استلهاما من روح ثورتنا التونسية، التي فجَّرها شعبنا العظيم ومثّل الشباب المتوثب عمادها الشامخ، لتفتح
للأمل آفاقا في الانتقال إلى رحاب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، يؤسس حزب البناء الوطني
منهاجه وبرامجه، ويسعى الى تحقيق أهدافها السامية وقيمها النبيلة.
1. 4102 1
البيان التأسيسي
استلهاما من روح ثورتنا التونسية، التي فجَّرها شعبنا العظيم ومثّل الشباب المتوثب عمادها الشامخ، لتفتح
للأمل آفاقا في الانتقال إلى رحاب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، يؤسس حزب البناء الوطني
منهاجه وبرامجه، ويسعى الى تحقيق أهدافها السامية وقيمها النبيلة.
لقد دشنت ثورة الحرية والكرامة مسارا تحوّليا في بنية النظام السياسي التونسي وأسقطت رأس الاستبداد
والفساد إلا أن المخاطر مازالت تحدق بأهدافها وبما يمكن ان تكون قد حققته من مكاسب، اذ استمر الصراع بين
الفرقاء السياسيين والإيديولوجيين على مواقع وسياقات انحرفت عن استحقاقات الثورة و تضاعف الضغط الإقليمي و
الدولي للتأثير على التجربة الناشئة في غياب رؤية استراتيجية لاستكمال مسار الانتقال الديمقراطي .
ان مطالب الثورة التونسية قد تشكلت في عناوين رئيسية هي الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، فأسّست
لمسارات سياسية جديدة تمثل الاستجابة لمطالبها الثلاث التالية شرط نجاحها:
• إسقاط منظومة الاستبداد والفساد.
• بناء نظام سياسي وطني تتحقق فيه قيم الحرية والعدالة والكرامة.
• تحقيق العدالة الاجتماعية والتشغيل والتنمية الشاملة والتوزيع العادل للثروة والتوازن الجهوي.
يأتي تأسيس حزب البناء الوطني باعتباره حزبا ذا توجهات اجتماعية، ليستجيب لحاجة بلادنا ولتطلع
التونسيين الى بلورة مشروع جامع يرتكز على الثوابت الوطنية، يخرج بتونس من الصعوبات التي تواجهها حاليا
ويضعها على طريق البناء الوطني الصلب.
إن تحديات الواقع التونسي الراهن وتطلعات أبناء هذه الثورة المباركة تفرض علينا العمل على الأهداف التالية :
استكمال بناء الدولة التونسيّة الوطنية الحديثة وتفعيل مؤسساتها وتوطيد حضورها القوي وهيبتها
وتكريس علوية القانون فيها واستقلال إرادتها السياسية. فلا ديمقراطية دون دولة عادلة منصفة وقويّة،
ودون حكم رشيد.
2. 4102 2
العمل على تحقيق أهداف ثورة الحرية والكرامة واستكمال مسارها في القطع مع المنظومة السابقة وانجاح
الانتقال الديمقراطي بتمشيات واضحة ومؤسسات تحفظ الحقوق والحريات وتضمن السيادة الوطنية والتداول
السلمي على السلطة وتحقق التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية.
تثبيت المشتركات الوطنية وإعادة تجميع التونسيين حول رؤية مجتمعية تمثل حلقة ربط بين تاريخ طويل
من تشكل السّمت الوطني للشخصية التونسية الأصيلة وتطلعات اجيال متتالية لاستيفاء شروط البناء الوطني
متمثلا في التقدم التكنولوجي والازدهار الاقتصادي والرقي الاجتماعي والقيمي.
النهوض بالمجتمع التونسي بما يحقق له كرامة العي وضمان حقوقه الانسانية والاجتماعية وتثبيت حق
كل مواطن في التعليم والصحة والشغل والبيئة السليمة وجودة الحياة والتوزيع العادل للثروة والعدالة
الاجتماعية والتوازن الجهوي وضمان حقوق الأجيال القادمة وفق منوال تنموي يستجيب لكل هذه الرهانات.
بناء استراتيجية وطنية للتنمية الشاملة قوامها التكامل المغاربي الاقتصادي والثقافي بما يحقق للتونسيين
الرّفاه والنمو لمختلف مجتمعات المغرب الكبير، وأن يكون ذلك منطلقا للانفتاح على دوائر التكامل الأخرى
العربية والإسلامية والإفريقية، واعتبار البحر المتوسط فضاء حيويا وموردا مهما من موارد التنمية.
وانطلاقا من هذه الاهداف تتشكل مبادئ حزب البناء الوطني في مختلف المجالات على النحو التالي:
في المحور السياسي: يؤمن حزب البناء الوطني :
- بقيم الجمهورية واحترام إرادة الشعب واستقلالية السلطات والفصل بينها، بما يجعل من نظام الحكم وسيلة
لتحقيق المشروع الوطني الجامع و الحفاظ عليه و تكريس وحدة الوطن وسيادته.
- بقيم الديمقراطية والحكم الرشيد ومجتمع قوامه الحريات الأساسية واحترام حقوق الانسان والتنافس النزيه
والتداول السلمي على السلطة عبر انتخابات نزيهة وشفافة في ظل منظومة قانونية عادلة تضمن المساواة
بين الجميع.
- باللامركزية الإدارية وقوامها إرساء قواعد ديمقراطية عادلة في انتخاب المجالس الجهوية والهيئات المحلية.
- بالتكامل المغـاربي باعتباره مطلبا للشعـوب المغاربية، لما لها من روابط تاريخية ولما يحققه من مكاسب
كبيرة لكافة شعوبه، وبضرورة التفاعل الايجابي مع المحيط العربي والإسلامي والمتوسطي والإفريقي.
3. 4102 3
بالعمل على دعم السلم العالمي و احترام القانون الدولي و ما ينص عليه من قيم و مبادئ تكرس الرقي -
الانساني و تدعم الحوار بين الثقافات و التعاون بين الشعوب.
- بالانتصار للقضايا العادلة في العالم ومساندة ارادة الشعوب في تقرير مصيرها وعلى رأسها القضية
الفلسطينية.
في المحور الاقتصادي: ما انفك الاقتصاد التونسي يواجه ازمات متتالية منذ تجربة التعاضد ومرورا بسياسات الانفتاح
الاقتصادي فإعادة الهيكلة واخيرا دخول طور اقتصاد الفساد، كل ذلك لم يخلف الا اقتصادا هشا عاجزا عن جلب التنمية
التي تستجيب لتطلعات التونسيين في بلوغ مصاف الدول المتقدمة وفي القدرة على التأقلم مع الهزات المالية
والاقتصادية الدولية. لذلك ننطلق في وضع بدائلنا الاقتصادية من التأكيد على ضرورة:
صياغة تصور تنموي يعتمد اقتصاد السوق الاجتماعي وتشجيع المبادرة الفردية، ويخضع لتفاعل العرض والطلب بما لا -
يتنافى مع المصلحة العامة ومبدأ تكافؤ الفرص وبما يضمن دعم الفئات ذات الحاجة.
تفعيل دور الدولة المنظم للحياة الاقتصادية والضامن للحقوق الاجتماعية مع وجوب الحفاظ على دور فعال في -
إدارة القطاعات الاقتصادية الحساسة.
اعتماد سياسة تشجع البحث العلمي وتسعى لامتلاك التكنولوجيات الحديثة وتعتني بأصحاب براءات الاختراع -
وتشجع الكفاءات العلمية بما يحقق الثورة الاقتصادية التونسية.
تحقيق التنمية الشاملة عبر حسن استثمار الموارد الذاتية والخبرات الوطنية وجلب الاستثمارات الأجنبية وتوفير -
بيئة الاستثمار المناسبة ودعم رأس المال الوطني ليقوم بواجبه التنموي في ضوء الشفافية التامة واحترام دولة
القانون.
دعم التنمية في مختلف جهات البلاد ووضع نظام أولويّة تنمويّة عادل، لتمكين الجهات المهمشة من تأهيل -
بنيتها التحتيّة وتدارك تخلفها الاقتصادي والاجتماعي.
ـ التأكيد على حق التونسيين في بيئة سليمة بما يستوجب حوكمة بيئية ناجعة.
ـ المحافظة على الثروة المائية وتطوير اساليب استعمالها والتركيز على الطاقات المتجددة .
4. 4102 4
في المحور الاجتماعي : مثلما يؤمن حزب البناء الوطني بان مجتمعا لا ينتج حاجاته الاساسية ولا تتوفر فيه اسباب
الحياة الكريمة هو مجتمع فاقد لمقومات السيادة الوطنية، وان وعينا أيضا بالارتباط الوثيق بين العدالة الاجتماعية
والتنمية الشاملة وبالحاجة الى استحضار مطالب ثورة الحرية والكرامة في أبعادها الاجتماعية يجعلنا نؤكد على ما
يلي :
ـ الايمان بالعدالة الاجتماعيّة، في شمولية أبعادها، والعمل على تكريسها واقعا معيشا اعتمادا على منظومة
مندمجة تضمن التوزيع العادل للثروة الوطنيّة بما يحقق العي الكريم ويحافظ على السلم الاجتماعي ويرتقي
بالإنتاجية.
العمل على ترسيخ سياسة اجتماعيّة عادلة ومتوازنة تؤمّن تنمية وطنيّة وجهويّة ومحلية تستجيب -
لحاجيات كل التونسيين
اقرار سياسة تعليمية وتكوينيّة، وظيفية، تواكب المستجدّات العلمية وتستجيب لاحتياجات سوق الشغل. -
اعتماد سياسة تشغيليّة ترتقي بقيمة العمل وتؤمّن تكافؤ الفرص في النفاذ إلى سوق الشغل والعدالة في -
المعاملة على قاعدة الكفاءة.
وضع سياسات صحّية تحافظ على المكاسب المحققة وتعززها في تناغم مع منطق التوازن الجهوي وضمان -
الصحّة للجميع.
ارساء سياسة اجتماعية توفر السكن اللائق لكل أسرة وترسخ القيم الفاضلة التي تحفظها من التفكك وتصون -
الن ء من الانحراف، و تدعيم دور الأسرة الفعّال في الحفاظ على تماسك المجتمع وروح التكافل داخله.
ـ تمكين الشباب من المشاركة الفعلية والفاعلة في صناعة القرار السياسي ومهمة البناء الوطني.
توفير مناخ الثقة الاجتماعية والتوازن بين السياسات العامة بما يجعل من الدولة خادمة للمجتمع لا وصية عليه. -
تعزيز الشعور بالأمن لدى المواطن التونسي بإصلاح المنظومة الامنية وتفعيلها في اطار قيم الجمهورية وحيادية المرفق -
العام.
ـ تأمين حقوق ذوي الاحتياجات الخصوصية وتوفير الفرص المتكافئة لهم في التعليم والشغل والخدمات العامة.
ـ رعاية حقوق المهاجرين التونسيين في هجرتهم و عند عودتهم وتثمين دورهم في التنمية الاقتصادية
والرقي الاجتماعي.
5. 4102 5
في المحور الثقافي : انطلاقا من الوعي العميق بوحدة التونسيين واعتبارا للرابط القوي بين بناء المجتمع وازدهاره
وتنميته وبين موقع الثقافة ضمنه وكونها مقياسا للرقي الفكري والاجتماعي وموجها نحو الابداع فان حزب البناء
الوطني يؤكد على :
الاعتزاز بالهوية العربية الإسلامية لبلادنا والانفتاح الايجابي على الثقافات الاخرى ايمانا بانه لا وجود -
لتعابير ثقافية خالصة ونقية.
تبني سياسات تثمّن التراث الوطني وتشجّع على الإبداع في مختلف المجالات الثقافية والفنية وتنمي القيم -
الجمالية كأحد مقومات الشخصية التونسية.
وضع خيارات تربويّة وثقافية تعمل على بناء الشخصيّة التونسية التي تعتز بالثقافة الوطنية والانتماء -
الحضاري للفضاء العربي والاسلامي وتنفتح على التجارب الانسانية الاخرى.
ان شعبنا اذ انجز ثورة حررته من الاستبداد والقهر والوصاية على ارادته فهو يتطلع الى تشكّل خطاب سياسي
يبلور رؤية حيوية للمشروع الوطني الاجتماعي القادر على توحيد المجتمع واحتضان طاقاته بما يحقق التنمية
الشاملة والتوزيع العادل للثروة الوطنية ويقضي على الفقر والخصاصة ويدفع بالمواطنين الى الثقة في المستقبل.
لقد تأسس حزب البناء الوطني ليساهم بفعالية في تعبئة امكاناتنا الوطنية البشرية منها والاستراتيجية بما يحقق
النمو والرفاه والحرية والعدالة لكل التونسيين بمختلف فئاتهم وفي كل الجهات.
لذلك فحزب البناء الوطني اذ يتقدم للشعب التونسي بهذا البيان التأسيسي يضع نفسه في خدمة تونس
ويأمل ان يمثل اضافة سياسية نوعية بالدفع نحو التوافق على المبادئ والمصالح الوطنية العليا وتوسيع دائرة
المشتركات على قاعدة مطالب الثورة واهدافها واعلاء مبادئ المواطنة وقيم الجمهورية بما يجسم المشروع الوطني
الجامع الذي يطمح حزبنا الى ان يشكل رافدا اساسيا من روافده .