ، وقيل : أي فاخر بكثرة عدد.‬
 ‫وقرأ حمزة ، والكسائي ، وابن عامر جمع بتشديد الميم على التكثير ، وقرأ الحسن ، والكلبي و»عدده« بتخفيف الدال وهو معطوف على مال أي‬
    ‫ي سب أن له‬
    ‫وجمع المال ، وعدد ذلك المال ، أو وجمع عدد نفسه من أقاربه وعشيرته الذين ينصرونه ، وقيل : هو فعل ماض بفك الدغام َحْ َ ُ َ ّ ماَ ُ‬
                 ‫َخَْ َ ُ )3( أي يظن الكافر أن ماله جعله خالدا في الدنيا ل يموت لطول أمله ولفرط غفلته ، ويعتقد أنه إن نقص ماله يموت لبخله.‬
                                                                                                                                  ‫أ لده‬
  ‫قال الحسن : ما رأيت يقينا ل شك فيه أشبه بشك ل يقين فيه كالموت ، وقيل يظن أن المال يخلد صاحبه في الدنيا بالذكر الجميل وفي الخرة في‬
    ‫النعيم المقيم ، وهذا تعريض بالعمل الصالح. َ ّ أي ليس المر كما يظن أن المال يخلده ، بل العلم ، والصلح وعلى هذا يجوز الوقف هنا أو‬
                                                                                      ‫كل‬
                                               ‫بمعنى حقا َلُنْ َ َ ّ ِي الْ ُ َ َ ِ )4( أي وا ّ ليطرحن في النار التي تحطم كل من وقع فيها أي تكسره.‬
                                                                                                  ‫ل‬           ‫ي بذن ف حطمة‬
 ‫وقرئ »لينبذان« بالمثنى أي هو وماله ، وقرئ »لينبذن« بضم الذال أي هو وأنصاره وذلك لن شأنه كسر أعراض الناس فإن الجزاء من جنس‬
 ‫العمل ، َما َدْرا َ َا الْ ُ َ َةُ )5( التي هي جزاء الهمزة اللمزة نا ُ ا ِ الْ ُو َ َ ُ )6( أي التي ل تخمد أبدا بقدرته تعالى اّ ِي َ ِّ ُ ََى ا َفْ ِ َ ِ )‬
   ‫لت تطلع عل لْ ئدة‬                                                 ‫ر ّ م قدة‬    ‫ل‬                                         ‫و أ ك م حطم‬
‫7( أي التي تعلو وسائط القلوب ، فإنها محل العقائد الزائغة ومنشأ العمال السيئة ِ ّها عَيْ ِمْ ُؤْ َ َ ٌ )8( أي مطبقة أو مغلقة ِي َ َ ٍ ُ َ ّ َةٍ )9(‬
      ‫ف عمد ممدد‬                             ‫إن َل ه م صدة‬
‫أي حال كونهم موثقين في عمد ممددة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص اللهم أجرنا منها يا أكرم الكرمين ، والعمود كل مستطيل من خشب‬
                                                                                                                                       ‫، أو حديد.‬
 ‫وقرأ حمزة ، والكسائي ، وشعبة »عمد« بضمتين جمع عمود أو عماد. وروي عن أبي عمر والضم والسكون ، وقرأ الباقون بفتحتين وهو على‬
                                                                                                                      ‫القراءتين جمع كثرة لعمود.‬


                                                                                                                                      ‫سورة الفيل‬
                                                                                 ‫مكية ، خمس آيات ، ثلث وعشرون كلمة ، ستة وتسعون حرفا‬
 ‫ََمْ َ َ أي ألم تخبر يا أشرف الخلق ، أو ألم تعلم علما رصينا باستماع الخبار المتواترة ومعاينة الثار الظاهرة َيْ َ َ َلَ َ ّ َ َِصْحابِ ا ْل ِي ِ )‬
   ‫فل‬              ‫ك ف فع ربك بأ‬                                                                                                          ‫أل ت ر‬
   ‫1( قال قتادة : إن قائد الجيش اسمه أبرهة الشرم من الحبشة ، فقال سعيد بن جبير : هو أبو الكيشوم ََمْ َجْ َلْ َيْ َ ُمْ ِي َضِْي ٍ )2( والهمزة‬
               ‫أل ي ع ك د ه ف ت ل ل‬
               ‫للتقرير أي قد جعل ربك كيدهم في تخريب الكعبة في إبطال بأن دمرهم أشنع تدمير ، ََرْ َ َ ََيْ ِمْ طيْرً َبا ِي َ )3( أي طوائف.‬
                             ‫وأ س ل عل ه َ ا أ ب ل‬
  ‫روى ابن سيرين عن ابن عباس قال : كانت تلك الطير طيرا لها خراطيم كخراطيم الفيل ، وأكف كأكف الكلب ، وروى عطاء عنه قال : طير‬
                                                                                                   ‫سود جاءت من قبل البحر فوجا فوجا ، وقيل :‬
                              ‫كانت بلقاء كالخطاطيف كما قالته عائشة ، وقال سعيد بن جبير : كانت طيرا من السماء لم ير قبلها ول بعدها مثلها.‬
                                                  ‫وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : سمعت رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم يقول :‬
                                                          ‫ل‬        ‫ل ل ل‬
                                                                                                    ‫إنها طير بين السماء والرض تعشش وتفرخ‬
  ‫َرْ ِي ِمْ ِ ِجا َ ٍ ِنْ ِ ّي ٍ )4( أي طين متحجر مصنوع للعذاب ، وقيل بحجارة من جهنم فإن سجين اسم من أسماء جهنم ، فأبدلت النون باللم‬
                                                                                                      ‫ت م ه بح رة م سج ل‬
    ‫َ َ ََ ُمْ َ َصْفٍ َأْ ُو ٍ )5( أي كورق زرع أكلته الدود ، روي أن أبرهة بن الصباح الشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى كنيسة‬
                                                                                                        ‫مك ل‬         ‫فجعله كع‬
‫بصنعاء وسماها القليس ، وأراد أن يصرف ليها الحاج ، فخرج من بني كنانة رجل وتغوط فيها ليل فأغضبه ذلك فحلف ليهدم ّ الكعبة فخرج مع‬
               ‫ن‬
 ‫جيشه ، ومعه فيل اسمه محمود كان قويا عظيما واثنا عشر فيل غيره فلما بلغ قريبا من مكة وهو المغمس وهو في أرض الحل قريب من عرفة‬
 ‫خرج إليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث أموال تهامة ليرجع ، فأبى وعبأ جيشه وقدم الفيل محمودا فكانوا كلما وجهوه إلى جهة الحرم برك ولم‬
                                   ‫يبرح ، وإذا وجهوه إلى غيرها من الجهات هرول ، ثم رجع عبد المطلب وأتى البيت وأخذ بحلقته وهو يقول :‬
                                                                                                            ‫ل هم إن المرأ يمنع حله فامنع حللك‬
                                                                                                      ‫وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك‬
                                                                                                           ‫ل يغلبن صليبهم ومحالهم عدوا محالك‬
                                                                                            ‫إن كنت تاركهم وكعبتنا فأمر ما بدا لك ويقول أيضا :‬
                                                                                              ‫يا رب ل أرجو لهم سواكا يا رب فامنع عنهم حماكا‬
                                                                                                ‫إن عدو البيت من عاداكا امنعهم أن يخربوا قراكا‬
     ‫فالتفت وهو يدعو فإذا هو بطير من نحو اليمن ، فقال : وا ّ إنها لطير غريبة ليست بنجدية ول تهامية ، وكان مع كل طائر حجر في منقاره‬
                                                                           ‫ل‬
 ‫وحجران في رجليه أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة فكان الحجر يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره وعلى كل حجر اسم من يقع عليه‬
 ‫ففروا فهلكوا ، ودوى أبرهة فتساقطت أنامله وأعضاؤه وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه وانفلت وزيره أبو يكسوم وطائر يحلق فوقه حتى‬
  ‫ل ل ل‬
  ‫بلغ النجاشي فقص عليه القصة فلما أتمها وقع عليه الحجر وخر ميتا بين يديه ، وهذه القصة وقعت في السنة التي ولد فيها رسول ا ّ صّى ا ّ‬
                                                                                                                                      ‫عليه وسّم.‬
                                                                                                                                        ‫ل‬


                                                                                                                                    ‫سورة قريش‬
                                                                                      ‫مكية ، أربع آيات ، سبع عشرة كلمة ، ثلثة وسبعون حرفا‬
  ‫ِيل ِ ُ َيْشٍ )1( واللم إما متعلقة بالسورة التي قبل هذه السورة ، وإما متعلقة بالية التي بعد هذه اللم ، وإما متعلقة بمحذوف فعلى الول ،‬
                                                                                                                              ‫ِ ف قر‬  ‫ل‬
              ‫فإن التقدير فجعلهم كعصف مأكول لحب قريش إلخ أي أهلك ا ّ أصحاب الفيل لتبقى قريش وما قد ألفوا من رحلة الشتاء والصيف.‬
                                                                         ‫ل‬
   ‫روي أن عمر رضي ا ّ عنه قرأ في صلة المغرب في الركعة الولى والتين ، وفي الثانية ألم تر ، وليلف قريش معا من غير فصل بينهما‬
                                                                                                        ‫ل‬
 ‫ببسم ال الرحمن الرحيم وإن أبي بن كعب جعلهما في مصحفه سورة واحدة ، وعلى الثاني فالتقدير فليعبدوا رب هذا البيت الذي قصده أصحاب‬
                                                                                                                      ‫ّ‬
 ‫الفيل ، ثم إن رب البيت دفعهم عن مقصودهم لجل إيلف قريش ونفعهم أي ليجعلوا عبادتهم شكرا لهذه النعمة ، وعلى الثالث فإن هذه اللم لم‬
Tafsir munir jilid 7 juz 30
Tafsir munir jilid 7 juz 30
Tafsir munir jilid 7 juz 30
Tafsir munir jilid 7 juz 30
Tafsir munir jilid 7 juz 30
Tafsir munir jilid 7 juz 30
Tafsir munir jilid 7 juz 30
Tafsir munir jilid 7 juz 30
Tafsir munir jilid 7 juz 30

Mais conteúdo relacionado

Mais procurados

أسماء الله الحسنى فى القرآن والسنة
أسماء الله الحسنى فى القرآن والسنةأسماء الله الحسنى فى القرآن والسنة
أسماء الله الحسنى فى القرآن والسنةTaha Rabea
 
تحليل أحاديث الاسراء والمعراج للألبانى
تحليل أحاديث الاسراء والمعراج للألبانىتحليل أحاديث الاسراء والمعراج للألبانى
تحليل أحاديث الاسراء والمعراج للألبانىansdk
 
درس فضائل بعض ايات القران
درس فضائل بعض ايات القراندرس فضائل بعض ايات القران
درس فضائل بعض ايات القرانrqorehaili12
 
كتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألباني
كتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألبانيكتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألباني
كتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألبانيwayislam
 
أحاديث مشهورة ولا تصح
أحاديث مشهورة ولا تصحأحاديث مشهورة ولا تصح
أحاديث مشهورة ولا تصحTaha Rabea
 
Copy of أحاديث مشهورة ولا تصح
Copy of أحاديث مشهورة ولا تصحCopy of أحاديث مشهورة ولا تصح
Copy of أحاديث مشهورة ولا تصحTaha Rabea
 
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 005a
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 005aTafsir ibnu katsir muhaqqoq 005a
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 005asrujacxtup
 
صفة العلو
صفة العلوصفة العلو
صفة العلوalakeeda
 
فضائل القران الكريم
فضائل القران الكريمفضائل القران الكريم
فضائل القران الكريمNoor Al Islam
 
نتيجة الفكر في الجهر بالذكر
نتيجة الفكر في الجهر بالذكرنتيجة الفكر في الجهر بالذكر
نتيجة الفكر في الجهر بالذكرsofyansuryana
 
المختلف عليه لاينكر
المختلف عليه لاينكرالمختلف عليه لاينكر
المختلف عليه لاينكرAmr Mohad
 
Copy (2) of أحاديث مشهورة ولا تصح
Copy (2) of أحاديث مشهورة ولا تصحCopy (2) of أحاديث مشهورة ولا تصح
Copy (2) of أحاديث مشهورة ولا تصحTaha Rabea
 
قيام رمضان
قيام رمضانقيام رمضان
قيام رمضانTaha Rabea
 
الاسماء الحسني
الاسماء الحسنيالاسماء الحسني
الاسماء الحسنيalakeeda
 
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 005c
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 005cTafsir ibnu katsir muhaqqoq 005c
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 005csrujacxtup
 
هدي النبي في رمضان
هدي النبي في رمضانهدي النبي في رمضان
هدي النبي في رمضانTaha Rabea
 
الإسراء والمعراج
الإسراء والمعراجالإسراء والمعراج
الإسراء والمعراجIslamic Invitation
 

Mais procurados (20)

أسماء الله الحسنى فى القرآن والسنة
أسماء الله الحسنى فى القرآن والسنةأسماء الله الحسنى فى القرآن والسنة
أسماء الله الحسنى فى القرآن والسنة
 
تحليل أحاديث الاسراء والمعراج للألبانى
تحليل أحاديث الاسراء والمعراج للألبانىتحليل أحاديث الاسراء والمعراج للألبانى
تحليل أحاديث الاسراء والمعراج للألبانى
 
درس فضائل بعض ايات القران
درس فضائل بعض ايات القراندرس فضائل بعض ايات القران
درس فضائل بعض ايات القران
 
كتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألباني
كتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألبانيكتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألباني
كتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألباني
 
أحاديث مشهورة ولا تصح
أحاديث مشهورة ولا تصحأحاديث مشهورة ولا تصح
أحاديث مشهورة ولا تصح
 
Copy of أحاديث مشهورة ولا تصح
Copy of أحاديث مشهورة ولا تصحCopy of أحاديث مشهورة ولا تصح
Copy of أحاديث مشهورة ولا تصح
 
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 005a
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 005aTafsir ibnu katsir muhaqqoq 005a
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 005a
 
صفة العلو
صفة العلوصفة العلو
صفة العلو
 
فضائل القران الكريم
فضائل القران الكريمفضائل القران الكريم
فضائل القران الكريم
 
نتيجة الفكر في الجهر بالذكر
نتيجة الفكر في الجهر بالذكرنتيجة الفكر في الجهر بالذكر
نتيجة الفكر في الجهر بالذكر
 
المختلف عليه لاينكر
المختلف عليه لاينكرالمختلف عليه لاينكر
المختلف عليه لاينكر
 
Copy (2) of أحاديث مشهورة ولا تصح
Copy (2) of أحاديث مشهورة ولا تصحCopy (2) of أحاديث مشهورة ولا تصح
Copy (2) of أحاديث مشهورة ولا تصح
 
الصبر والتوكل على الله
الصبر والتوكل على اللهالصبر والتوكل على الله
الصبر والتوكل على الله
 
قيام رمضان
قيام رمضانقيام رمضان
قيام رمضان
 
الاسماء الحسني
الاسماء الحسنيالاسماء الحسني
الاسماء الحسني
 
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 005c
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 005cTafsir ibnu katsir muhaqqoq 005c
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 005c
 
50حديث
50حديث50حديث
50حديث
 
التوبة
التوبةالتوبة
التوبة
 
هدي النبي في رمضان
هدي النبي في رمضانهدي النبي في رمضان
هدي النبي في رمضان
 
الإسراء والمعراج
الإسراء والمعراجالإسراء والمعراج
الإسراء والمعراج
 

Destaque

Tafsir Munir Jilid 01 (Syech Imam Nawawi Albantani )Banten
Tafsir Munir  Jilid 01 (Syech Imam Nawawi Albantani  )BantenTafsir Munir  Jilid 01 (Syech Imam Nawawi Albantani  )Banten
Tafsir Munir Jilid 01 (Syech Imam Nawawi Albantani )Bantenomwito
 
Radio Frequensi & Emisi
Radio Frequensi & EmisiRadio Frequensi & Emisi
Radio Frequensi & Emisiomwito
 
Qsoft teknik mencari ayat kembar
Qsoft teknik mencari ayat kembarQsoft teknik mencari ayat kembar
Qsoft teknik mencari ayat kembarelra
 
Qsoft tarbiyah
Qsoft tarbiyahQsoft tarbiyah
Qsoft tarbiyahelra
 
Tutorial Qsoft
Tutorial QsoftTutorial Qsoft
Tutorial Qsoftelra
 
Metode tahfidz qishoff
Metode tahfidz qishoffMetode tahfidz qishoff
Metode tahfidz qishoffelra
 

Destaque (7)

Tafsir Munir Jilid 01 (Syech Imam Nawawi Albantani )Banten
Tafsir Munir  Jilid 01 (Syech Imam Nawawi Albantani  )BantenTafsir Munir  Jilid 01 (Syech Imam Nawawi Albantani  )Banten
Tafsir Munir Jilid 01 (Syech Imam Nawawi Albantani )Banten
 
Radio Frequensi & Emisi
Radio Frequensi & EmisiRadio Frequensi & Emisi
Radio Frequensi & Emisi
 
Qsoft teknik mencari ayat kembar
Qsoft teknik mencari ayat kembarQsoft teknik mencari ayat kembar
Qsoft teknik mencari ayat kembar
 
Qsoft tarbiyah
Qsoft tarbiyahQsoft tarbiyah
Qsoft tarbiyah
 
Qsoft
QsoftQsoft
Qsoft
 
Tutorial Qsoft
Tutorial QsoftTutorial Qsoft
Tutorial Qsoft
 
Metode tahfidz qishoff
Metode tahfidz qishoffMetode tahfidz qishoff
Metode tahfidz qishoff
 

Semelhante a Tafsir munir jilid 7 juz 30

الكامل في أحاديث لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر وما ورد في ال...
الكامل في أحاديث لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر وما ورد في ال...الكامل في أحاديث لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر وما ورد في ال...
الكامل في أحاديث لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر وما ورد في ال...MaymonSalim
 
كتاب رقم ( 329 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 329 ) من سلسلة الكاملكتاب رقم ( 329 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 329 ) من سلسلة الكاملAhmedNaser92
 
الكامل في أسانيد وتصحيح حديث حرّم النبي المعازف والمزامير ولعن صاحبها وقال أم...
الكامل في أسانيد وتصحيح حديث حرّم النبي المعازف والمزامير ولعن صاحبها وقال أم...الكامل في أسانيد وتصحيح حديث حرّم النبي المعازف والمزامير ولعن صاحبها وقال أم...
الكامل في أسانيد وتصحيح حديث حرّم النبي المعازف والمزامير ولعن صاحبها وقال أم...MaymonSalim
 
ﺧﺮاﻓﺎت اﻟﺸﯿﻌﺔ
ﺧﺮاﻓﺎت اﻟﺸﯿﻌﺔﺧﺮاﻓﺎت اﻟﺸﯿﻌﺔ
ﺧﺮاﻓﺎت اﻟﺸﯿﻌﺔNoor Al Islam
 
كتاب رقم ( 306 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 306 ) من سلسلة الكاملكتاب رقم ( 306 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 306 ) من سلسلة الكاملAhmedNaser92
 
الكامل في أحاديث استشهد رجل في سبيل الله فقال النبي كلا إني رأيته في النار في...
الكامل في أحاديث استشهد رجل في سبيل الله فقال النبي كلا إني رأيته في النار في...الكامل في أحاديث استشهد رجل في سبيل الله فقال النبي كلا إني رأيته في النار في...
الكامل في أحاديث استشهد رجل في سبيل الله فقال النبي كلا إني رأيته في النار في...MaymonSalim
 
الكامل في آيات وأحاديث إن الله علي عرشه فوق السماوات السبع / 370 آية وحديث
الكامل في آيات وأحاديث إن الله علي عرشه فوق السماوات السبع / 370 آية وحديثالكامل في آيات وأحاديث إن الله علي عرشه فوق السماوات السبع / 370 آية وحديث
الكامل في آيات وأحاديث إن الله علي عرشه فوق السماوات السبع / 370 آية وحديثMaymonSalim
 
كتاب رقم ( 261 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 261 ) من سلسلة الكاملكتاب رقم ( 261 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 261 ) من سلسلة الكاملAhmedNaser92
 
الكامل في أحاديث نظر المؤمنين إلي وجه الله في الآخرة وبيان أنه ثبت من رواية ع...
الكامل في أحاديث نظر المؤمنين إلي وجه الله في الآخرة وبيان أنه ثبت من رواية ع...الكامل في أحاديث نظر المؤمنين إلي وجه الله في الآخرة وبيان أنه ثبت من رواية ع...
الكامل في أحاديث نظر المؤمنين إلي وجه الله في الآخرة وبيان أنه ثبت من رواية ع...MaymonSalim
 
إذا سألت فاسأل الله
إذا سألت فاسأل اللهإذا سألت فاسأل الله
إذا سألت فاسأل اللهTaha Rabea
 
ثمانية متون في العقيدة والتوحيد
ثمانية متون في العقيدة والتوحيدثمانية متون في العقيدة والتوحيد
ثمانية متون في العقيدة والتوحيدAbdel-Rahman Al-Khattab
 
كتاب رقم ( 260 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 260 ) من سلسلة الكاملكتاب رقم ( 260 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 260 ) من سلسلة الكاملAhmedNaser92
 
الكامل في أحاديث عذاب القبر وبيان أنه ثبت من رواية ثلاثة وخمسين ( 53 ) صحابيا...
الكامل في أحاديث عذاب القبر وبيان أنه ثبت من رواية ثلاثة وخمسين ( 53 ) صحابيا...الكامل في أحاديث عذاب القبر وبيان أنه ثبت من رواية ثلاثة وخمسين ( 53 ) صحابيا...
الكامل في أحاديث عذاب القبر وبيان أنه ثبت من رواية ثلاثة وخمسين ( 53 ) صحابيا...MaymonSalim
 
اتفاق الأربعة الأركان على نفي تحريف القران.pdf
اتفاق الأربعة الأركان على نفي تحريف القران.pdfاتفاق الأربعة الأركان على نفي تحريف القران.pdf
اتفاق الأربعة الأركان على نفي تحريف القران.pdfأنور غني الموسوي
 

Semelhante a Tafsir munir jilid 7 juz 30 (20)

الكامل في أحاديث لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر وما ورد في ال...
الكامل في أحاديث لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر وما ورد في ال...الكامل في أحاديث لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر وما ورد في ال...
الكامل في أحاديث لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر وما ورد في ال...
 
كتاب رقم ( 329 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 329 ) من سلسلة الكاملكتاب رقم ( 329 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 329 ) من سلسلة الكامل
 
الكامل في أسانيد وتصحيح حديث حرّم النبي المعازف والمزامير ولعن صاحبها وقال أم...
الكامل في أسانيد وتصحيح حديث حرّم النبي المعازف والمزامير ولعن صاحبها وقال أم...الكامل في أسانيد وتصحيح حديث حرّم النبي المعازف والمزامير ولعن صاحبها وقال أم...
الكامل في أسانيد وتصحيح حديث حرّم النبي المعازف والمزامير ولعن صاحبها وقال أم...
 
ﺧﺮاﻓﺎت اﻟﺸﯿﻌﺔ
ﺧﺮاﻓﺎت اﻟﺸﯿﻌﺔﺧﺮاﻓﺎت اﻟﺸﯿﻌﺔ
ﺧﺮاﻓﺎت اﻟﺸﯿﻌﺔ
 
كتاب رقم ( 306 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 306 ) من سلسلة الكاملكتاب رقم ( 306 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 306 ) من سلسلة الكامل
 
الكامل في أحاديث استشهد رجل في سبيل الله فقال النبي كلا إني رأيته في النار في...
الكامل في أحاديث استشهد رجل في سبيل الله فقال النبي كلا إني رأيته في النار في...الكامل في أحاديث استشهد رجل في سبيل الله فقال النبي كلا إني رأيته في النار في...
الكامل في أحاديث استشهد رجل في سبيل الله فقال النبي كلا إني رأيته في النار في...
 
الكامل في آيات وأحاديث إن الله علي عرشه فوق السماوات السبع / 370 آية وحديث
الكامل في آيات وأحاديث إن الله علي عرشه فوق السماوات السبع / 370 آية وحديثالكامل في آيات وأحاديث إن الله علي عرشه فوق السماوات السبع / 370 آية وحديث
الكامل في آيات وأحاديث إن الله علي عرشه فوق السماوات السبع / 370 آية وحديث
 
كتاب رقم ( 261 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 261 ) من سلسلة الكاملكتاب رقم ( 261 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 261 ) من سلسلة الكامل
 
الكامل في أحاديث نظر المؤمنين إلي وجه الله في الآخرة وبيان أنه ثبت من رواية ع...
الكامل في أحاديث نظر المؤمنين إلي وجه الله في الآخرة وبيان أنه ثبت من رواية ع...الكامل في أحاديث نظر المؤمنين إلي وجه الله في الآخرة وبيان أنه ثبت من رواية ع...
الكامل في أحاديث نظر المؤمنين إلي وجه الله في الآخرة وبيان أنه ثبت من رواية ع...
 
إذا سألت فاسأل الله
إذا سألت فاسأل اللهإذا سألت فاسأل الله
إذا سألت فاسأل الله
 
Assbab el nadjat mina el nar
Assbab el nadjat mina el narAssbab el nadjat mina el nar
Assbab el nadjat mina el nar
 
ثمانية متون في العقيدة والتوحيد
ثمانية متون في العقيدة والتوحيدثمانية متون في العقيدة والتوحيد
ثمانية متون في العقيدة والتوحيد
 
الفتور
الفتورالفتور
الفتور
 
كتاب رقم ( 260 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 260 ) من سلسلة الكاملكتاب رقم ( 260 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 260 ) من سلسلة الكامل
 
الكامل في أحاديث عذاب القبر وبيان أنه ثبت من رواية ثلاثة وخمسين ( 53 ) صحابيا...
الكامل في أحاديث عذاب القبر وبيان أنه ثبت من رواية ثلاثة وخمسين ( 53 ) صحابيا...الكامل في أحاديث عذاب القبر وبيان أنه ثبت من رواية ثلاثة وخمسين ( 53 ) صحابيا...
الكامل في أحاديث عذاب القبر وبيان أنه ثبت من رواية ثلاثة وخمسين ( 53 ) صحابيا...
 
كتاب الفوائد الجلال بتخريج أحاديث السيرة والشمائل
كتاب الفوائد الجلال بتخريج أحاديث السيرة والشمائلكتاب الفوائد الجلال بتخريج أحاديث السيرة والشمائل
كتاب الفوائد الجلال بتخريج أحاديث السيرة والشمائل
 
اتفاق الأربعة الأركان على نفي تحريف القران.pdf
اتفاق الأربعة الأركان على نفي تحريف القران.pdfاتفاق الأربعة الأركان على نفي تحريف القران.pdf
اتفاق الأربعة الأركان على نفي تحريف القران.pdf
 
نفي تحريف القران.pdf
 نفي تحريف القران.pdf نفي تحريف القران.pdf
نفي تحريف القران.pdf
 
Ar tafser sorat_al_fateha
Ar tafser sorat_al_fatehaAr tafser sorat_al_fateha
Ar tafser sorat_al_fateha
 
Baik dan halal
Baik dan halalBaik dan halal
Baik dan halal
 

Tafsir munir jilid 7 juz 30

  • 1. ‫تفسير المنير : ج ٠٣‬ ‫الكتاب : مراح لبيد لكشف معنى القرآن مجيد‬ ‫المؤلف : محمد بن عمر نووي الجاوي البنتني إقليما ، التناري بلدا‬ ‫الناشر: دار الكتب العلمية‬ ‫مكان الطبع : بيروت‬ ‫سنة الطبع : 7141 ق‬ ‫عدد الجزاء : 2‬ ‫تحقيق : محمد أمين الصناوى‬ ‫] ترقيم الشاملة موافق للمطبوع [‬ ‫سورة ألم نشرح‬ ‫مكية ، ثمان آيات ، وتسع وعشرون كلمة ، ومائة وثلثة أحرف‬ ‫يروى عن طاوس وعمر بن عبد العزيز كانا يقولن : هذه السورة وسورة الضحى سورة واحدة ، وكان يقرءانهما في الركعة الواحدة وما كانا‬ ‫ودعك ربك‬ ‫يفصلن بينهما ببسم ا ّ الرحمن الرحيم. قال الجمل : ولما ذكر ا ّ تعالى بعض النعم عليه صّى ا ّ عليه وسّم بقوله تعالى : ما َ ّ َ َ َ ّ َ‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫]الضحى : 3[ إلخ أتبعه بما هو كالتتمة له وهو شرح الصدور فقال : ََمْ َشْ َحْ َ َ َد َكَ )1( قال في نور المقياس :‬ ‫أل ن ر لك ص ْر‬ ‫وهذا معطوف على قوله تعالى : َ َ َ َ َ عا ِ ً ََغْنى ]الضحى : 8[ أي ألم نشرح لك يا أشرف الرسل قلبك للسلم ، ويقال ألم نوسع قلبك‬ ‫ووجدك ئل فأ‬ ‫للنبوة ، وقال الرازي : استفهم ا ّ عن انتفاء الشرح على وجه النكار ، فأفاد إثبات الشرح فكأنه قيل شرحنا لك صدرك أي بالنبوة وغيرها حتى‬ ‫ل‬ ‫وسع مناجاتنا ودعوة الخلق.‬ ‫روي أن جبريل عليه السلم أتاه وهو عند مرضعته حليمة وهو ابن أربع سنين فشق صدره وأخرج قلبه وغسله ونقاه ، ثم مله علما وإيمانا ، ثم‬ ‫رده في صدره وشق أيضا عند بلوغه عشر سنين وعند البعثة وليلة السراء فمرات الشق أربع على الصحيح ، وإنما ذكر الصدر لنه محل‬ ‫الوسوسة ، قال محمد بن علي الترمذي : القلب محل العقل والمعرفة ، وهو الذي يقصده الشيطان فالشيطان يجيء إلى الصدر الذي هو حصن‬ ‫القلب فإذا وجد مسلكا نزل فيه هو وجنده وبث فيه الهموم والغموم والحرص فيضيق القلب حينئذ ول يجد للطاعة لذة ول للسلم حلوة ، وإذا‬ ‫طرد العدو في البتداء حتى لم يجد مسلكا حصل المن ويزول الضيق وينشرح الصدر ويتيسر له القيام بأداء العبودية ، وإنما قال ا ّ تعالى : ََمْ‬ ‫أل‬ ‫ل‬ ‫َوض ع ك و رك‬ ‫َشْ َحْ َكَ تنبيها على أن منافع الرسالة عائدة إليه صّى ا ّ عليه وسّم كأنه تعالى قال : إنما شرحنا صدرك لجلك ل لجلي و َ َعْنا َنْ َ ِزْ َ َ‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫ن ر ل‬ ‫)2( اّ ِي َنْ َ َ َهْ َ َ )3( أي خففنا عنك أعباء النبوة التي تثقل ظهرك من القيام بأمرها والمحافظة على حقوقها بأن يسرها ا ّ عليه صّى ا ّ‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬ ‫لذ أ قض ظ رك‬ ‫عليه وسّم حتى تيسرت له ، وقيل عصمناك عن الوزر الذي يثقل ظهرك ، وقيل : لئن كان نزول السورة بعد موت أبي طالب وخديجة فلقد كان‬ ‫ل‬ ‫فراقهما عليه صّى ا ّ عليه وسّم وزرا عظيما ، فوضع عنه الوزر برفعه إلى السماء حتى لقيه كل ملك وحياه فارتفع له الذكر فلذلك قال تعالى :‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫َ َ َعْنا ل َ ِكْ َ َ )4( أي رفع ذكره حيث قرن اسمه باسم ا ّ تعالى في‬ ‫ل‬ ‫ورف َك ذ رك‬ ‫كلمة الشهادة والذان والقامة ، وجعل طاعته من طاعته تعالى وصلى عليه هو وملئكته ، وأمر المؤمنين بالصلة عليه وسمي رسول ا ّ ،‬ ‫ل‬ ‫ونبي ا ّ ولو أن رجل عبد ا ّ تعالى وصدق بالجنة والنار وكل شيء ولم يشهد أن محمدا رسول ا ّ لم ينتفع بشيء وكان كافرا ، َِ ّ م َ الْ ُسْرِ‬ ‫فإن َع ع‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ُسْرً )5( ِ ّ م َ الْ ُسْرِ ُسْرً )6( ف »أل« في »العسر« الول للعهد الحضوري وفي الثاني للعهد الذكري فالعسر واحد وهو العسر الذي كانوا‬ ‫إن َ ع ع ي ا‬ ‫ي ا‬ ‫فيه ، فهو هو وتنكير »يسرا« للتفخيم كأنه قيل : إن مع العسر يسرا عظيما ويسرا كامل فتناول يسر الدارين ولذلك‬ ‫قال صّى ا ّ عليه وسّم : »والذي نفسي بيده لو كان العسر في جحر ضب لتبعه اليسر حتى يخرجه لن يغلب عسر يسرين«‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫فقوله تعالى : ِ ّ َ َ الْ ُسْرِ ُسْرً تكرير للتأكيد أو عدة مستأنفة بأن العسر مشفوع بيسر آخر ، وفي مصحف ابن مسعود جملة واحدة مرة واحدة‬ ‫إن م ع ع ي ا‬ ‫قال الرازي : والمراد من اليسرين‬ ‫في قوله صّى ا ّ عليه وسّم : »لن يغلب عسر يسرين«‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫يسر الدنيا ويسر الخرة وهما استفتاح البلد ، وثواب الجنة وهذه الية تثبيت لما قبلها ، ووعد كريم بتيسير كل عسير له صّى ا ّ عليه وسّم‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫وللمؤمنين كأنه قيل خولناك ما خولناك من جلئل النعم فكن على ثقة بفضل ا ّ تعالى ولطفه فإن مع العسر يسرا كثيرا ، َِذا َ َغْتَ َانْ َبْ )7(‬ ‫فإ فر ف ص‬ ‫ل‬ ‫أي فإذا فرغت من عبادة فأتبعها بعبادة أخرى بأن تواصل بين بعض العبادات وبعض وأن ل تخلي وقتا من أوقاتك منها. قال قتادة والضحاك‬ ‫ومقاتل : إذا فرغت من الصلة المكتوبة فاتعب في الدعاء وارغب إلى ربك في المسألة يعطك ، وقال الشعبي : إذا فرغت من التشهد فادع لدنياك‬ ‫وآخرتك ، وقال مجاهد : إذا فرغت من أمر دنياك فاتعب وصل ، وقال عبد ا ّ بن مسعود : إذا فرغت من الفرائض فاتعب في قيام الليل ، وقال‬ ‫ل‬
  • 2. ‫ابن حبان عن الكلبي : إذا فرغت من تبليغ الرسالة فاتعب واستغفر لذنبك وللمؤمنين ، وقال علي بن أبي طلحة : إذا كنت صحيحا فاجعل فراغك‬ ‫تعبا في العبادة ، قال عمر بن الخطاب رضي ا ّ عنه : إني أكره أن أرى أحدكم فارغا ل في عمل الدنيا ول في عمل الخرة ، َِلى َ ّ َ َارْ َبْ‬ ‫وإ ربك ف غ‬ ‫ل‬ ‫)8( أي إلى ربك فارفع حوائجك واجعل رغبتك إليه خصوصا ول تسأل إل فضله متوكل عليه ، وقرئ »فرغب« أي رغب الناس إلى طلب ما‬ ‫عنده تعالى.‬ ‫سورة التين‬ ‫مكية ، ثمان آيات ، أربع وثلثون كلمة ، مائة وخمسون حرفا‬ ‫َال ّي ِ َال ّيُْو ِ )1( هما ثمران معلومات أقسم ا ّ بهما لما فيهما من المصالح والمنافع ، فإن التين فاكهة طيبة ل عجم له وغذاء لطيف سريع‬ ‫ل‬ ‫و تنو زت ن‬ ‫الهضم ودواء كثير النفع يلين الطبع ويحلل البلغم ، ويسمن البدن ، ويفتح سدد الكبد والطحال ، ويقطع البواسير والزيتون فاكهة وآدام ودواء ،‬ ‫وقال ابن زيد : التين مسجد دمشق والزيتون مسجد بيت المقدس ، وقال محمد بن كعب : التين مسجد أصحاب أهل الكهف ، والزيتون مسجد‬ ‫إيليا ، وعن ابن عباس : التين مسجد نوح المبني على الجودي ، والزيتون مسجد بيت المقدس ، وقال الضحاك : التين المسجد الحرام ، والزيتون‬ ‫المسجد القصى ، وعن الربيع : هما جبلن بين همذان وحلوان ، وقال كعب : التين دمشق والزيتون بيت المقدس ، وقال شهر بن حوشب : التين‬ ‫الكوفة والزيتون الشام ، َ ُو ِ ِي ِي َ )2( وهو جبل ثبير وهو جبل بمدين الذي كلم ا ّ عليه موسى عليه السلم ، َه َا ا ْل ََ ِ ا َ ِي ِ )3( وهو‬ ‫و ذ بلد لْم ن‬ ‫ل‬ ‫وط ر س ن ن‬ ‫مكة فهو أمين من أن يهاج فيه على من دخل فيه.‬ ‫َ َدْ ََلقْ َا الْنْسانَ ِي َحْ َ ِ َق ِي ٍ )4( أي كائنا في أحسن ما يكون من تعديل صوره ومعنى فإنه تعالى خلقه مستوي القامة متناسب العضاء‬ ‫ف أ سن ت ْ و م‬ ‫لق خ ن ِ‬ ‫متصفا بأكمل عقل ، وفهم ، وعلم ، وأدب إذا تكامل شبابه ، ُ ّ َ َدْنا ُ َسْ َ َ سا ِِي َ )5( أي حال كونه أسفل سافلين أي حيث ل يستطيع حيلة ول‬ ‫ثم رد ه أ فل فل ن‬ ‫يهتدي سبيل لضعف بدنه وسمعه وبصره وعقله ، فل يكتب له وقتئذ حسنة أو رددناه مكانا أسفل سافلين ، وهو النار ، وقرأ عبد ا ّ أسفل‬ ‫ل‬ ‫»السافلين« معرفا ، والسافلون هم الضعفاء والزمنى والصغار فالشيخ الكبير أسفل من هؤلء جميعا ِإ ّ اّ ِي َ آ َُوا َ َ ُِوا ال ّاِحاتِ ََ ُمْ َجر‬ ‫فله أ ْ ٌ‬ ‫ل لذ ن من وعمل ص ل‬ ‫َيْ ُ َمْ ُو ٍ )6( وهذا الستثناء على القول الول منقطع ، والمعنى : ثم رددناه أسفل ممن سفل بعد ذلك التحسين في أحسن الصورة حيث نكسناه‬ ‫غرم ن ن‬ ‫في خلقه فقوس ظهره وضعف بصره ، وسمعه ، ولكن الذين كانوا صالحين من الهرمى فلهم ثواب دائم أو فلهم أجر غير ممنون به عليهم ، أما‬ ‫على القول الثاني فهو متصل من ضمير رددناه فإنه في معنى الجمع‬ ‫والمعنى : ثم رددناه أسفل ممن سفل أي أقبح من كل قبيح صورة وأسفل من كل سافل من أهل الدركات ، وهم أهل النار إل الذين كانوا صالحين‬ ‫فل نردهم أسفل سافلين.‬ ‫َما ُ َ ّ ُ َ َعْدُ ِال ّي ِ )7( و»ما« اسم استفهام على وجه النكار والتعجب والخطاب للنسان على طريقة اللتفات أي فما الذي يحملك أيها‬ ‫ف يكذبك ب ب د ن‬ ‫النسان على التكذيب بالبعث بعد ظهور هذه الدللة الناطقة بالجزاء ، أي فإن خلق النسان من النطفة وتقويمه بشرا سويا وتحويله من حال إلى‬ ‫حال كمال ونقصانا من أوضح الدلئل على قدرة ا ّ تعالى على البعث والجزاء فمن شاهد تلك الحالة ، ثم بقي مصرا على إنكار الحشر فل شيء‬ ‫ل‬ ‫أعجب منه وقيل الخطاب للرسول ، و»ما« إما اسم استفهام أو بمعنى من أي ، فأي شيء يجعلك كاذبا بسبب إنكار الكافر الحساب بعد هذه الدلئل‬ ‫، أو فمن يكذبك بالحساب يا أيها الرسول بعد ظهور هذه الدلئل ََليْسَ ا ُ َِحْ َمِ الْحا ِ ِينَ )8( يحكم على الكفار بما يستحقونه من العذاب ، أو‬ ‫كم‬ ‫ّ بأ ك‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫أليس الذي فعل ما ذكر بأتقن الحاكمين صنعا في كل ما خلق حتى يتوهم عدم العادة والجزاء ، فإن عدم إمكانهما يقدح في القدرة وعدم وقوعهما‬ ‫يقدح في الحكمة ، كما قال تعالى : َما ََقْ َا ال ّماءَ َا َرْ َ َما َي َ ُما با ِ ً ذِ َ َ ّ اّ ِي َ َ َ ُوا »1« ]ص : 72[ وفي الحديث : »من قرأ‬ ‫و خل ن س و لْ ض و ب ْنه طل لك ظن لذ ن كفر‬ ‫والتين إلى آخرها فليقل :‬ ‫بلى وأنا على ذلك من الشاهدين«‬ ‫أي سواء كان في الصلة أو خارجها.‬ ‫)1( رواه مسلم صفات المنافقين )83( ، وابن حجر في فتح الباري )8 : 427( ، والسيوطي في الدر المنثور )6 : 073( ، وابن كثير في‬ ‫البداية والنهاية )3 : 44( ، والتبريزي في مشكاة المصابيح )6585( ، والبغوي في شرح السنة )7 : 072( ، وأبو نعيم في دلئل النبوة )2 :‬ ‫981( ، وابن كثير في التفسير )8 : 164(.‬ ‫سورة العلق‬ ‫وتسمى سورة القلم ، وسورة اقرأ ، مكية ، تسع عشرة آية ، اثنتان وسبعون كلمة ، مائتان وسبعون حرفا‬ ‫اقْ َأْ ِاسْمِ َ ّ َ أي اقرأ القرآن مفتتحا باسم ربك أي قل باسم ا ّ ، ثم اقرأ القرآن اّ ِي ََ َ )1( كل شيء ََ َ الْنْسانَ ِنْ ََ ٍ )2( أي من دم‬ ‫م ع لق‬ ‫خ لق ِ‬ ‫لذ خلق‬ ‫ل‬ ‫ر ب ربك‬
  • 3. ‫جامد اقْرأْ َ َ ّ َ ا َكْ َ ُ )3( أي امض لما أمرت به ، والحال أن ربك الذي أمرك بالقراءة هو الكرم اّ ِي َّ َ ِالْقَ ِ )4( أي علم النسان الخط‬ ‫لذ علم ب َلم‬ ‫َ وربك لْ رم‬ ‫بالقلم ، وعلم ينصب مفعولين وقال قتادة : القلم نعمة من ا ّ تعالى ولول ذلك لم يقم دين ، ولم يصلح عيش.‬ ‫ل‬ ‫روى عبد ا ّ ابن عمرو قال : »قلت يا رسول ا ّ أأكتب ما أسمع منك من الحديث قال : »نعم فاكتب فإن ا ّ تعالى علم بالقلم«‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫وعن ابن مسعود قال : قال رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم : »ل تسكنوا نساءكم الغرف ول تعلموهن الكتابة«‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬ ‫أي حذرا من تطلعهن إلى الرجال ، وحذرا من الفتنة لنهن قد يكتبن لمن يهوين َّ َ ا ِنْسانَ ما َمْ َعَْمْ )5( أي علمه بالقلم وبدونه من المور‬ ‫ل يل‬ ‫علم لْ‬ ‫الجلية والخفية ما لم يخطر بباله َ ّ ِ ّ ا ِنْسا َ َل َطْغى )6( َنْ َآ ُ اسْ َغْنى )7( أي حقا يا محمد إن الكافر يتكبر على ربه لن رأى نفسه مستغنيا‬ ‫أ ره ت‬ ‫كل إن لْ ن ي‬ ‫عن ا ّ بالمال نزلت اليات من هاهنا إلى آخر السورة في أبي جهل. روي أن أبا جهل قال لرسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم : أتزعم أن من‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬ ‫ل‬ ‫استغنى طغى فاجعل لنا جبال مكة فضة وذهبا لعلنا نأخذ منها فنطغى فندع ديننا ونتبع دينك ، فنزل عليه جبريل عليه السلم فقال : يا محمد إن‬ ‫إن إ َبك‬ ‫شئت فعلنا ذلك ، ثم إن لم يؤمنوا فعلنا بهم ما فعلنا بأصحاب المائدة فكف رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم عن الدعاء إبقاء عليهم. ِ ّ ِلى رّ َ‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬ ‫ال ّجْعى‬ ‫ر‬ ‫)8( أي إن إلى مالك أمرك رجوع الكل بالموت والبعث ، فسترى حينئذ عاقبة تمردك َأ ََيْ َ اّ ِي َنْهى )9( َبْدً ِذا صّى )01( و»أ رأيت«‬ ‫ع ا إ َل‬ ‫رأ ت لذ ي‬ ‫لحمل المخاطب وهو النبي على التعجب وهي تتعدى إلى مفعولين لنها بمعنى أخبرني فالمفعول الول »الذي« والمفعول الثاني محذوف وهو‬ ‫جملة استفهامية كالجملة الواقعة بعد »أ رأيت« الثالثة أي أخبرني يا محمد الناهي من يصلي ألم يعلم أن ا ّ يطلع على أحواله فيجازيه بها حتى‬ ‫ل‬ ‫اجترأ على ما فعل. روى مسلم عن أبي هريرة قال : قال أبو جهل في مل من طغاة قريش : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ، فقالوا : نعم‬ ‫قال : واللت والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لطأن‬ ‫على رقبته ولعفرن وجهه في التراب ، قال : فأتى رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم وهو يصلي ليطأ على رقبته فنكص على عقبيه وهو يتقي‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬ ‫بيديه فقالوا له : ما لك يا أبا الحكم ، فقال : إن بيني وبينه لخندقا من نار وهول وأجنحة فأنزل ا ّ هذه الية :‬ ‫ل‬ ‫َ ََأيْتَ ِنْ كانَ ََى الْ ُدى )11( َأوْ َ َرَ ِال ّقْوى )21( ومفعول »أ رأيت« محذوفان حذف الول لدللة المفعول الول من »أ رأيت« الولى‬ ‫أم ب ت‬ ‫عل ه‬ ‫أر إ‬ ‫عليه وحذف الثاني لدللة مفعول »أ رأيت« الثالثة عليه وأو بمعنى الواو ، والمعنى : أخبرني يا محمد ذلك الناهي إن صار على الهدى وأمر‬ ‫بالتقوى أما كان ذلك خيرا له من الكفر با ّ والنهي عن خدمته كأنه تعالى يقول : تلهف يا مخاطب عليه كيف فوت على نفسه المراتب العالية ،‬ ‫ل‬ ‫وقنع بالمراتب الدنيئة ، وهو رجل عاقل ذو ثروة ل يليق به ذلك َأ ََيْ َ ِإنْ َ ّبَ َتوّى )31( ََمْ َعَْمْ َِ ّ ا َ َرى )41( والجملة الستفهامية‬ ‫أل ي ل بأن ّ ي‬ ‫ل‬ ‫رأ ت كذ و َ َل‬ ‫تكون في موضع المفعول الثاني ل »أ رأيت« ومفعولها الول محذوف وهو ضمير يعود إلى الموصول ، أو اسم إشارة يشار به إليه أي أرأيته يا‬ ‫محمد إن كذب هذا الكافر بتلك الدلئل الواضحة وأعرض عن خدمة خالقه ألم يعلم يعقله أن ا ّ يرى منه هذه العمال القبيحة أفل ينزجر عنها‬ ‫ل‬ ‫َ ّ أي لن يصل أبو جهل إلى ما يقول : إنه يقتل محمدا أو يطأ عنقه ، بل تلميذ محمد هو الذي يقتله ويطأ صدره ، وهو عبد ا ّ بن مسعود َ ِنْ َمْ‬ ‫لئ ل‬ ‫ل‬ ‫كل‬ ‫َنْ َ ِ أي وا ّ لئن لم ينته أبو جهل عن أذى النبي صّى ا ّ عليه وسّم ، َ َسْ َعاً ِال ّاص َةِ )51( أي لنأخذن الناصية ولنجرن بها إلى النار في‬ ‫ل لن ف ب ن ِي‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬ ‫ي ته‬ ‫الخرة أو لنقبضن على الناصية في الدنيا روي أن أبا جهل لما قال : إن رأيته يصلي لطأن عنقه ، فأنزل ا ّ تعالى هذه السورة ، وأمره جبريل‬ ‫ل‬ ‫عليه السلم بأن يقرأها على أبي جهل ويخر ّ ساجدا في آخرها ففعل فعدا إليه أبو جهل ليطأ عنقه فلما دنا منه نكص على عقبيه راجعا فقيل له :‬ ‫ل‬ ‫ما لك قال : إن بيني وبينه فحل فاغرا فاه لو مشيت إليه ل لتقمني ، وقال النبي صّى ا ّ عليه وسّم : »لو دنا مني لختطفته الملئكة عضوا‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫عضوا«‬ ‫»1« وروي أنه لما نزلت سورة ال ّحْمنُ َّ َ الْ ُرْآ َ قال صّى ا ّ عليه وسّم لصحابه : »من يقرؤها منكم على رؤساء قريش« فقام ابن مسعود‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫علم ق ن‬ ‫ر‬ ‫وقال : أنا يا رسول ا ّ ، ثم إنه وصل إليهم فرآهم مجتمعين حول الكعبة فافتتح قراءة السورة ، فقام أبو جهل فلطمه فشق أذنه وأدماه فانصرف‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫وعينه تدمع فلما رآه النبي صّى ا ّ عليه وسّم رق قلبه وأطرق رأسه مغموما ، فإذا جبريل عليه السلم يجيء ضاحكا مستبشرا فقال صّى ا ّ‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫عليه وسّم : »يا جبريل تضحك وابن مسعود يبكي« فقال : ستعلم فلما ظفر المسلمون يوم بدر التمس ابن مسعود أن يكون له حظ في الجهاد ،‬ ‫ل‬ ‫فقال صّى ا ّ عليه وسّم له : »خذ رمحك والتمس في الجرحى من كان به رمق فاقتله فإنك تنال ثواب المجاهدين« فأخذ يطالع القتلى فإذا أبو‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫جهل مصروع يخور فخاف أن يكون به قوة فيؤذيه فوضع الرمح على منخره من بعيد فطعنه فلما عرف عجزه ارتقى إلى صدره بحيلة ، فلما رآه‬ ‫أبو جهل قال : يا رويعي الغنم لقد ارتقيت مرتقى صعبا ،‬ ‫)1( رواه الحاكم في المستدرك )1 : 765( ، والسيوطي في الدر المنثور )6 : 683(.‬ ‫فقال ابن مسعود : السلم يعلو ول يعلى عليه ، فقال له أبو جهل : بلغ صاحبك أنه لم يكن أحد أبغض إلي منه في حياتي ، ول أحد أبغض إلي‬ ‫منه في حال مماتي ثم قال لبن مسعود : اقطع رأسي بسيفي هذا لنه أح ّ فلما قطع رأسه لم يقدر على حمله فلما لم يطقه شق أذنه وجعل الخيط‬ ‫د‬ ‫فيه وجعل يجره إلى رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم وجبريل بين يديه يضحك ، ويقول يا محمد : أذن بأذن ، لكن الرأس هاهنا مع الذن.‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬ ‫وقرئ »لنسفعن« بالنون المشددة فالفاعل لهذا الفعل هو ا ّ والملئكة ، وقرأ ابن مسعود لسفعن أي يقول ا ّ : يا محمد أنا الذي أتولى إهانة أبي‬ ‫ل‬ ‫ل‬
  • 4. ‫جهل نا ِ َ ٍ كا ِ َةٍ في قولها خا ِ َةٍ )61( في فعلها لن صاحبها متمرد على ا ّ تعالى لنه كان كاذبا على ا ّ تعالى في قوله :‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫طئ‬ ‫صية ذب‬ ‫إنه تعالى لم يرسل محمدا وكاذبا على رسوله في قوله : إن محمدا ساحر ، أو كذاب ، أو ليس بنبي ، و»ناصية« بدل من الناصية ، وقرئ‬ ‫»ناصية« بالرفع والتقدير هي ناصية ، وقرئ ناصية بالنصب وكلهما على الشتم ، َلْ َدْ ُ نا ِ َ ُ )71( أي أهل مجلسه الذين يجتمعون فيه‬ ‫ف ي ع ديه‬ ‫للتشاور ، أو لنه مجلس العطاء والجود َ َدْ ُ ال ّبا ِ َ َ )81( هم الملئكة الغلظ الشداد كما قاله الزجاج.‬ ‫سن ع ز نية‬ ‫قال ابن عباس : كان النبي صّى ا ّ عليه وسّم يصلي فجاء أبو جهل فقال : ألم أنهك عن هذا فزبره النبي صّى ا ّ عليه وسّم ، فقال أبو جهل :‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫وا ّ إنك لتعلم بأني أكثر أهل الوادي ناديا فأنزل ا ّ تعالى َلْ َدْ ُ نا ِ َ ُ َ َدْ ُ ال ّبا ِ َ َ قال ابن عباس : لو دعا ناديه لخذته زبانية ا ّ فكأنه تعالى‬ ‫ل‬ ‫ف ي ع ديه سن ع ز نية‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫لما عرفه أنه مخلوق من علق فل يليق به التكبر ، فهو عند ذلك ازداد تعززا بماله ورئاسته في مكة ، ويروى أنه قال : ليس بمكة أكرم مني ،‬ ‫وروي أن النبي صّى ا ّ عليه وسّم لما قرأ هذه السورة وبلغ إلى قوله تعالى : َ َسْ َعاً ِال ّا ِ َةِ قال أبو جهل : أنا أدعو قومي حتى يمنعوا عني‬ ‫لن ف ب ن صي‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫ربك. قال ا ّ تعالى : َلْ َدْ ُ نا ِ َ ُ َ َدْعُ ال ّبا ِ َ َ فلما ذكر الزبانية رجع فزعا فقيل له : خشيت منه قال : ل ، ولكن رأيت عنده فارسا وهددني‬ ‫ز نية‬ ‫ف ي ع ديه سن‬ ‫ل‬ ‫بالزبانية فل أدري الزبانية ، ومال إلى الفارس فخشيت منه ، وقيل : كان جبريل وميكائيل عليهما السلم على كتفيه صّى ا ّ عليه وسّم في‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫صورة السد قال ابن عباس رضي ا ّ عنهما : وا ّ لو دعا ناديه لخذته ملئكة العذاب من ساعته معاينة ، وقرئ »ستدعى الزبانية« على‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫المجهول أي ليجروه إلى النار َ ّ أي لن يصل أبو جهل إلى ما يتصلف به من أنه يدعو قومه ل ُ ِعْهُ أي أبا جهل فيما يأمرك به من ترك‬ ‫تط‬ ‫كل‬ ‫ل‬ ‫الصلة ، بل دم على ما أنت عليه من مخالفته َاسْ ُدْ أي صل وتوفر على عبادة ا ّ تعالى فعل وإبلغا ، وقلل فكرك في هذا العدو ، فإن ا ّ‬ ‫ل‬ ‫و ج‬ ‫مقويك وناصرك َاقْ َ ِبْ )91( أي ابتغ بسجودك قرب المنزلة من ربك.‬ ‫و تر‬ ‫سورة القدر‬ ‫مدنية ، قال الواحدي : إنها أول سورة نزلت بالمدينة ، خمس آيات ، ولثون كلمة ، مائة وأحد وعشرون حرفا‬ ‫ِ ّا َنْ َلْنا ُ ِي َيَةِ الْ َد ِ )1( أي إنا أنزلنا القرآن جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ على كتبة ملئكة سماء الدنيا إلى بيت العزة منها ،‬ ‫إن أ ز ه ف ل ْ ل ق ْ ر‬ ‫ثم نجمته السفرة على جبريل فكان جبريل ينزله على رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم نجوما في ثلث وعشرين سنة بحسب الوقائع ، والحاجة إليه‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬ ‫ومعنى القدر التقدير ، وسميت ليلة القدر بذلك لن ا ّ تعالى يقدر فيها ما يشاء من أمره إلى مثلها من السنة القابلة من أمر الموت ، والجل ،‬ ‫ل‬ ‫والرزق وغير ذلك ، ويسلمه إلى مدبرات المور وهم أربعة من الملئكة : إسرافيل ، وميكائيل ، وعزرائيل ، وجبريل عليهم السلم ، والجمهور‬ ‫على أنها مختصة برمضان واختلفوا في تعيينها ، وقال بعضهم : إنها ليلة السابع والعشرين لن فيها أمارات ضعيفة منها : ما روي أن عمر سأل‬ ‫الصحابة عن ليلة القدر ، ثم قال لبن عباس : غص يا غواص ، فقال زيد بن ثابت : أحضرت أولد المهاجرين ، وما أحضرت أولدنا فقال عمر‬ ‫: لعلك تقول إن هذا غلم ، ولكن عنده ما ليس عندكم ، فقال ابن عباس : أحب العداد إلى ا ّ تعالى الوتر وأحب الوتر إليه السبعة فذكر السموات‬ ‫ل‬ ‫السبع ، والرضين السبع ، والسبوع ، ودركات النار ، وعدد الطواف ، والعضاء السبعة فدل ذلك العدد على أنها السابعة والعشرون ومنها‬ ‫قول ابن عباس : إن هذه السورة ثلثون كلمة ، وقوله تعالى : ِ َ هو سابع وعشرون ومنها ما نقل عن ابن عباس أنه قال : ليلة القدر تسعة‬ ‫هي‬ ‫أحرف وهو مذكور ثلث مرات فتكون الجملة سبعة وعشرين ، ومنها ما روي أنه كان لعثمان بن أبي العاص عبد فقال : يا مولي إن البحر‬ ‫يعذب ماؤه ليلة من الشهر ، قال : إذا كانت تلك الليلة فاعلمني فإذا هي السابعة والعشرون ، َما َدْرا َ ما َيَْ ُ الْ َدْ ِ )2( أي ما غاية فضلها‬ ‫و أ ك ل لة ق ر‬ ‫ومنتهى علو قدرها ، ثم بين ا ّ فضلها من ثلثة أوجه ، أو أربعة بقوله تعالى : َيَْ ُ الْ َدْ ِ َيْ ٌ ِنْ َ ْل ِ َهْ ٍ )3( وهي‬ ‫ل لة ق ر خ ر م أ ف ش ر‬ ‫ل‬ ‫ثلث وثمانون سنة وأربعة أشهر أي إن العبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر. قال مجاهد : كان في بني إسرائيل رجل‬ ‫يقوم الليل حتى يصبح ، ثم يجاهد حتى يمسي فعل ذلك ألف شهر فتعجب رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬ ‫والمسلمون من ذلك ، فأنزل ا ّ هذه الية أي ليلة القدر لمتك خير من ألف شهر لذلك السرائيلي الذي حمل السلح ألف شهر ، وقيل كان ملك‬ ‫ل‬ ‫سليمان خمسمائة شهر ، وملك ذي القرنين خمسمائة شهر ، فجعل ا ّ تعالى العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيرا من ملكهما ، وقال الحسن بن‬ ‫ل‬ ‫علي رضي ا ّ عنهما : إن رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم رأى في منامه إن بني أمية يطئون منبره صّى ا ّ عليه وسّم واحدا بعد واحد ، وفي‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬ ‫ل‬ ‫رواية ينزون على منبره نزو القردة ، فشق ذلك عليه صّى ا ّ عليه وسّم فأنزل ا ّ هذه السورة ، ثم قال القاسم بن فضل : فحسبنا ملك بني أمية‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫فإذا هو ألف شهر فكأن ا ّ تعالى يقول :‬ ‫ل‬ ‫أعطيتك يا أشرف الخلق ليلة هي في السعادات الدينية أفضل من السعادات الدنيوية في أيام ملك بني أمية ، ومن المعلوم أن الطاعة في ألف شهر‬ ‫أشق من الطاعة في ليلة واحدة لكن الفعل الواحد قد يختلف حاله في الحسن والقبح بسبب اختلف الوجوه. أل ترى أن صلة الجماعة تفضل على‬ ‫صلة المنفرد بسبع وعشرين درجة مع أن صلة الجماعة قد تنقص صورة فإن المسبوق سقطت عنه ركعة واحدة وأيضا فأنت إذا قلت لمن يرجم‬ ‫بالزنا هذا زان فل بأس ، ولو قلته للنصراني فهو قذف يوجب التعزير ولو قلته للمحصن فهو قذف يوجب الحد ، ولو قلته في حق عائشة كان ذلك‬ ‫القول كفرا ، ثم القائل بقوله : هذا زان قد ظن أن هذه اللفظة سهلة مع أنها أثقل من الجبال ، فثبت بهذا أن الفعال تختلف آثارها في الثواب‬
  • 5. ‫ت َزل م ئكة و ر ح ف بإ ن‬ ‫والعقاب لختلف وجوهها فل يبعد أن تكون الطاعة القليلة في الصورة مساوية في الثواب للطاعات الكثيرة. َن ّ ُ الْ َل ِ َ ُ َال ّو ُ ِيها ِِذْ ِ‬ ‫َ ّ ِمْ ِنْ ُ ّ َمْ ٍ )4( روي أنه إذا كان ليلة القدر تنزل الملئكة ، وهم سكان سدرة المنتهى ، وجبريل ومعه أربعة ألوية فينصب لواء على قبر‬ ‫ربه م كل أ ر‬ ‫النبي صّى ا ّ عليه وسّم ، ولواء على ظهر بيت المقدس ، ولواء على ظهر المسجد الحرام ، ولواء على ظهر طور سيناء ول يدع بيتا فيه‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫مؤمن أو مؤمنة إل دخله وسلم عليه يقول : يا مؤمن أو يا مؤمنة السلم يقرئكم السلم إل على مدمن خمر ، وقاطع رحم ، وآكل لحم خنزير ،‬ ‫وقوله : بإذن ربهم متعلق ب »تن ّل« أو بمحذوف هو حال من فاعله أي متلبسين بأمر ربهم فإنهم ل يتصرفون تصرفا ما إل بأمره ، وقوله :‬ ‫ز‬ ‫»من كل أمر« متعلق ب »تن ّل« أي تنزل أولئك في تلك الليلة من أجل كل أمر قضاه ا ّ تعالى لتلك السنة إلى عام قابل ، فكل واحد منهم نزل‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫لمر آخر.‬ ‫عن النبي صّى ا ّ عليه وسّم إنه قال : »إن ا ّ يقدر المقادير في ليلة البراءة«‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫أي وهو نصف شعبان فإذا كان ليلة القدر يسلمها إلى أربابها ، وقرئ »من كل امرئ« أي من أجل كل إنسان فإن الملئكة يرون في الرض‬ ‫أنواع الطاعات التي لم يروها في عالم السموات. َل ٌ ِ َ َ ّى َطَْ ِ الْ َجْ ِ )5( ف »سلم« خبر مقدم و»هي« مبتدأ مؤخر أي تلك الليلة سالمة‬ ‫س م ه ي حت م ل ع ف ر‬ ‫عن الرياح والذى والصواعق ، ومن كل آفة كما قاله أبو مسلم ، وابن عباس و»حتى« متعلق ب »تن ّل« أي أن الملئكة ينزلون فوجا فوجا من‬ ‫ز‬ ‫ابتداء الليل إلى طلوع الفجر فترادف النزول لكثرة سلمهم على أهل الصوم‬ ‫والصلة من أمة محمد صّى ا ّ عليه وسّم تلك الليلة ، وقيل : إن »حتى« متعلق ب »سلم« بناء على إن الفصل بين المصدر ومعموله بالمبتدأ‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫مغتفر في الجار والمجرور أي إن ليلة القدر سلم إلى طلوع الفجر أي تسليم الملئكة على المطيعين ، ويقال : إن ليلة القدر من أولها إلى طلوع‬ ‫الفجر سالمة من التفاوت والنقصان ، فإن العبادة في كل جزء من أجزاء أوقاتها خير من ألف شهر ، فليست ليلة القدر كسائر الليالي في أنه‬ ‫يستحب للفرض الثلث الول وللتطوع النصف وللدعاء السحر ، بل هي متساوية الوقات ، وقيل : إن الوقف عند قوله تعالى : َل ٌ فقوله تعالى :‬ ‫س م‬ ‫من كل أمر متعلق به وقوله : َل ٌ خبر بعد خبر كقوله : َن ّ ُ وقوله تعالى : ه َ مبتدأ وخبره ما بعده ، والمعنى كما قاله ابن عباس : ليلة القدر‬ ‫ِي‬ ‫ت َزل‬ ‫س م‬ ‫سلمة من كل أمر مخوف ، ومن كل شرور ، وفضلها مستمر إلى طلوع الفجر ، وقرأ الكسائي »مطلع« بكسر اللم.‬ ‫سورة الب ّنة‬ ‫ي‬ ‫وتسمى سورة لم يكن وسورة القيمة ، وسورة البرية ، وسورة منفكين ، مدنية ، ثمان آيات ، أربع وتسعون كلمة ، ثلثمائة وتسعون حرفا‬ ‫َمْ َ ُ ِ اّ ِي َ َ َ ُوا ِنْ َه ِ الْ ِتابِ أي اليهود والنصارى َالْ ُشْ ِ ِينَ أي عبدة الصنام ُنْ َ ّي َ عن كفرهم َ ّى َأْ ِ َ ُ ُ الْ َ ّ َ ُ )1( وهي الرسول‬ ‫حت ت تيهم بينة‬ ‫م فك ن‬ ‫و م رك‬ ‫ل يكن لذ ن كفر م أ ْل ك‬ ‫وسمي بالبينة لن مجموع الخلق الحاصلة فيه كان بالغا إلى حد كمال العجاز أي أن الكفار من الفريقين كانوا يقولون قبل مبعث محمد صّى‬ ‫ل‬ ‫ا ّ عليه وسّم ل ننفك عما نحن عليه من ديننا ول نتركه حتى يبعث النبي الموعود الذي هو مكتوب في التوراة ، والنجيل وهو محمد عليه‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫السلم فحكى ا ّ تعالى ما كانوا يعدون اجتماع الكلمة ، والتفاق على الحق إذا جاءهم الرسول ، ثم ما أقرهم على الكفر إل مجيء الرسول ،‬ ‫ل‬ ‫وقيل : إن تقدير الية لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم وإلى أن جاءتهم البينة أي التي كانت ذاته بينة على نبوته ، وقيل : المعنى لم يكن‬ ‫الذين كفروا منفكين عن ذكر محمد بالمناقب والفضائل حتى أتاهم بيان ما سبق ذكره في التوراة والنجيل على لسان موسى وعيسى من صفات‬ ‫محمد صّى ا ّ عليه وسّم.‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫وقرئ »والمشركون« عطفا على الموصول َ ُو ٌ ِ َ ا ِ بالرفع بدل كل من كل من البينة ، وقرأ عبد ا ّ »رسول« بالنصب حال من »البينة«‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫رس ل من ّ‬ ‫َتُْوا ُ ُفاً أي كتبا ُ َ ّ َ ً )2( أي منزهة عن الباطل ِيها ُ ُ ٌ َ ّ َ ٌ )3( أي في تلك الكتب أحكام مستقيمة تبين الحق من الباطل ، َما ت َ ّ َ‬ ‫و َ ف رق‬ ‫ف كتب قيمة‬ ‫مطهرة‬ ‫ي ل صح‬ ‫اّ ِي َ ُو ُوا الْ ِتابَ ِإ ّ ِنْ َعْدِ ما جا َتْ ُمُ ا ْل َ ّ َ ُ )4( أي وما اختلفوا في وقت من الوقات إل من بعد ما جاءتهم الحجة الواضحة الدالة على أن‬ ‫ء ه بينة‬ ‫لم ب‬ ‫لذ ن أ ت ك‬ ‫رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم هو الموعود في كتابهم دللة جلية ، َما ُ ِ ُوا ِ ّ ِ َع ُ ُوا ا َ ُخِْ ِي َ َ ُ ال ّي َ و»الواو« للحال و»اللم« بمعنى‬ ‫و أمر إل لي ْبد ّ م لص ن له د ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬ ‫الباء أي والحال أن هؤلء الكفار ما أمروا في التوراة ، والنجيل إل بأن يعبدوا ا ّ جاعلين عبادتهم خالصة له تعالى ل يريدون رياء ول سمعة ،‬ ‫ل‬ ‫وي ق م ص َي ت ز ة‬ ‫وقرأ عبد ا ّ »إل أن يعبدوا ا ّ« بإبدال »اللم« ب »أن« ُ َفا َ أي مائلين عن جميع العقائد الزائغة إلى السلم ، َ ُ ِي ُوا ال ّلةَ وُؤُْوا ال ّكا َ‬ ‫حن ء‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫َذِ َ ِي ُ الْ َ ّ َ ِ )5( أي وذلك المذكور من عبادة ا ّ بالخلص وإقام الصلة ، وإعطاء الزكاة دين المستقيم و»الهاء« هاهنا قافية السورة ،‬ ‫ل‬ ‫و لك د ن قيمة‬ ‫وقرئ الدين القيمة ِن صاحب الخشية هو العالم بشئون ا ّ تعالى ، فإن الخشية مناط لجميع الكمالت العلمية والعملية المستتبعة للسعادة الدينية‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫والدنيوية.‬ ‫سورة الزلزلة‬ ‫مدنية ، تسع آيات ، خمس وثلثون كلمة ، مائة وتسعة وأربعون حرفا‬ ‫ِذا ُلْزلتِ ا َرْ ُ ِلْزاَها )1( أي إذا تحركت الرض حركة شديدة فانكسر ما عليها من الشجر والجبال والبنيان ، ََخْ َ َتِ ا َر ُ َأثْقاَها )‬ ‫وأ رج لْ ْض ل‬ ‫إ ز َِ لْ ض ز ل‬
  • 6. ‫2( أي أحمالها من الموال ، أو الموات ، ثم إن كان المراد من هذه الزلزلة الزلزلة الولى فالمعنى : أخرجت الرض الكنوز في زمن بعد‬ ‫عيسى ، أو عند النفخة الولى ، فيمتلئ ظهر الرض ذهبا ول يلتفت أحد إليه ، فكأن الذهب يصيح ويقول : إما كنت تخرب دينك ودنياك لجلي ،‬ ‫وإن كان المراد منها الزلزلة الثانية عند النفخة الثانية ، فالمعنى : أخرجت الرض الموتى أحياء كالخروج من الم وقت الولدة ، أو لفظتهم‬ ‫ميتين كما دفنوا ، ثم يحييهم ا ّ تعالى ، وذلك على الخلف بين العلماء ، َقا َ ا ِنْسانُ أي الكافر بطريق التعجب والمؤمن بطريق الستعظام ما‬ ‫و ل لْ‬ ‫ل‬ ‫َها )3( أي أي شيء ثبت للرض تزلزلت بهذه الزلزلة الشديدة ولفظت ما في بطنها َوْ َ ِ ٍ أي يوم إذ كان ما ذكر ، وهو بدل من إذا ُ َ ّ ُ‬ ‫تحدث‬ ‫ي مئذ‬ ‫ل‬ ‫َخْبا َها )4( جواب إذا.‬ ‫أ ر‬ ‫وقرأ ابن مسعود »تنبئ أخبارها« ، وقرأ سعيد بن جبير »تنبي« بسكون النون بأن يجعل ا ّ الرض عاقل ناطقا ، ويعرفها جميع ما عمل أهلها‬ ‫ل‬ ‫فحينئذ تشهد لمن أطاع وعلى من عصى َِ ّ َ ّ َ َوْحى َها )5( و»الباء« إما سببية متعلق ب »تح ّث« أي تحدث الرض أخبارها بسبب أمره‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫بأن ربك أ‬ ‫تعالى إياها بالتحديث بأخبارها ، وإما تعدية ل »تح ّث« فتكون هذه الجملة بدل من »أخبارها« فالمعنى : تحدث الرض بأخبارها بأن ربك أذن‬ ‫د‬ ‫لها في الكلم َوْ َ ِ ٍ منصوب ب »يصدر« أي يوم إذ يقع ما ذكر َصْد ُ ال ّاسُ من قبورهم إلى موقف الحساب َشْتاتاً أي فرقا فرقا فريق يذهب‬ ‫أ‬ ‫ي ُر ن‬ ‫ي مئذ‬ ‫إلى الموقف راكبا مع الثياب الحسنة أبيض الوجه والمنادي بين يديه ينادي هذا ولي ا ّ ، وفريق يذهب إليه حافيا عاريا مع السلسل والغلل‬ ‫ل‬ ‫أسود الوجه والمنادي ينادي بين يديه هذا عدو ا ّ. ِي َوْا َعْماَ ُمْ )6( بضم الياء أي ليريهم ا ّ تعالى أعمالهم مكتوبة في الصحائف وهي توضع‬ ‫ل‬ ‫ل لُر أ له‬ ‫بين أيديهم والمرئي هو الكتاب ، وقرئ »ليروا« بفتح الياء ، وهو مروي عن النبي صّى ا ّ عليه وسّم ، َ َنْ َعْ َلْ ِثْقا َ ذ ّةٍ أي وزن نملة‬ ‫ل فم ي م م ل َر‬ ‫ل ل‬ ‫صغيرة َيْرً َ َ ُ )7( قال أحمد بن‬ ‫خ ا يره‬ ‫كعب القرظي : فمن يعمل مثقال ذرة من خير وهو كافر فإنه يرى ثواب ذلك في الدنيا حتى يلقى الخرة ، وليس له فيها شيء ، ومن يعمل مثقال‬ ‫ذرة من شر من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه ، وماله ، وأهله ، وولده حتى يخرج من الدنيا وليس له عند ا ّ تعالى شر ، وهذا مروي‬ ‫ل‬ ‫عن ابن عباس أيضا ، َ َنْ َعْ َلْ ِثْقا َ َ ّ ٍ أي ميزان أصغر النمل َ ّا َ َ ُ )8( قال ابن عباس : ليس من مؤمن ، ول كافر عمل خيرا ، أو شرا‬ ‫شر يره‬ ‫وم ي م م ل ذرة‬ ‫إل أراه ا ّ إياه ، فأما المؤمن فيغفر ا ّ سيئاته ، ويثيبه بحسناته ، وأما الكافر فترد حسناته ويعذب بسيئاته ، وقوله تعالى : َيْرً و َ ّا منصوبان‬ ‫خ ا شر‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫على التمييز من »مثقال« أو على البدل من »مثقال« ، و»يره« جواب الشرط مجزوم بحذف اللف ، وقرأ ابن عباس ، والحسين بن علي ، وزيد‬ ‫بن علي ، وكذا عاصم في رواية »يره« مبنيا للمفعول ، وقرأ عكرمة »يراه« باللف.‬ ‫سورة والعاديات‬ ‫مكية ، إحدى عشرة آية ، أربعون كلمة ، مائة وثلثة وستون حرفا‬ ‫َالْعا ِياتِ َبْحً )1( أي والخيل الجارية بشدة في الغزو تصوت أنفاسهن من الجري ، والضبح صوت يسمع من صدور الخيل عند شدة‬ ‫و د ض ا‬ ‫الجري ، وليس بصهيل ، ول حمحمة ، بل هو صوت نفس ، وقال علي رضي ا ّ عنه وكرم وجهه : أي وإبل الحاج الجارية من عرفة إلى‬ ‫ل‬ ‫مزدلفة ، ومن مزدلفة إلى منى تمد أعضاءها في سيرها ، و»ضبحا« حال بمعنى اسم الفاعل ، َالْ ُو ِياتِ َدْحاً )2( أي فالخيل التي تطأ الخصي‬ ‫ف م ر ق‬ ‫صاكات بحوافرها ما يخرج النار كنار حباحب وهو رجل من العرب أبخل الناس الذي في العساكر ل يوقد نارا حتى ينام الناس ، ثم يوقدها فإذا‬ ‫انتبه أحد أطفأها لئل ينتفع بها أحد فشبهت هذه النار التي تنقدح من حوافر الخيل بتلك النار التي لم يكن فيها نفع ، أو يقال فالجماعة الذين يركبون‬ ‫البل وهم الحجيج الموقدون نيرانهم بالمزدلفة ، َالْ ُ ِيراتِ ُبْحً )3( أي فالجماعة الذين يركبون الخيل الذين يهجمون على العداء للنهب ، أو‬ ‫ص ا‬ ‫ف مغ‬ ‫للقتل في وقت صبح لير ، وإما يأتون وما يذرون ، أو فالجماعة الذين يندفعون من جمع إلى منى ركبانا بإسراع السير صبيحة يوم النحر ََ َرْنَ‬ ‫فأث‬ ‫ِ ِ َقْعً )4( َ َ َطْنَ ِ ِ َمْعاً )5( أي فهيجن في وقت الصبح ، أو بالجري غبارا ، أو فهيجن في المغار صباحا ، فتوسطن في ذلك الوقت أو‬ ‫فوس به ج‬ ‫به ن ا‬ ‫بالغبار جمعا من جموع العداء.‬ ‫وقرأ أبو حيوة »فأثرن« بالتشديد أي أظهرن بجريهن غبارا وقرئ »فوسطن« بالتشديد أي جعلن جمع العداء في ذلك الوقت ، أو في ذلك المكان‬ ‫، أو بجريهن ، أو بالغبار في الوسط ، أو قطعن جمع العداء نصفين. روي أنه صّى ا ّ عليه وسّم بعث خيل فمضى شهر لم يأته منهم خبر ،‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫فنزلت هذه اليات ، وعن محمد بن كعب قال : النقع ما بين مزدلفة ومنى الجمع مزدلفة ، فالمعنى : فتحركن وقت الصبح أو بالجري في وادي‬ ‫محسر فصرن بجريهن وسط مزدلفة ، أو يكون المعنى : فأظهرن في ذلك الوقت أو في جريهن صباحا بالتلبية فجعلن مزدلفة بجريهن في الوسط‬ ‫ويتأكد حمل اليات على البل ، أو مع خيول الحجاج بما‬ ‫روى أبي في فضل هذه السورة مرفوعا : »من قرأها أعطي من الجر بعدد من بات بالمزدلفة وشهد جمعا«‬ ‫ِ ّ ا ِنْسا َ ِل َ ّ ِ َ َُو ٌ )6( أي إن طبع‬ ‫إن لْ ن ربه لكن د‬ ‫جنس النسان لكفور بنعمة ربه كما قاله ابن عباس وغيره ، وهذا بلسان ربيعة ومضر أو لربه ل ّام فيعد المصائب ، والمحن ، وينسى النعم ،‬ ‫و‬ ‫والراحات كما قاله الحسن ، ويقال : عاص بربه بلسان حضرموت ، ويقال : بخيل بلسان بني مالك بن كنانة ، وقيل : المراد بالنسان الكافر كما‬
  • 7. ‫و نه ع لك‬ ‫قال ابن عباس : إن هذه الية نزلت في قرط بن عبد ا ّ بن عمرو بن نوفل القرشي ، وقيل : في أبي حباحب أي وهما كافران َِإّ ُ َلى ذِ َ‬ ‫ل‬ ‫َ َ ِي ٌ )7( أي وإن الرب تعالى على ذلك الصنع لشهيد حافظ ، وِ ّهُ أي النسان ِ ُ ّ الْ َيْ ِ أي المال َ َ ِي ٌ )8( أي قوي ولطلبه مطيق أو إن‬ ‫لشد د‬ ‫لحب خ ر‬ ‫َ إن‬ ‫لشه د‬ ‫النسان وهو قرط أو أبو حباحب لجل حب المال لبخيل ممسك ، َ َل َعَْ ُ ِذا ُعْ ِ َ ما ِي الْ ُُو ِ )9( أي أفل يعلم النسان قرط ، أو أبو حباحب‬ ‫أف ي لم إ ب ثر ف قب ر‬ ‫في الدنيا أنه تعالى يجازيه إذا أخرج ما في القبور من الموات ، والعامل في »إذا« ما دل عليه قوله تعالى : ِ ّ َ ّ ُمْ ِ ِمْ َوْ َ ِ ٍ َ َ ِي ٌ ومعنى علم‬ ‫إن ربه به ي مئذ لخب ر‬ ‫ا ّ بهم يوم القيامة مجازاته لهم ، وأتى ب »ما« لن غير المكلفين الذين في الرض أكثر ، َ ُ ّ َ ما ِي ال ّ ُو ِ )01( أي بين ما في القلوب‬ ‫وحصل ف صد ر‬ ‫ل‬ ‫من الكفر ، واليمان ، والبخل والسخاوة.‬ ‫وقرئ »حصل« مبنيا للفاعل ومخففا أي ظهر ما في القلوب من السرار الخفية.‬ ‫ِ ّ َ ّ ُمْ أي النسان ِ ِمْ َوْ َ ِ ٍ َ َ ِي ٌ )11( وقوله تعالى : ِ ِمْ ويوْ َ ِ ٍ متعلقان ب »خبير« وجمع الضمير العائد إلى النسان اعتبارا بمعناه لنه‬ ‫به َ مئذ‬ ‫به ي مئذ لخب ر‬ ‫إن ربه‬ ‫اسم جنس أي أفل يعلم النسان أن ربهم عالم بهم يجازيهم في يوم البعث فل حاكم يروج حكمه ، ول عالم تروج فتواه يومئذ إل هو ، وقرأ أبو‬ ‫السمال »أن ربهم بهم يومئذ خبير« بفتح همزة »أن« وإسقاط اللم من »لخبير«.‬ ‫سورة القارعة‬ ‫مكية ، عشر آيات ، ست وثلثون كلمة ، مائة واثنان وخمسون حرفا‬ ‫الْقا ِ َ ُ )1( أي الصيحة التي تقرع القلوب َا الْقا ِ َ ُ )2( أي أي شيء عجيب هي في الفخامة والفظاعة ، َما َدْراكَ َا الْقار َ ُ )3( أي وأي‬ ‫ِعة‬ ‫م‬ ‫و أ‬ ‫م رعة‬ ‫رعة‬ ‫شيء أعلمك يا أشرف الرسل ما شأن القارعة. يوْ َ َ ُو ُ ال ّاسُ و»يوم« مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف وحركته الفتح لضافته إلى الفعل‬ ‫َ م يك ن ن‬ ‫وإن كان مضارعا كما هو رأي الكوفيين أي هي يوم يكون الناس فيه‬ ‫َالْ َرا ِ الْ َبْ ُو ِ )4( أي المفرق فا ّ تعالى شبه الناس في وقت البعث بالفراش المنشور في الكثرة ، والتطاير إلى الداعي لنهم لما بعثوا يموج‬ ‫ل‬ ‫ك ف ش مث ث‬ ‫بعضهم في بعض كالفراش ، وهو الحيوان الذي يتهافت في النار َ َ ُو ُ الْ ِبا ُ َالْ ِهْنِ الْ َنْ ُوشِ )5( أي وتصير الجبال كالصوف الذي ينفش‬ ‫مف‬ ‫وتك ن ج ل ك ع‬ ‫باليد في تفرق أجزائها وتطايرها في الجو ، ََ ّا َنْ َ َُتْ َوا ِي ُ ُ )6( َ ُوَ ِي ِي َ ٍ را ِ َ ٍ )7( أي فمن ترجحت مقادير حسناته ، فهو في‬ ‫فه ف ع شة ضية‬ ‫فأم م ثقل م ز نه‬ ‫عيشة ذات رضا يرضاها صاحبها أي فهو في الجنة بغير حساب أما من استوت حسناته وسيئاته فيحاسب حسابا يسيرا ، ََ ّا َنْ َ ّتْ َوا ِي ُ ُ )‬ ‫وأم م خف م ز نه‬ ‫8( َُ ّهُ ها ِ َ ٌ )9( أي وأما من طاشت حسناته فترجحت السيئات على الحسنات فأم رأسه نازلة في النار أي فيهوى في النار على هامته ، ثم إن‬ ‫فأم وية‬ ‫كان مؤمنا فإما أن يعذب بقدر ذنوبه ، ثم يخرج منها إلى الجنة ، وإما أن يشفع فيه ، وإن كان كافرا فيخلد في النار. َما َدْرا َ ما ِ َهْ )01( أي‬ ‫و أ ك هي‬ ‫وأي شيء أعلمك يا أكرم الرسل ما هاويه والهاء للسكت.‬ ‫وقرأ حمزة في الوصل بغير هاء ووقف بها ، والباقون بإثباتها وصل ووقفا لنها ثابتة في المصحف نا ٌ حا ِ َ ٌ )11( أي هي نار متناهية حرها‬ ‫ر مية‬ ‫فسائر النيران بالنسبة إليها كأنها ليست حارة نعوذ با ّ منها ومن جميع أنواع العذاب.‬ ‫ل‬ ‫سورة التكاثر‬ ‫مكية ، ثمان آيات ، ثمان وعشرون كلمة ، مائة وعشرون حرفا‬ ‫َلْها ُ ُ ال ّكا ُ ُ )1( أي شغلكم التغالب بالمناقب وبكثرة المال وعدد الرجال والتباهي بذلك عن التدبير في أمر القارعة والستعداد لها قبل الموت.‬ ‫أ كم ت ثر‬ ‫روي أن بني عبد مناف وبني سهم تفاخروا بالشراف في السلم ، فقال كل من الفريقين : نحن أكثر منكم سيدا ، وأعز عزيزا ، وأعظم نفرا ،‬ ‫فكثرهم بنو عبد مناف ، فقال بنو سهم : إن البغي أفنانا في الجاهلية ، فعدوا أحياءنا ، وأحياءكم ، وأمواتنا ، وأمواتكم ففعلوا فكثرهم بنو سهم‬ ‫فنزلت فيهم هذه السورة. وروى مطرف بن عبد ا ّ بن الشخير عن أبيه أنه صّى ا ّ عليه وسّم كان يقرأ َلْها ُمُ وقال ابن آدم يقول :‬ ‫أ ك‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬ ‫»مالي مالي وهل لك من مالك إل ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت«.‬ ‫وقرئ »أ ألهاكم« على الستفهام التقريري َ ّى ُرْ ُ ُ الْ َقا ِ َ )2( أي حتى أتاكم الموت‬ ‫حت ز تم م بر‬ ‫فصرتم في المقابر زوارا تسيرون عنها إلى مكان الحساب. يقال لمن مات : قد زار قبره ، وإنما يقال ذلك لنه ل بد له من انتقال عنها إلى منزله‬ ‫من جنة أو نار. َ ّ َوْ َ َعَْ ُو َ )3( أي حقا سوف تعلمون عند الموت حين يقال لكم ل بشرى وفي وقت سؤال القبر ، ُ ّ َ ّ َوْ َ َعَْ ُو َ )‬ ‫ثم كل س ف ت لم ن‬ ‫كل س ف ت لم ن‬ ‫4( عند النشور حين ينادي المنادي فلن شقي شقاوة ل سعادة بعدها أبدا ، وحين يقال وامتازوا اليوم. َ ّ َلوْ َعَْ ُو َ ِلْ َ الْ َ ِي ِ )5( وجواب َوْ‬ ‫ل‬ ‫كل ت لم ن ع م يق ن‬ ‫محذوف أي حقا لو علمتم لي أمر خلقتم لشتغلتم به وما تفاخرتم في الدنيا ، ويقال : إن المعنى لو تعلمون علم الموت وما يلقى النسان معه‬ ‫وبعده في القبر وفي الخرة لم يلهكم التفاخر عن ذكر ا ّ. َل َ َو ّ الْ َ ِيمَ )6( وهذا جواب قسم محذوف أي وا ّ لترون عذاب الجحيم فإنها يراها‬ ‫ل‬ ‫ل تر ُن جح‬ ‫المؤمنون أيضا فكان الوعيد في رؤية عذابها ل في رؤية نفسها.‬
  • 8. ‫وقرأ ابن عامر ، والكسائي بضم التاء أي أنهم يحشرون إلى الجحيم فيرونها ، ُ ّ َ َر ُ ّها َيْ َ ا ْل َ ِي ِ )7( أي ثم لترون نفس الجحيم بعين اليقين‬ ‫ثم لت َون ع ن يق ن‬ ‫فإنهم في المرة الولى رأوا لهبا ل غير ، وفي المرة الثانية رأوا نفس الحفرة وكيفية السقوط فيها وما فيها من الحيوانات المؤذية ، ول شك أن هذه‬ ‫ثم‬ ‫الرؤية أجلى ، والحكمة في النقل من العلم الخفى إلى الجلى ، التقريع على ترك النظر لنهم كانوا يقتصرون على الظن ول يطلبون الزيادة ، ُ ّ‬ ‫َ ُسْ َُ ّ يوْ َ ِ ٍ أي يوم رؤية الجحيم َ ِ ال ّ ِي ِ )8( في الدنيا فسؤال المؤمن سؤال تشريف وتبشير بأن يجمع له بين نعيم الدنيا ونعيم الخرة لنه‬ ‫عن نع م‬ ‫لت ئلن َ مئذ‬ ‫شكر النعم ، وسؤال الكافر توبيخ وتقريع لنه ترك الشكر حيث قابل نعيم الدنيا بالكفر والعصيان ، وروى الحاكم في الحديث : »أل يستطيع‬ ‫أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم« قالوا : ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية قال : »أو ما يستطيع أحدكم أن يقرأ ألهاكم التكاثر«‬ ‫»1«.‬ ‫سورة والعصر‬ ‫مكية ، ثلث آيات ، أربع عشرة كلمة ، ثمانية وستون حرفا‬ ‫َالْ َصْ ِ )1( أي الدهر أقسم ا ّ به لنه مشتمل على العاجيب لنه يحصل فيه السراء ، والضراء ، والصحة ، والسقم ، والغنى ، والفقر ، بل‬ ‫ل‬ ‫و ع ر‬ ‫فيه ما هو أعجب من كل عجيب ، أو هو‬ ‫)1( رواه ابن كثير في البداية والنهاية )6 : 371( ، والبيهقي في دلئل النب ّة )6 : 23(.‬ ‫و‬ ‫العشي أقسم تعالى بالعصر كما أقسم بالضحى ، فإن كل عشية تشبه تخريب الدنيا بالموت وكل بكرة تشبه القيامة يخرجون من القبور وتصير‬ ‫الموات أحياء ، وقال الحسن : إنما أقسم ا ّ بهذا الوقت تنبيها على أن السواق قد دنا وقت انتهائها ، وقرب وقت انتهاء التجارة فيها ، أو هو‬ ‫ل‬ ‫صلة العصر أقسم ا ّ بها لفضلها.‬ ‫ل‬ ‫روي أن امرأة كانت تصيح في سكك المدينة وتقول : دلوني على النبي صّى ا ّ عليه وسّم فرآها رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم فسألها ماذا‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫حدث فيك قالت : يا رسول ا ّ إن زوجي غاب عني فزنيت فجاءني ولد من الزنا ، فألقيت الولد في دن من الخل حتى مات ، ثم بعنا ذلك الخل‬ ‫ل‬ ‫فهل لي من توبة ، فقال صّى ا ّ عليه وسّم :‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫»أما الزنا فعليك الرجم ، وأما قتل الولد فجزاؤه جهنم ، وأما بيع الخل فقد ارتكبت كبيرا ، لكن ظننت أنك تركت صلة العصر«‬ ‫ففي هذا الحديث إشارة إلى تفخيم أمر هذه الصلة.‬ ‫ِ ّ ا ِنْسا َ َل ِي ُسْ ٍ )2( أي لفي غبن في مساعيهم وصرف أعمارهم في مباغيهم أو في نقصان عمله بعد الهرم والموت ِإ ّ اّ ِي َ آ َُوا َ َ ُِوا‬ ‫ل لذ ن من وعمل‬ ‫إن لْ ن ف خ ر‬ ‫ال ّاِحاتِ فإنهم في تجارة لن تبور حيث استبدلوا الباقيات الصالحات بالغاديات الرائحات ، َ َوا َوْا ِالْ َ ّ أي تحاثوا بكل ما حكم الشرع‬ ‫وت ص ب حق‬ ‫صل‬ ‫بصحته من علم وعمل َ َوا َوْا ِال ّبْ ِ )3( أي تحاثوا بالصبر على أداء فرائض ا ّ واجتناب معاصيه وعلى المرازي.‬ ‫ل‬ ‫وت ص ب ص ر‬ ‫سورة الهمزة‬ ‫مكية ، تسع آيات ، أربع وثمانون كلمة ، مائة وإحدى وستون حرفا‬ ‫َي ٌ أي شدة عذاب أو واد في جهنم من قيح ودم ِ ُ ّ ُ َ َ ٍ أي مغتاب للناس من خلفهم ُ َ َ ٍ )1( أي طعان في وجوههم نزلت هذه الية في أخنس‬ ‫لمزة‬ ‫لكل همزة‬ ‫و ْل‬ ‫بن شريق ، فإنه كان يلمز الناس ويغتابهم وخاصة رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم كما قاله عطاء ، والكلبي ، والسدي ، أو في الوليد بن المغيرة‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬ ‫كان يغتاب النبي صّى ا ّ عليه وسّم من ورائه ، ويطعن عليه في وجهه كما قاله مقاتل وجريج ، أو في أبي بن خلف كما قاله عثمان بن عمر أو‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫في أمية بن خلف كما قاله محمد بن إسحاق ، أو في جميل بن فلل كما قاله مجاهد اّ ِي َ َ َ ما ً و َ ّ َهُ )2( أي أحصاه ، وقال الخفش أي‬ ‫لذ جمع ل َعدد‬ ‫جعله ذخيرة لحوادث الدهر. وقال الضحاك أي أعد ماله لمن يرثه من أولده ، وقيل : أي فاخر بكثرة عدد.‬ ‫وقرأ حمزة ، والكسائي ، وابن عامر جمع بتشديد الميم على التكثير ، وقرأ الحسن ، والكلبي و»عدده« بتخفيف الدال وهو معطوف على مال أي‬ ‫ي سب أن له‬ ‫وجمع المال ، وعدد ذلك المال ، أو وجمع عدد نفسه من أقاربه وعشيرته الذين ينصرونه ، وقيل : هو فعل ماض بفك الدغام َحْ َ ُ َ ّ ماَ ُ‬ ‫َخَْ َ ُ )3( أي يظن الكافر أن ماله جعله خالدا في الدنيا ل يموت لطول أمله ولفرط غفلته ، ويعتقد أنه إن نقص ماله يموت لبخله.‬ ‫أ لده‬ ‫قال الحسن : ما رأيت يقينا ل شك فيه أشبه بشك ل يقين فيه كالموت ، وقيل يظن أن المال يخلد صاحبه في الدنيا بالذكر الجميل وفي الخرة في‬ ‫النعيم المقيم ، وهذا تعريض بالعمل الصالح. َ ّ أي ليس المر كما يظن أن المال يخلده ، بل العلم ، والصلح وعلى هذا يجوز الوقف هنا أو‬ ‫كل‬ ‫بمعنى حقا َلُنْ َ َ ّ ِي الْ ُ َ َ ِ )4( أي وا ّ ليطرحن في النار التي تحطم كل من وقع فيها أي تكسره.‬ ‫ل‬ ‫ي بذن ف حطمة‬ ‫وقرئ »لينبذان« بالمثنى أي هو وماله ، وقرئ »لينبذن« بضم الذال أي هو وأنصاره وذلك لن شأنه كسر أعراض الناس فإن الجزاء من جنس‬ ‫العمل ، َما َدْرا َ َا الْ ُ َ َةُ )5( التي هي جزاء الهمزة اللمزة نا ُ ا ِ الْ ُو َ َ ُ )6( أي التي ل تخمد أبدا بقدرته تعالى اّ ِي َ ِّ ُ ََى ا َفْ ِ َ ِ )‬ ‫لت تطلع عل لْ ئدة‬ ‫ر ّ م قدة‬ ‫ل‬ ‫و أ ك م حطم‬
  • 9. ‫7( أي التي تعلو وسائط القلوب ، فإنها محل العقائد الزائغة ومنشأ العمال السيئة ِ ّها عَيْ ِمْ ُؤْ َ َ ٌ )8( أي مطبقة أو مغلقة ِي َ َ ٍ ُ َ ّ َةٍ )9(‬ ‫ف عمد ممدد‬ ‫إن َل ه م صدة‬ ‫أي حال كونهم موثقين في عمد ممددة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص اللهم أجرنا منها يا أكرم الكرمين ، والعمود كل مستطيل من خشب‬ ‫، أو حديد.‬ ‫وقرأ حمزة ، والكسائي ، وشعبة »عمد« بضمتين جمع عمود أو عماد. وروي عن أبي عمر والضم والسكون ، وقرأ الباقون بفتحتين وهو على‬ ‫القراءتين جمع كثرة لعمود.‬ ‫سورة الفيل‬ ‫مكية ، خمس آيات ، ثلث وعشرون كلمة ، ستة وتسعون حرفا‬ ‫ََمْ َ َ أي ألم تخبر يا أشرف الخلق ، أو ألم تعلم علما رصينا باستماع الخبار المتواترة ومعاينة الثار الظاهرة َيْ َ َ َلَ َ ّ َ َِصْحابِ ا ْل ِي ِ )‬ ‫فل‬ ‫ك ف فع ربك بأ‬ ‫أل ت ر‬ ‫1( قال قتادة : إن قائد الجيش اسمه أبرهة الشرم من الحبشة ، فقال سعيد بن جبير : هو أبو الكيشوم ََمْ َجْ َلْ َيْ َ ُمْ ِي َضِْي ٍ )2( والهمزة‬ ‫أل ي ع ك د ه ف ت ل ل‬ ‫للتقرير أي قد جعل ربك كيدهم في تخريب الكعبة في إبطال بأن دمرهم أشنع تدمير ، ََرْ َ َ ََيْ ِمْ طيْرً َبا ِي َ )3( أي طوائف.‬ ‫وأ س ل عل ه َ ا أ ب ل‬ ‫روى ابن سيرين عن ابن عباس قال : كانت تلك الطير طيرا لها خراطيم كخراطيم الفيل ، وأكف كأكف الكلب ، وروى عطاء عنه قال : طير‬ ‫سود جاءت من قبل البحر فوجا فوجا ، وقيل :‬ ‫كانت بلقاء كالخطاطيف كما قالته عائشة ، وقال سعيد بن جبير : كانت طيرا من السماء لم ير قبلها ول بعدها مثلها.‬ ‫وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : سمعت رسول ا ّ صّى ا ّ عليه وسّم يقول :‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬ ‫إنها طير بين السماء والرض تعشش وتفرخ‬ ‫َرْ ِي ِمْ ِ ِجا َ ٍ ِنْ ِ ّي ٍ )4( أي طين متحجر مصنوع للعذاب ، وقيل بحجارة من جهنم فإن سجين اسم من أسماء جهنم ، فأبدلت النون باللم‬ ‫ت م ه بح رة م سج ل‬ ‫َ َ ََ ُمْ َ َصْفٍ َأْ ُو ٍ )5( أي كورق زرع أكلته الدود ، روي أن أبرهة بن الصباح الشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى كنيسة‬ ‫مك ل‬ ‫فجعله كع‬ ‫بصنعاء وسماها القليس ، وأراد أن يصرف ليها الحاج ، فخرج من بني كنانة رجل وتغوط فيها ليل فأغضبه ذلك فحلف ليهدم ّ الكعبة فخرج مع‬ ‫ن‬ ‫جيشه ، ومعه فيل اسمه محمود كان قويا عظيما واثنا عشر فيل غيره فلما بلغ قريبا من مكة وهو المغمس وهو في أرض الحل قريب من عرفة‬ ‫خرج إليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث أموال تهامة ليرجع ، فأبى وعبأ جيشه وقدم الفيل محمودا فكانوا كلما وجهوه إلى جهة الحرم برك ولم‬ ‫يبرح ، وإذا وجهوه إلى غيرها من الجهات هرول ، ثم رجع عبد المطلب وأتى البيت وأخذ بحلقته وهو يقول :‬ ‫ل هم إن المرأ يمنع حله فامنع حللك‬ ‫وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك‬ ‫ل يغلبن صليبهم ومحالهم عدوا محالك‬ ‫إن كنت تاركهم وكعبتنا فأمر ما بدا لك ويقول أيضا :‬ ‫يا رب ل أرجو لهم سواكا يا رب فامنع عنهم حماكا‬ ‫إن عدو البيت من عاداكا امنعهم أن يخربوا قراكا‬ ‫فالتفت وهو يدعو فإذا هو بطير من نحو اليمن ، فقال : وا ّ إنها لطير غريبة ليست بنجدية ول تهامية ، وكان مع كل طائر حجر في منقاره‬ ‫ل‬ ‫وحجران في رجليه أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة فكان الحجر يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره وعلى كل حجر اسم من يقع عليه‬ ‫ففروا فهلكوا ، ودوى أبرهة فتساقطت أنامله وأعضاؤه وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه وانفلت وزيره أبو يكسوم وطائر يحلق فوقه حتى‬ ‫ل ل ل‬ ‫بلغ النجاشي فقص عليه القصة فلما أتمها وقع عليه الحجر وخر ميتا بين يديه ، وهذه القصة وقعت في السنة التي ولد فيها رسول ا ّ صّى ا ّ‬ ‫عليه وسّم.‬ ‫ل‬ ‫سورة قريش‬ ‫مكية ، أربع آيات ، سبع عشرة كلمة ، ثلثة وسبعون حرفا‬ ‫ِيل ِ ُ َيْشٍ )1( واللم إما متعلقة بالسورة التي قبل هذه السورة ، وإما متعلقة بالية التي بعد هذه اللم ، وإما متعلقة بمحذوف فعلى الول ،‬ ‫ِ ف قر‬ ‫ل‬ ‫فإن التقدير فجعلهم كعصف مأكول لحب قريش إلخ أي أهلك ا ّ أصحاب الفيل لتبقى قريش وما قد ألفوا من رحلة الشتاء والصيف.‬ ‫ل‬ ‫روي أن عمر رضي ا ّ عنه قرأ في صلة المغرب في الركعة الولى والتين ، وفي الثانية ألم تر ، وليلف قريش معا من غير فصل بينهما‬ ‫ل‬ ‫ببسم ال الرحمن الرحيم وإن أبي بن كعب جعلهما في مصحفه سورة واحدة ، وعلى الثاني فالتقدير فليعبدوا رب هذا البيت الذي قصده أصحاب‬ ‫ّ‬ ‫الفيل ، ثم إن رب البيت دفعهم عن مقصودهم لجل إيلف قريش ونفعهم أي ليجعلوا عبادتهم شكرا لهذه النعمة ، وعلى الثالث فإن هذه اللم لم‬