Mais conteúdo relacionado Semelhante a عرائس المروج (20) Mais de abdelkrim abdellaoui (20) عرائس المروج 3. الخالدة النار و الجيال رماد
1
توطئة
خريف (في116)الميلد قيل
الشمس مدينة في الحياة رقدت و الليل سكن(*)العظيمة الهياكل حول المنتثرة المنازل في السرج أطفئت و
المنتصبة ّةيالرخام العمدة بياض على أشعته فانسكبت القمر طلع و ،الغار و الزيتون أشجار بين القائمة
على الوعر في الجالسة لبنان بروج نحو ًاإعجاب و ًاتيه وتنظر ، اللهة مذابح الليل هدوء في تخفر كالجبابرة
. البعيدة الروابي جبهات
الكاهن ابن ناثان جاء ، اللنهاية أحلم و النيام أرواح بين الموحدة الهدوء بسحر المملوءة الساعة تلك في
عشتروت هيكل ودخل حيرام(**)فتصاعدت المباخر أوقد و المسارج أنار مرتجفة بيد و ، ًلمشع ًلحام
ثم ، البشري بالقلب المحيط الماني برقع يشابه لطيف بنقاب المعبودة تمثال ووشحت ، اللبان و المر روائح
تستدر الدموع عينيه من و العلء نحو نظر و يديه رفع و الذهب و العاج برقوق ّحفالمص المذبح أمام ركع
العظيمة عشتروت يا رحماك " : ًلقائ صرخ القاسية اللوعة تقطعه الليمة ّاتصالغ تخفضه بصوت و ، الدموع
بمشيئتك...لقد نفسي اختارتها التي حبيبتي عن الموت يد أزيلي و بي ترأفي ، الجمال و ّبالح ّةبر يا رحماك -
اسـمك غير لي يبق لم و ، العرافيـن و ّانهالك تعازيم ضاعت ًلباط و ، مساحيقهم و الطباء أعاصير نبت
شطر أبقي و ، عواطفي ّعجتو و قلبي انسحاق انظري و ، ّعاتيرتض فاستجيبي ، ًامسـاعد و ًاعونـ المقدس
أصرخ العماق هذه من . مجدك خفايا المعلنة الشبيبة بجمال نسعد و ّتكبمح بأسرار لنفرح ، بجانبي ّايح نفسي
الكاهن ابن ناثان عبدك أنا .فاسمعيني بحنانك استجير الليل هذا ظلمة وراء من . ّسةدالمق عشتروت يا إليك
عرائس فحسدتنا رفيقة اتخذتها و الصبايا بين من ّةيصب أحببت قد - مذبحك خدمة على عمره وقف الذي حيرام
و ، ّةيالسحر ّنمغاوره إلى ليقودها المنايا رسول بعثن ثم ، غريبة ّةلع لهاث اللطيف جسدها في نفثن و الجان
مقابضه ّادما ، السوداء بأجنحته عليها ًامخيم ، الجائع كالنمر يزمجر ، مضجعها بقرب رابض الن هو هو
بجمال بعد تفرح لم زهرة أبقيها و فارحميني ، ّللمتذ إليك جئت ذلك أجل من . ضلوعي بين من ليغتالها الخشنة
فنبتهج الموت أظفار بين من أنقذيها . الشبيبة فجر لمجيء ّتهرمس تغريدة يكمل لم ًاطائر و ، الحياة صيف
و القديمة بالخمر مالئين ، مذبحك على الضحايا ناحرين ، اسمك لمجد المحروقات ّميندمق ، مدائحك بأغاني
ّيالذك العود و البخور محرقين ، هيكلك رواق الياسمين و بالورود فارشين ، خزائنك آنية ّبيالمط الزيت
" ّةبالمح و الموت ّةبر فأنت ، الموت تغلب ّةبالمح دعي و المعجزات ّةبر يا ّصينالخ . تمثالك أمام الرائحة
يا أحلمي تضعضعت لقد !"أواه : فقال عاد ثم . ّداهتن تتصاعد و ًادموع تسيل لوعته فيها كانت دقيقة سكت و
و بالرأفة فأحييني ، عيني في الدموع التهبت و داخلي في قلبي مات و حشاشتي ذابت و ّسةدالمق عشتروت
لقد " : الكلمات هذه أذنه في همس و ببطء منه اقترب و عبيده من عبد ذاك إذ دخل و . "! حبيبـــتي لي أبقي
. " إليها لدعوك فجئت بلجاجة نادتك ثم ترك فلم مضجعها حول نظرت و ّدييس يا عينيها فتحت
يدها ًاآخذ سريرها فوق انحنى و العليلة حجرة دخل صرحه بلغ لما و . يتبعه والعبد ًامسرع مشى و ناثان فقام
نحوه ّلتوفح ، حياته من جديدة حياة السقيم جسدها في ينفخ أن يريد كأنه ًامرار شفتيها ّلبمق يديه بين النحيلة
الحياة ّةيبق هي ابتسامة خيال شفتيها على ظهر و ، ًلقلي أجفانها فتحت و ّةيالحرير المساند بين الغارق وجهها
ّمث . الوقوف نحو المتسارع القلب نداء صدى هي – ّعةدالمو نفسها من أشعة آخر هي ، اللطيف جسدها في
4. الموت وجاء ، نفسي عريس يا اللهة نادتني قد " : الجائع الفقيرة طفل أنفاس تشابه صوتها مقاطع و قالت
و ّبالح كأسا و الن ذاهبة أنا . عادلة الموت مطالب و ّسةدمق اللهة مشيئة لن تجزع فل ، عنك ليفصلني
إلى حبيبي يا راحلة أنا . أمامنا منبسطة مازالت الجميلة الحياة مسالك و ، أيدينا في طافحتين برحتا ما الشبيبة
الذين ّينبالمح أرواح الحياة هذه إلى ترجع العظيمة عشتروت ّنل العالم هذا إلى أعود سوف و الرواح مسارح
الشبيبة غبطة و ّبالح ّاتذبمل ّعواـيتمت أن قبل البدية إلى ذهبوا(***)ًامع نشرب و ناثان يا نلتقي سوف .
. "! حبيبي يا اللقاء إلى . الشمس ّةعبأش الحقل عصافير مع ونفرح النرجس كؤوس من الصباح ندى
بلل و حبيبها ّهامفض ، الفجر نسيمات أمام ذابلة أقاح زهرة مثل ترتجفان شفتاها بقيت و صوتها انخفض و
كالثلج ًابارد وجده ثغرها من شفتيه ّبرق ولما ، بالعبرات عنقها،ارتمى و ثوبه ّقزم و ًلهائ ًاصراخ فصرخ
. الموت هاوية و الحياة لجج بين تراوح ّجعةوالمت روحه و الهامدة ّتهاثج على
ملبس ّنتطتب إذ الطفال أرواح ذعرت و الحي نساء جزعت و الراقدين أجفان ارتجفت الليل ذلك هدوء في
. عشتروت كاهن قصر جوانب من متصاعد أليم عويل و ّرم بكاء و موجع بنواح الدجى
. يجدوه فلم مصيبته في يؤاسوه و ّوهزليع ناثان القوم طلب الصباح جاء لما و
. الغزلن أسراب مع البعيدة ّةيالبر في ًاتائه ناثان رأى ّهنأ زعيمها أخبر المشرق من قافلة جاءت ّاميأ بعد و
***
ّيلذ غضوب آلهة مكانها ّلح و البلد عن اللهة بعدت و ، الجيال أعمال ّةيالخف بأقدامها ساحقة الجيال ّترم
يبـست و الجميلة قصورها ّضتووتق الفخمة الشـمس مدينة هياكل ّتـُكدف ، التخريب يبهجها و الهدم لها
المس أشباح للذاكرة يعيد ٍلبا ٍلطل غير البقعة تلك في يبق لم و ، الخصبة حقولها أجدبت و ، النضرة حدائقها
ال تهاليل صدى للنفس يرجع و ، فيؤلمهام. فيحزنها القديم جد
. عواطفه تضعف ل و ، أحلمه تفني ل النسان أعمال تسحق و ّرتم التي الجيال لكن و
عند بالشمس ّهةبمتش آونة وتهجع ًاحين تتوارى وقد ، الخالد ّيلالك الروح ببقاء تبقى العواطف و فالحلم
. الصباح مجيء عند بالقمر و الليل مجيء
2
سنة ربيع (في1890)الناصري يسوع لمجيء
5. الحسيني ّيعل فعاد ، بعلبك سهول عن وشاحها الشمس ّتمل و النور ّلاضمح و النهار توارى***(*)أمام
و الهيجاء ّقتهازم متروك ّيجند أضلع كأنها الساقطة العمدة بين جلس هناك و ، الهيكل خرائب نحو قطيعه
. ّابتهبش بأنغام مستأمنة حوله أغنامه فربضت ، العناصر ّدتهارج
عاقلته ّتلك و اليقظة أشباح من ّيعل أجفان فتعبت ، ظلمته أعماق في الغد بذور السماء وألقت , الليل انتصف
النعاس اقترب و ، زنده على ّكأتفا ، المهدومة الجدران بين مخيفة بسكينة السائرة الخيلة مواكب مرور من
المقتبسة ذاته فنسي ، الهادئة البحيرة وجه اللطيف الضباب يلمس مثلما نقابه ثنايا بأطراف حواسه ولمس
الرؤيا دوائر واتسعت ، تعاليمه و النسان شرائع عن ّعةفالمتر بالحلم المفعمة ّةيالخف ّةيالمعنو بذاته والتقى
ووقفت اللشيء نحو المتسارع الزمن موكب عن نفسه فانفردت ، السرار خفايا له انبسطت و ، عينيه أمام
المجاعة أسباب يعرف كاد أو عرف حياته في مرة ّلول و ، المتسابقة الخواطر و المتناسقة الفكار أمام وحدها
ّهوتأ بين الجامع الظمأ ذلك . مرارتها و الحياة حلوة بين ّدحتو التي المجاعة تلك . شبيبته الملحقة ّةيالروح
في ّةرم ّلول . العمر مجاري تثنيه ل و العالم أمجاد تزيله ل الذي الشوق ذلك . الستكفاء سكينة و الحنين
من البخور بمنزلة الذكرى هي رقيقة عاطفة . الهيكل خرائب أيقظتها غريبة بعاطفة الحسيني ّيعل شعر حياته
جديدة عاطفة . الوتار صفوف على ّيالموسيق أنامل انعكاف حواسه على انعكفت قد ّةيسحر عاطفة . المجامر
بشغف نفسه ملت و ّةيالمعنو ّيتهلك عانقت حتى ّجترتد و نمت و ، شيء ّلك من أو ، اللشيء من انبثقت قد
مفعمة واحدة دقيقة خليا من ّدتلتو عاطفة . بقساوته مستطيب بمرارته مستعذب ّعجتو و بلطفه مدنف
. واحدة نطفة من المم تتناسل مثلما الجيال رسوم تتولد واحدة دقيقة ومن ، بالنعاس
ف ّةيروح بيقظة النعاس ّلدتب وقد المهدوم الهيكل نحو ّيعل نظرظأماكن اتضحت و ّشةدالمخ المذبح بقايا هرت
عينيه إلى النور عاد ضرير مثل و ، قلبه خفق و عيناه فجمدت المتداعية الجدران أسـس و المرتمية العمدة
ّجاتوتم ومن -ّلمويتأ ّركيف -ّلميتأ و ّركيف و يرى فصار فجأةدوائر و التفكرّلتو ّلمالتأدأشباح نفسه في ت
بتمثال محيطة ّةيالفض المباخر و المسارج ّركتذ . عظمة و بفخر منتصبة العمدة تلك ّركتذ – ّركفتذ الذكرى
الصبايا ّركتذ . الذهب و بالعاج مصفح مذبح أمام الضحايا ّمونديق الوقورين ّانهالك ّركتذ . مهابة ٍةمعبود
لبصيرته متضحة الصور هذه رأى و ّركتذ . الجمال و ّبالح ّةبر بمدائح ّميننالمتر الفتيان و الدفوف الضاربات
التي الجسام أشباح غير تعيد ل الذكرى لكن و . أعماقه سواكن ّكرتح غوامضها بتأثيرات وشعر المتكهربة
هذه بين علقة ّةيفأ . آذاننا وعتها التي الصوات صدى إل مسامعنا إلى يرجع ول أعمارنا من غبر فيما نراها
في الغنم من ًاقطيع يرعى عمره ربيع صرف و المضارب بين ولد فتى حياة ماضي و ّةيالسحر التذكارات
ّة؟يالبر
تزيل مثلما ّلتهيمخ عن النسيان أغشية تزيح البعيدة تذكاراته و ّضةوالمتق الحجارة بين مشى و ّيعل قام
يتمسك ًاجاذب الرض في ّنكأ وقف الهيكل صدر بلغ ما إذا حتى . مرآتها ّورلب عن العنكبوت نسيج ّةيالصب
ّقفتتد وعواطفه هدى غير على بجانبه فركع ، الحضيض على ملقى ّمشمه تمثال أمام به إذا و فنظر ، بقدميه
أمواج مثل تتهامل و تتكاثر قلبه نبضات و ، البليغة الكلوم جوانب من الدماء نزيف يتسارع مثلما أحشائه في
بعاد و جارحة بوحدة شعر لنه ًاأليم ًءبكا بكى و بمرارة ّهوتأ و بصره فخشع المنخفضة المتصاعدة البحر
. الحياة هذه إلى مجيئه قبل بقربه كانت ٍةجميل ٍروح و روحه بين فاصل متلف
. ّهردال انقضاء قبيل ذاته عن ال فصلها ّقدةتم شـعلة من شطر غير يكن لم نفسـه جوهر بأن شـعر
. ّةلالمنح دماغـه لفائف حـول و الملتهبة أضلعه بين ترفرف لطيفة أجنحة بحفيف شـعر
يفصل و للنفس النفس مكنونات يبيح الذي ّبالح ذلك ، أنفاسه يمتلك و قلبه يشمل العظيم القوي ّببالح شعر
الذي ّبالح ذلك ، ّيةمالك و المقاييس عالم و العقل بين بتفاعيلهنو الحياة ألسنة تخرس عندما ّمالمتك سمعه
الساعة تلك في هبط قد الله ذلك ، ّبالح ذلك . الشياء ّلك الظلمة تحجب عندما النور كعمود ًامنتصب نراه
بجانب الزهور الشمس تستنبت مثلما ّةرم و حلوة عواطف فيها أيقظ و الحسيني ّيعل نفس على الهادئة
. الشواك
6. ما و ؟ الرميمة الهياكل تلك بين قطيعه مع ٍرابض ًىفت من يريد ماذا و ، أتى أين من و ، ّبالح هذا ما ولكن
مسامع في ّجةوالمتم ّةيالسماو الغنية هذه ما و ؟ الصبايا لواحظ قط ّكهارتح لم كبد في السائلة الخمرة هذه
؟ النساء شدو بعد يطربه لم بدوي
نواة هي هل ؟ ّابتهبشــ و بأغنامه العالم عن المشـغول ّيعل من يريد ماذا و ، أتى أين من و ، ّبالح هذا ما
قد و بالضباب ًامحتجب كان شعاع هو أم ، حواسـه من معرفة غير على قلبه أعشار بين ّةيبدو محاسن ألقتها
الزل منذ كانت حقيقة هي أم ، بعواطفه ليسخر الليل سكينة في سعى ٌمحل هو هل ؟ نفسه خليا لينير الن ظهر
؟ الدهــر آخر إلى ستبقى و
من و داخله في روحه ارتعشت و المستعطف ّلوكالمتس يديه ّدم و بالدموع المغلفة أجفانه ّيعل أغمض
ل بصوت و ، الشوق حرقة و الشكوى ّـلـتذل بين المؤلفة ّعةطالمتق الزفرات انبثقت المتواصلة ارتعاشاتها
: ًلقائ هتف الضعيفة اللفاظ ّاتنر غير ّدهالتن عن ّـزهييم
بعيدة بأزمنة حاضري الموثقة ، بيني و بيني الفاصلة ، ناظري عن البعيدة ، قلبي من القريبة ّــتهايأ أنت من "
الجان مليكة روح أم ، البشر ضعف و الحياة ُطلب لي ّنيلتب الخلود عالم من جاءت ّةيحور أطيف ، ّةيمنس
هذا ما و أنت من ؟ عشيرتي فتيان بين سخرية تجعلني و عاقلتي ّينم لتسترق الرض شقوق من تصاعدت
ما و أنا من و ؟ ًانار و ًانور جوانحي المالئة المشاعر هذه ما و ؟ قلبي على القابض المحيي المميت الفتون
ًاملك فصرت الثير دقائق مع الحياة ماء ْتعّرتج هل ؟ عني غريبة هي و )(أنا أدعوها التي الجديدة الذات هذه
. " ؟ المعقولت حقائق عن فتعاميت بها سكرت وساوس خمر هي أم ، السرار خفايا أسمع و أرى
و الليل يحجبها و تدنيها و النفس تبينها من يا " : فقال روحه تسامت و عواطفه نمت قد و دقيقة سكت و
يقصيها-, أحلمي فضاء في الحائمة الجميلة الروح أيتهابذور مثل نائمة كانت عواطف باطني في أيقظت قد
و ّتزفاهت حواسي لمست و الحقول أنفاس الحامل كالنسيم مررت و ، الثلج أطباق تحت المختبئة الزهور
أجفاني يغمض أن النوم مري أو . ًاثوب المادة من لبسة كنت إن ِكأرا دعيني ! الشجار كأوراق اضطربت
و ّيتيلك الحاجب النقاب هذا ّقيزم . ِكصوت أسمعيني . ِكألمس دعيني . التراب من معتوقة كنت إن بالمنام ِكفأرا
أو سكانها من ِتكن إن العلى المل مسارح إلى ِكوراء فأطير ًاجناح هبيني و ّتييألوه الساتر البناء هذا اهدمي
امتلكيني و قلبي على ّةيالخف ِكيد ضعي . عرائسها من كنت إن الجان مكامن إلى فأتبعك بالسحر عيني لمسي
. " ّباعكـبات ّـايحر كنت إن
و ناظره بين و صدره أعماق في متمايلة نغمة صدى عن المتناسخة كلماته الدجى آذان في يهمس ّيعل كان
صور له ّـلـتتمـثـ الهياكل جدران على و ، السخينة مدامعه من متولدة أبخرة ّهاـكأن الليل أشباح تنسل محيطه
. قزح قوس بألوان ّةيسحر
يرى ّهـكأن الشياء وراء ما إلى ناظر ، قلبه نبضات سامع ، بلوعته مغتبط ، بدموعه فرح هو و ساعة ّترم كذا
نجوم ّـلميتأ ّينب مثل و ، بهواجسه هائل بمحاسنه غريب حلم مكانها ّليح و ببطء ّلتضمح الحياة هذه رسوم
نفسه و ، الهادئة أنفاسه توقف المسرعة تنهيداته و الدقائق مآتي ينتظر صار الوحي هبوط ّباـمترق السماء
. عزيز ضائع عن الخرائب تلك بين تبحث ّهاـكأن إليه تعود ّمث حوله تسبح و تتركه
***
الفضاء ابتسم و ، الثير دقائق بين البنفسجي النور سال و نسيماته لمرور السكينة ارتجفت و الفجر لح
تنتقـل صارت و ، الخرائب جدران شقوق من العصافير فظهرت ، حبيبته طيف الحلم في له لح نائح ابتسامة
و الملتهبة جبهته على يده ًاواضع ّيعل فانتصب ، النهار بمآتي ّـئةـمتنب تتناجى و ّمـتترن و العمدة تلك بين
7. من اقترب ّمث . يراه ما ّلك ًامستغرب ينظر صار ال نفخة عينيه فتحت عندما آدم مثل و ، جامد بطرف حوله نظر
عيناه و قطيعه أمام ّيعل سار . الخضراء المروج نحو بهدوء وراءه مشت و انتفضت و فقامت ناداها و نعاجه
و الوجود غوامض له ّنيتب المحسوسات عن المنصرفة عواطفه و الصافي الفضاء إلى ّقتاندمح الكبيرتان
ما و الجيال من غبر ما تريه و مستتراتهإليه تعيد و ذلك ّلك تنسيه ٍةواحد ٍةبلمح و ، واحدة ٍةبلمح منها بقي
تنسلخ تنهيدة كل مع و ّـدهفيتن ، النور عن العين انحجاب روحه عن ًامنحجب ذاته فيجد ، الحنين و الشوق
. المتقد فؤاده من شعلة
ّهاـكأن المياه إلى المتدلية الصفصاف أغصان تحت ضفته على فجلس الحقول سرائر بخريره المذيع الجدول بلغ
ّرتم لم و . صوفها بياض على ّـعميتلـ الصباح ندى و العشاب ترتعي نعاجه انثنت و ، عذوبتها امتصاص تروم
و ّكرتح الشمس أشعة أجفلته راقد مثل و ، روحه اهتزازات تضاعف و قلبه نبضات بتسارع شعر حتى دقيقة
قد و الغدير نحو مهل على ّمدتتقـ و كتفها على ّةرج تحمل الشجار بين من ظهرت قد ّـةيصب فرأى حوله ّتـتلـف
. العاريتين قدميها ّدىـالـن ّـلـبل
فشهقت علي بعيني عيناها فالتقت المقابلة الحافة نحو التفتت ّتـهارج لتمل انحنت و الجدول حافة بلغت ّـامل و
كانت دقيقة ّترم . . . يعرفه من وجد ضائع شخوص به شخصت و الوراء إلى ًلقلي تراجعت ّمث ّةربالج رمت و
صدى نفسيهما إلى تعيد غريبة ًاأنغام السكينة من مبتدعة قلبيهما إلى قلبيهما تهدي مصابيح مثل ثوانيها
الجدول ذلك عن بعيدة أشباح و بصور ًامحاط المكان ذلك غير في للخر منهما الواحد ّـنيتبـ و ٍةمبهم ٍتتذكارا
ًامصغي ملمحه ًامستلطف فيه ّسريتف و استعطاف نظرة الخر إلى ينظر منهما ّلك فكان ، الشجار تلك و
و التفاهم ّمت ما إذا حتى ، اللسنة من نفسه في ما ّلبك ّـاهيإ ًامناجي ، المسامع من عواطفه في ما ّلبك لتنهداته
ّـلـقب و عانقها و ّـةـالصبي من اقترب و ّـةيخف ٍةبقو ًامجذوب الجدول ّيعل عبر الروحين بين التعارف تكامل
، إرادتها منها انتزعت قد العناق لذة ّنكأ ذراعيه بين ًاحراك ِدتب فلم عينيها ّـلـقب و عنقها ّـلـقب و شفتيها
رأسها ألقت و ، الهواء ّجاتولتم الياسمين أنفاس استسلم فاستسلمت ، قواها منها أخذت قد الملمسة ّـةـورقـ
ثورات تعلن و منقبض فؤاد في انبساط حدوث إلى تشير عميقة تنهدة تنهدت و . راحة وجد ٍبكمتع صدره على
البشر بين المتعارف الكلم يستصغر من نظرة عينيه إلى نظرت و راسها رفعت ّمث ، فأفاقت راقدة كانت جوانح
. اللفاظ من أجساد في ًاروح ّبالح يكون بأن يرضى ل من نظرة – الرواح لغة - السكينة بجانب
لوحي منصت مسمع و ، بتوحيدهما ناطق لسان كليهما ّةيوحدانـ و الصفصاف أشجار بين الحبيبان مشى
تقابلهما و ، الزهور و العشاب رؤوس مرتعية الخراف تتبعهما . السعادة مجد مبصرة عين و ، المحبة
!السحر أغاني ًّـلةـمرت ٍةناحي ّلك من العصافير
ٍةصخر بقرب جلسا ، ًامذهب ًءردا الروابي تلك على ألقت و طلعت قد الشمس كانت و ، الوادي طرف بلغا لما و
ّنكأ بشعرها النسيم تلعب قد و علي عيني سواد في ّةـالصبي نظرت هنيهة بعد و . ّهاـبظل البنفسج يحتمي
في و فقالت ، إرادتها رغم شفتيها و لسانها تداعب ّـةيسحر بأنامل شعرت و ، تقبيلها تروم خفية شفاه النسيم
: جارحة حلوة صوتها
" ! حـبيبي يا الشبيبة مجد و ، ّبالح ملذات نحرم كيل الحياة هذه إلى روحينا عشتروت أعادت قد "
غير ٍةبأجنح شعر و ، نومه في رآه طالما حلم رسوم كلماتها موسيقى استحضرت قد و أجفانه ّيعل فأغمض
ٍةامرأ جثمان عليه ملقى سرير بجانب الشكل ِةغريب ٍةحجر في أوقفته و المكان ذلك من حملته قد ٍةمنظور
ّـةيالصب تلك فوجد أجفانه فتح ّمث المشهد هول من ًاملتاع فصرخ ، شفتيها حرارة و بهاءها الموت أخذ ٍةجميل
و روحه انتعشت و وجهه فأشرق ، الحياة أشعة لحظها في و ّـةبمح ابتسامة شفتيها على و بجانبه جالسة
. . . مآتيه و الماضي نسي و رؤياه أخيلة تضعضعت
و ّلالظ مال أن إلى الخر بذراعي ّـاـملتف منهما ّلك نام و سكرا حتى القبل خمرة من شربا و الحبيبان تعانق
. الشمس حرارة أيقظتهما
8. ______________________
(*))(هليوبوليس الشمس مدينة القدمون دعاها قد و ، الشمس إله بعل مدينة أى بعلبك هي :الشمس مدينة
الباقية الخرائب أما . سوريا في مدينة أجمل كانت أنها على المؤرخون اتفق قد و ، الله هذا لعبادة بنيت لنها
.سوريا فتحهم بعد الرومانيين بناء من فأكثرها هذا يومنا إلى
(**)بعض و ، بعلبك و جبيل و صيدا و صور في عبدوها الفينيقيين قدماء عند عظيمة ربة هي : عشتروت
دعوها و الفينيقيين من عبادتها اليونان اخذ قد و " الشبيبة حارسة و الحياة شعلة موقدة " : قولهم صفاتها
. فينيس يدعونها الرومان و ، الجمال و الحب ربة أفروديت
سحرت فعل إن و الزواج من منعته النس من فتى تعشقت إذا الجنية إن تقول الجاهلية فى العرب كانت
. لبنان قرى بعض فى حية برحت ما الشعرية العتقادات هذه و ، أماتتها أو عروسته
(***)بوذا قال و . " ترجعون إليه ثم يحييكم ثم يميتكم ثم فأحياكم ًاأموات كنتم و " : )(ص السلم نبى قال
. " اللهة مثل كاملين نصير حتى نعود سوف و الن جئنا قد و الحياة هذه فى بالمس كنا " : الهندى
(*)***. هذه أيامنا في بعلبك سهول في الخيام تسكن العرب من قبيلة :الحسينيون
9. البانية مرتا(*)
1
مع يعيش فقير ٍرجا بيت في يتيمة فتركت ، العاشرة بلوغها قبل أمها وماتت ، المهد في وهي والدها مات
.الجميلة لبنان أودية بين المنفردة المزرعة تلك في وثمارها الرض بذور من وصغاره رفيقته
سوى لها تترك ولم أمها وماتت ،والحور الجوز أشجار بين قائم حقير وكوخ اسمه غير يورثها ولم والدها مات
المحتبكة والشجار العالية الصخور تلك بين ،وحيدة مولدها أرض في غريبة ،فباتت التيتم ّلذو السى دموع
المرعى حيث الوادي طرف إلى حلوب بقرة وراء الثوب رثة القدمين عارية صباح كل في تسير وكانت
، المآكل وفرة على البقرة حاسدة ، الجداول مع باكية العصافير مع مترنمة الغصان بظل وتجلس الخصيب
وتجلس الكوخ ذلك نحو ترجع الجوع ويضنيها الشمس تغيب وعندما الفراشات ورفرفة الزهور بنمو متأملة
تفترش ،ثم والزيت بالخل المغموسة والبقول المجففة الثمار من قليل مع الذرة خبز ملتهمة وليها صبية مع
ول الحلم تقطعه ل ًاعميق نوما كلها الحياة كانت لو متمنية متنهدة وتنام بساعديها رأسها مسندة اليابس القش
.وتعنيفه سخطه من خائفة مرتعدة رقادها من فتهب حاجة لقضاء ّهايول ينهرها الفجر مجيء وعند .اليقظة تليه
في وتتولد النصاب بنمو تنمو ،فكانت البعيدة والودية الروابي تلك بين المسكينة مرتا على العوام مرت كذا
مثلما والهواجس الحلم ،وتنتابها الزهرة أعماق في العطر يتولد مثلما منها معرفة غير على العواطف قلبها
ول ًابذور المعرفة بها تلق لم عذراء جيدة تربة تشابه فكرة ذات صبية ،فصارت المياه مجاري القطعان تتناوب
مع الحياة تتقلب حيث المزرعة تلك إلى القدر بحكم ّيةفمن طاهرة كبيرة نفس وذات الختبار أقدام عليها مشت
. والشمس الرض بين جالس معروف غير ّلظ كأنها السنة فصول
المزارع و القرى سكان معيشة عن ًاشيئ نعرف ل نكاد الهلة المدن فى العمر معظم صرفوا الذين نحن
البسيطة الجميلة الحياة تلك فلسفة تناسينا أو نسينا حتى الحديثة المدنية تيار مع سرنا قد ، لبنان فى المنزوية
، الصيف فى مثقلة ، الربيع فى مبتسمة وجدناها تأملناها ما إذا التى الحياة تلك ، نقاوة و ًاطهر المملوءة
ًلما القرويين من أكثر نحن . أدوارها كل فى الطبيعة بأمنا متشبهة ، الشتاء فى مرتاحة ، الخريف فى مستغلة
عبيد نحن . يزرعون ما فيحصدون هم أما ، ًاشيئ نحصد ل و ًاكثير نزرع نحن . ًانفوس منا أشرف هم و
هم و ، الملل و الخوف و اليأس بمرارة ممزوجة الحياة كأس نشرب نحن . قناعتهم أبناء هم و مطامعنا
. صافية يرتشفونها
الوادي بخليا ًاشبيه وقلبها الحقول محاسن تعكس صقيلة مرآة مثل نفسها وصارت عشرة السادسة مرتا بلغت
من المنعتقة العين بقرب جلست الطبيعة بتأوه المملوءة الخريف أيام من يوم ففي ... الصوات كل صدى يرجع
بها الهواء وتلعب ّةرالمصف الشجار أوراق باضطراب تتأمل الشاعر مخيلة من الفكار انعتاق الرض أسر
وأصبحت تشققت حتى قلوبها ويبست ذبلت قد فتراها الزهور نحو تنظر ،ثم البشر بأرواح الموت يتلعب مثلما
.والحروب الثورات أيام والحلي بالجواهر النساء تفعل مثلما بذورها التراب تستودع
حصباء على حوافر وقع سمعت ، الصيف فراق بألم معها ،وتشعر والشجار الزهور إلى تنظر هي وبينما
ترف على وملبسه ملمحه دلت وقد العين من اقترب ،ولما ببطء نحوها يتقدم بفارس وإذا فالتفتت ،الوادي
10. الطريق عن تهت ً:"قدلقائ سألها ثم ،قط رجل من تعودته ما بلطف ّاهايوح جواده ظهر عن ترجل وكياسة
:"لست العين حافة على منتصبة وقفت وقد فأجابت "؟ الفتاة أيتها تهديني أن لك فهل الساحل إلى المؤدية
رقة الحياء أكسبها وقد ظاهر بوجل الكلمات هذه .قالت " يعلم فهو ّييول وأسأل أذهب ولكني سيدي يا أدري
،ل :"ل وقال نظراته وتغيرت الشبيبة خمرة عروقه في سرت وقد الرجل أوقفها بالذهاب همت ،وإذ وجمال
من اختلست ولما . الحراك من تمنعها صوته في قوة بوجود شاعرة مستغربة مكانها في فوقفت . "تذهبي
وينظر لعذوبته يبكيها يكاد سحري بلطف لها ويبتسم معنى له تفقه لم باهتمام يتأملها رأته إليه نظرة الحياء
بافتتان ويتأمل الناعم الكثيف وشعرها الملس وعنقها الجميلين ومعصميها العاريتين قدميها إلى وميل بمودة
و النصراف تريد ل ًلخج مطرقة فكانت هي ،أما ساعديها الطبيعة وقوت بشرتها الشمس لوحت كيف وشغف
. تدركها ل لسباب الكلم على تقوى ل
بحث الحقل من وليها عاد ،ولما ترجع فلم مرتا ،أما الحظيرة إلى وحدها الحلوب البقرة رجعت المساء ذلك في
بين الهواء وتأوهات الكهوف غير تجيبه ول باسمها يناديها ،فكان يجدها ولم الوهاد تلك بين تلك في عنها
رأيتها :ّهارس في تقول وكانت الليل ذلك طوال بسكينة فبكت زوجته وأخبر كوخه إلى ًامكتئب .فرجع الشجار
! وتبكي تبتسم وهي جسدها يمزق كاسر وحش أظافر بين الحلم في مرة
طفلة كانت مذ عرفها قروي شيخ من تخبرته ،وقد الجميلة المزرعة تلك في مرتا حياة عن عرفته ما إجمال هذا
رقيقة ،وذكرى وليها امرأة عيني في قليلة دموع سوى خلفها تاركة غير الماكن تلك من واختفت شبت حتى
.النافذة بلور على طفل لهاث كأنها تضمحل ثم ، الوادي ذلك في الصباح نسيمات مع تسيل مؤثرة
2
سنة خريف جاء1900إلى دخولي ،وقبل لبنان شمال في المدرسية العطلة صرفت أن بعد بيروت إلى فعدت
الشبيبة تعشقها التي الحرية بغبطة متمتعين المدينة في أترابي مع أتجول كامل ًاأسبوع قضيت المدرسة
أمامها مفتوحة القفاص أبواب رأت بعصافير أشبه ،فكنا المدرسة جدران وبين الهل منازل في وتحرمها
و الكتب معميات عذوبته تسترق جميل حلم الشبيبة و ، التغريد وغبطة التنقل لذة من القلب تشبع فصارت
بين العتاب يجمع مثلما المعرفة لذة و الشبيبة أحلم بين الحكماء فيه يجمع يوم يجئ فهل ، قاسية يقظة تجعله
هل ؟ مدرسته الحياة و ، كتابه النسانية و ، آدم ابن معلمة الطبيعة فيه تصبح يوم يجئ هل ؟ المتنافرة القلوب
جمال إدراك هو الرتقاء ذلك و ، الروحى الرتقاء نحو الحثيث بسيرنا نشعر لكننا و ، ندرى ل ؟ اليوم هذا يجئ
. الجمال ذلك بمحبتنا السعادة استدرار و نفوسنا عواطف بواسطة الكائنات
باعة جلبة وأسمع ، المدينة ساحة في المستمر العراك أتأمل المنزل شرفة على جلست وقد يوم عشية ففي
ًاأطمار يرتدي خمس ابن صبي مني ،اقترب والمآكل السلع من لديه ما طيب عن منهم كل ومناداة الشوارع
الليم النكسار و الموروث الذل يخفضه ضعيف وبصوت ، الزهور طاقات عليه ًاطبق منكبيه على ويحمل بالية
:قال
؟ سيدي يا ًازهر أتشتري -
11. قليل المفتوح وفمه ، والفاقة التعاسة بأخيلة المكحولتين عينيه وتأملت ، المصفر الصغير وجهه إلى فنظرت
طبق على المنحنية المهزولة الصغيرة وقامته النحيلتين العاريتين وذراعيه متوجع صدر في عميق جرح كأنه
ًامظهر بلمحة الشياء هذه كل تأملت ، النضرة العشاب بين الذابل الصفر الورد من غصن كأنها الزهور
ولو شفاهنا على وتظهر قلوبنا أعماق من تنشق التي البتسامات تلك ، الدموع من أمر هي بابتسامات شفقتي
شعرت لننى محادثته ابتياع بغيتى و زهوره بعض ابتعت ثم . مآقينا من وانسكبت لتصاعدت وشأنها تركناها
، اليام ملعب على تمثيلها الدائم الفقراء مأساة من فصل على ينطوى ًاصغير ًاقلب المحزنة نظراته وراء من بأن
ًامستغرب ّىإل نظر و استأنس و استأمن لطيفة بكلمات خاطبته لما و . موجعة لنها بمشاهدتها يهتم من قل و
قذرة كأشياء الزقة صبية إلى ًاغالب ينظرون الذين أولئك من الكلم خشن غير يتعود لم الفقراء أترابه مثل لنه
: ًلقائ ذاك إذ سألته و . الدهر بأسهم مكلومة صغيرة كنفوس ليس و ، لها شأن ل
اسمك؟ ما -
: الرض إلى مطرقتان وعيناه فأجاب
! فؤاد اسمي -
؟ أهلك وأين أنت من ابن : قلت
.ّيةنالبا مرتا ابن أنا :قال
والدك؟ وأين : قلت
:فقلت . الوالد معنى يجهل كمن الصغير رأسه فهز
فؤاد؟ يا أمك وأين -
.البيت في مريضة : قال
محزنة غريبة وأشباحا صورا مبتدعة عواطفي وامتصتها الصبي فم من القليلة الكلمات هذه مسامعي تجرعت
.تلك مريضة بيروت في الن هي القروي ذلك من حكايتها سمعت التي المسكينة مرتا أن بلحظة عرفت لني
، والوجاع الفقر مضض تعاني المدينة في اليوم هي الودية أشجار بين مستأمنة بالمس كانت التي الصبية
نهر جرف مع انحدرت قد الجميلة الحقول في البقر ترعى الطبيعة أكف على شبيبتها صرفت التي اليتيمة تلك
. والشقاء التعاسة أظفار بين فريسة وصارت الفاسدة المدينة
أراد ولما . قلبي انسحاق الطاهرة نفسه بعين رأى كأنه ّيإل ينظر والصبي الشياء هذه وأتخيل أفكر كنت
: ًلقائ بيده أمسكت النصراف
. ! أراها أن أريد لني أمك إلى بي سر -
12. . خطواته ًامتبع بالحقيقة كنت إذا ليرى الوراء إلى ينظر كان لخر حين من و ، ًاصامت ًامتعجب أمامي فسار
جرائمهم الشرار يرتكب حيث البالية المنازل تلك ،بين الموت بأنفاس الهواء يختمر حيث القذرة الزقة تلك في
كنت السوداء الفاعي التواء الشمال وإلى اليمين إلى الملتوية المنعطفات تلك وفي ، الظلمة بستائر مختبئين
القوم أجلف بمكايد خبير كان من بها يشعر ل شجاعة قلبة ونقاوة حداثته من صبي وراء وتهيب بخوف أسير
ًابيت الصبي دخل الحي أذيال بلغنا ما إذا حتى ، السلطين تاج درة و سوريا عروس الشرقيون يدعوها مدينة فى
في صرت حتى اقتربت كلما تتسارع قلبي وطرقات خلفه فدخلت . ٍعمتدا جانب غير السنون منه ِقتب لم ًاحقير
حقير وسرير ، الصفراء أشعته بسهام يغالب ضعيف سراج غير الثاث من فيها ليس الهواء رطبة غرفة وسط
من به تحتمي كأنها الحائط نحو وجهها حولت قد نائمة امرأة عليه منطرحة مدقع وفقر مبرح عوز على ّلدي
:"يا ًامنادي منها الصبي اقترب .ولما البشر قلوب من وألين أرق ًاقلب جدرانه بين وجدت كأنها أو العالم مظالم
النفس ألم يلحقه موجع وبصوت ، الرثة اللحف بين ذاك إذ فتحركت نحوي يومئ فرأته إليه التفتت "...! أماه
:قالت المرة والتنهيدات
مشحونة فالزقة عني اذهب ؟ بشهواتك دنسة وتجعلها الخيرة حياتي لتبتاع جئت هل ؟ الرجل أيها تريد ماذا -
أنفاس فضلت غير أبيعه ما لي يبق فلم أنا أما . الثمان بأبخس ونفوسهن أجسادهن يبعنك اللواتي بالنساء
! القبر براحة الموت يشتريها قريب عما ، متقطعة
عواطفي كانت لو ًامتمني وقلت ، التعسة حكايتها مختصر لنها قلبي كلماتها آلمت وقد سريرها من فاقتربت
: الكلم مع تسيل
تلك في ًازمن عشت لبناني .أنا متوجع كإنسان بل جائع كحيوان إليك أجيء لم فأنا مرتا يا مني تخافي ل -
! مرتا يا مني تخافي ل . الرز غابة من القريبة والقرى الودية
العارية القضبان مثل مضجعها على فاهتزت ، معها تتألم نفس أعماق من صادرة بأنها وشعرت كلماتي سمعت
بحلوتها الهائلة الذكرى أمام من ذاتها تستر أن تريد كأنها وجهها على يديها ووضعت ، الشتاء رياح أمام
غائرتين عينين فرأيت المرتجفتين كتفيها بين من وجهها ظهر بالتأوه ممزوجة سكينة بعد و . بجمالها المرة
و ، اليأس ارتعاشات تحركهما يابستين شفتين و ، الغرفة فضاء فى منتصب منظور غير شئ إلى محدقتين
والستعطاف اللتماس يبثه وبصوت ، متقطع عميق بأنين المصحوبة النزع حشرجة فيه تتردد ًاعنق
: قالت واللم الضعف ويسترجعه
، ًاصلح المرذولين على والشفقة ًابر الخطاة على الحسان كان إن عني السماء فلتجزك ًامشفق ًامحسن جئت -
لك يثمر علي وحنانك ، ومذمة عارا يكسبك المكان هذا في وقوفك لن أتيت حيث من تعود أن إليك أطلب ولكني
وجهك ساترا مسرعا وسر ، الخنازير بأقذار المملوءة الغرفة هذه في أحد يراك أن قبل .ارجع ومهانة عيبا
ل و ، عيوبى تمحو ل و ، طهارتي إلي تعيد ل نفسك تمل التي الشفقة .إن الطريق عابرو يعرفك كيل بأثوابك
شفقتك تدع فل ، المظلمة العماق هذه إلى ذنوبى و تعاستى بحكم منفية أنا . قلبى عن القوية الموت يد تزيل
عنها تقصيك و ًادنس تحسبك الجامعة لن ، مني تقترب فل القبور بين الساكن كالبرص أنا . العيوب من تدنيك
على ًاخوف راعيها ينكرها الجرباء النعجة لن ، المقدسة الودية تلك فى اسمى تذكر ل و الن ارجع .فعلت إذا
. ذلك غير تقل ل و البانية مرتا ماتت قد قل ذكرتني وإذا . قطيعه
: متنهدة وقالت بلهفة وقبلتهما الصغيرتين ابنها يدي أخذت ثم
ابن هذا ، الزانية مرتا ابن ،هذا الثم ثمرة هذا :قائلين والحتقار السخرية بعيني ولدي إلى الناس ينظر سوف -
قد أمه أن يدرون ل وجهلء ، يبصرون ل عميان لنهم ذلك من أكثر عنه يقولون .سوف الصدف ابن هذا العار
بين ًايتيم أتركه و أموت سوف . وشقائها بتعاستها حياته عن وكفرت ، ودموعها بأوجاعها طفولته طهرت
13. و ًلخام ًاجبان كان إن تخجله هائلة ذكرى سوى له تاركة غير ، القاسية الحياة هذه فى ًاوحيد الزقة صبيان
و عليه جنى الذى على السماء ساعد ًاقوي ًلرج شب و السماء حفظته فإن ، ًلعاد ًاشجاع كان إن دمه تهيج
! الراحة و النور حيث هناك قدومه مترقبة وجدنى السنين شبكة من تملص و مات إن و ، أمه على
بين الحياة وضعتك وإن دنسة ِت،ولس القبور بين ِتسكن وان مرتا يا كالبرص ِتلس ": ّيإل يوحي وقلبي فقلت
هذه وما ، الحية البذور تميت ل المتراكمة والثلوج ، النقية النفس تلمس ل الجسد أدران .إن الدنسين أيدي
خارج المتروكة للسنابل ويل ولكن غلتها تعطي أن قبل النفوس أغمار عليه تدرس أحزان بيدر سوى الحياة
مرتا يا مظلومة ِتأن .الحقل رب أهراء تدخل ،فل تلتقطها السماء وطيور يحملها الرض نمل لن البيدر
يكون أن للنسان خير و ، َقرةتمح و مظلومة أنت . الصغيرة والنفس الكثير المال ذو القصور ابن هو وظالمك
ًاساحق ًاقوي يكون أن من الترابية الغريزة ضعف شهيد يكون أن به أخلق و ، ًاظالم يكون أن من ًامظلوم
سلسلة من مفروطة ذهبية حلقة هى مرتا يا النفس . العواطف محاسن بميوله ًامشوه ، الحياة زهور بمقابضه
ذهبها تحيل ل لكنها ، استدارتها جمال تمحو و صورتها تغير و الحلقة هذه الحامية النار تصهر فقد ، اللوهية
و الرياح تهب ثم ًارماد تجعله و تلتهمه و النار تأتى إذ للهشيم ويل لكن و ، ًالمعان تزيده بل ، أخرى مادة إلى
الهياكل في المختبيء الحيوان أقدام تحت مسحوقة زهرة أنت ، .. مرتا إي .. الصحراء وجه على تذريه
اليتامى وصراخ الرامل نواح مع المتصاعد عطرك ِفتخ لم لكنها بقسوة النعال تلك داستك .قد البشرية
ًاقدم ولست مسحوقة زهرة بكونك مرتا يا تعزي . والرحمة العدل مصدر السماء نحو الفقراء وتنهيدات
"! ساحقة
ثم . الغيوم خليا اللطيفة المغرب أشعة تنير مثلما المصفر وجهها التعزية أنارت وقد مصغية هى و أتكلم كنت
من ملمح . الحزينة نفسها مخبآت عن المتكلمة ملمحها ًلمسائ ففعلت ، السرير بجانب أجلس أن ّيإل أومأت
امرأة ملمح . البالى فراشها حول الموت أقدام بوقع شعرت قد العمر ربيع فى صبية ملمح . مائت أنه عرف
من النعتاق تترقب مهزولة اليوم فصارت ، قوة و حياة مملوءة الجميلة لبنان أودية بين بالمس كانت متروكة
مع تتصاعد ونفسها معها تتكلم ودموعها قالت و قواها فضلت جمعت مؤثرة سكينة بعد و . الحياة قيود
: أنفاسها
على جالسة .كنت القدام تحت مسحوقة زهرة أنا ، النسان في المختبيء الحيوان شهيدة أنا ، مظلومة أنا نعم
، يتركني فل أحبني قد وإنه جميلة إني لي وقال ورقة بلطف خاطبني قد .. ًاراكب مر عندما الينبوع ذلك حافة
صدره إلى وضمني ّيلع ألوي ثم ... آوى وبنات الطيور مساكن هي الودية و وحشة مملوءة البرية وإن
بي وجاء جواده ظهر على .أردفني متروكة يتيمة كنت لني القبلة طعم الساعة تلك حتى أذق لم وكنت ، وقبلني
كل فعل ... الطيبة والمشارب اللذيذة والمآكل الزكية والعطور الحريرية بالملبس أتى ثم . منفرد جميل بيت إلى
أشبع أن بعد و ... المستحبة والشارات اللطيف بالكلم مرامه وحيوانية ميوله بشاعة ًاوساتر مبتسما ذلك
ونمت كبدي من تغذت ملتهبة حية شعلة أحشائي في ًاتارك غادرني نفسي بالذل وأثقل جسدي من شهواته
: شطرين إلى حياتى قسمت هكذا و ... العويل ومرارة الوجاع دخان بين من الظلمة هذه إلى خرجت ثم بسرعة
البيت ذلك في . الواسع الفضاء إلى الرجوع ًاطالب الليل هدوء فى يصرخ صغير شطر و ، متألم ضعيف شطر
ول ، والنحيب البكاء غير لنا معين ل ، والوحدة والبرد الجوع مضض نقاسي ورضيعي الظلوم تركني المنفرد
... والهواجس الخوف سوى سمير
وإعطاء بالمال العرض ابتياع يبتغي وكل الخر بعد الواحد فجاء وضعفي بعوزي وعرفوا بمكاني رفاقه وعلم
لى تكن لم لنها أفلتها ثم ، للبدية لتقديمها بيدي روحي على قبضت كم آه ..... الجسد شرف لقاء الخبز
و ... الهاوية هذه أعماق فى ألقتنى و الحياة هذه إلى عنها السماء أبعدته الذى ولدى كان بها فشريكى ، وحدى
! الناعم لمضجعه ليقودني هجرانه بعد جاء قد الموت وعريسي دنت قد الساعة هي ها الن
: بهدوء وقالت المنية بظل المحجوبتين عينيها رفعت ، المتطايرة الرواح مس تشابه عميقة سكينة وبعد
14. قلبي ونداء المودعة نفسي عويل السامع أنت أنت ، المخيفة الصور هذه وراء الكامن ، ّىالخف العدل أيها -
! روحى بيسراك ّملتس و ، ولدي بيمناك َعار و فارحمني ، أتضرع وإليك أطلب وحدك منك ، المتهامل
يكاد بصوت و ببطء عينيها ّلتيم ثم ، وحنو حزن نظرة ابنها إلى ونظرت ، تنهداتها وضعفت قواها وخارت
فى كما مشيئتك لتكن ... ملكوتك ِتليأ ... اسمك ليتقدس ... السموات فى الذى أبانا " : قالت سكينة يكون
. " ذنوبنا لنا اغفر .. الرض على كذلك السماء
وتأوهت اختلجت .ثم جسدها في حركة كل همدت وبوقوفهما هنيهة متحركتين شفتاها ،وبقيت صوتها وانقطع
.يرى ل ما إلى محدقتين عيناها .وظلت روحها وفاضت وجهها وابيض
***
حقل في ُفنتدو فقيرين كتفي على وحملت ، خشبي تابوت في البانية مارتا جثة ُضعتو الفجر جاء عندما
حيث الجبانة في عظامها ترتاح أن يقبلوا ولم بقاياها على الصلة الكهان رفض وقد . المدينة عن بعيد مهجور
قد الحياة هذه مصائب كانت آخر وفتى ابنها غير البعيدة الحفرة تلك إلى يشيعها القبور.ولم يخفر الصليب
.الشفقة علمته
_______________________
(*). لبنان شمال فى جميلة قرية هى و بان إلى نسبة
15. المجنون يوحنا
1
، كتفيه على محراثه ًلحام ، عجوله و ثيرانه ًاسائق الحقل إلى صباح كل يسير يوحنا كان الصيف أيام فى
بين المتراكضة الساقية من يقترب كان الظهيرة عند و ، الغصان أوراق حفيف و الشحارير لتغاريد ًامصغي
المساء فى و . للعصافير الخبز من بقى ما العشاب على ًاتارك زاده يأكل و الخضراء المروج تلك منخفضات
فى المزارع و القرى على المشرف الحقير البيت إلى يعود كان ، الفضاء من النور دقائق المغرب ينتزع عندما
بدنو ًاشاعر اليام بأخبار المملوءة لحاديثهما ًامصغي الشيخين والديه مع بسكينة يجلس و ، لبنان شمال
. ًامع الراحة و النعاس
تتابع بكيفية ًامفكر ، العناصر ندب و الرياح تأوه ًاسامع ، النار بقرب ًامستدفئ يتكئ كان الشتاء أيام فى و
كأنها الوراق من العارية الشجار و ، بالثلوج المكتسية الودية نحو الصغيرة الكوة من ًاناظر ، الفصول
. الشديدة الرياح و القارس البرد أظفار بين ًاخارج ُركواـت الفقراء من جماعة
و ، الجديد العهد بكتاب يأتى و الخشبية الخزانة يفتح ثم والده ينام حتى ًاساهر يبقى كان الطويلة الليالى فى و
عن منعه الذى النائم والده نحو الخرى و الونة بين بتحذر ًامتلفت ، ضعيفة مسرجة نور على ًاسر منه يقرأ
نعم " من يحرمونهم و يسوع تعاليم خفايا استطلع عن القلب بسطاء ينهون الكهنة لن الكتاب ذلك تلوة
. فعلوا إذا " الكنيسة
كان . الروح و بالنور المفعم يسوع كتاب و العجائب و بالمحاسن المملوء الحقل بين شبيبته يوحنا صرف هكذا
ًاناظر ًاصامت يجالسهم و الفتيان بأترابه يلتقى و ، بكلمة يجيب ل و والديه لحاديث يصغى التأملت كثير ًاسكوت
يسمعها التى التعاليم لن ، ًامكتئب عاد الكنيسة إلى ذهب ما إذا و . السماء بازرقاق الشفق يلتقى حيث البعيد إلى
الحياة غير هى رؤسائهم مع المؤمنين حياة و ، النجيل فى يقرأها التى غير هى المذابح و المنابر على من
. الناصرى يسوع عنها تكلم التى الجميلة
***
جداول تسير و تذوب الجبال أعالى فى بقاياها أصبحت و ، المروج و الحقول فى الثلوج اضمحلت و الربيع جاء
و اللوز أشجار فأزهرت ، الطبيعة يقظة عن بهديرها تتكلم غزيرة ًاأنهر تجتمع و ، الودية منعطفات فى جداول
الحياة من يوحنا فتعب ، أزاهرها و أعشابها الروابى أنبتت و ، الصفصاف و الحور قضبان أورقت و ، التفاح
مخازن لن ، الخضراء المراعى إلى اشتاقت و ، المرابض ضيق ملت قد عجوله أن عرف و ، المواقد بجانب