سورية بين خيارات ومصالح القوى السياسية والاجتماعية واحتمالات التغيير
هل الجامعة العربيّة قادرة على إنقاذ سورية؟
1. (معهد الدوحة)
www.dohainstitute.org
تقدير موقف
هل الجامعة العربية ة على إنقاذ سوريا؟
قادر
وحدة تحليل السياسات في المركز العربي لألبحاث ود اسة السياسات
ر
3. املحتوى
هل الجامعة العربية ة على إنقاذ سوريا؟ .....................................
قادر
موقف الجامعة ......................................................................... 2
البعد القانوني لق ار الجامعة العربية المتعلق بتعليق العضوية ............................ 4
ر
قر ات الجامعة في وضعها اإلقليمي ..................................................... 5
ار
الجامعة وموقف النظام الس ي ......................................................... 7
ور
السيناريو األول: االستجابة وتحقيق التغيير الديمق اطي .................................. 7
ر
ة تكتيكيا من قبل النظام ........................ 8
السيناريو الثاني: الرفض واستم ار المناور
ر
السيناريو الثالث: ة المعارضة على الحسم باالستفادة من الضغوط ..................... 9
قدر
ي .............................................10ة والتدخل العسكر
السيناريو ابع: العسكر
الر
4. تقدير موقف املركز العربي لألبحاث و دراسة السياسات
ي لتوقيعيأتي ق ار جامعة الدول العربية في الرباط (16/66/6611) بإعطاء مهلة ثالثة أيام للنظام السور
ر
بروتوكول خاص بحماية المدنيين حتى يتسنى إرسال بعثة الم اقبين العرب إلى سورية، في أعقاب ق ار آخر
ر ر
ال يقل أهمية (16/66/6611) يتصل بتجميد مشاركة الوفود السورية في الجامعة إلى حين امتثال النظام
للمطالب المستعجلة التي هي: إيقاف القمع والقتل في التعامل مع المتظاهرين.
والحقيقة أن القررين يمثالن بحد ذاتهما خطوة مهمة في العمل العربي المشترك، الذي لم يكن قادر على
ا ا
التعامل مع األزمة السورية بطريقة مجدية. وهناك عدة أسباب حالت دون أن تحدث الجامعة تأثير فوريا،
ا
منها أن هياكل الجامعة ال تحتوي آلية إلدا ة األزمات المحلية. فقد عالجت الجامعة العربية الحروب ، وكانت
ر
لها مساهماتها في هذا المجال. وعلى غم من أنها أثارت من النقد واالعت اض على الصعيدين الشعبي
ر الر
واإلعالمي أكثر مما أثارت من التأييد، فينبغي االعت اف أنها سجلت في كثير من األحيان مواقف مشرفة إلى
ر
جانب الحق العربي. واألزمات المحلية التي عالجتها الجامعة عبر تاريخها من ع الحرب األهلية في لبنان
نو
مثال، كانت تتعدى "المحلية"، ومن ثم، فقد لعبت الجامعة ها كمؤسسة دبلوماسية عربية عريقة، الحتواء
دور
هذا الن ع من الن اعات اتقاء لتدويلها. وعلى غم من أن ء ال يمكن أن يقارن بين ما ي في سورية
يجر المر الر ز و
اليوم وما ى في لبنان في السبعينيات من القرن الماضي، فإن هناك مخاوف معقولة تماما من احتمال
جر
ي وانفجار المجتمع بمكوناته المختلفة وعدم قد ة النخبة على لملمة أط افه واتساع الرقع
ر ر توسع الن اع السور
ز
على الرقع. وبسبب أهمية سورية اإلست اتيجية، وكونها من دول المواجهة مع إس ائيل، وكون أ اضيها
ر ر ر ا
(الج الن) ال ت ال محتلة إلى هذا الوقت من قبل إس ائيل وبدعم من ال اليات المتحدة، ينبغي أخذ جميع هذه
و ر ز و
األبعاد في الحساب في أي تحليل للوضع.
سبق أن خطت الجامعة العربية خطوات شبيهة تجاه مصر بعد توقيع اتفاق كامب ديفيد، كما خطت خطوات
أكثر خطو ة ضد النظام في ليبيا. وهو أمر يتجاوز صالحياتها وأع افها. ولكن علينا أن نذكر أنه في كافة
ر ر
الحاالت التي اتخذت فيها هذه المؤسسة الضعيفة سياسيا خطة كهذه، كان ذلك بتأثير قوي من أي العام
الر
العربي، يصح ذلك في حالة توقيع مصر معاهدة سالم مع إس ائيل ويصح ذلك أيضا في حالتي ليبيا
ر
وسورية. ومع أنه ليس في يدي الجامعة آليات حقيقية غم كونها كيانا معنويا، فال يجوز أن ننسى أهمية
ور
عية الدولية لألنظمة. هذا طبعا في حالة وجود إ ادة
ر الق ار العربي معنويا للشعوب، وأيضا في تقويض الشر
ر
1
5. هل الجامعة العربية قادرة على إنقاذ سوريا؟ املركز العربي لألبحاث و دراسة السياسات
دولية تبحث عن مبرر. وفي حالة مصر في عهد كامب ديفيد كان الموقف الدولي معاكسا وداعما للنظام
ي ضد الق ار العربي طبعا.
ر المصر
موقف الجامعة
ينبني موقف الجامعة العربية على مسألة مبدئية ( بالنسبة إلى بعض الدول العربية وأمانة الجامعة على
األقل)، وهي: عدم إعطاء القوى األجنبية فرصة للتدخل في سورية، ألن تدخالتها عادة ما ال تكون هة
منز
ها أن سورية كدولة – وليس كنظام –
عن المطامع. ويتأسس هذا الموقف كذلك على خلفية تضع في اعتبار
هي ء ال يتجز من الوطن العربي يعاني إلى حد اليوم من احتالل ء من أ اضيه بالقوة من طرف
ر جز أ جز
ي اليوم خصوصا فرصةإس ائيل. وبالنسبة إلى إس ائيل وال اليات المتحدة، يعني سياق تغيير النظام السور
و ر ر
هم باالتجاه "المطلوب" أسهل من هم. والجامعة العربية
غير التعامل مع أشخاص قد يكون التحكم فيهم وتسيير
تعي تماما أن هان على تغيير النظام في سورية يتجاوز اإلطار المحلي والمطلب الديمق اطي الشعبي (وهو
ر الر
مطلب ال خالف على مشروعيته) إلى تغيير األساس ربما الذي يقوم عليه النظام اإلقليمي برمته. وتدرك
الجامعة أيضا أن ال اليات المتحدة واس ائيل قادرتان على ركوب "موجة" المطالب الشعبية واستغالل الموقف
ر و
يبتقديم "المعونة" والدعم لمن يحتاجها. لذلك سعى الوز اء العرب إلى تجنب األسوأ، فتعاطوا مع النظام السور
ر
بطريقة ال تغلق الباب أمامه ال تفتحه أمام التدخل الخارجي كما يتصورون. وقد كانت معالجة الجامعة
و
لألزمة السورية تدريجية. ولكن سورية تعاملت مع المباد ة العربية كأنها مؤام ة تمهد للتدخل األجنبي كما في
ر ر
حالة ليبيا، وهي في تعاملها هذا عملت على إفشال المباد ة فبدا وكأنها تتواطأ مع "المؤام ة"، إذا صح
ر ر
وجودها، وتقرب التدخل األجنبي.
تأثر الموقف العربي تجاه الثو ة السورية في األشهر األولى من انطالقاتها بمجموعة من المحددات الخاصة
ر
بتوجهات كل دولة، لذلك لم يالحظ تنسيق عربي مشترك. بما في ذلك الزيا ة التي قام بها األمين العام
ر
للجامعة نبيل العربي في 16 تموز/ أيلول 6611 حيث طالب الرئيس بشار األسد بإيقاف الحل األمني
لمواجهة االحتجاجات والبدء في إصالحات سياسية شاملة. ونتيجة للتعاطي السلبي مع جهود األمانة العامة،
2
6. هل الجامعة العربية قادرة على إنقاذ سوريا؟ املركز العربي لألبحاث و دراسة السياسات
بدأت مجموعة من المواقف العربية المتقدمة تظهر والتي كان لها أثر في تبني الجامعة لق ار تعليق العضوية
ر
، و ها:
أبرز
دعوات األمانة العامة في 7 آب / أغسطس 6611 من أجل بدء مرحلة اإلصالحات السياسية
وايقاف القتل تجنبا ألي تدخالت أجنبية في سورية.
ي بوقف القتل، وسحب عدد من الدول الخليجية سف اءها من
ر مطالبة السعودية وقطر النظام السور
دمشق إضافة إلى تونس.
ي للنهج رسالة مجلس التعاون الخليجي في 66 أيلول/ سبتمبر التي تطالب النظام بالوقف الفور
القمعي الذي سلكه.
اجتماع وز اء الخارجية العرب بتاريخ 16 أيلول/ سبتمبر 6611، واإلعالن عن المباد ة العربية
ر ر
األولى التي تضمنت سحب الجيش من المدن ووقف العنف واج اء حوار مع المعارضة السورية.
ر
ئ لوز اء الخارجية العرب بتاريخ 16 تشرين األول/ أكتوبر 6611 واعطاء دمشق
ر االجتماع الطار
مهلة 16 يوما لتنفيذ بنود المباد ة العربية. ومن ثم تشكيل لجنة وزرية عربية برئاسة قطر ارت
ز ا ر
دمشق، وقبول دمشق المباد ة العربية بعد االجتماع الذي عقد للجنة الوزرية مع وزير الخا جية
ر ا ر
ي في الدوحة في 61 تشرين األول/ أكتوبر 6611.السور
قرر مجلس جامعة الدول العربية خالل االجتماع االستثنائي لمجلس وز اء الخارجية العرب بتاريخ
ر َّ
16 تشرين الثاني/ نوفمبر 6611 تجميد مشاركة جميع الوفود السورية في المجالس والهيئات التابعة
للجامعة اعتبار من 16 نوفمبر/تشرين الثاني 6611 ، ودعا الدول العربية إلى سحب سف ائها من
ر ا
دمشق، وفرض عقوبات سياسية واقتصادية على الحكومة السورية. وقد اتخذ الق ار بموافقة 16 دولة
ر
في حين اعترضت دولتان هما لبنان واليمن وامتنع الع اق عن التصويت.
ر
في اجتماع وز اء خارجية الدول العربية في الرباط يوم 16/66/6611، تقرر إرسال بعثة م اقبة إلى
ر ر
سورية، ومنحت حكومتها مهلة ثالثة أيام لتوقيع بروتوكول خاص بحماية المدنيين ووقف العنف،
والموافقة على إرسال بعثة الم اقبين العرب المكونة من 11 إلى 11 مرقبا عسكريا وفنيا، قبل البدء
ا ر
في بحث فرض عقوبات اقتصادية.
3
7. هل الجامعة العربية قادرة على إنقاذ سوريا؟ املركز العربي لألبحاث و دراسة السياسات
ولم يكن من الغريب أن تثير القر ات األخي ة إشكاالت قانونية.
ر ار
البعد القانوني لق ار الجامعة العربية المتعلق بتعليق العضوية
ر
شكل ق ار الجامعة العربية تطور هاما في مسار الثو ة السورية، لجهة تبني موقف عربي وبأغلبية كبي ة
ر ر ا ر
ي.للتعاطي مع تطو ات الملف السور
ر
ي في الجامعة العربية يوسف أحمد الق ار العربي بأنه ق ار "غير قانوني" ومخالف
ر ر وقد وصف المندوب السور
لميثاق الجامعة ونظامها الداخلي، من قبيل أن هذا التحرك، الذي عارضه مندوبان في االجتماع الوز ي
ار
للجامعة في القاه ة، ال يجوز اتخاذه إال باإلجماع في قمة عماء العرب.
للز ر
يشار إلى أن ميثاق جامعة الدول العربية ال يحتوي على إج اء محدد تحت مسمى (تعليق أو تجميد
ر
العضوية)، لكنه نص على الطرد أو الفصل في المادة 16 منه، التي تقول إن " لمجلس الجامعة أن يعتبر
أي دولة ال تقوم بواجبات هذا الميثاق منفصلة عن الجامعة، وذلك بق ار يصد ه بإجماع الدول عدا الدولة
ر ر
المشار إليها". وبالتالي، فإن ق ار الجامعة األخير كان قرر سياسيا ال يخالف بندا واضحا في نظام الجامعة
اا ر
ال يرتكز إلى بند واضح.
و
وعلى غم من عدم احتواء ميثاق الجامعة العربية لبند صريح تجاه إج اء مماثل إال أن العمل العربي عرف
ر الر
أنواعا متعددة من إج اءات التعليق والتجميد في حالة وجود أي عام عربي جارف يطالب بذلك ويجعل
ر ر
ع أعضائها. فقد تم تعليق عضوية مصر عام 1716، إثر زيا ة الرئيس
ر الجامعة ترتقي ككيان فوق مجمو
ال احل أنور السادات إلى إس ائيل وتوقيع معاهدة السالم معها. كما جمدت الجامعة عضوية الع اق عام
ر ر ر
1116 عند احتالله للكويت. لكن اإلج اء األبرز في مسار عمل الجامعة العربية تمثل في تجميد عضوية
ر
ليبيا خالل ثو ة 76 فب اير وا الة التجميد عقب انتصار الثو ة واالعت اف بالمجلس الوطني الليبي االنتقالي
ر ر ز ر ر
ممثال عيا ووحيدا للشعب الليبي.
شر
وبالتالي، فإن ق ار الجامعة تجاه سورية ال ينضوي تحت إطار الفصل أو التجميد، و إنما هو ق ار شرطي
ر ر
بحرمان الوفود السورية حق المشاركة في هيئات الجامعة حتى تنفيذ بنود المباد ة العربية التي وافقت عليها
ر
4
8. هل الجامعة العربية قادرة على إنقاذ سوريا؟ املركز العربي لألبحاث و دراسة السياسات
الحكومة السورية. فالق ار لم يحاك حتى اآلن التجربة الليبية بتجميد العضوية واحالة الملف إلى مجلس
ر
األمن. وعلى غم من أن ق ار يوم 16/66 أثار إمكانية اللجوء إلى األمم المتحدة ( وليس مجلس األمن)
ر الر
في حالة عدم استجابة الحكومة السورية للمطالب، فإن الق ار التالي (16/66) عاد وأعطى النظام فرصة
ر
ى للت اجع وتطبيق ما طلب منه، ودون ذلك سيعرض نفسه لعقوبات اقتصادية وسياسية.
أخر ر
قر ات الجامعة في وضعها اإلقليمي
ار
ي بأن سوريةجاءت قر ات الجامعة العربية كأول موقف عربي جماعي رسمي يناقض روايات النظام السور
ار
تجابه مؤام ة دولية ى وأن عملياته ماهي إال عمليات أمنية ضد مسلحين وليست لقمع ثو ة شعبية. فمن
ر كبر ر
ي و تصرفاته من حيث المبدأ، ال تصدق روايته
و الناحية العملية ال شك أن المباد ة العربية تدين النظام السور
ر
لألحداث.
وتشكل المباد ة، من جهة ى، موقفا عربيا جديا تبنته األغلبية ولم يسبق له مثيل تجاه السلطة السورية.
أخر ر
ها حتى في حال تعليق عضوية
ومع ذلك، فمصر قالت إنها لن تغلق سفارتها في دمشق ولن تسحب سفير
سورية في الجامعة، انطالقا من اعتقادها بضرو ة اإلبقاء على جسر للتواصل حتى في أحلك الظروف.
ر
وتعتقد مصر أن دور الوساطة في هذه الحال يعود إليها، من حيث أنها الدولة المضيفة للجامعة العربية.
ورفض لبنان الق ار الداعي إلى تعليق العضوية لحرصه على "حماية االستق ار الداخلي والسلم األهلي"
ر ر
بحسب تصريح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وليس من الواضح ما إذا كان المقصود بذلك هو المجتمع
ي أم المجتمع اللبناني المنقسم أيضا حول األزمة في سورية. لكن من المالحظ أن حزب اهلل في لبنانالسور
ي على سورية أو إي ان".
ر قد وضع آلته العسكرية في أعلى درجات االستنفار "لمواجهة تهديد أي هجوم عسكر
ولم يعارض الع اق ولم يؤيد العتقاد وزير خارجيته أن بالده التي تمر بوضع دقيق أيضا ستتأثر بأي موقف
ر
يتخذه من األزمة في سورية.
ي مختلفا عن الموقف التركي.ومن ناحية الجي ان غير العرب، نجد موقف إي ان الحليف القديم للنظام السور
ر ر
ي للسوريين"فطه ان متضايقة إلى أبعد حد مما ي في سورية، ال ت ال تكرر أنه "ينبغي ترك الشأن السور
و ز يجر ر
5
9. هل الجامعة العربية قادرة على إنقاذ سوريا؟ املركز العربي لألبحاث و دراسة السياسات
وأنها ترفض التدخل األجنبي. وتتهم طه ان ال اليات المتحدة وبلدانا غربية ى بمساندة المعارضة السورية
أخر ر و
يبتقديم األسلحة إليها، وهو اتهام وجهته أيضا دمشق لواشنطن وحلفائها. أما تركيا، فقد هاجمت النظام السور
متهمة األسد بأنه "عديم المصداقية لعدم الت امه بتطبيق االتفاقية التي أبرمها مع الجامعة العربية بشأن وقف
ز
أعمال العنف والقتل ضد المتظاهرين." و قد وجهت تحذير شديد اللهجة إلى تركيا وقال وزير جيتها داود
خار ا
ي سيدفع غاليا جدا ثمن ما فعل".أوغلو في افتتاح المنتدى العربي التركي: " إن النظام السور
وعلى غم من أن هم إس ائيل األساسي اآلن هو إي ان فال شك أنها تربط بين األزمة في سورية والوضع في
ر ر الر
ي يلهيه عن تقديم المعونة في حال فكرت إس ائيل في القيام
ر إي ان. والبعض يرون أن إضعاف النظام السور
ر
ي لحزب اهلل في لبنان،بضربة ضد إي ان. إضافة إلى ذلك، ستكون إس ائيل أكثر ارتياحا بتوقف الدعم السور
ر ر
وأكثر ارتياحا إذا خلت سورية من جميع الفصائل الفلسطينية الملتزمة بخط متشدد في المقاومة، وأكثر ارتياحا
– وسرور – إذا فشلت الجامعة العربية في احتواء األزمة ومعالجتها كقضية عربية داخلية وأفضى ذلك إلى
ا
فتح باب المجهول مع التدويل والعسك ة.
ر
تتمخض عن هذه المعطيات جملة من النتائج يمكن تلخيصها كما يلي:
عزل النظام في الدائ ة الجيوسياسية العربية وتضييق الخناق عليه، إضافة إلى تحفيز الضغوط
ر
اإلقليمية والدولية، خاصة بعد المواقف التركية شديدة اللهجة واإلج اءات التي أعلنتها اقتصاديا
ر
بالت اجع عن مشاريع التنقيب عن النفط في سورية، ود اسة إمكانية قطع إمدادات الكهرباء التي تزود
ر ر
بها سورية، إضافة إلى توسيع قائمة العقوبات ضد شخصيات في الحكومة السورية من قبل االتحاد
األوروبي.
فتح المجال إلنشاء آلية لتطبيق قر ات الجامعة بضرو ة وقف العنف مع وجود تهديد بإحالة الملف
ر ار
ي إلى المؤسسات الدولية.السور
ي عن عملياته القمعية والعسكرية. إبقاء باب التفاوض مفتوحا في حال ت اجع النظام السور
ر
6
10. هل الجامعة العربية قادرة على إنقاذ سوريا؟ املركز العربي لألبحاث و دراسة السياسات
الجامعة وموقف النظام الس ي
ور
ي من ق ار الجامعة العربية باالرتباك بداية من خالل رفض السفير يوسف أحمد
ر اتسم موقف النظام السور
الق ار واعتبا ه ناجما عن مؤام ة عربية موجهة من أط اف دولية ضد سورية. ومن الواضح أن حكومة دمشق
ر ر ر ر
أدركت تماما أن ق ار الجامعة هو مقدمة لتفاعالت إقليمية ودولية تفتح الباب لسلسلة من التدابير ضدها أقلها
ر
ي يحسم األمر نهائيا. وتمثل ردها في مناو ة تكتيكية لاللتفاف على الق ار
ر ر زيادة عزلتها، وأقصاها تدخل عسكر
من خالل التظاهر بالقبول به واعالن غبة في تنفيذ بنود المباد ة العربية ودعوة الجامعة إلى إرسال م اقبين
ر ر الر
عرب لزيا ة سورية وطلب عقد قمة طارئة لحل األزمة السورية في اإلطار العربي. وفي الوقت ذاته استمر
ر
النظام في ممارسة "دور الضحية" ومحاولة إغ اق الجامعة بالتفاصيل بغية حث بعض الدول العربية على
ر
الت اجع عن الق ار.
ر ر
ي في ز عة موقف الجامعة، خاصة بعد رفض دول مجلس التعاون
عز لم ينجح التكتيك الرسمي السور
ي بعقد قمة عربية طارئة وانعقاد المؤتمر الوز ي في الرباط بمشاركة تركيا حيث صعد
ار الخليجي الطلب السور
ي.وزير الخارجية التركية أحمد دواد أوغلو من لهجة الخطاب ضد النظام السور
وعلى أساس ما تقدم، ى أن الوضع في سورية يمكن أن يتطور حسب عدة سيناريوهات ممكنة:
نر
السيناريو األول: االستجابة وتحقيق التغيير الديمق اطي
ر
نتيجة جدية الموقف العربي وتماسكه والتنسيق مع تركيا وازدياد الضغوط الدولية قد تستجيب دمشق
لضغوطات الجامعة العربية وتعمل على اإلس اع في تطبيق المباد ة العربية، ى مرجحو هذا السيناريو
وير ر ر
خطوات حسن نوايا بدأت فيها كإطالق س اح 1166 معتقال والسماح لفريق م اقبة عربي ودولي بالدخول إلى
ر ر
األ اضي السورية لتفقد األوضاع على األرض. وبالتالي، قد تبادر إلى سحب اآلليات العسكرية والمظاهر
ر
المسلحة من المدن والسماح بالتظاهر السلمي ووقف العنف ضد المحتجين واعالن االستعداد للدخول في
حوار مع مكونات المعارضة السورية وفق اآللية التي اقترحتها المباد ة العربية، بما يسمح بالوصول إلى
ر
7
11. هل الجامعة العربية قادرة على إنقاذ سوريا؟ املركز العربي لألبحاث و دراسة السياسات
جي واالن الق في اتجاهات
ز تسوية تاريخية بين النظام والمعارضة السورية تجنب سورية مخاطر التدخل الخار
عية تنطوي على حوادث طائفية بدأت تظهر مؤخ ا.
ر فر
وعلى غم من نجاعة هذا السيناريو في حال تم، إال أنه يبدو غير واقعي، واحتماالته تبدو ضعيفة بالنظر
الر
ي، فهو من جهة يقدم عبر وزير الخارجية وليد المعلم رسائلإلى اللغة المزدوجة التي ينتهجها النظام السور
ي وقوات األمن ضدي إلنهاء األزمة، إال أن عمليات الجيش السوروتطمينات بشأن سعي النظام السور
ة وبوتي ة تكون أكثر عنفا ودموية أحيانا. إضافة إلى رفض ء كبير من المشاركين
جز ر المدنيين ال ت ال مستمر
ز
في األعمال االحتجاجية أي صيغة توفيقية تقوم على الحوار مع النظام وتسمح باستمر ه خاصة في ظل
ار
ي على تنحي الرئيس بشار األسد عن السلطةتوافر شبه إجماع ما بين المعارضة التقليدية والح اك الثور
ر
كشرط للدخول في مسار تفاوضي حول المرحلة االنتقالية. وبالتالي، فإن هذا السيناريو تواجهه العديد من
العقبات التي تمنع حصوله. وفي المقابل رفضت السلطة الحاكمة أي إصالحات جذرية قبل أن يرفع شعار
إسقاط النظام ألنها تخشى أن يقود أي إصالح إلى فتح الباب إلقصائها عن الحكم.
ة تكتيكيا من قبل النظام
السيناريو الثاني: الرفض واستم ار المناور
ر
وهو سيناريو واقعي إلى حد كبير نتيجة امتناع الحكومة السورية حتى اآلن عن االستجابة للمباد ة العربية أو
ر
تنفيذ قر ات الجامعة، والتمسك بروايتها بأن السياسة القمعية التي تنتهجها موجهة ضد المتمردين المسلحين
ار
الذين ينفذون عمليات مسلحة ضد الجيش وقوى األمن، وبالتالي، تستمر بنفس المنهج معتمدة على الغطاء
يالروسي بعد أن رفضت موسكو قر ات الجامعة العربية، ال ي ال يشكل عقبة أمام إدانة دولية للنظام السور
و ز ار
في مجلس األمن، إضافة إلى امتالك هامش مناو ة المتصاص العزلة المفروضة عبر البوابة اللبنانية
ر
والع اقية حيث رفضت بغداد عمليا ق ار الجامعة، إضافة إلى الدعم اإلي اني.
ر ر ر
وبالتالي، فإن استم ار الوضع في سورية وفق هذا السيناريو سيفاقم األزمة بشكل كبير ويغلق منافذ الحل،
ر
ي نتيجة السياسات القمعية إلى ح اك
ر األمر الذي يحمل معه تداعيات خطي ة ستؤثر في انتقال الح اك الثور
ر ر
مسلح، بدأت تظهر بواد ه، ويت افق مع حالة استقطاب طائفي تشهده مناطق عديدة في سورية بين تكوينات
ر ر
8
12. هل الجامعة العربية قادرة على إنقاذ سوريا؟ املركز العربي لألبحاث و دراسة السياسات
ي خاصة في ظل غبة
ر ي. وهذا ما سيشكل الخطر األكبر على المجتمع السورعديدة في المجتمع السور
النظام في الدفع باتجاه هذا السيناريو على اعتبار أن تعاطيه مع األزمة الي ال يعتمد على فهم يعود إلى
ز
ثمانينيات القرن المنصرم إبان المواجهة بين حركة اإلخوان المسلمين والنظام في سورية. إنه خطر االقتتال
األهلي الذي ى بعض مظاه ه في حمص ومنطقة إدلب وترفض بعض أوساط المعارضة االعت اف
ر ر نر
بوجوده، ألنها ال ى وجود قوى اجتماعية داعمة للنظام. والشحن الطائفي موجود ال تتم إدانته بشكل قاطع
و تر
وواضح، بل يتم االكتفاء بإنكار وجوده بتعابير عامة.
السيناريو الثالث: ة المعارضة على الحسم باالستفادة من الضغوط
قدر
ي تعنتا أكبر في االستجابة للمطالبات العربية واإلقليميةويتجلى هذا السيناريو في أن يبدي النظام السور
والدولية بوقف استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين. وبالتالي، يمكن زيادة الضغوط والعقوبات
العربية واإلقليمية والدولية عليه. ويستطيع الح اك الشعبي والمعارضة التقليدية التي استطاعت كسب معركة
ر
الوقت في ص اعها مع النظام حتى اآلن الحسم لصالحها باالستفادة من التآكل في بنية النظام وضعف
ر
تماسكه، خاصة مع الوهن الحاصل في القوات العسكرية المنتش ة في غالبية المناطق السورية، وبداية
ر
انفضاض عقد التحالف بينه وبين دائ ة رجال األعمال القريبين منه نتيجة تردي األوضاع االقتصادية وحالة
ر
الركود االقتصادي التي تمخضت عن األزمة وتأثير العقوبات التي بدأت تظهر بشكل جلي من خالل ازدياد
تهريب األموال من سورية وتوطن العديد من رؤوس األموال ج البلد. يضاف إلى كل هذا زيادة ملحوظة
خار
ي وتمكن المنشقين من تشكيل فصائل تواجه الجيش من خاللفي عدد عمليات االنشقاق في الجيش السور
حرب عصابات مدعومة من قبل الوسط الشعبي، ما يزيد من جسامة األض ار التي يتعرض لها النظام يوميا،
ر
وبالتالي، نصل إلى وضع يتفكك فيه التحالف السياسي األمني االقتصادي ويكون بداية لتفكك النظام ما قد
ي حاليا.يدفع بعض أط افه وأركانه إلى السير النقالب على حالة االستعصاء والشلل التي تحكم الواقع السور
ر
ولكن انهيار نظام ال يعني قيام نظام ديمق اطي. فهذا السيناريو أيضا محاط بمجموعة كبي ة من المخاطر
ر ر
والعقبات ها، عدم قد ة المعارضة السورية حتى اليوم على إنتاج رؤية سياسية موحدة تتجاوز خالفاتها
ر أبرز
ة من
وتتعالى فيها على منطق التخوين واإلقصاء وتستطيع من خاللها بعث رسائل تطمينات لش ائح كبير
ر
9
13. هل الجامعة العربية قادرة على إنقاذ سوريا؟ املركز العربي لألبحاث و دراسة السياسات
المجتمع الس ي ال ت ال مترددة. وعلينا أن نذكر أن ءا من هذه المعارضة رفض المباد ة العربية وعول
ر جز ز ور
على التدخل الدولي، وتخلى عن هذا الخيار عندما فهم من الدول الغربية ذاتها أن هذا الخيار غير وارد.
ي ى احتماالت حرب أهلية ى مخاطر النموذج الع اقي، وتخشى من
ر وتر وهنالك ش ائح من المجتمع السور تر
ر
ي الخارجي الذي ترفضه الغالبية الصامتة من المجتمعانفتاح قسم من المعارضة على فك ة التدخل العسكر
ر
ي نتيجة مالمسة تداعياته في الع اق القريب. وتضاف لهذه العقبات المخاطر التي ستنجم عن انقسام
ر السور
ي وتفككه وعدم قدرته على أداء دور مستقبلي من المحتمل أن يناط به بصفته الضامن لمنعالجيش السور
الحرب األهلية في حال حصول التغيير بطريقة عنيفة وغير سلمية. وبالتالي، فإن المعارضة السورية مطالبة
لتنفيذ هذا السيناريو بتجاوز لغة التخوين التي وقعت فيها خالل الفت ة األخي ة الماضية، واالبتعاد عن العمل
ر ر
عي المتعدد أثنيا ودينيا وطائفيا، والدخول آنيا في مشروالستنساخ تجارب ال تتالءم وطبيعة المجتمع السور
جامع يبتعد عن المسميات ويقدم برنامجا للمرحلة االنتقالية نحو إسقاط النظام واقامة الديمق اطية التي بدأت
ر
ي على اإلصالح.األط اف العربية واإلقليمية تدعمها إذا ما استعصى النظام السور
ر
ية والتدخل العسكر
السيناريو ابع: العسكر
الر
على غم من أن هذا السيناريو مستبعد حاليا - باعتبار أن المباد ة العربية جاءت كخطوة استباقية من قبل
ر الر
ي وفق الطريقة الع اقية أو
ر الجامعة العربية لتفادي سيناريو تدويل األزمة وانعطافها إلى مسار التدخل العسكر
الليبية – فهو ال ي ال كامنا. و لهذا السيناريو مرتك اته على المدى المتوسط والبعيد، وهو ما بات يعرف في
ز ز
سورية بسيناريو "الشيطان". وأهم هذه المرتك ات استم ار النظام في رفضه للحل العربي ووقف القتل والدخول
ر ز
في عملية تغيير انتقالية يت افق مع ع لدى بعض األط اف داخليا وخارجيا لالنتقال بالثو ة إلى العسك ة
ر ر ر نزو ر
وحمل السالح والمطالبة بمناطق حدودية عازلة تحاكي السيناريو الليبي، وتبرير ذلك بفرضية العجز عن
إسقاط النظام سلميا و غبة في التخلص من القتل اليومي الذي تمارسه أجه ة النظام، والذي قد يتقاطع مع
ز الر
تغير في المعطيات على المستوى اإلقليمي والدولي تدفع بهذا االتجاه، خاصة في ظل إص ار النظام على
ر
انتهاج " خيار شمشون". وبالتالي، نكون أمام حالة مشابهة لحالة الع اق عام 1111 من خالل ظهور
ر
01
14. هل الجامعة العربية قادرة على إنقاذ سوريا؟ املركز العربي لألبحاث و دراسة السياسات
ي وتحف ه، أو عسك ة للثو ة وانتاج مناطق "محر ة" يتركز فيها
ر ر ر ز معارضة تستجدي التدخل األجنبي العسكر
المسلحون لالنطالق في عملياتهم إلسقاط النظام.
ويعد هذا السيناريو األخطر على سورية وعلى العالم العربي، وسيشكل انتكاسة للربيع العربي الذي حصدت
أول ثما ه في تونس بعد انتخابات المجلس التأسيسي. وسينطوي على بعد تقسيم طائفي ديني وأثني خطير
ر
ع بدل أن تكون دولةفي المجتمع ال ي، وبالتالي، ستشكل سورية قاط ة سلبية لتمزيق المشرق العربي المتنو
ر سور
ديمق اطية تشكل عامال في التصدي للطائفية. كما سيتسبب هذا السيناريو في تحجيم أهمية سورية ويعزلها
ر
ع فيه
عن التأثير إيجابيا في ملفات أساسية، خاصة منها الص اع مع إس ائيل. وستصبح ميدانا تتصار
ر ر
اإل ادات الدولية واإلقليمية وفقا لمصالحها، وستنعكس تداعيات ذلك على لبنان ودول عربية مجاو ة ليصار
ر ر
ى.إلى وضع عربي معقد يشكل عائقا لعملية التحول الديمق اطي في األقطار األخر
ر
ومن ثم، فإن مسؤولية كبي ة تقع على عاتق الجامعة العربية والعمل العربي المشترك إلنتاج آليات تمنع
ر
حصول هذا السيناريو وتصنع حل ال ضمن الدائ ة العربية فقط بعيدا عن أجندات ومصالح الفاعلين اإلقليميين
ر و
ء األكبر من المسؤولية من خالل ها
دور والدوليين. كما أن المعارضة السورية بكافة أطيافها تتحمل الجز
ها عن إنتاج الرؤية السياسية التي تحفز انخ اط فئات الشعب بمعظمها وتدفعها لتلمس فوائد
ر السلبي آنيا وعجز
ومحاسن التغيير الديمق اطي.
ر
لقد شكلت المباد ة العربية فرصة إلنقاذ سورية وتغيير نظامها في الوقت ذاته، وذلك بقطع النظر عن مصالح
ر
عين على السلطة، نظاما ومعارضة، وشكلت مفتاح الحل الذي يجب أن يصار إلى الضغط للسيرالمتصار
في فلكه من خالل تغليب جميع األط اف للمصلحة الوطنية ووضعها فوق االعتبا ات الشخصية. ومن
ر ر
الواضح أن مسألة ضرو ة االنتقال إلى الديمق اطية باتت مسألة مفروغا منها، ال عودة عنها، ولكن السؤال
و ر ر
ي، هو كيف يتم ذلكالذي يجب أن يشغل الدول العربية وأي قيادة مسؤولة ح نفسها لقيادة الشعب السور
تطر
من دون التضحية بسورية؟
11