SlideShare uma empresa Scribd logo
1 de 72
Baixar para ler offline
‫عني‬
                                                       ‫القائمة‬


                                                                  ‫مولده‬
                                             ‫نشأته‬
                                                                  ‫ونسبه‬

                                   ‫الدعوة‬             ‫الدعوة‬
                                  ‫جهرا في‬             ‫سرا في‬                ‫بعثته‬
                                    ‫مكة‬                ‫مكة‬

                      ‫بيعة العقبة‬        ‫بيعة العقبة‬             ‫اإلسراء‬              ‫الدعوة‬
                        ‫الثانية‬            ‫األولى‬                ‫والمعراج‬           ‫خارج مكة‬

                 ‫غزوة‬
                                                                          ‫المرحلة‬             ‫الهجرة‬
                ‫الخندق‬            ‫غزوة أحد‬           ‫غزوة بدر‬
               ‫(األحزاب)‬                                                   ‫المدنية‬          ‫إلى المدينة‬

                           ‫غزوة‬                                   ‫غزوة‬               ‫غزوة‬              ‫صلح‬
       ‫وفاته‬                                ‫فتح مكة‬
                           ‫تبوك‬                                   ‫مؤتة‬               ‫خيبر‬             ‫الحديبية‬


      ‫مصادر‬                         ‫قصص األنبياء‬         ‫سيرة ابن هشام‬       ‫تحدي.كوم‬           ‫الرحيق المختوم‬   ‫ويكيبديا‬
‫ولد صلى اهلل عليه وسلم يف مكة يف الثاين عشر من ربيع األول من عام الفيل‬           ‫‪‬‬
 ‫(075 او 175 م). نسبه من جهة أبيه : حممد بن عبد اهلل (وهو الذبيح) بن عبد‬
     ‫املطلب ـ وامسه شْيبَة ـ بن هاشم ـ وامسه عمرو ـ بن عبد مناف ـ وامسه املغرية ـ بن‬
                                                                    ‫َ‬
     ‫قُصى ـ وامسه زيد ـ بن كِالب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فِهر ـ وهو‬
              ‫ْ‬                                   ‫ُ َّ‬                         ‫َّ‬
  ‫امللقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة ـ بن مالك بن النَّضر ـ وامسه قيس ـ بن كِنَانة بن‬
                                ‫ْ‬
 ‫خزْْيَة بن مدكة ـ وامسه عامـر ـ بن إلياس بن مضر بن نِزار بن معد بن عدنان ( هذا‬
                    ‫ََّ‬       ‫َ‬        ‫َُ‬                              ‫ِ‬
                                                                       ‫ُ ْر‬      ‫َُ‬
   ‫اجلزء املتفق عليه من نسبه ) وممما ال شك فيه ان عدنان من صريح ولد إمساعيل‬
                                                                        ‫عليه السالم.‬
‫نسبه من جهة أمه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن حكيم ابن مرة الذي‬                 ‫‪‬‬
                           ‫هو اجلد اخلامس للنيب صلى اهلل عليه وسلم من جهة أبيه.‬
‫تويف والده قبل مولده صلى اهلل عليه وسلم قبل والدته بشهرين ( اجلمهور) .‬      ‫‪‬‬

                                                ‫توفيت أمه و هو يف السادسة من عمره .‬      ‫‪‬‬

                                       ‫كفله جده عبداملطلب حىت وفاته وعمره 8 سنوات.‬       ‫‪‬‬

                                                                ‫كفله عمه أبو طالب .‬      ‫‪‬‬

                                              ‫أرضعته حليمة السعدية يف ديار بين سعد .‬     ‫‪‬‬

                                                                 ‫رعى الغنم ألهل مكة.‬     ‫‪‬‬

‫عندما بلغ الثانية عشر من عمره سافر مع عمه للشام للتجارة و هناك قابل الراهب حبريى‬         ‫‪‬‬
‫، كان عاملا باإلجنيل ، فنصح عمه أن جيعل حممد صلى اهلل عليه وسلم بعيدا عن اليهود،‬ ‫و‬
 ‫قال حبريى : ((ارجع بابن أخيك إىل بلدك واحذر عليه اليهود فواهلل إن رأوه أو عرفوا منه‬
  ‫الذي أعرف ليبغنه عنتًا، فإنه كائن البن أخيك شأن عظيم جنده يف كتبنا وما ورثنا من‬
                                                                              ‫آبائنا))‬
‫لقب صلى اهلل عليه وسلم بالصادق األمني يف مكة.‬     ‫‪‬‬

                         ‫عرف عنه صلى اهلل عليه وسلم أنه مل يسجد لصنم قط.‬      ‫‪‬‬

                   ‫تزوج خدجية بنت خويلد وهو يف اخلامسة والعشرين من العمر.‬     ‫‪‬‬

  ‫أجنب صلى اهلل عليه وسلم من خدجية القاسم و عبداهلل و فاطمة و أم كلثوم و‬      ‫‪‬‬
                                                               ‫زينب و رقية.‬
‫كان ج لإلعتكاف والتفكر يف خلق الدنيا إىل غار حراء ، وهو غار موجود يف‬‫خير‬       ‫‪‬‬
                                                          ‫إحدى جبال مكة.‬
‫بعث صلى اهلل عليه وسلم وهو يف األربعني من عمره، اذ نزل عليه الوحي بوساطة‬      ‫‪‬‬
           ‫جربيل عليه السالم وهو معتكف يف غر حراء يف شهر رمضان املبارك.‬
‫بعث صلى اهلل عليه وسلم وهو يف األربعني من عمره وهو معتكف يف غار حراء.‬         ‫‪‬‬

‫كان أول ما نزل عليه من القرأن عن طريق جربيل عليه السالم : (إقرأ) و اوائل سورة‬‫و‬    ‫‪‬‬
                                                                         ‫العلق.‬
‫رجع صلى اهلل عليه وسلم بعدها خائفا إىل زوجته خدجية وأبلغها مبا حصل، فذهبت‬         ‫‪‬‬
      ‫إىل ورقة ابن نوفل كان ابن عمها كان تنصر يف اجلاهلية كان عاملا يف اإلجنيل،‬
                          ‫و‬                    ‫و‬            ‫و‬
   ‫فلما أتى سيدنا حممد صلى اهلل عليه و سلم وقص عليه ما جرى، بشره بأن ما رآه‬
‫هو نفس امللك الذي أتى سيدنا عيسى عليه السالم من قبل، و وعده إن ادرك بعثته‬
      ‫ليكونن من الناصرين لسيدنا حممد صلى اهلل عليه وسلم، لكنه ما لبث ان تويف.‬
‫كانت الدعوة اىل االسالم يف مكة قد بدأت سرا، كان يعقد اجتماع املسلمني يف‬
                            ‫و‬                                                  ‫‪‬‬
                                                  ‫دار األرقم ابن ايب األرقم.‬
                              ‫كان أول من أمن من النساء خدجية بنت خويلد.‬        ‫‪‬‬

    ‫كان أول من أمن من الصبيان علي بن أيب طالب كرم اهلل وجهه و رضي عنه.‬         ‫‪‬‬

                  ‫كان أول من أمن من الرجال أبو بكر الصديق رضي اهلل عنه.‬        ‫‪‬‬

                                    ‫استمرت الدعوة السرية يف مكة 3 سنوات.‬       ‫‪‬‬
‫ِ ِ‬
         ‫بدءت الدعوة جهرا مع نزول اآلية {وأَنذر عشريتَك األَقْـربِني} [الشعراء:412]‬
                          ‫َ ْ َ َ َ ْ َ َ‬                                               ‫‪‬‬

‫فصعد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إىل جبل الصفا ونادى يف أهل مكة ، فجاؤوه ومن‬           ‫‪‬‬
    ‫مل يستطع بعث برسول لريى ما اخلطب ، فقال هلم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :‬
     ‫((أرأيتكم لو أخربتكم أن خيال بالوادى بسفح هذا اجلبل تريد أن تغري عليكم أكنتم‬
                                            ‫َْ‬            ‫ً‬
                                                                          ‫مص ِّقِى؟).‬
                                                                             ‫ُ َ د َّ‬
                           ‫قالوا: نعم، ما جربنا عليك كذبًا، ما جربنا عليك إال صدقًا.‬
   ‫قال: (إىن نذير لكم بني يدى عذاب شديد، إمنا مثلى ومثلكم كمثل رجل رأي العدو‬
    ‫َ ُّ‬
 ‫فانطلق يَـ ْربَأ أهله)( أي يتطلع وينظر هلم من مكان مرتفع لئال يدمههم العدو) (خشى أن‬
                                                      ‫يسبقوه فجعل ينادى: يا صباحاه)‬
                                            ‫مث دعاهم إىل احلق، وأنذرهم من عذاب اهلل.‬
  ‫و مع بدء الدعوة اجلهرية، بدأت مراحل التحريض و اإلكراه والتعذيب حبق كل من اتبع‬         ‫‪‬‬
                                                                          ‫هذا الدين.‬
‫وخالل هذه األيام أهم قريشا أمر آخر،وذلك أن اجلهر بالدعوة مل ْيض عليه إال أيام أو أشهر‬
                                                                           ‫ً‬                                ‫‪‬‬
‫معدودة حىت قرب موسم احلج، وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم، فرأت أنه البد من كلمة‬
       ‫يقولوهنا للعرب، يف شأن حممد صلى اهلل عليه وسلم حىت ال يكون لدعوته أثر يف نفوس العرب،‬
    ‫فاجتمعوا إىل الوليد بن املغرية يتداولون يف تلك الكلمة، فقال هلم الوليد: أمجعوا فيه رأيـًا واحدا،وال‬
         ‫ً‬
    ‫ختتلفوا فيكذب بعضكم بعضا، ويرد قولكم بعضه بعضا، قالوا: فأنت فقل، وأقم لنا رأيًا نقول به.‬
                                                  ‫ً‬                      ‫ً‬
 ‫قال: بل أنتم فقولوا أمسع. قالوا: نقول: كاهن. قال: ال واهلل ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو‬
‫بزمزمة الكاهن وال سجعه. قالوا: فنقول: جمنون، قال: ما هو مبجنون، لقد رأينا اجلنون وعرفناه، ما هو‬    ‫َ ْ ََ‬
   ‫خبَْنقه وال ختَاجلِه وال وسوسته. قالوا: فنقول: شاعر. قال: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله رجزه‬
                                                                                         ‫َ ُ‬        ‫ِ‬
    ‫َ ََ‬
                                                                                    ‫ََ َ ِ َ َ ْ‬
 ‫وهزجه وقَريضه ومقبُوضه ومْبسوطه، فما هو بالشعر، قالوا: فنقول: ساحر. قال: ما هو بساحر، لقد‬
                                                                        ‫َ ُ‬
                                                       ‫ْ ِِ‬
             ‫رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنَـفثِهم وال عقدهم. قالوا: فما نقول؟ قال: واهلل إن لقوله‬
                                                                 ‫ِْ‬
‫حلالوة، [وإن عليه لطالوة] وإن أصله لعذق، وإن فَـْرعه جلَنَاة، وما أنتم بقائلني من هذا شيئًا إال عرف‬
                                                    ‫َ‬        ‫ََ‬
‫أنه باطل، وإن أقرب القول فيه ألن تقولوا: ساحر. جاء بقول هو سحر، يفرق به بني املرء وأبيه، وبني‬
                                  ‫املرء وأخيه، وبني املرء وزوجته، وبني املرء وعشريته، فتفرقوا عنه بذلك.‬
‫‪ ‬ومن األساليب اليت اختذهتا قريش جملاهبة الدعوة:‬
                                                     ‫1- السخرية والتحقري، واالستهزاء والتكذيب والتضحيك‬
                                                                     ‫2-إثارة الشبهات وتكثيف الدعايات ال‬
                                        ‫3-احليلولة بني الناس وبني مساعهم القرآن، ومعارضته بأساطري األولني‬
‫‪ ‬تعرض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم لألذى من عمرو بن هشام ( أبو جهل)، كان هذا سببا يف دخول‬
                     ‫و‬
                                 ‫محزة بن عبد املطلب يف اإلسالم وهو عم الرسول صلى اهلل عليه وسلم.‬
‫‪ ‬وخالل هذا اجلو امللبد بغيوم الظلم والعدوان أضاء برق آخر أشد بريقا وإضاءة من األول، أال وهو إسالم‬
                                   ‫ً‬
‫عمر بن اخلطاب، أسلم يف ذى احلجـة سـنة سـت مـن النبـوة. بعد ثالثة أيام من إسالم محزة رضي اهلل عنه‬
 ‫كان النيب صلى اهلل عليه وسلم قد دعا اهلل تعاىل إلسالمه. فقد ج الرتمذى عن ابن عمر، وصححه،‬
                                    ‫أخر‬                                                              ‫و‬
     ‫و ج الطرباين عن ابن مسعود وأنس أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال: (اهلل م أعز اإلسالم بأحب‬     ‫أخر‬
     ‫الرجلني إليك: بعمر بن اخلطاب أو بأيب جهل بن هشام) فكان أحبهما إىل اهلل عمر رضي اهلل عنه.‬
‫بعد إسالم محزة و عمر، ج املسلمون يف صفني من دار األرقم بن أيب األرقم إىل‬
                                                      ‫خر‬                          ‫‪‬‬
                 ‫الكعبة، فكان إلسالم هذان الرجلني بالغ األثر يف نفوس املسلمني.‬
‫كان ابن مسعود رضي اهلل عنه يقول: ما كنا نقدر أن نصلى عند الكعبة حىت أسلم‬      ‫و‬   ‫‪‬‬
                                                                           ‫عمر.‬
  ‫تعرض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم و املسلمون و آل هاشم إىل مقاطعة قريش‬          ‫‪‬‬
      ‫هلم، فاتفق قادة قريش على حماصرهتم يف شعب ايب طالب يف مكة على ان ال‬
 ‫بتاجرو معهم وال يبيعوهم وال يشرتو منهم وال يزوجوهم وال يتزوجو منهم ، كتبوها‬
       ‫و‬
                                                    ‫يف وثيقة علقت داخل الكعبة.‬
  ‫استمرت املقاطعة 3 سنوات، تويف خالهلا سيدتنا خدجية بنت خويلد و أبو طالب‬          ‫‪‬‬
             ‫فحزن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كثريا ومسي هذا العام بعام احلزن.‬
‫يف شوال سنة عشر من النبوة [يف أواخر مايو أو أوائل يونيو سنة 916 م] ج النيب صلى اهلل عليه وسلم إىل‬
                                         ‫خر‬                                                                         ‫‪‬‬
‫الطائف، وهي تبعد عن مكة حنو ستني ميال، سارها ماشيًا على قدميه جيئة وذهوبًا، ومعه مواله زيد بن حارثة، كان‬
    ‫و‬                                                                       ‫ً‬
                                          ‫كلما مر على قبيلة يف الطريق دعاهم إىل اإلسالم، فلم جتب إليه واحدة منها.‬
  ‫ورجع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف طريق مكة بعد خروجه من احلائط كئيبًا حمزونًا كسري القلب، فلما بلغ قرن‬
                              ‫املنازل بعث اهلل إليه جربيل ومعه ملك اجلبال، يستأمره أن يطبق األخشبني على أهل مكة.‬
‫وقد روى البخاري تفصيل القصة ـ بسنده ـ عن عروة بن الزبري، أن عائشة رضي اهلل عنها حدثته أهنا قالت للنىب صلى‬
                               ‫ِ‬
   ‫اهلل عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال: (لقيت من قومك ما لقيت، كان أشد ما‬
               ‫و‬
‫لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يالِيل بن عبد كالَل، فلم جيبين إىل ما أردت، فانطلقت ـ وأنا‬
                                                 ‫ُ‬
                                              ‫َِ‬                          ‫َِ‬
 ‫مهموم ـ على وجهي، فلم أستفق إال وأنا بق ْرن الثعالب ـ وهو املسمى بق ْرن املنازل ـ فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد‬
‫أظلتين، فنظرت فإذا فيها جربيل، فناداين، فقال: إن اهلل قد مسع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث اهلل إليك‬
‫ملك اجلبال لتأمره مبا شئت فيهم. فناداين ملك اجلبال، فسلم علي مث قال: يا حممد، ذلك، فما شئت، إن شئت أن‬
                  ‫أطبق عليهم األخشبني ـ أي لفعلت، واألخشبان: مها جبال مكة: ّأبو قُـبـيس والذي يقابله، وهو قُـعي ِ‬
  ‫َْقعان ـ قال النيب‬
                ‫َ‬                              ‫َْ‬
   ‫صلى اهلل عليه وسلم: بل أرجو أن ج اهلل عز وجل من أصالهبم من يعبد اهلل عز وجل وحده ال يشرك به شيئا).‬
                                                                                ‫خير‬
‫يف ذى القعدة سنة عشر من النبوة ـ يف أواخر يونيو أو أوائل يوليو سنة 916 م ـ عاد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬          ‫‪‬‬
‫إىل مكة؛ ليستأنف عرض اإلسالم على القبائل واألفراد، والقرتاب املوسم كان الناس يأتون إىل مكة رجاال، وعلى كل‬
    ‫ضامر يأتني من كل فج عميق ألداء فريضة احلج، وليشهدوا منافع هلم، ويذكروا اسم اهلل يف أيام معلومات، فانتهز‬
      ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هذه الفرصة، فأتاهم قبيلة قبيلة يعرض عليهم اإلسالم ويدعوهم إليه ، كما كان‬
  ‫يدعوهم منذ السنة الرابعة من النبوة ، وقد بدأ يطلب منهم من هذه السنة ـ العاشرة ـ أن يؤووه وينصروه وْينعوه حىت‬
                                                                                              ‫يبلغ ما بعثه اهلل به.‬
                                                                                ‫القبائل اليت عرض عليها اإلسالم‬
     ‫قال الزهرى: كان ممن يسمى لنا من القبائل الذين أتاهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، ودعاهم وعرض نفسه‬
                                                                                                   ‫و‬
                      ‫َ‬                                          ‫َ ََ‬       ‫َْ ََ ُ ِ‬
 ‫عليهم: بنو عامر بن صعصعة، وحمَارب بن خصفة، وفزارة، وغسان، ومرة، وحنيفة، وسليم، وعْبس، وبنو نصر، وبنو‬
                           ‫البَكاء، كندة، كلب، واحلارث بن كعب، وعذرة، واحلضارمة، فلم يستجب منهم أحد.‬
                                                                  ‫َُْ‬                           ‫و‬        ‫َّ و‬
 ‫وهذه القبائل اليت مساها الزهرى مل يكن عرض اإلسالم عليها يف سنة واحدة وال يف موسم واحد، بل إمنا كان ما بني‬
‫السنة الرابعة من النبوة إىل آخر موسم قبل اهلجرة. وال ْيكن تسمية سنة معينة لعرض اإلسالم على قبيلة معينة، ولكن‬
                                                                                    ‫األكثر كان يف السنة العاشرة.‬
‫ويف موسم احلج من سنة 11 من النبوة ـ يوليو سنة 026م ـ وجدت الدعوة اإلسالمية بذورا صاحلة، سرعان ما حتولت إىل شجرات‬
                                             ‫ً‬                                                                                           ‫‪‬‬
                         ‫باسقات، اتقى املسلمون يف ظالهلا الوارفة لفحات الظلم والعدوان حىت تغري جمرى األحداث وحتول خط التاريخ.‬
‫كان من حكمته صلى اهلل عليه وسلم إزاء ما كان يلقى من أهل مكة من التكذيب والصد عن سبيل اهلل أنه كان ج إىل القبائل يف ظالم‬
                     ‫خير‬                                                                                                             ‫و‬
                                                                           ‫الليل، حىت ال حيول بينه وبينهم أحد من أهل مكة كني.‬
                                                                               ‫املشر‬
 ‫ج ليلة ومعه أبو بكر وعلى، فمر على منازل ذُهل وشيبان بن ثعلبة ، كلمهم يف اإلسالم. وقد دارت بني أيب بكر وبني رجل من ذهل‬
                                                            ‫و‬                       ‫ْ‬                                              ‫فخر‬
                                               ‫أسئلة وردود طريفة، وأجاب بنو شيبان بأرجى األجوبة، غري أهنم توقفوا يف قبول اإلسالم.‬
    ‫مث مر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعقبة مىن، فسمع أصوات رجال يتكلمون فعمدهم حىت حلقهم، كانوا ستة نفر من شباب يثرب‬
                                  ‫و‬
                                                                                                                ‫كلهم من ج، وهم:‬
                                                                                                                         ‫اخلزر‬
                                                                                                    ‫1 ـ أسعد بن زرارة [من بين النجار].‬
                                                                                                                        ‫َُ‬
                                                                            ‫2 ـ عوف بن احلارث بن رفاعة ابن عفراء [من بين النجار].‬
                                                                                                  ‫َْ‬
                                                                                        ‫3 ـ رافع بن مالك بن العجالن [من بين زريْق].‬
                                                                                             ‫َُ‬               ‫َْ‬
                                                                                         ‫4 ـ قُطْبَة بن عامر بن حديدة [من بين سلمة].‬
                                                                                  ‫5 ـ عقبَة بن عامر بن نايب [من بين حرام بن كعب ].‬
                                                                                                 ‫ََ‬                             ‫ُْ‬
                                                                                                              ‫ِ‬
                                                                               ‫6 ـ جابر بن عبد اهلل بن رئاب [من بين عبيد بن غنْم ].‬
                                                                                     ‫َ‬
     ‫كان من سعادة أهل يثرب أهنم كانوا يسمعون من حلفائهم من يهود املدينة، إذا كان بينهم شيء، أن نبيًا من األنبياء مبعوث يف هذا‬        ‫و‬
                                                                                    ‫ج، فنتبعه، ونقتلكم معه قتل عاد وإرم.‬   ‫الزمان سيخر‬
‫فلما حلقهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال هلم: (من أنتم؟) قالوا: نفر من ج، قال: (من مواىل‬
                      ‫اخلزر‬                                                                              ‫‪‬‬
      ‫اليهود؟) أي حلفائهم، قالوا: نعم. قال: (أفال جتلسون أكلمكم؟) قالوا: بلى، فجلسوا معه، ح هلم‬
           ‫فشر‬
  ‫حقيقة اإلسالم ودعوته، ودعاهم إىل اهلل عز وجل، وتال عليهم القرآن. فقال بعضهم لبعض: تعلمون واهلل‬
            ‫يا قوم، إنه للنىب الذي توعدكم به يهود، فال تسبقنكم إليه، فأسرعوا إىل إجابة دعوته، وأسلموا.‬
    ‫كانوا من عقالء يثرب، أهنكتهم احلرب األهلية اليت مضت قريبًا، واليت ال يزال هليبها مستعرا، فأملوا أن‬
                ‫ً‬                                                                                    ‫و‬
 ‫تكون دعوته سببًا لوضع احلرب، فقالوا: إنا قد كنا قومنا وال قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى‬
                                                         ‫تر‬
‫أن جيمعهم اهلل بك، فسنقدم عليهم، فندعوهم إىل أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين ،‬
                                                                ‫فإن جيمعهم اهلل عليك فال رجل أعز منك.‬
 ‫وملا رجع هؤالء إىل املدينة محلوا إليها رسالة اإلسالم، حىت مل تبق دار من دور األنصار إال وفيه ذكر رسول‬
                                                                            ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم.‬
 ‫ويف شوال من هذه السنة ـ سنة 11 من النبوة ـ تزوج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عائشة الصديقة رضي‬
 ‫اهلل عنها وهي بنت ست سنني وبين هبا باملدينة يف شوال يف السنة األوىل من اهلجرة وهي بنت تسع سنني.‬
‫قال ابن القيم: أسرى برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم جبسده على الصحيح من املسجد احلرام إىل بيت املقدس، راكبًا على البُـراق، صحبة جربيل عليهما‬
                                 ‫َ‬                                                                                                                                ‫‪‬‬
                                                                              ‫الصالة والسالم، فنزل هناك، وصلى باألنبياء إماما، وربط الرباق حبلقة باب املسجد.‬
                                                                                                              ‫ً‬
‫مث ج به تلك الليلة من بيت املقدس إىل السماء الدنيا، فاستفتح له جربيل ففتح له، فرأي هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب به ورد عليه السالم، وأقر‬         ‫عر‬
                                                                                           ‫بنبوته، وأراه اهلل أرواح السعداء عن ْيينه، وأرواح األشقياء عن يساره.‬
                  ‫مث ج به إىل السماء الثانية، فاستفتح له، فرأي فيها حيىي بن كريا وعيسى ابن مرمي، فلقيهما وسلم عليهما، فردا عليه ورحبا به، وأقرا بنبوته.‬
                           ‫ّ‬                                                                    ‫ز‬                                                        ‫عر‬
                                                                     ‫مث ج به إىل السماء الثالثة، فرأي فيها يوسف، فسلم عليه فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.‬‫عر‬
                                                                   ‫مث ج به إىل السماء الرابعة، فرأي فيها إدريس، فسلم عليه، فرد عليه، ورحب به، وأقر بنبوته.‬
                                                                                                                                                         ‫عر‬
                                                       ‫مث ج به إىل السماء اخلامسة، فرأي فيها هارون بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.‬   ‫عر‬
                                                      ‫مث ج به إىل السماء السادسة، فلقى فيها موسى بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.‬     ‫عر‬
                     ‫فلما جاوزه بكى موسى، فقيل له: ما يبكيك ؟ فقال: أبكى؛ ألن غالما بعث من بعدى يدخل اجلنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمىت.‬
                                                                                        ‫ً‬
                                                   ‫مث ج به إىل السماء السابعة، فلقى فيها إبراهيم عليه السالم، فسلم عليه، فرد عليه، ورحب به، وأقر بنبوته.‬ ‫عر‬
      ‫مث رفع إىل سدرة املنتهى، فإذا نَـْبـقها مثل قِالَل هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، مث غشيها فراش من ذهب، ونور وألوان، فتغريت، فما أحد من خلق اهلل‬
                                                                                                             ‫ََ‬                ‫ُ‬
‫يستطيع أن يصفها من حسنها. مث رفع له البيت املعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك مث ال يعودون. مث أدخل اجلنة، فإذا فيها حبائل اللؤلؤ، وإذا‬
                                                                                                        ‫َِ‬
                                                                                            ‫تراهبا املسك. ج به حىت ظهر ملستوى يسمع فيه صريف األقالم.‬
                                                                                                                                           ‫وعر‬
   ‫مث ج به إىل اجلبّار جل جالله، فدنا منه حىت كان قاب قوسني أو أدىن، فأوحى إىل عبده ما أوحى، وفرض عليه مخسني صالة، فرجع حىت مر على موسى‬
                ‫ّ‬                                                                                                                                        ‫عر‬
  ‫فقال له: مب أمرك ربك؟ قال: [خبمسني صالة]. قال: إن أمتك ال تطيق ذلك، ارجع إىل ربك فاسأله التخفيف ألمتك، فالتفت إىل جربيل، كأنه يستشريه يف‬
‫ذلك، فأشار: أن نعم إن شئت، فعال به جربيل حىت أتى به اجلبار تبارك وتعاىل، وهو يف مكانه ـ هذا لفظ البخاري يف بعض الطرق ـ فوضع عنه عشرا، مث أنزل‬
           ‫ً‬
 ‫حىت مر مبوسى، فأخربه، فقال: ارجع إىل ربك فاسأله التخفيف، فلم يزل يرتدد بني موسى وبني اهلل عز وجل، حىت جعلها مخسا، فأمره موسى بالرجوع وسؤال‬
                                 ‫ً‬
                                 ‫التخفيف، فقال: [قد استحييت من ريب، ولكين أرضى وأسلم]، فلما بعد نادى مناد: قد أمضيت فريضىت وخففت عن عبادى‬
‫كان من جراء ذلك أن جاء يف املوسم التايل ـ موسم احلج سنة 21 من النبوة، يوليو سنة 126م ـ اثنا عشر رجال، فيهم مخسة من الستة الذين كانوا قد‬
                                           ‫ً‬                                                                                                                ‫و‬   ‫‪‬‬
                                                  ‫ِ‬
                    ‫التقوا برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف العام السابق ـ والسادس الذي مل حيضر هو جابر بن عبد اهلل بن رئاب ـ وسبعة سواهم، وهم:‬
                                                                                             ‫1 ـ معاذ بن احلارث، ابن عفراء من بين النجار [من ج]‬
                                                                                                 ‫اخلزر‬
                                                                                                     ‫2 ـ ذَكوان بن عبد القيس من بين زريْق. [من ج]‬
                                                                                                       ‫اخلزر‬          ‫َُ‬                             ‫َْ‬
                                                                                                          ‫3 ـ عبادة بن الصامت من بين غْنم [من ج]‬
                                                                                                             ‫اخلزر‬       ‫َ‬
                                                                                                         ‫4 ـ يزيد بن ثعلبة من حلفاء بين غنم [من ج]‬
                                                                                                           ‫اخلزر‬
                                                                                                  ‫5 ـ العباس بن عبَادة بن نَضلَة من بين سامل [من ج]‬
                                                                                                    ‫اخلزر‬                    ‫ْ‬           ‫ُ‬
                                                                                             ‫6 ـ أبو اهلَْيثَم بن التَّـيَّـهان من بين عبد األشهل [من األوس].‬
                                                                                                                                   ‫َ‬
                                                                                               ‫7 ـ عومي بن ساعدة من بين عمرو بن عوف [من األوس].‬
                                                                                                                   ‫َْ‬                                ‫َُْ‬
                                                                                                             ‫األخريان من األوس، والبقية كلهم من ج.‬
                                                                                                               ‫اخلزر‬
                                  ‫التقى هؤالء برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عند العقبة مبىن فبايعوه بيعة النساء، أي وفق بيعتهن اليت نزلت بعد احلديبية.‬
 ‫روى البخاري عن عبادة بن الصامت أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال: [تعالوا بايعوين على أال كوا باهلل شيئًا، وال تسرقوا، وال تزنوا، وال تقتلوا‬
                                                    ‫تشر‬
‫أوالدكم، وال تأتوا ببهتان تفرتونه بني أيديكم وأرجلكم، وال تعصوين يف معروف، فمن ويف منكم فأجره على اهلل ، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به‬
‫يف الدنيا، فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئًا فسرته اهلل ، فأمـره إىل اهلل ؛ إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عـنه]. قــال: فبايعته ـ ويف نسخة: فبايعناه ـ‬
                                                                                                                                              ‫على ذلك.‬
                                                                                                                                 ‫سفري اإلسالم يف املدينة‬
‫وبعد أن متت البيعة وانتهى املوسم بعث النيب صلى اهلل عليه وسلم مع هؤالء املبايعني أول سفري يف يثرب؛ ليعلم املسلمني فيها شرائع اإلسالم، ويفقههم‬
     ‫يف الدين، وليقوم بنشر اإلسالم بني الذين مل يزالوا على الشرك، واختار هلذه السفارة شابًا من شباب اإلسالم من السابقني األولني، وهو مصعب بن‬
            ‫ُ َْ‬
                                                                                                                            ‫عمري العبدرى رضي اهلل عنه.‬   ‫َُْ‬
‫بيعة العقبة الثانية‬   ‫‪‬‬
          ‫يف موسم احلج يف السنة الثالثة عشرة من النبوة ـ يونيو سنة 226م ـ حضر ألداء مناسك احلج بضع وسبعون نفسا من‬
               ‫ً‬
   ‫املسلمني من أهل يثرب،جاءوا ضمن حجاج قومهم من كني، وقد تساءل هؤالء املسلمون فيما بينهم ـ وهم مل يزالوا يف‬
                                                                 ‫املشر‬
                  ‫يثرب أو كانوا يف الطريق: حىت مىت نرتك رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يطوف ويطرد يف جبال مكة وخياف؟‬
      ‫فلما قدموا مكة جرت بينهم وبني النيب صلى اهلل عليه وسلم اتصاالت سرية أدت إىل اتفاق الفريقني على أن جيتمعوا يف‬
‫أوسط أيام التشريق يف الشعب الذي عند العقبة حيث اجلمرة األوىل من مىن، وأن يتم االجتماع يف سرية تامة يف ظالم الليل.‬
‫ولنرتك أحد قادة األنصار يصف لنا هذا االجتماع التارخيي الذي حول جمرى األيام يف صراع الوثنية واإلسالم. يقول كعب بن‬
                                                                                            ‫مالك األنصاري رضي اهلل عنه:‬
  ‫خرجنا إىل احلج، وواعدنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بالعقبة من أوسط أيام التشريق، فلما فرغنا من احلج، كانت الليلة‬
               ‫و‬
     ‫اليت واعدنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هلا، ومعنا عبد اهلل بن عمرو بن حرام أبو جابر، سيد من ساداتنا، وشريف من‬
                                                ‫ََ‬
 ‫أشرافنا، أخذناه معنا ـ كنا نكتم من معنا من قومنا من كني أمرنا ـ فكلمناه وقلنا له: يا أبا جابر، إنك سيد من ساداتنا،‬
                                                                  ‫املشر‬                              ‫و‬
    ‫وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبا للنار غدا. مث دعوناه إىل اإلسالم، وأخربناه مبيعاد رسول‬
                                                     ‫ً‬
                                               ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم إيانا العقبة، قال: فأسلم وشهد معنا العقبة كان نقيبًا.‬
                                                         ‫و‬
‫قال كعب: فنمنا تلك الليلة مع قومنا يف رحالنا حىت إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا مليعاد رسول اهلل‬         ‫‪‬‬
      ‫صلى اهلل عليه وسلم، نتسلل تسلل القطَا، مستخفني، حىت اجتمعنا يف ِّعب عند العقبة، وحنن ثالثة‬
                               ‫الش ْ‬                               ‫َ‬
       ‫وسبعون رجال، وامرأتان من نسائنا؛ نُسْيبَة بنت كعب ـ أم عمارة ـ من بين مازن بن النجار،وأمساء بنت‬
                                             ‫َُ‬                   ‫َ‬                         ‫ً‬
                                                                           ‫عمرو ـ أم منيع ـ من بين سلمة.‬
‫فاجتمعنا يف الشعب ننتظر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حىت جاءنا، ومعه عمه: العباس بن عبد املطلب‬
         ‫ـ وهو يومئذ على دين قومه ـ إال أنه أحب أن حيضر أمر ابن أخيه، ويتوثق له، كان أول متكلم.‬
                        ‫و‬
                                                            ‫بداية احملادثة وتشريح العباس خلطورة املسئولية‬
 ‫وبعد أن تكامل اجمللس بدأت احملادثات إلبرام التحالف الديىن والعسكرى، كان أول املتكلمني هو العباس‬
                             ‫و‬
 ‫بن عبد املطلب عم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، تكلم ح هلم ـ بكل صراحة ـ خطورة املسئولية اليت‬
                                         ‫ليشر‬
                                                  ‫ستلقى على كواهلهم نتيجة هذا التحالف. قال:‬
‫يا معشر ج ـ كان العرب يسمون األنصار خزرجـًا، خزرجـها وأوسـها كليهما ـ إن حممدا منا‬
     ‫ً‬                                                                    ‫اخلزر و‬              ‫‪‬‬
   ‫حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه،فهو يف عز من قومه ومنعة‬
        ‫يف بلده. وإنه قد أيب إال االحنياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له مبا‬
    ‫دعومتوه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما حتملتم من ذلك. وإن كنتم ترون أنكم مسلِموه‬
       ‫ُْ ُ‬
               ‫وخاذلوه بعد اخلروج به إليكم فمن اآلن فدعوه. فإنه يف عز ومنعة من قومه وبلده.‬
‫قال كعب: فقلنا له: قد مسعنا ما قلت، فتكلم يا رسول اهلل ، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت.‬
      ‫وهذا اجلواب يدل على ما كانوا عليه من عزم صميم، وشجاعة مؤمنة، وإخالص كامل يف‬
                                          ‫حتمل هذه املسئولية العظيمة، وحتمل عواقبها اخلطرية.‬
                           ‫وألقى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعد ذلك بيانه، مث متت البيعة.‬
‫وذهب النيب صلى اهلل عليه وسلم يف اهلاجرة ـ حني يسرتيح الناس يف بيوهتم ـ إىل أيب بكر رضي اهلل عنه ليربم معه مراحل اهلجرة، قالت عائشة رضي اهلل عنها: بينما‬         ‫‪‬‬
  ‫حنن جلوس يف بيت أيب بكر يف حنر الظهرية، قال قائل أليب بكر: هذا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم متقنعا، يف ساعة مل يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداء له‬
                                                      ‫ً‬
                                                                                                           ‫أيب وأمى، واهلل ما جاء به يف هذه الساعة إال أمر.‬
      ‫قالت: فجاء رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم. ، فاستأذن،فأذن له فدخل، فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم أليب بكر: [ ج من عندك]. فقال أبو بكر: إمنا هم‬
                                     ‫أخر َ ْ‬
  ‫أهلك، بأيب أنت يا رسول اهلل . قال: [فأين قد أذن ىل يف اخلروج]، فقال أبو بكر: الصحبة بأيب أنت يا رسول اهلل ؟ قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم: [نعم].‬
‫مث أبرم معه خطة اهلجرة، ورجع إىل بيته ينتظر جمىء الليل. وقد استمر يف أعماله اليومية حسب املعتاد حىت مل يشعر أحد بأنه يستعد للهجرة، أو ألي أمر آخر اتقاء‬
                                                                                                                                              ‫مما قررته قريش.‬
                                                                                                                     ‫تطويق منزل الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬
     ‫أما أكابر جمرمي قريش فقضوا هنارهم يف اإلعداد سرا لتنفيذ اخلطة املرسومة الىت أبرمها برملان مكة [دار الندوة] صباحا، واختري لذلك أحد عشر رئيسا من هؤالء‬
                ‫ً‬                             ‫ً‬
                                                                                                                                               ‫األكابر، وهم:‬
                                                                                                                                     ‫1ـ أبو جهل بن هشام.‬
                                                                                                                                    ‫2ـ احلَكم بن أيب العاص.‬
                                                                                                                                                       ‫َ‬
                                                                                                                                      ‫3ـ عقبَة بن أيب معْيط.‬
                                                                                                                                           ‫َُ‬             ‫ُْ‬
                                                                                                                                       ‫4ـ النَّضر بن احلارث.‬
                                                                                                                                                       ‫ْ‬
                                                                                                                                           ‫5ـ أُمية بن خلَف.‬
                                                                                                                                                 ‫َ‬
                                                                                                                                         ‫6ـ زمعة بن األسود.‬
                                                                                                                                                         ‫َْ َ‬
                                                                                                                                            ‫ِ‬
                                                                                                                                        ‫7ـ طُعْيمة بن عدى.‬
                                                                                                                                          ‫َ ّ‬            ‫َ‬
                                                                                                                                                ‫8 ـ أبو هلب.‬
                                                                                                                                            ‫9ـ أيب بن خلف.‬
                                                                                                                                       ‫01ـ نـُبَـْيه بن احلجاج.‬
                                                                                                                                  ‫11ـ أخوه منَبِّه بن احلجاج.‬
                                                                                                                                                   ‫ُ‬
‫كان من عادة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن ينام يف أوائل الليل بعد صالة العشاء، ج بعد نصف الليل إىل املسجد احلرام،‬
                                  ‫وخير‬                                                                               ‫و‬                            ‫‪‬‬
‫يصلي فيه قيام الليل، فأمر عليًا رضي اهلل عنه تلك الليلة أن يضطجع على فراشه، ويتسجى بربده احلضرمي األخضر، وأخربه أنه ال‬
                                                                                                         ‫يصيبه مكروه.‬
    ‫فلما كانت عتمة من الليل وساد اهلدوء، ونام عامة الناس جاء املذكورون إىل بيته صلى اهلل عليه وسلم سرا، واجتمعوا على بابه‬
                        ‫ً‬
                                                ‫يرصدونه، وهم يظنونه نائما حىت إذا قام ج وثبوا عليه، ونفذوا ما قرروا فيه.‬
                                                                                  ‫وخر‬             ‫ً‬
 ‫كانوا على ثقة ويقني جازم من جناح هذه املؤامرة الدنية، حىت وقف أبو جهل وقفة الزهو واخليالء، وقال خماطبًا ألصحابه املطوقني‬
                                                                                                                        ‫و‬
‫يف سخرية واستهزاء: إن حممدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، مث بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم‬
                                                                                               ‫ً‬
               ‫جنان كجنان األردن، وإن مل تفعلوا كان له فيكم ذبح، مث بعثتم من بعد موتكم، مث جعلت لكم نار حترقون فيها.‬
       ‫وقد كان ميعاد تنفيذ تلك املؤامرة بعد منتصف الليل يف وقت خروجه صلى اهلل عليه وسلم من البيت، فباتوا متيقظني ينتظرون‬
 ‫ساعة الصفر، ولكن اهلل غالب على أمره، بيده ملكوت السموات واألرض، يفعل ما يشاء، وهو جيري وال جيـار عليه، فقـد فعـل مـا‬
   ‫خاطب به الرسول صلى اهلل عليه وسلم فيما بعد: {وإِذ َْكر بِك الَّذين كفرواْ لِيُثْبِتُوك أَو يَـقتُـلُوك أَو خيْرجوك وَْكرون وَْكر اهللُ‬
                              ‫ِ‬
         ‫َ ْ ْ َ ْ ُ ُ َ َْي ُ ُ َ َْي ُ ُ‬
                                                                          ‫ِ‬
                                                                   ‫َ ْ ْي ُ ُ َ َ َ َ ُ‬
                                                                                                         ‫واهللُ خْيـر الْماكِرين} [األنفال:03].‬
                                                                                                                          ‫َ َُ َ َِ‬
                                                                                                    ‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم يغادر بيته‬
‫ج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من باب بيته ومن بيت صفوف الكفار دون ان حيسو‬            ‫خر‬     ‫‪‬‬
   ‫به، وانطلق هو وابو بكر الصديق إىل غار ثور، حيث تبعهم كون لكن عمي عليهم‬
                         ‫املشر‬
                           ‫بسبب احلمام الذي بىن عشه على باب الغار، وبيت العنكبوت.‬
   ‫تابعا طريقهما إىل يثرب فلحقهما سراقة بن مالك طمعا يف مكافأة قريش ، فعرض عليه‬              ‫‪‬‬
 ‫صلى اهلل عليه وسلم العودة على ان يعطى سواري كسرى (ملك الفرس يف ذلك الزمان) ،‬
                   ‫وما كان لسراقة ملا علم على رسولنا الكرمي من الصدق إال أن قبل وعاد.‬
  ‫أقام رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بقباء أربعة أيام: االثنني والثالثاء واألربعاء واخلميس.‬   ‫‪‬‬
  ‫وأسس مسجد قباء وصلى فيه، وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة، فلما كان‬
      ‫اليوم اخلامس ـ يوم اجلمعة ـ كب بأمر اهلل له، وأبو بكر ردفه، وأرسل إىل بين النجار ـ‬
                                                              ‫ر‬
‫أخواله ـ فجاءوا متقلدين سيوفهم، فسار حنو املدينة وهم حوله، و كته اجلمعة يف بين سامل‬
                       ‫أدر‬
                 ‫بن عوف، فجمع هبم يف املسجد الذي يف بطن الوادى، كانوا مائة رجل.‬
                                ‫و‬
‫مث سار النيب صلى اهلل عليه وسلم بعد اجلمعة حىت دخل املدينة ـ ومن ذلك اليوم‬               ‫‪‬‬
‫مسيت بلدة يثرب مبدينة الرسول صلى اهلل عليه وسلم، ويعرب عنها باملدينة خمتصرا ـ‬
   ‫ً‬
   ‫كان يوما مشهودا أغر، فقد ارجتت البيوت والسكك بأصوات احلمد والتسبيح،‬
                                                                     ‫ً‬        ‫ً‬        ‫و‬
                                      ‫وتغنت بنات األنصار بغاية ح والسرور:‬
                                                   ‫الفر‬
                                            ‫طـلـع الـبــدر علـينا **مـن ثـنيــات الـوداع‬
                                         ‫وجـب الشـكـر علـينا ** م ــا دعــا لـلـه داع‬
                                       ‫أيـهـا املبـعـوث فـينا ** جـئـت بـاألمـر املطاع‬
‫‪ ‬كان أول ما قام به صصلى اهلل عليه وسلم يف املدينة :‬
                                                                  ‫1- أخى بني املهاجرين واألنصار.‬
                                                                            ‫2- بناء املسجد النبوي.‬
                                                        ‫3-ابرام معاهدة الدفاع عن املدينة مع اليهود.‬
                                                     ‫‪ْ ‬يكن تقسيم العهد املدين إىل ثالث مراحل:‬
‫1 ـ مرحلة تأسيس اجملتمع اإلسالمي، ومتكني الدعوة اإلسالمية، وقد أثريت يف هذه املرحلة القالقل‬
‫والفنت من الداخل، وزحف فيها األعداء من ج؛ ليستأصلوا شأفة املسلمني، ويقلعوا الدعوة من‬
                                               ‫اخلار‬
 ‫جذورها. وقد انتهت هذه املرحلة بتغلب املسلمني وسيطرهتم على املوقف مع عقد صلح احلديبية‬
                                                           ‫يف ذى القعدة سنة ست من اهلجرة.‬
       ‫2 ـ مرحلة الصلح مع العدو األكرب، والفراغ لدعوة ملوك األرض إىل اإلسالم، وللقضاء على‬
      ‫أطراف املؤامرات. وقد انتهت هذه املرحلة بفتح مكة املكرمة يف رمضان سنة مثان من اهلجرة.‬
    ‫3 ـ مرحلة استقبال الوفود، ودخول الناس يف دين اهلل أفواجا. وقد امتدت هذه املرحلة إىل وفاة‬
                                      ‫ً‬
                         ‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم يف ربيع األول سنة إحدى عشرة من اهلجرة.‬
‫وقعت يف السنة الثانية هلجرة، عندما علم املسلمون بوجود قافلة جتارية لقريش عائدة‬        ‫‪‬‬
‫من الشام، فخرجو لإلستيالء عليها ، إال ان ابا سفيان غري ريقها وارسل اىل قريش‬
                                             ‫لتحذيرهم فخرجو اليه ب 059 مقاتل.‬
                     ‫التقى اجلمعان عند ابار بدر يف منطقة قريبة من املدينة املنورة.‬    ‫‪‬‬

‫كانت نتائج كة استشهاد 41 رجال من املسلمني لقاء نقتل 07 من كني و‬
     ‫املشر‬                                                        ‫املعر‬               ‫‪‬‬
                                                                   ‫اسر 07 اخرين.‬
  ‫كان يهود بين قينقاع خانو معاهدهتم فامر الرسول صلى اهلل عليه وسلم باجالئهم‬           ‫‪‬‬
                                                                        ‫عن املدينة.‬
‫وقعت يف السنة الثالثة للهجرة، عندما أراد كوا قريش ان يثأروا هلزْيتهم يف بدر، فجمعو 0003‬
                                              ‫مشر‬                                             ‫‪‬‬
    ‫مقاتل واجتهو غلى املدينة ، اليت مجعت 0001 مقاتل وخرجوا ملالقاة كني يف جبل أحد.‬
                     ‫املشر‬
                                                                        ‫كانت كة أجزاء‬
                                                                                ‫للمعر‬         ‫‪‬‬

                                                 ‫فجزئها األول هو االنتصار اجلزئي للمسلمني.‬    ‫‪‬‬

 ‫اما جزئها الثاين فهو عصيان الرماة ألوامر رسول اهلل ونزوهلم عن اجلبل االمر الذي مكن خالد بن‬   ‫‪‬‬
                                          ‫الوليد من اإللتفات على جيش املسلمني و تشتيته.‬
    ‫اجلزء الثالث هو دعوة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كني اىل موقعة محراء األسد لتحديد‬
                                   ‫املشر‬                                                      ‫‪‬‬
      ‫الفائز، كان من عادات الفائز ان خييم مبكان كة ثالثة ايام و هذا ما مل يفعله كون.‬
         ‫املشر‬                             ‫املعر‬                                   ‫و‬
                                    ‫استشهاد كل من محزة بن عبداملطلب و مصعب بن عمري.‬           ‫‪‬‬

                                                                     ‫اجالء يهود بين النضري.‬   ‫‪‬‬
‫وقعت يف السنة اخلامسة للهجرة، كان سببها هو رغبة كني يف اجلزيرة العربية‬
                      ‫املشر‬                  ‫و‬                                     ‫‪‬‬
  ‫بإهناء املسلمني و دولتهم ، فاجتمعت األحزاب و مجعوا 00001 مقاتل وقدمو‬
              ‫للمدينة، فتفاجئو باخلندق الذي حفر حوهلا مبشورة سلمان الفارسي.‬
 ‫حماولة العبور من كني، واملكافحة املتواصلة من املسلمني، دامت أياماً، إال أن‬
                                                         ‫املشر‬                     ‫‪‬‬
 ‫اخلندق ملا كان حائالً بني اجليشني مل جير بينهما قتال مباشر أو حرب دامية، بل‬
                                                 ‫اقتصروا على املراماة واملناضلة.‬
                          ‫فشلت كل حماوالت اخرتاق اخلندق من جهة املشكرين.‬           ‫‪‬‬

      ‫ارسل اهلل تعاىل عليهم رحيا صرصرا قلبت قدورهم وخيامهم فرجعوا مهزومني.‬         ‫‪‬‬

‫قتل كل رجال يهود بين قريظة خليانتهم العهد ومساعدة العدو على دخول املدينة.‬          ‫‪‬‬
‫وملا تطورت الظروف يف اجلزيزة العربية إىل حد كبري لصاحل املسلمني، أخذت طالئع الفتح األعظم وجناح الدعوة اإلسالمية تبدو شيئاً‬             ‫‪‬‬
    ‫فشيئاً، وبدأت التمهيدات إلقرار حق املسلمني يف أداء عبادهتم يف املسجد احلرام، الذي كان قد صد عنه كون منذ ستة أعوام.‬
                        ‫املشر‬
        ‫أري رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف املنام، وهو باملدينة، أنه دخل هو وأصحابه املسجد احلرام، وأخذ مفتاح الكعبة، وطافوا‬
     ‫واعتمروا، وحلق بعضهم وقصر بعضهم، فأخرب بذلك أصحابه ففرحوا، وحسبوا أهنم داخلو مكة عامهم ذلك، وأخرب أصحابه أنه‬
                                                                                                                ‫معتمر فتجهزوا للسفر.‬
                                                                                                                     ‫استنفار املسلمني‬
          ‫واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه، فأبطأ كثري من األعراب، أما هو فغسل ثيابه، كب ناقته القصواء،‬
               ‫َ ْ‬            ‫ور‬
‫واستخلف على املدينة ابن أم مكتوم أو منَْيـلَة الليثي. ج منها يوم اإلثنني غرة ذي القعدة سنة 6 هـ، ومعه زوجته أم سلمة، يف ألف‬
                                                                          ‫وخر‬               ‫ُ‬
                                     ‫وأربعمائة، ويقال: ألف ومخسمائة، ومل ج معه بسالح، إال سالح املسافر: السيوف يف القرب.‬
                                        ‫ُُ‬                                                ‫خير‬
                                                                                                            ‫املسلمون كون إىل مكة‬
                                                                                                                       ‫يتحر‬
     ‫وحترك يف اجتاه مكة، فلما كان بذي احلُلَيْـفة قَـلَّد اهلدي وأشعره، وأحرم بالعمرة؛ ليأمن الناس من حربه، وبعث بني يديه عيناً له من‬
                                                                     ‫ْ ََ‬                 ‫َ‬
‫خزاعة خيربه عن قريش، حىت إذا كان قريباً من عسفان أتاه عينه، فقال: إين كت كعب بن لؤي قد مجعوا لك األحابيش ، ومجعوا لك‬
                                                     ‫تر‬                       ‫ُ َْ‬
    ‫مجوعاً، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، واستشار النيب صلى اهلل عليه وسلم أصحابه، وقال: (أترون منيل إىل ذراري هؤالء الذين‬
     ‫أعانوهم فنصيبهم؟ فإن قعدوا قعدوا موتورين حمزونني، وإن جنوا يكن عنق قطعها اهلل، أم تريدون أن نؤم هذا البيت فمن صدنا عنه‬
‫قاتلناه؟) فقال أبو بكر: اهلل ورسوله أعلم، إمنا جئنا معتمرين، ومل جنئ لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبني البيت قاتلناه، فقال النيب‬
                                                                                               ‫صلى اهلل عليه وسلم: (فروحوا)، فراحوا.‬
‫حماولة قريش صد املسلمني عن البيت‬       ‫‪‬‬
   ‫كانت قريش ملا مسعت خبروج النيب صلى اهلل عليه وسلم عقدت جملساً استشارياً قررت فيه صد املسلمني عن البيت كيفما ْيكن، فبعد أن أعرض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬                ‫و‬
                                                     ‫ِ‬
    ‫عن األحابيش، نقل إليه رجل من بين كعب أن قريشاً نازلة بذي طُوي، وأن مائيت فارس يف قيادة خالد بن الوليد مرابطة بكراع الغَميم يف الطريق الرئيسي الذي يوصل إىل مكة.‬
                                                        ‫َُ‬                                                   ‫َ‬
      ‫وقد حاول خالد صد املسلمني، فقام بفرسانه إزاءهم يرتاءي اجليشان. ورأي خالد املسلمني يف صالة الظهر كعون ويسجدون، فقال: لقد كانوا على غرة، لو كنا محلنا عليهم‬
                                                                    ‫ير‬
                                         ‫ألصبنا منهم، مث قرر أن ْييل على املسلمني ـ وهم يف صالة العصر ـ ميلة واحدة، ولكن اهلل أنزل حكم صالة اخلوف، ففاتت الفرصة خالداً.‬
                                                                                                                                      ‫تبديل الطريق وحماولة اجتناب اللقاء الدامي‬
       ‫وأخذ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم طريقاً وعرا بني شعاب، وسلك هبم ذات اليمني بني ظهري احلَمض يف طريق خترجه على ثنية املرار مهبط احلديبية من أسفل مكة، وترك‬
                                                  ‫َُ‬                        ‫ْ‬                                                    ‫َ ًْ‬
                         ‫الطريق الرئيسي الذي يفضي إىل احلرم ماراً بالتنعيم، كه إىل اليسار، فلما رأي خالد قَـتَـرة اجليش اإلسالمي قد خالفوا عن طريقه انطلق كض نذيراً لقريش.‬
                                             ‫ير‬                                          ‫َ‬                                 ‫تر‬
‫وسار رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حىت إذا كان بثنية املرار كت راحلته، فقال الناس: حل حل، فأحلَّت ، فقالوا: خألت القصواء، فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم: (ما خألت‬
                                                                        ‫َْ َْ َ ْ‬                                ‫بر‬
  ‫القصواء، وما ذاك هلا خبلق، ولكن حبسها حابس الفيل)، مث قال: (والذي نفسي بيده ال يسألوين خطة يعظمون فيها حرمات اهلل إال أعطيتهم إياها)، مث زجرها فوثبت به، فعدل‬
‫حىت نزل بأقصي احلديبية، على ََد قليل املاء، إمنا يتربضه الناس تربضاً، فلم يلبث أن نزحوه. فشكوا إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم العطش، ع سهماً من كنانته، مث أمرهم‬
                               ‫فانتز‬                                                                                                           ‫مث‬
                                                                                                                        ‫أن جيعلوه فيه، فواهلل ما زال جييش هلم بالري حىت صدروا.‬
                                                                                                                          ‫بُديْل يتوسط بني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وقريش‬‫َ‬
     ‫وملا اطمأن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم جاء بديل بن ورقَاء اخلزاعي يف نفر من خزاعة، كانت خزاعة عْيبَة نُصح لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من أهل تُهامة، فقال: إين‬
                  ‫ـَ َ‬                                            ‫َ ْ‬                ‫و‬                               ‫َْ‬
‫كت كعب ابن لؤي، نزلوا أعداد مياه احلديبية، معهم العُوذ املطَافِيل ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت. قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم: (إنا مل جنئ لقتال أحد، ولكنا جئنا‬
                                                                                       ‫َ‬                                                                                     ‫تر‬
    ‫معتمرين، وإن قريشاً قد هنكتهم احلرب وأضرت هبم، فإن شاءوا ماددهتم، وخيلوا بيين وبني الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإال فقد مجُّوا ، وإن هم أبوا‬
                       ‫َ‬
                                                                                 ‫إال القتال فوالذي نفسي بيده ألقاتلنهم على أمري هذا حىت تنفرد سالفيت، أو لينفذن اهلل أمره).‬
                                       ‫قال بديل: سأبلغهم ما تقول، فانطلق حىت أيت قريشاً، فقال: إين قد جئتكم من عند هذا الرجل، ومسعته يقول قوال، فإن شئتم عرضته عليكم.‬
                                                ‫ِ‬
  ‫فقال سفهاؤهم: ال حاجة لنا أن حتدثنا عنه بشيء. وقال ذوو الرأي منهم: هات ما مسعته. قال: مسعته يقول كذا كذا، فبعثت قريش م ْرز بن حفص، فلما رآه رسول اهلل صلى‬
                                            ‫كَ‬                  ‫و‬
                                                              ‫اهلل عليه وسلم قال: هذا رجل غادر، فلما جاء وتكلم قال له مثل ما قال لبديل وأصحابه، فرجع إىل قريش وأخربهم.‬
‫بُديْل يتوسط بني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وقريش‬   ‫َ‬    ‫‪‬‬
   ‫وملا اطمأن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم جاء بديل بن ورقَاء اخلزاعي يف نفر من خزاعة، كانت خزاعة‬
                ‫و‬                               ‫َْ‬
   ‫عْيبَة نُصح لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من أهل تُـهامة، فقال: إين كت كعب ابن لؤي، نزلوا أعداد‬
                                    ‫تر‬             ‫ََ‬                                               ‫َ ْ‬
      ‫يل ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت. قال رسول اهلل صلى اهلل عليه‬       ‫مياه احلديبية، معهم العوذ املطَافِ‬
                                                   ‫َ‬                                 ‫ُ‬
‫وسلم: (إنا مل جنئ لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشاً قد هنكتهم احلرب وأضرت هبم، فإن شاءوا‬
‫ماددهتم، وخيلوا بيين وبني الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإال فقد مجُّوا ، وإن هم‬
              ‫َ‬
        ‫أبوا إال القتال فوالذي نفسي بيده ألقاتلنهم على أمري هذا حىت تنفرد سالفيت، أو لينفذن اهلل أمره).‬
   ‫قال بديل: سأبلغهم ما تقول، فانطلق حىت أيت قريشاً، فقال: إين قد جئتكم من عند هذا الرجل، ومسعته‬
                                                                    ‫يقول قوال، فإن شئتم عرضته عليكم.‬
    ‫فقال سفهاؤهم: ال حاجة لنا أن حتدثنا عنه بشيء. وقال ذوو الرأي منهم: هات ما مسعته. قال: مسعته‬
                                                                           ‫ِ‬
   ‫يقول كذا كذا، فبعثت قريش م ْرز بن حفص، فلما رآه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال: هذا رجل‬
                                                                        ‫كَ‬                      ‫و‬
                      ‫غادر، فلما جاء وتكلم قال له مثل ما قال لبديل وأصحابه، فرجع إىل قريش وأخربهم.‬
‫رسل قريش‬     ‫‪‬‬
  ‫مث قال رجل من كنانة ـ امسه احلُلَْيس بن علقمة: دعوين آته. فقالوا: ائته، فلما أشرف على النيب صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه قال‬
    ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم: (هذا فالن، وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها)، فبعثوها له، واستقبله القوم يلبون، فلما رأي‬
  ‫ذلك. قال: سبحان اهلل ما ينبغي هلؤالء أن يصدوا عن البيت، فرجع إىل أصحابه، فقال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، وما أري‬
                                                                                 ‫أن يصدوا، وجري بينه وبني قريش كالم أحفظه.‬
  ‫فقال عروة بن مسعود الثقفي: إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها، ودعوين آته، فأتاه، فجعل يكلمه، فقال له النيب صلى‬
                                                                  ‫ُْ‬
    ‫اهلل عليه وسلم حنواً من قوله لبديل. فقال له عروة عند ذلك: أي حممد أرأيت لو استأصلت قومك، هل مسعت بأحد من العرب‬
‫اجتاح أهله قبلك، وإن تكن األخري فواهلل إين ال أري وجوها، وإين أري أوباشا من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، قال له أبو بكر:‬
            ‫ْ َِ‬
     ‫امصص بَظْر الالت، أحنن نفر عنه؟ قال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده لوال يد كانت عندي مل أجزك هبا‬
  ‫ألجبتك. وجعل يكلم النيب صلى اهلل عليه وسلم، كلما كلمه أخذ بلحيته، واملغرية بن شعبة عند رأس النيب صلى اهلل عليه وسلم،‬
                                                                             ‫و‬
‫ومعه السيف وعليه املِغفر، فكلما أهوي عروة إىل حلية النيب صلى اهلل عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف، وقال: أخر يدك عن حلية‬
                                                                                                        ‫َُْ‬
            ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، فرفع عروة رأسه، وقال: من ذا؟ قالوا: املغرية بن شعبة، فقال: أي عذر، أو لست أسعي يف‬
                      ‫ُ‬          ‫َُ‬
 ‫غدرتِك؟ كان املغرية صحب قوماً يف اجلاهلية فقتلهم وأخذ أمواهلم، مث جاء فأسلم، فقال النبـي صلى اهلل عليه وسلم: (أما اإلسالم‬
                                                                                                    ‫َ َ‬
                                                                                                       ‫ِ‬            ‫ََْ و‬
                                                             ‫فأقبل، وأما املال فلست منـه فـي شيء) ( كان املغرية ابن أخي عروة).‬
                                                                                      ‫و‬                                  ‫ُ‬
  ‫مث إن عروة جعل يرمق أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وتعظيمهم له، فرجع إىل أصحابه، فقال: أي قوم، واهلل لقد وفدت‬
      ‫على امللوك، على قيصر كسري والنجاشي، واهلل ما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب حممد حممداً، واهلل إن تَـنَخم‬
       ‫َّ َ‬                                                                                            ‫و‬
   ‫خنامة إال وقعت يف كف رجل منهم، فدلك هبا وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا‬
                                           ‫ٍْ‬                                               ‫ُِد‬
                                 ‫تكلم خفضوا أصواهتم عنده، وما حي ُّون إليه النظر تعظيماً له، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها.‬
                                              ‫ُ‬
‫هو الذي كف أيديهم عنكم‬            ‫‪‬‬
         ‫وملا رأي شباب قريش الطائشون، الطاحمون إىل احلرب، رغبة زعمائهم يف الصلح فكروا يف خطة حتول بينهم وبني‬
‫الصلح، فقرروا أن خيرجوا ليالً، ويتسللوا إىل معسكر املسلمني، وحيدثوا أحداثاً تشعل نار احلرب، وفعالً قد قاموا بتنفيذ‬
 ‫هذا القرار، فقد ج سبعون أو مثانون منهم ليالً فهبطوا من جبل التنعيم، وحاولوا التسلل إىل معسكر املسلمني، غري‬
                                                                                                   ‫خر‬
                                                                     ‫أن حممد بن مسلمة قائد احلرس اعتقلهم مجيعاً.‬
     ‫ِ‬           ‫ِ‬
‫ورغبة ف ــي الصلــح أطلـق سراحهم النيب صلى اهلل عليه وسلم وعفا عنـهم، ويف ذلك أنزل اهلل: {وهو الَّذي كف أَيْديـَهم‬
‫َ َّ ُ ْ‬             ‫َ َُ‬                                    ‫ِ َ َّ ِ ْ ِ ْ َ رُ َ ِ‬                         ‫ِ‬
                                           ‫عنكم وأَيْديَكم عْنـهم بِبَطْن مكةَ من بـَعد أَن أَظْفكم علَْيهم} [الفتح: 42]‬
                                                           ‫ْ‬      ‫َْ‬                               ‫َ ُْ َ ُْ َ ُ‬
                                                                                      ‫عثمان بن عفان سفرياً إىل قريش‬
 ‫وحينئذ أراد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن يبعث سفرياً كد لدي قريش موقفه وهدفه من هذا السفر، فدعا عمر‬
                                                        ‫يؤ‬
          ‫بن اخلطاب لريسله إليهم، فاعتذر قائالً: يا رسول اهلل، ليس يل أحد مبكة من بين عدي بن كعب يغضب يل إن‬
‫أوذيت، فأرسل عثمان بن عفان، فإن عشريته هبا، وإنه مبلغ ما أردت، فدعاه، وأرسله إىل قريش، وقال: أخربهم أنا مل‬
          ‫نأت لقتال، وإمنا جئنا عماراً، وادعهم إىل اإلسالم، وأمره أن يأيت رجاالً مبكة مؤمنني، ونساء مؤمنات، فيبشرهم‬
                                ‫بالفتح، وخيربهم أن اهلل عز وجل مظهر دينه مبكة، حىت ال يستخفي فيها أحد باإلْيان.‬
  ‫فانطلق عثمان حىت مر على قريش بِبَـ ْلدح، فقالوا: أين تريد؟ فقال: بعثين رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بكذا كذا،‬
        ‫و‬                                                                     ‫َ‬
‫قالوا: قد مسعنا ما تقول، فانفذ حلاجتك، وقام إليه أبان ابن سعيد بن العاص، فرحب به مث ج فرسه، فحمل عثمان‬
                          ‫أسر‬
    ‫على الفرس، وأجاره وأردفه حىت جاء مكة، وبلغ الرسالة إىل زعماء قريش، فلما غ عرضوا عليه أن يطوف بالبيت،‬
                                     ‫فر‬
                                       ‫فرفض هذا العرض، وأيب أن يطوف حىت يطوف رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم.‬
‫إشاعة مقتل عثمان وبيعة الرضوان‬            ‫‪‬‬
       ‫واحتبسته قريش عندها ـ ولعلهم أرادوا أن يتشاوروا فيما بينهم يف الوضع الراهن، ويربموا أمرهم، مث يردوا‬
‫عثمان جبواب ما جاء به من الرسالة ـ وطال االحتباس، فشاع بني املسلمني أن عثمان قتل، فقال رسول اهلل‬
    ‫صلى اهلل عليه وسلم ملا بلغته اإلشاعة: (ال نربح حىت نناجز القوم)، مث دعا أصحابه إىل البيعة، فثاروا إليه‬
        ‫يبايعونه على أال يفروا، وبايعته مجاعة على املوت، وأول من بايعه أبو سنان األسدي، وبايعه سلمة بن‬
    ‫األكوع على املوت ثالث مرات، يف أول الناس ووسطهم وآخرهم، وأخذ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫بيد نفسه وقال: (هذه عن عثمان). وملا متت البيعة جاء عثمان فبايعه، ومل يتخلف عن هذه البيعة إال رجل‬
                                                                                    ‫َ ُّ‬
                                                                         ‫من املنافقني يقال له: جد بن قَـْيس.‬
                     ‫ِ‬
‫أخذ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هذه البيعة حتت شجرة، كان عمر آخذا بيده، ومعقل بن يَسار آخذا‬
                                              ‫و‬
            ‫َ‬          ‫َْ‬
 ‫بغصن الشجرة يرفعه عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، وهذه هي بيعة الرضوان اليت أنزل اهلل فيها: {لَقد‬
 ‫َْ‬
                                        ‫رضي اللَّهُ عن الْمؤمنِني إِذ يـُبَايِعونَك حتْت َّجرةِ}اآلية [الفتح: 81]‬
                                                             ‫َ ِ ُ ْ َ ْ ُ َ َ َ الش َ َ‬
                                                                                            ‫ِ‬                  ‫ِ‬
                                                                                                                 ‫َ‬
                                                                                              ‫إبرامَ الصلح وبنوده‬
      ‫وعرفت قريش ضيق املوقف، فأسرعت إىل بعث سهْيل بن عمرو لعقد الصلح، وأكدت له أال يكون يف‬
                                                         ‫َُ‬
         ‫الصلح إال أن يرجع عنا عامه هذا، ال تتحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبداً، فأتاه سهيل بن‬
        ‫عمرو، فلما رآه  قال: (قد سهل لكم كم)، أراد القوم الصلح حني بعثوا هذا الرجل، فجاء سهيل‬
                                                                  ‫أمر‬
                                                                    ‫فتكلم طويالً، مث اتفقا على قواعد الصلح،‬
‫كانت خيرب مدينة كبرية ذات حصون ومز ع على بعد مثانني ميال من املدينة يف جهة الشمال، وهي اآلن قرية يف مناخها بعض الوخامة.‬
                                                                                                        ‫ار‬                                             ‫‪‬‬
                                                                                                                                        ‫سبب الغزوة‬
       ‫وملا اطمأن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من أقوي أجنحة األحزاب الثالثة، وهو قريش، وأمن منه متاماً بعد صلح احلديبية أراد أن حياسب‬
     ‫اجلناحني الباقيني ـ اليهود وقبائل جند ـ حىت يتم األمن والسالم، ويسود اهلدوء يف املنطقة، غ املسلمون من الصراع الدامي املتواصل إىل تبليغ‬
                                                     ‫ويفر‬
                                                                                                                           ‫رسالة اهلل والدعوة إليه.‬
‫وملا كانت خيرب هي كرة الدس والتآمر كز االستفزازات العسكرية، ومعدن التحرشات وإثارة احلروب، كانت هي اجلديرة بالتفات املسلمني أوال.‬
                                                                                                         ‫ومر‬                ‫و‬
    ‫أما كون خيرب هبذه الصفة، فال ننسي أن أهل خيرب هم الذين حزبوا األحزاب ضد املسلمني، وأثاروا بين قريظة على الغدر واخليانة، مث أخذوا يف‬
    ‫االتصاالت باملنافقني ـ الطابور اخلامس يف اجملتمع اإلسالمي ـ وبغطفان وأعراب البادية ـ اجلناح الثالث من األحزاب ـ كانوا هم أنفسهم يتهيأون‬
                              ‫و‬
     ‫للقتال، فألقوا املسلمني بإجراءاهتم هذه يف حمن متوصلة، حىت وضعوا خطة الغتيال النيب صلى اهلل عليه وسلم، وإزاء ذلك اضطر املسلمون إىل‬
                                                                 ‫ِ‬
  ‫بعوث متواصلة، وإىل الفتك برأس هؤالء املتآمرين، مثل سالم بن أيب احلُقْيق، وأسري بن زارم، ولكن الواجب على املسلمني إزاء هؤالء اليهود كان‬
                                                                          ‫َ‬
‫أكرب من ذلك، وإمنا أبطأوا يف القيام هبذا الواجب ؛ ألن قوة أكرب وأقوي وألد وأعند منهم ـ وهي قريش ـ كانت جماهبة للمسلمني، فلما انتهت هذه‬
                                                                                   ‫اجملاهبة صفا اجلو حملاسبة هؤالء اجملرمني، واقرتب هلم يوم احلساب.‬
                                                                                                                                   ‫اخلروج إىل خيرب‬
      ‫قال ابن إسحاق: أقام رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم باملدينة حني رجع من احلديبية ذا احلجة وبعض احملرم، مث ج يف بقية احملرم إىل خيرب.‬
                                ‫خر‬
                                                                   ‫ِ‬
      ‫قال املفسرون: إن خيرب كانت وعدا وعدها اهلل تعاىل بقوله: {وعدكم اللَّهُ مغَاِن كثِرية تَأْخذونَـها فَـعجل لَكم هذهِ} [الفتح: 02] يعين صلح‬
                                   ‫َّ ُ ِ‬
                                    ‫َ َ َ ُ ُ َ َ َ ًَ ُ ُ َ َ َ ْ َ‬
                                                                                                                   ‫احلديبية، وباملغاِن الكثرية خيرب.‬
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh
Mohammed ppuh

Mais conteúdo relacionado

Mais procurados

قصص القران الكيم
قصص القران الكيمقصص القران الكيم
قصص القران الكيمNoor Al Islam
 
احك لطفلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
احك لطفلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلماحك لطفلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
احك لطفلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلمIslamic Invitation
 
عـلـي_إبـن_أبـي_طـالب
عـلـي_إبـن_أبـي_طـالبعـلـي_إبـن_أبـي_طـالب
عـلـي_إبـن_أبـي_طـالبHassan Boubakri
 
عمر-إبن_الخطاب
عمر-إبن_الخطابعمر-إبن_الخطاب
عمر-إبن_الخطابHassan Boubakri
 
أبو بكر الصديق
أبو بكر الصديقأبو بكر الصديق
أبو بكر الصديقMero Cool
 
قصص القران
قصص القرانقصص القران
قصص القرانEmad Khalil
 
omarbenelkhattab-الفاروق عمر بن الخطاب
omarbenelkhattab-الفاروق عمر بن الخطابomarbenelkhattab-الفاروق عمر بن الخطاب
omarbenelkhattab-الفاروق عمر بن الخطابF El Mohdar
 
الخلفاء الراشدين
الخلفاء الراشدينالخلفاء الراشدين
الخلفاء الراشدينmeeto80
 
أخلاق_سيد_الخلق
أخلاق_سيد_الخلقأخلاق_سيد_الخلق
أخلاق_سيد_الخلقHassan Boubakri
 
abubakr-أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه
abubakr-أبو بكر الصدّيق رضي الله عنهabubakr-أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه
abubakr-أبو بكر الصدّيق رضي الله عنهF El Mohdar
 
أبو بكر_الصديق
أبو بكر_الصديقأبو بكر_الصديق
أبو بكر_الصديقHassan Boubakri
 
العشرة المبشرون بالجنة ـ الجزء الثاني
العشرة المبشرون بالجنة ـ الجزء الثانيالعشرة المبشرون بالجنة ـ الجزء الثاني
العشرة المبشرون بالجنة ـ الجزء الثانيغايتي الجنة
 

Mais procurados (16)

قصص القران الكيم
قصص القران الكيمقصص القران الكيم
قصص القران الكيم
 
احك لطفلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
احك لطفلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلماحك لطفلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
احك لطفلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
 
المشبرون 2ج
المشبرون 2ج المشبرون 2ج
المشبرون 2ج
 
قصص القران
قصص القرانقصص القران
قصص القران
 
المبشرون 1ج
المبشرون 1ج المبشرون 1ج
المبشرون 1ج
 
عـلـي_إبـن_أبـي_طـالب
عـلـي_إبـن_أبـي_طـالبعـلـي_إبـن_أبـي_طـالب
عـلـي_إبـن_أبـي_طـالب
 
عمر-إبن_الخطاب
عمر-إبن_الخطابعمر-إبن_الخطاب
عمر-إبن_الخطاب
 
أبو بكر الصديق
أبو بكر الصديقأبو بكر الصديق
أبو بكر الصديق
 
قصص القران
قصص القرانقصص القران
قصص القران
 
omarbenelkhattab-الفاروق عمر بن الخطاب
omarbenelkhattab-الفاروق عمر بن الخطابomarbenelkhattab-الفاروق عمر بن الخطاب
omarbenelkhattab-الفاروق عمر بن الخطاب
 
الخلفاء الراشدين
الخلفاء الراشدينالخلفاء الراشدين
الخلفاء الراشدين
 
أخلاق_سيد_الخلق
أخلاق_سيد_الخلقأخلاق_سيد_الخلق
أخلاق_سيد_الخلق
 
abubakr-أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه
abubakr-أبو بكر الصدّيق رضي الله عنهabubakr-أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه
abubakr-أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه
 
اخبار الاذكياء
اخبار الاذكياءاخبار الاذكياء
اخبار الاذكياء
 
أبو بكر_الصديق
أبو بكر_الصديقأبو بكر_الصديق
أبو بكر_الصديق
 
العشرة المبشرون بالجنة ـ الجزء الثاني
العشرة المبشرون بالجنة ـ الجزء الثانيالعشرة المبشرون بالجنة ـ الجزء الثاني
العشرة المبشرون بالجنة ـ الجزء الثاني
 

Destaque

Concurso Iconing Building - Globant Tandil
Concurso Iconing Building - Globant TandilConcurso Iconing Building - Globant Tandil
Concurso Iconing Building - Globant TandilGlobant
 
TBV Dijital Gündem Türkiye
TBV Dijital Gündem TürkiyeTBV Dijital Gündem Türkiye
TBV Dijital Gündem TürkiyeMustafa Kuğu
 
Mengenal & Mendaftar di Gmail
Mengenal & Mendaftar di GmailMengenal & Mendaftar di Gmail
Mengenal & Mendaftar di GmailAnanta Bangun
 
Black & Latino dominance on Twitter & Facebook, yet omission from Social Medi...
Black & Latino dominance on Twitter & Facebook, yet omission from Social Medi...Black & Latino dominance on Twitter & Facebook, yet omission from Social Medi...
Black & Latino dominance on Twitter & Facebook, yet omission from Social Medi...Golin
 
Indefinite pronouns updated
Indefinite pronouns updatedIndefinite pronouns updated
Indefinite pronouns updatedLorenachumbravo
 
60 seconds
60 seconds60 seconds
60 secondsAna Luis
 
Twitter Improves Seasonal Influenza Prediction
Twitter Improves Seasonal Influenza PredictionTwitter Improves Seasonal Influenza Prediction
Twitter Improves Seasonal Influenza PredictionHarshavardhan Achrekar
 
論文紹介: What’s in a like- attitudes and behaviors around receiving likes on fac...
論文紹介: What’s in a like- attitudes and behaviors around receiving likes on fac...論文紹介: What’s in a like- attitudes and behaviors around receiving likes on fac...
論文紹介: What’s in a like- attitudes and behaviors around receiving likes on fac...Masanori Takano
 
Argela tanıtım bt ihracat toplantısı_2014
Argela tanıtım bt ihracat toplantısı_2014Argela tanıtım bt ihracat toplantısı_2014
Argela tanıtım bt ihracat toplantısı_2014Mustafa Kuğu
 
Tripwire MarchApril 2012
Tripwire MarchApril  2012Tripwire MarchApril  2012
Tripwire MarchApril 2012ruralfringe
 
Integrating Webtools for Performance-based Chinese Classroom
Integrating Webtools for Performance-based Chinese ClassroomIntegrating Webtools for Performance-based Chinese Classroom
Integrating Webtools for Performance-based Chinese ClassroomJoanne Shang
 

Destaque (20)

Partner Country
Partner CountryPartner Country
Partner Country
 
Concurso Iconing Building - Globant Tandil
Concurso Iconing Building - Globant TandilConcurso Iconing Building - Globant Tandil
Concurso Iconing Building - Globant Tandil
 
TBV Dijital Gündem Türkiye
TBV Dijital Gündem TürkiyeTBV Dijital Gündem Türkiye
TBV Dijital Gündem Türkiye
 
Mengenal & Mendaftar di Gmail
Mengenal & Mendaftar di GmailMengenal & Mendaftar di Gmail
Mengenal & Mendaftar di Gmail
 
Black & Latino dominance on Twitter & Facebook, yet omission from Social Medi...
Black & Latino dominance on Twitter & Facebook, yet omission from Social Medi...Black & Latino dominance on Twitter & Facebook, yet omission from Social Medi...
Black & Latino dominance on Twitter & Facebook, yet omission from Social Medi...
 
EYPigeon
EYPigeonEYPigeon
EYPigeon
 
Eucaristia - repartir unir
Eucaristia - repartir unirEucaristia - repartir unir
Eucaristia - repartir unir
 
Indefinite pronouns updated
Indefinite pronouns updatedIndefinite pronouns updated
Indefinite pronouns updated
 
60 seconds
60 seconds60 seconds
60 seconds
 
Twitter Improves Seasonal Influenza Prediction
Twitter Improves Seasonal Influenza PredictionTwitter Improves Seasonal Influenza Prediction
Twitter Improves Seasonal Influenza Prediction
 
강의자료6
강의자료6강의자료6
강의자료6
 
Responding to objection
Responding to objectionResponding to objection
Responding to objection
 
Corso lim lez 3
Corso lim   lez 3Corso lim   lez 3
Corso lim lez 3
 
論文紹介: What’s in a like- attitudes and behaviors around receiving likes on fac...
論文紹介: What’s in a like- attitudes and behaviors around receiving likes on fac...論文紹介: What’s in a like- attitudes and behaviors around receiving likes on fac...
論文紹介: What’s in a like- attitudes and behaviors around receiving likes on fac...
 
Argela tanıtım bt ihracat toplantısı_2014
Argela tanıtım bt ihracat toplantısı_2014Argela tanıtım bt ihracat toplantısı_2014
Argela tanıtım bt ihracat toplantısı_2014
 
EBS Digest #5
EBS Digest #5 EBS Digest #5
EBS Digest #5
 
Adk
AdkAdk
Adk
 
Tripwire MarchApril 2012
Tripwire MarchApril  2012Tripwire MarchApril  2012
Tripwire MarchApril 2012
 
Integrating Webtools for Performance-based Chinese Classroom
Integrating Webtools for Performance-based Chinese ClassroomIntegrating Webtools for Performance-based Chinese Classroom
Integrating Webtools for Performance-based Chinese Classroom
 
Jesus
JesusJesus
Jesus
 

Semelhante a Mohammed ppuh

alibinabitalib-علي بن أبي طالب رضي الله عنه
alibinabitalib-علي بن أبي طالب رضي الله عنهalibinabitalib-علي بن أبي طالب رضي الله عنه
alibinabitalib-علي بن أبي طالب رضي الله عنهF El Mohdar
 
عـلـي إبـن أبـي طـالـب
عـلـي إبـن أبـي طـالـبعـلـي إبـن أبـي طـالـب
عـلـي إبـن أبـي طـالـبHassan Boubakri
 
إغتيالات محمدية
إغتيالات محمديةإغتيالات محمدية
إغتيالات محمديةCrossMuslims
 
عائلة الزين الطرابيشي
عائلة الزين الطرابيشيعائلة الزين الطرابيشي
عائلة الزين الطرابيشيnuhakamal
 
Religion 6th-primary-2nd-term- (1)
Religion 6th-primary-2nd-term- (1)Religion 6th-primary-2nd-term- (1)
Religion 6th-primary-2nd-term- (1)khawagah
 
السيرة النبوية مختصرة
السيرة النبوية مختصرةالسيرة النبوية مختصرة
السيرة النبوية مختصرةMero Cool
 
Holy Zamzam water
Holy Zamzam waterHoly Zamzam water
Holy Zamzam waterrabubakar
 
Al sirah al-nabawiyah li ibn hisham
Al sirah al-nabawiyah li ibn hishamAl sirah al-nabawiyah li ibn hisham
Al sirah al-nabawiyah li ibn hishamSuhaila Zailani
 
كتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألباني
كتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألبانيكتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألباني
كتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألبانيwayislam
 
كتاب رقم ( 202 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 202 ) من سلسلة الكاملكتاب رقم ( 202 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 202 ) من سلسلة الكاملAhmedNaser92
 
الكامل في إثبات أن قصة عمر بن الخطاب مع القبطي وعمرو بن العاص ومتي استعبدتم ا...
الكامل في إثبات أن قصة عمر بن الخطاب مع القبطي وعمرو بن العاص ومتي استعبدتم ا...الكامل في إثبات أن قصة عمر بن الخطاب مع القبطي وعمرو بن العاص ومتي استعبدتم ا...
الكامل في إثبات أن قصة عمر بن الخطاب مع القبطي وعمرو بن العاص ومتي استعبدتم ا...MaymonSalim
 
فى فضل سورة الكهف
فى فضل سورة الكهففى فضل سورة الكهف
فى فضل سورة الكهفF El Mohdar
 
othmanbenaffan-ذو النورين عثمان بن عفان
 othmanbenaffan-ذو النورين عثمان بن عفان othmanbenaffan-ذو النورين عثمان بن عفان
othmanbenaffan-ذو النورين عثمان بن عفانF El Mohdar
 
2 معجزات الرسول
2 معجزات الرسول2 معجزات الرسول
2 معجزات الرسولGhassan Azmouz
 

Semelhante a Mohammed ppuh (20)

تعرف على نبيك
تعرف على نبيكتعرف على نبيك
تعرف على نبيك
 
alibinabitalib-علي بن أبي طالب رضي الله عنه
alibinabitalib-علي بن أبي طالب رضي الله عنهalibinabitalib-علي بن أبي طالب رضي الله عنه
alibinabitalib-علي بن أبي طالب رضي الله عنه
 
عـلـي إبـن أبـي طـالـب
عـلـي إبـن أبـي طـالـبعـلـي إبـن أبـي طـالـب
عـلـي إبـن أبـي طـالـب
 
 
إغتيالات محمدية
إغتيالات محمديةإغتيالات محمدية
إغتيالات محمدية
 
عائلة الزين الطرابيشي
عائلة الزين الطرابيشيعائلة الزين الطرابيشي
عائلة الزين الطرابيشي
 
Religion 6th-primary-2nd-term- (1)
Religion 6th-primary-2nd-term- (1)Religion 6th-primary-2nd-term- (1)
Religion 6th-primary-2nd-term- (1)
 
السيرة النبوية مختصرة
السيرة النبوية مختصرةالسيرة النبوية مختصرة
السيرة النبوية مختصرة
 
Zamzam water
Zamzam waterZamzam water
Zamzam water
 
Holy Zamzam water
Holy Zamzam waterHoly Zamzam water
Holy Zamzam water
 
Al sirah al-nabawiyah li ibn hisham
Al sirah al-nabawiyah li ibn hishamAl sirah al-nabawiyah li ibn hisham
Al sirah al-nabawiyah li ibn hisham
 
كتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألباني
كتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألبانيكتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألباني
كتاب صحيح السيرة النبوية بقلم الشيخ الألباني
 
قصص الأنبياء
قصص الأنبياءقصص الأنبياء
قصص الأنبياء
 
الحج 1
الحج 1الحج 1
الحج 1
 
كتاب رقم ( 202 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 202 ) من سلسلة الكاملكتاب رقم ( 202 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 202 ) من سلسلة الكامل
 
الكامل في إثبات أن قصة عمر بن الخطاب مع القبطي وعمرو بن العاص ومتي استعبدتم ا...
الكامل في إثبات أن قصة عمر بن الخطاب مع القبطي وعمرو بن العاص ومتي استعبدتم ا...الكامل في إثبات أن قصة عمر بن الخطاب مع القبطي وعمرو بن العاص ومتي استعبدتم ا...
الكامل في إثبات أن قصة عمر بن الخطاب مع القبطي وعمرو بن العاص ومتي استعبدتم ا...
 
فى فضل سورة الكهف
فى فضل سورة الكهففى فضل سورة الكهف
فى فضل سورة الكهف
 
othmanbenaffan-ذو النورين عثمان بن عفان
 othmanbenaffan-ذو النورين عثمان بن عفان othmanbenaffan-ذو النورين عثمان بن عفان
othmanbenaffan-ذو النورين عثمان بن عفان
 
علي بن أبي طالب
علي بن أبي طالبعلي بن أبي طالب
علي بن أبي طالب
 
2 معجزات الرسول
2 معجزات الرسول2 معجزات الرسول
2 معجزات الرسول
 

Mais de Motasem Ash

Falgs of countries with > 30% muslim population
Falgs of countries with > 30% muslim populationFalgs of countries with > 30% muslim population
Falgs of countries with > 30% muslim populationMotasem Ash
 
Muslims world map
Muslims world mapMuslims world map
Muslims world mapMotasem Ash
 
Maintenance types
Maintenance typesMaintenance types
Maintenance typesMotasem Ash
 
Hydraulic power plant 1
Hydraulic power plant 1Hydraulic power plant 1
Hydraulic power plant 1Motasem Ash
 
Turbine types full
Turbine types fullTurbine types full
Turbine types fullMotasem Ash
 
Impulse turbines
Impulse turbinesImpulse turbines
Impulse turbinesMotasem Ash
 
الحروف العربية arabic alphabit
الحروف العربية arabic alphabitالحروف العربية arabic alphabit
الحروف العربية arabic alphabitMotasem Ash
 
Muslims history hirarchy
Muslims history hirarchy Muslims history hirarchy
Muslims history hirarchy Motasem Ash
 
Water turbine classifications
Water turbine classificationsWater turbine classifications
Water turbine classificationsMotasem Ash
 
Muslim history hirarchy refrenced
Muslim history hirarchy refrencedMuslim history hirarchy refrenced
Muslim history hirarchy refrencedMotasem Ash
 
تاريخ دول الإسلام
تاريخ دول الإسلامتاريخ دول الإسلام
تاريخ دول الإسلامMotasem Ash
 
Analyzing air flow through Sqaure duct
Analyzing air flow through Sqaure ductAnalyzing air flow through Sqaure duct
Analyzing air flow through Sqaure ductMotasem Ash
 
Analyzing air flow through Sqaure duct
Analyzing air flow through Sqaure ductAnalyzing air flow through Sqaure duct
Analyzing air flow through Sqaure ductMotasem Ash
 
Applying qfd for emergency department
Applying qfd for emergency departmentApplying qfd for emergency department
Applying qfd for emergency departmentMotasem Ash
 

Mais de Motasem Ash (20)

Falgs of countries with > 30% muslim population
Falgs of countries with > 30% muslim populationFalgs of countries with > 30% muslim population
Falgs of countries with > 30% muslim population
 
Muslims map 1
Muslims map 1Muslims map 1
Muslims map 1
 
Muslims world map
Muslims world mapMuslims world map
Muslims world map
 
Maintenance types
Maintenance typesMaintenance types
Maintenance types
 
Hydraulic power plant 1
Hydraulic power plant 1Hydraulic power plant 1
Hydraulic power plant 1
 
Turbine types full
Turbine types fullTurbine types full
Turbine types full
 
Impulse turbines
Impulse turbinesImpulse turbines
Impulse turbines
 
Energy
EnergyEnergy
Energy
 
Sinan pasa
Sinan pasaSinan pasa
Sinan pasa
 
الحروف العربية arabic alphabit
الحروف العربية arabic alphabitالحروف العربية arabic alphabit
الحروف العربية arabic alphabit
 
Mohammed ppuh
Mohammed ppuhMohammed ppuh
Mohammed ppuh
 
Muslims history hirarchy
Muslims history hirarchy Muslims history hirarchy
Muslims history hirarchy
 
Names of alah
Names of alahNames of alah
Names of alah
 
Names of alah
Names of alahNames of alah
Names of alah
 
Water turbine classifications
Water turbine classificationsWater turbine classifications
Water turbine classifications
 
Muslim history hirarchy refrenced
Muslim history hirarchy refrencedMuslim history hirarchy refrenced
Muslim history hirarchy refrenced
 
تاريخ دول الإسلام
تاريخ دول الإسلامتاريخ دول الإسلام
تاريخ دول الإسلام
 
Analyzing air flow through Sqaure duct
Analyzing air flow through Sqaure ductAnalyzing air flow through Sqaure duct
Analyzing air flow through Sqaure duct
 
Analyzing air flow through Sqaure duct
Analyzing air flow through Sqaure ductAnalyzing air flow through Sqaure duct
Analyzing air flow through Sqaure duct
 
Applying qfd for emergency department
Applying qfd for emergency departmentApplying qfd for emergency department
Applying qfd for emergency department
 

Mohammed ppuh

  • 1.
  • 2. ‫عني‬ ‫القائمة‬ ‫مولده‬ ‫نشأته‬ ‫ونسبه‬ ‫الدعوة‬ ‫الدعوة‬ ‫جهرا في‬ ‫سرا في‬ ‫بعثته‬ ‫مكة‬ ‫مكة‬ ‫بيعة العقبة‬ ‫بيعة العقبة‬ ‫اإلسراء‬ ‫الدعوة‬ ‫الثانية‬ ‫األولى‬ ‫والمعراج‬ ‫خارج مكة‬ ‫غزوة‬ ‫المرحلة‬ ‫الهجرة‬ ‫الخندق‬ ‫غزوة أحد‬ ‫غزوة بدر‬ ‫(األحزاب)‬ ‫المدنية‬ ‫إلى المدينة‬ ‫غزوة‬ ‫غزوة‬ ‫غزوة‬ ‫صلح‬ ‫وفاته‬ ‫فتح مكة‬ ‫تبوك‬ ‫مؤتة‬ ‫خيبر‬ ‫الحديبية‬ ‫مصادر‬ ‫قصص األنبياء‬ ‫سيرة ابن هشام‬ ‫تحدي.كوم‬ ‫الرحيق المختوم‬ ‫ويكيبديا‬
  • 3. ‫ولد صلى اهلل عليه وسلم يف مكة يف الثاين عشر من ربيع األول من عام الفيل‬ ‫‪‬‬ ‫(075 او 175 م). نسبه من جهة أبيه : حممد بن عبد اهلل (وهو الذبيح) بن عبد‬ ‫املطلب ـ وامسه شْيبَة ـ بن هاشم ـ وامسه عمرو ـ بن عبد مناف ـ وامسه املغرية ـ بن‬ ‫َ‬ ‫قُصى ـ وامسه زيد ـ بن كِالب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فِهر ـ وهو‬ ‫ْ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫امللقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة ـ بن مالك بن النَّضر ـ وامسه قيس ـ بن كِنَانة بن‬ ‫ْ‬ ‫خزْْيَة بن مدكة ـ وامسه عامـر ـ بن إلياس بن مضر بن نِزار بن معد بن عدنان ( هذا‬ ‫ََّ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ْر‬ ‫َُ‬ ‫اجلزء املتفق عليه من نسبه ) وممما ال شك فيه ان عدنان من صريح ولد إمساعيل‬ ‫عليه السالم.‬ ‫نسبه من جهة أمه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن حكيم ابن مرة الذي‬ ‫‪‬‬ ‫هو اجلد اخلامس للنيب صلى اهلل عليه وسلم من جهة أبيه.‬
  • 4. ‫تويف والده قبل مولده صلى اهلل عليه وسلم قبل والدته بشهرين ( اجلمهور) .‬ ‫‪‬‬ ‫توفيت أمه و هو يف السادسة من عمره .‬ ‫‪‬‬ ‫كفله جده عبداملطلب حىت وفاته وعمره 8 سنوات.‬ ‫‪‬‬ ‫كفله عمه أبو طالب .‬ ‫‪‬‬ ‫أرضعته حليمة السعدية يف ديار بين سعد .‬ ‫‪‬‬ ‫رعى الغنم ألهل مكة.‬ ‫‪‬‬ ‫عندما بلغ الثانية عشر من عمره سافر مع عمه للشام للتجارة و هناك قابل الراهب حبريى‬ ‫‪‬‬ ‫، كان عاملا باإلجنيل ، فنصح عمه أن جيعل حممد صلى اهلل عليه وسلم بعيدا عن اليهود،‬ ‫و‬ ‫قال حبريى : ((ارجع بابن أخيك إىل بلدك واحذر عليه اليهود فواهلل إن رأوه أو عرفوا منه‬ ‫الذي أعرف ليبغنه عنتًا، فإنه كائن البن أخيك شأن عظيم جنده يف كتبنا وما ورثنا من‬ ‫آبائنا))‬
  • 5. ‫لقب صلى اهلل عليه وسلم بالصادق األمني يف مكة.‬ ‫‪‬‬ ‫عرف عنه صلى اهلل عليه وسلم أنه مل يسجد لصنم قط.‬ ‫‪‬‬ ‫تزوج خدجية بنت خويلد وهو يف اخلامسة والعشرين من العمر.‬ ‫‪‬‬ ‫أجنب صلى اهلل عليه وسلم من خدجية القاسم و عبداهلل و فاطمة و أم كلثوم و‬ ‫‪‬‬ ‫زينب و رقية.‬ ‫كان ج لإلعتكاف والتفكر يف خلق الدنيا إىل غار حراء ، وهو غار موجود يف‬‫خير‬ ‫‪‬‬ ‫إحدى جبال مكة.‬ ‫بعث صلى اهلل عليه وسلم وهو يف األربعني من عمره، اذ نزل عليه الوحي بوساطة‬ ‫‪‬‬ ‫جربيل عليه السالم وهو معتكف يف غر حراء يف شهر رمضان املبارك.‬
  • 6. ‫بعث صلى اهلل عليه وسلم وهو يف األربعني من عمره وهو معتكف يف غار حراء.‬ ‫‪‬‬ ‫كان أول ما نزل عليه من القرأن عن طريق جربيل عليه السالم : (إقرأ) و اوائل سورة‬‫و‬ ‫‪‬‬ ‫العلق.‬ ‫رجع صلى اهلل عليه وسلم بعدها خائفا إىل زوجته خدجية وأبلغها مبا حصل، فذهبت‬ ‫‪‬‬ ‫إىل ورقة ابن نوفل كان ابن عمها كان تنصر يف اجلاهلية كان عاملا يف اإلجنيل،‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫فلما أتى سيدنا حممد صلى اهلل عليه و سلم وقص عليه ما جرى، بشره بأن ما رآه‬ ‫هو نفس امللك الذي أتى سيدنا عيسى عليه السالم من قبل، و وعده إن ادرك بعثته‬ ‫ليكونن من الناصرين لسيدنا حممد صلى اهلل عليه وسلم، لكنه ما لبث ان تويف.‬
  • 7. ‫كانت الدعوة اىل االسالم يف مكة قد بدأت سرا، كان يعقد اجتماع املسلمني يف‬ ‫و‬ ‫‪‬‬ ‫دار األرقم ابن ايب األرقم.‬ ‫كان أول من أمن من النساء خدجية بنت خويلد.‬ ‫‪‬‬ ‫كان أول من أمن من الصبيان علي بن أيب طالب كرم اهلل وجهه و رضي عنه.‬ ‫‪‬‬ ‫كان أول من أمن من الرجال أبو بكر الصديق رضي اهلل عنه.‬ ‫‪‬‬ ‫استمرت الدعوة السرية يف مكة 3 سنوات.‬ ‫‪‬‬
  • 8. ‫ِ ِ‬ ‫بدءت الدعوة جهرا مع نزول اآلية {وأَنذر عشريتَك األَقْـربِني} [الشعراء:412]‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫‪‬‬ ‫فصعد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إىل جبل الصفا ونادى يف أهل مكة ، فجاؤوه ومن‬ ‫‪‬‬ ‫مل يستطع بعث برسول لريى ما اخلطب ، فقال هلم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :‬ ‫((أرأيتكم لو أخربتكم أن خيال بالوادى بسفح هذا اجلبل تريد أن تغري عليكم أكنتم‬ ‫َْ‬ ‫ً‬ ‫مص ِّقِى؟).‬ ‫ُ َ د َّ‬ ‫قالوا: نعم، ما جربنا عليك كذبًا، ما جربنا عليك إال صدقًا.‬ ‫قال: (إىن نذير لكم بني يدى عذاب شديد، إمنا مثلى ومثلكم كمثل رجل رأي العدو‬ ‫َ ُّ‬ ‫فانطلق يَـ ْربَأ أهله)( أي يتطلع وينظر هلم من مكان مرتفع لئال يدمههم العدو) (خشى أن‬ ‫يسبقوه فجعل ينادى: يا صباحاه)‬ ‫مث دعاهم إىل احلق، وأنذرهم من عذاب اهلل.‬ ‫و مع بدء الدعوة اجلهرية، بدأت مراحل التحريض و اإلكراه والتعذيب حبق كل من اتبع‬ ‫‪‬‬ ‫هذا الدين.‬
  • 9. ‫وخالل هذه األيام أهم قريشا أمر آخر،وذلك أن اجلهر بالدعوة مل ْيض عليه إال أيام أو أشهر‬ ‫ً‬ ‫‪‬‬ ‫معدودة حىت قرب موسم احلج، وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم، فرأت أنه البد من كلمة‬ ‫يقولوهنا للعرب، يف شأن حممد صلى اهلل عليه وسلم حىت ال يكون لدعوته أثر يف نفوس العرب،‬ ‫فاجتمعوا إىل الوليد بن املغرية يتداولون يف تلك الكلمة، فقال هلم الوليد: أمجعوا فيه رأيـًا واحدا،وال‬ ‫ً‬ ‫ختتلفوا فيكذب بعضكم بعضا، ويرد قولكم بعضه بعضا، قالوا: فأنت فقل، وأقم لنا رأيًا نقول به.‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قال: بل أنتم فقولوا أمسع. قالوا: نقول: كاهن. قال: ال واهلل ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو‬ ‫بزمزمة الكاهن وال سجعه. قالوا: فنقول: جمنون، قال: ما هو مبجنون، لقد رأينا اجلنون وعرفناه، ما هو‬ ‫َ ْ ََ‬ ‫خبَْنقه وال ختَاجلِه وال وسوسته. قالوا: فنقول: شاعر. قال: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله رجزه‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ ََ‬ ‫ََ َ ِ َ َ ْ‬ ‫وهزجه وقَريضه ومقبُوضه ومْبسوطه، فما هو بالشعر، قالوا: فنقول: ساحر. قال: ما هو بساحر، لقد‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ ِِ‬ ‫رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنَـفثِهم وال عقدهم. قالوا: فما نقول؟ قال: واهلل إن لقوله‬ ‫ِْ‬ ‫حلالوة، [وإن عليه لطالوة] وإن أصله لعذق، وإن فَـْرعه جلَنَاة، وما أنتم بقائلني من هذا شيئًا إال عرف‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫أنه باطل، وإن أقرب القول فيه ألن تقولوا: ساحر. جاء بقول هو سحر، يفرق به بني املرء وأبيه، وبني‬ ‫املرء وأخيه، وبني املرء وزوجته، وبني املرء وعشريته، فتفرقوا عنه بذلك.‬
  • 10. ‫‪ ‬ومن األساليب اليت اختذهتا قريش جملاهبة الدعوة:‬ ‫1- السخرية والتحقري، واالستهزاء والتكذيب والتضحيك‬ ‫2-إثارة الشبهات وتكثيف الدعايات ال‬ ‫3-احليلولة بني الناس وبني مساعهم القرآن، ومعارضته بأساطري األولني‬ ‫‪ ‬تعرض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم لألذى من عمرو بن هشام ( أبو جهل)، كان هذا سببا يف دخول‬ ‫و‬ ‫محزة بن عبد املطلب يف اإلسالم وهو عم الرسول صلى اهلل عليه وسلم.‬ ‫‪ ‬وخالل هذا اجلو امللبد بغيوم الظلم والعدوان أضاء برق آخر أشد بريقا وإضاءة من األول، أال وهو إسالم‬ ‫ً‬ ‫عمر بن اخلطاب، أسلم يف ذى احلجـة سـنة سـت مـن النبـوة. بعد ثالثة أيام من إسالم محزة رضي اهلل عنه‬ ‫كان النيب صلى اهلل عليه وسلم قد دعا اهلل تعاىل إلسالمه. فقد ج الرتمذى عن ابن عمر، وصححه،‬ ‫أخر‬ ‫و‬ ‫و ج الطرباين عن ابن مسعود وأنس أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال: (اهلل م أعز اإلسالم بأحب‬ ‫أخر‬ ‫الرجلني إليك: بعمر بن اخلطاب أو بأيب جهل بن هشام) فكان أحبهما إىل اهلل عمر رضي اهلل عنه.‬
  • 11. ‫بعد إسالم محزة و عمر، ج املسلمون يف صفني من دار األرقم بن أيب األرقم إىل‬ ‫خر‬ ‫‪‬‬ ‫الكعبة، فكان إلسالم هذان الرجلني بالغ األثر يف نفوس املسلمني.‬ ‫كان ابن مسعود رضي اهلل عنه يقول: ما كنا نقدر أن نصلى عند الكعبة حىت أسلم‬ ‫و‬ ‫‪‬‬ ‫عمر.‬ ‫تعرض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم و املسلمون و آل هاشم إىل مقاطعة قريش‬ ‫‪‬‬ ‫هلم، فاتفق قادة قريش على حماصرهتم يف شعب ايب طالب يف مكة على ان ال‬ ‫بتاجرو معهم وال يبيعوهم وال يشرتو منهم وال يزوجوهم وال يتزوجو منهم ، كتبوها‬ ‫و‬ ‫يف وثيقة علقت داخل الكعبة.‬ ‫استمرت املقاطعة 3 سنوات، تويف خالهلا سيدتنا خدجية بنت خويلد و أبو طالب‬ ‫‪‬‬ ‫فحزن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كثريا ومسي هذا العام بعام احلزن.‬
  • 12. ‫يف شوال سنة عشر من النبوة [يف أواخر مايو أو أوائل يونيو سنة 916 م] ج النيب صلى اهلل عليه وسلم إىل‬ ‫خر‬ ‫‪‬‬ ‫الطائف، وهي تبعد عن مكة حنو ستني ميال، سارها ماشيًا على قدميه جيئة وذهوبًا، ومعه مواله زيد بن حارثة، كان‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫كلما مر على قبيلة يف الطريق دعاهم إىل اإلسالم، فلم جتب إليه واحدة منها.‬ ‫ورجع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف طريق مكة بعد خروجه من احلائط كئيبًا حمزونًا كسري القلب، فلما بلغ قرن‬ ‫املنازل بعث اهلل إليه جربيل ومعه ملك اجلبال، يستأمره أن يطبق األخشبني على أهل مكة.‬ ‫وقد روى البخاري تفصيل القصة ـ بسنده ـ عن عروة بن الزبري، أن عائشة رضي اهلل عنها حدثته أهنا قالت للنىب صلى‬ ‫ِ‬ ‫اهلل عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال: (لقيت من قومك ما لقيت، كان أشد ما‬ ‫و‬ ‫لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يالِيل بن عبد كالَل، فلم جيبين إىل ما أردت، فانطلقت ـ وأنا‬ ‫ُ‬ ‫َِ‬ ‫َِ‬ ‫مهموم ـ على وجهي، فلم أستفق إال وأنا بق ْرن الثعالب ـ وهو املسمى بق ْرن املنازل ـ فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد‬ ‫أظلتين، فنظرت فإذا فيها جربيل، فناداين، فقال: إن اهلل قد مسع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث اهلل إليك‬ ‫ملك اجلبال لتأمره مبا شئت فيهم. فناداين ملك اجلبال، فسلم علي مث قال: يا حممد، ذلك، فما شئت، إن شئت أن‬ ‫أطبق عليهم األخشبني ـ أي لفعلت، واألخشبان: مها جبال مكة: ّأبو قُـبـيس والذي يقابله، وهو قُـعي ِ‬ ‫َْقعان ـ قال النيب‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم: بل أرجو أن ج اهلل عز وجل من أصالهبم من يعبد اهلل عز وجل وحده ال يشرك به شيئا).‬ ‫خير‬
  • 13. ‫يف ذى القعدة سنة عشر من النبوة ـ يف أواخر يونيو أو أوائل يوليو سنة 916 م ـ عاد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫‪‬‬ ‫إىل مكة؛ ليستأنف عرض اإلسالم على القبائل واألفراد، والقرتاب املوسم كان الناس يأتون إىل مكة رجاال، وعلى كل‬ ‫ضامر يأتني من كل فج عميق ألداء فريضة احلج، وليشهدوا منافع هلم، ويذكروا اسم اهلل يف أيام معلومات، فانتهز‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هذه الفرصة، فأتاهم قبيلة قبيلة يعرض عليهم اإلسالم ويدعوهم إليه ، كما كان‬ ‫يدعوهم منذ السنة الرابعة من النبوة ، وقد بدأ يطلب منهم من هذه السنة ـ العاشرة ـ أن يؤووه وينصروه وْينعوه حىت‬ ‫يبلغ ما بعثه اهلل به.‬ ‫القبائل اليت عرض عليها اإلسالم‬ ‫قال الزهرى: كان ممن يسمى لنا من القبائل الذين أتاهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، ودعاهم وعرض نفسه‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َْ ََ ُ ِ‬ ‫عليهم: بنو عامر بن صعصعة، وحمَارب بن خصفة، وفزارة، وغسان، ومرة، وحنيفة، وسليم، وعْبس، وبنو نصر، وبنو‬ ‫البَكاء، كندة، كلب، واحلارث بن كعب، وعذرة، واحلضارمة، فلم يستجب منهم أحد.‬ ‫َُْ‬ ‫و‬ ‫َّ و‬ ‫وهذه القبائل اليت مساها الزهرى مل يكن عرض اإلسالم عليها يف سنة واحدة وال يف موسم واحد، بل إمنا كان ما بني‬ ‫السنة الرابعة من النبوة إىل آخر موسم قبل اهلجرة. وال ْيكن تسمية سنة معينة لعرض اإلسالم على قبيلة معينة، ولكن‬ ‫األكثر كان يف السنة العاشرة.‬
  • 14. ‫ويف موسم احلج من سنة 11 من النبوة ـ يوليو سنة 026م ـ وجدت الدعوة اإلسالمية بذورا صاحلة، سرعان ما حتولت إىل شجرات‬ ‫ً‬ ‫‪‬‬ ‫باسقات، اتقى املسلمون يف ظالهلا الوارفة لفحات الظلم والعدوان حىت تغري جمرى األحداث وحتول خط التاريخ.‬ ‫كان من حكمته صلى اهلل عليه وسلم إزاء ما كان يلقى من أهل مكة من التكذيب والصد عن سبيل اهلل أنه كان ج إىل القبائل يف ظالم‬ ‫خير‬ ‫و‬ ‫الليل، حىت ال حيول بينه وبينهم أحد من أهل مكة كني.‬ ‫املشر‬ ‫ج ليلة ومعه أبو بكر وعلى، فمر على منازل ذُهل وشيبان بن ثعلبة ، كلمهم يف اإلسالم. وقد دارت بني أيب بكر وبني رجل من ذهل‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫فخر‬ ‫أسئلة وردود طريفة، وأجاب بنو شيبان بأرجى األجوبة، غري أهنم توقفوا يف قبول اإلسالم.‬ ‫مث مر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعقبة مىن، فسمع أصوات رجال يتكلمون فعمدهم حىت حلقهم، كانوا ستة نفر من شباب يثرب‬ ‫و‬ ‫كلهم من ج، وهم:‬ ‫اخلزر‬ ‫1 ـ أسعد بن زرارة [من بين النجار].‬ ‫َُ‬ ‫2 ـ عوف بن احلارث بن رفاعة ابن عفراء [من بين النجار].‬ ‫َْ‬ ‫3 ـ رافع بن مالك بن العجالن [من بين زريْق].‬ ‫َُ‬ ‫َْ‬ ‫4 ـ قُطْبَة بن عامر بن حديدة [من بين سلمة].‬ ‫5 ـ عقبَة بن عامر بن نايب [من بين حرام بن كعب ].‬ ‫ََ‬ ‫ُْ‬ ‫ِ‬ ‫6 ـ جابر بن عبد اهلل بن رئاب [من بين عبيد بن غنْم ].‬ ‫َ‬ ‫كان من سعادة أهل يثرب أهنم كانوا يسمعون من حلفائهم من يهود املدينة، إذا كان بينهم شيء، أن نبيًا من األنبياء مبعوث يف هذا‬ ‫و‬ ‫ج، فنتبعه، ونقتلكم معه قتل عاد وإرم.‬ ‫الزمان سيخر‬
  • 15. ‫فلما حلقهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال هلم: (من أنتم؟) قالوا: نفر من ج، قال: (من مواىل‬ ‫اخلزر‬ ‫‪‬‬ ‫اليهود؟) أي حلفائهم، قالوا: نعم. قال: (أفال جتلسون أكلمكم؟) قالوا: بلى، فجلسوا معه، ح هلم‬ ‫فشر‬ ‫حقيقة اإلسالم ودعوته، ودعاهم إىل اهلل عز وجل، وتال عليهم القرآن. فقال بعضهم لبعض: تعلمون واهلل‬ ‫يا قوم، إنه للنىب الذي توعدكم به يهود، فال تسبقنكم إليه، فأسرعوا إىل إجابة دعوته، وأسلموا.‬ ‫كانوا من عقالء يثرب، أهنكتهم احلرب األهلية اليت مضت قريبًا، واليت ال يزال هليبها مستعرا، فأملوا أن‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫تكون دعوته سببًا لوضع احلرب، فقالوا: إنا قد كنا قومنا وال قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى‬ ‫تر‬ ‫أن جيمعهم اهلل بك، فسنقدم عليهم، فندعوهم إىل أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين ،‬ ‫فإن جيمعهم اهلل عليك فال رجل أعز منك.‬ ‫وملا رجع هؤالء إىل املدينة محلوا إليها رسالة اإلسالم، حىت مل تبق دار من دور األنصار إال وفيه ذكر رسول‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم.‬ ‫ويف شوال من هذه السنة ـ سنة 11 من النبوة ـ تزوج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عائشة الصديقة رضي‬ ‫اهلل عنها وهي بنت ست سنني وبين هبا باملدينة يف شوال يف السنة األوىل من اهلجرة وهي بنت تسع سنني.‬
  • 16. ‫قال ابن القيم: أسرى برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم جبسده على الصحيح من املسجد احلرام إىل بيت املقدس، راكبًا على البُـراق، صحبة جربيل عليهما‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫الصالة والسالم، فنزل هناك، وصلى باألنبياء إماما، وربط الرباق حبلقة باب املسجد.‬ ‫ً‬ ‫مث ج به تلك الليلة من بيت املقدس إىل السماء الدنيا، فاستفتح له جربيل ففتح له، فرأي هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب به ورد عليه السالم، وأقر‬ ‫عر‬ ‫بنبوته، وأراه اهلل أرواح السعداء عن ْيينه، وأرواح األشقياء عن يساره.‬ ‫مث ج به إىل السماء الثانية، فاستفتح له، فرأي فيها حيىي بن كريا وعيسى ابن مرمي، فلقيهما وسلم عليهما، فردا عليه ورحبا به، وأقرا بنبوته.‬ ‫ّ‬ ‫ز‬ ‫عر‬ ‫مث ج به إىل السماء الثالثة، فرأي فيها يوسف، فسلم عليه فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.‬‫عر‬ ‫مث ج به إىل السماء الرابعة، فرأي فيها إدريس، فسلم عليه، فرد عليه، ورحب به، وأقر بنبوته.‬ ‫عر‬ ‫مث ج به إىل السماء اخلامسة، فرأي فيها هارون بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.‬ ‫عر‬ ‫مث ج به إىل السماء السادسة، فلقى فيها موسى بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.‬ ‫عر‬ ‫فلما جاوزه بكى موسى، فقيل له: ما يبكيك ؟ فقال: أبكى؛ ألن غالما بعث من بعدى يدخل اجلنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمىت.‬ ‫ً‬ ‫مث ج به إىل السماء السابعة، فلقى فيها إبراهيم عليه السالم، فسلم عليه، فرد عليه، ورحب به، وأقر بنبوته.‬ ‫عر‬ ‫مث رفع إىل سدرة املنتهى، فإذا نَـْبـقها مثل قِالَل هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، مث غشيها فراش من ذهب، ونور وألوان، فتغريت، فما أحد من خلق اهلل‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫يستطيع أن يصفها من حسنها. مث رفع له البيت املعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك مث ال يعودون. مث أدخل اجلنة، فإذا فيها حبائل اللؤلؤ، وإذا‬ ‫َِ‬ ‫تراهبا املسك. ج به حىت ظهر ملستوى يسمع فيه صريف األقالم.‬ ‫وعر‬ ‫مث ج به إىل اجلبّار جل جالله، فدنا منه حىت كان قاب قوسني أو أدىن، فأوحى إىل عبده ما أوحى، وفرض عليه مخسني صالة، فرجع حىت مر على موسى‬ ‫ّ‬ ‫عر‬ ‫فقال له: مب أمرك ربك؟ قال: [خبمسني صالة]. قال: إن أمتك ال تطيق ذلك، ارجع إىل ربك فاسأله التخفيف ألمتك، فالتفت إىل جربيل، كأنه يستشريه يف‬ ‫ذلك، فأشار: أن نعم إن شئت، فعال به جربيل حىت أتى به اجلبار تبارك وتعاىل، وهو يف مكانه ـ هذا لفظ البخاري يف بعض الطرق ـ فوضع عنه عشرا، مث أنزل‬ ‫ً‬ ‫حىت مر مبوسى، فأخربه، فقال: ارجع إىل ربك فاسأله التخفيف، فلم يزل يرتدد بني موسى وبني اهلل عز وجل، حىت جعلها مخسا، فأمره موسى بالرجوع وسؤال‬ ‫ً‬ ‫التخفيف، فقال: [قد استحييت من ريب، ولكين أرضى وأسلم]، فلما بعد نادى مناد: قد أمضيت فريضىت وخففت عن عبادى‬
  • 17. ‫كان من جراء ذلك أن جاء يف املوسم التايل ـ موسم احلج سنة 21 من النبوة، يوليو سنة 126م ـ اثنا عشر رجال، فيهم مخسة من الستة الذين كانوا قد‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫‪‬‬ ‫ِ‬ ‫التقوا برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف العام السابق ـ والسادس الذي مل حيضر هو جابر بن عبد اهلل بن رئاب ـ وسبعة سواهم، وهم:‬ ‫1 ـ معاذ بن احلارث، ابن عفراء من بين النجار [من ج]‬ ‫اخلزر‬ ‫2 ـ ذَكوان بن عبد القيس من بين زريْق. [من ج]‬ ‫اخلزر‬ ‫َُ‬ ‫َْ‬ ‫3 ـ عبادة بن الصامت من بين غْنم [من ج]‬ ‫اخلزر‬ ‫َ‬ ‫4 ـ يزيد بن ثعلبة من حلفاء بين غنم [من ج]‬ ‫اخلزر‬ ‫5 ـ العباس بن عبَادة بن نَضلَة من بين سامل [من ج]‬ ‫اخلزر‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫6 ـ أبو اهلَْيثَم بن التَّـيَّـهان من بين عبد األشهل [من األوس].‬ ‫َ‬ ‫7 ـ عومي بن ساعدة من بين عمرو بن عوف [من األوس].‬ ‫َْ‬ ‫َُْ‬ ‫األخريان من األوس، والبقية كلهم من ج.‬ ‫اخلزر‬ ‫التقى هؤالء برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عند العقبة مبىن فبايعوه بيعة النساء، أي وفق بيعتهن اليت نزلت بعد احلديبية.‬ ‫روى البخاري عن عبادة بن الصامت أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال: [تعالوا بايعوين على أال كوا باهلل شيئًا، وال تسرقوا، وال تزنوا، وال تقتلوا‬ ‫تشر‬ ‫أوالدكم، وال تأتوا ببهتان تفرتونه بني أيديكم وأرجلكم، وال تعصوين يف معروف، فمن ويف منكم فأجره على اهلل ، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به‬ ‫يف الدنيا، فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئًا فسرته اهلل ، فأمـره إىل اهلل ؛ إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عـنه]. قــال: فبايعته ـ ويف نسخة: فبايعناه ـ‬ ‫على ذلك.‬ ‫سفري اإلسالم يف املدينة‬ ‫وبعد أن متت البيعة وانتهى املوسم بعث النيب صلى اهلل عليه وسلم مع هؤالء املبايعني أول سفري يف يثرب؛ ليعلم املسلمني فيها شرائع اإلسالم، ويفقههم‬ ‫يف الدين، وليقوم بنشر اإلسالم بني الذين مل يزالوا على الشرك، واختار هلذه السفارة شابًا من شباب اإلسالم من السابقني األولني، وهو مصعب بن‬ ‫ُ َْ‬ ‫عمري العبدرى رضي اهلل عنه.‬ ‫َُْ‬
  • 18. ‫بيعة العقبة الثانية‬ ‫‪‬‬ ‫يف موسم احلج يف السنة الثالثة عشرة من النبوة ـ يونيو سنة 226م ـ حضر ألداء مناسك احلج بضع وسبعون نفسا من‬ ‫ً‬ ‫املسلمني من أهل يثرب،جاءوا ضمن حجاج قومهم من كني، وقد تساءل هؤالء املسلمون فيما بينهم ـ وهم مل يزالوا يف‬ ‫املشر‬ ‫يثرب أو كانوا يف الطريق: حىت مىت نرتك رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يطوف ويطرد يف جبال مكة وخياف؟‬ ‫فلما قدموا مكة جرت بينهم وبني النيب صلى اهلل عليه وسلم اتصاالت سرية أدت إىل اتفاق الفريقني على أن جيتمعوا يف‬ ‫أوسط أيام التشريق يف الشعب الذي عند العقبة حيث اجلمرة األوىل من مىن، وأن يتم االجتماع يف سرية تامة يف ظالم الليل.‬ ‫ولنرتك أحد قادة األنصار يصف لنا هذا االجتماع التارخيي الذي حول جمرى األيام يف صراع الوثنية واإلسالم. يقول كعب بن‬ ‫مالك األنصاري رضي اهلل عنه:‬ ‫خرجنا إىل احلج، وواعدنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بالعقبة من أوسط أيام التشريق، فلما فرغنا من احلج، كانت الليلة‬ ‫و‬ ‫اليت واعدنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هلا، ومعنا عبد اهلل بن عمرو بن حرام أبو جابر، سيد من ساداتنا، وشريف من‬ ‫ََ‬ ‫أشرافنا، أخذناه معنا ـ كنا نكتم من معنا من قومنا من كني أمرنا ـ فكلمناه وقلنا له: يا أبا جابر، إنك سيد من ساداتنا،‬ ‫املشر‬ ‫و‬ ‫وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبا للنار غدا. مث دعوناه إىل اإلسالم، وأخربناه مبيعاد رسول‬ ‫ً‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم إيانا العقبة، قال: فأسلم وشهد معنا العقبة كان نقيبًا.‬ ‫و‬
  • 19. ‫قال كعب: فنمنا تلك الليلة مع قومنا يف رحالنا حىت إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا مليعاد رسول اهلل‬ ‫‪‬‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم، نتسلل تسلل القطَا، مستخفني، حىت اجتمعنا يف ِّعب عند العقبة، وحنن ثالثة‬ ‫الش ْ‬ ‫َ‬ ‫وسبعون رجال، وامرأتان من نسائنا؛ نُسْيبَة بنت كعب ـ أم عمارة ـ من بين مازن بن النجار،وأمساء بنت‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫عمرو ـ أم منيع ـ من بين سلمة.‬ ‫فاجتمعنا يف الشعب ننتظر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حىت جاءنا، ومعه عمه: العباس بن عبد املطلب‬ ‫ـ وهو يومئذ على دين قومه ـ إال أنه أحب أن حيضر أمر ابن أخيه، ويتوثق له، كان أول متكلم.‬ ‫و‬ ‫بداية احملادثة وتشريح العباس خلطورة املسئولية‬ ‫وبعد أن تكامل اجمللس بدأت احملادثات إلبرام التحالف الديىن والعسكرى، كان أول املتكلمني هو العباس‬ ‫و‬ ‫بن عبد املطلب عم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، تكلم ح هلم ـ بكل صراحة ـ خطورة املسئولية اليت‬ ‫ليشر‬ ‫ستلقى على كواهلهم نتيجة هذا التحالف. قال:‬
  • 20. ‫يا معشر ج ـ كان العرب يسمون األنصار خزرجـًا، خزرجـها وأوسـها كليهما ـ إن حممدا منا‬ ‫ً‬ ‫اخلزر و‬ ‫‪‬‬ ‫حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه،فهو يف عز من قومه ومنعة‬ ‫يف بلده. وإنه قد أيب إال االحنياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له مبا‬ ‫دعومتوه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما حتملتم من ذلك. وإن كنتم ترون أنكم مسلِموه‬ ‫ُْ ُ‬ ‫وخاذلوه بعد اخلروج به إليكم فمن اآلن فدعوه. فإنه يف عز ومنعة من قومه وبلده.‬ ‫قال كعب: فقلنا له: قد مسعنا ما قلت، فتكلم يا رسول اهلل ، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت.‬ ‫وهذا اجلواب يدل على ما كانوا عليه من عزم صميم، وشجاعة مؤمنة، وإخالص كامل يف‬ ‫حتمل هذه املسئولية العظيمة، وحتمل عواقبها اخلطرية.‬ ‫وألقى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعد ذلك بيانه، مث متت البيعة.‬
  • 21. ‫وذهب النيب صلى اهلل عليه وسلم يف اهلاجرة ـ حني يسرتيح الناس يف بيوهتم ـ إىل أيب بكر رضي اهلل عنه ليربم معه مراحل اهلجرة، قالت عائشة رضي اهلل عنها: بينما‬ ‫‪‬‬ ‫حنن جلوس يف بيت أيب بكر يف حنر الظهرية، قال قائل أليب بكر: هذا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم متقنعا، يف ساعة مل يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداء له‬ ‫ً‬ ‫أيب وأمى، واهلل ما جاء به يف هذه الساعة إال أمر.‬ ‫قالت: فجاء رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم. ، فاستأذن،فأذن له فدخل، فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم أليب بكر: [ ج من عندك]. فقال أبو بكر: إمنا هم‬ ‫أخر َ ْ‬ ‫أهلك، بأيب أنت يا رسول اهلل . قال: [فأين قد أذن ىل يف اخلروج]، فقال أبو بكر: الصحبة بأيب أنت يا رسول اهلل ؟ قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم: [نعم].‬ ‫مث أبرم معه خطة اهلجرة، ورجع إىل بيته ينتظر جمىء الليل. وقد استمر يف أعماله اليومية حسب املعتاد حىت مل يشعر أحد بأنه يستعد للهجرة، أو ألي أمر آخر اتقاء‬ ‫مما قررته قريش.‬ ‫تطويق منزل الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫أما أكابر جمرمي قريش فقضوا هنارهم يف اإلعداد سرا لتنفيذ اخلطة املرسومة الىت أبرمها برملان مكة [دار الندوة] صباحا، واختري لذلك أحد عشر رئيسا من هؤالء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫األكابر، وهم:‬ ‫1ـ أبو جهل بن هشام.‬ ‫2ـ احلَكم بن أيب العاص.‬ ‫َ‬ ‫3ـ عقبَة بن أيب معْيط.‬ ‫َُ‬ ‫ُْ‬ ‫4ـ النَّضر بن احلارث.‬ ‫ْ‬ ‫5ـ أُمية بن خلَف.‬ ‫َ‬ ‫6ـ زمعة بن األسود.‬ ‫َْ َ‬ ‫ِ‬ ‫7ـ طُعْيمة بن عدى.‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫8 ـ أبو هلب.‬ ‫9ـ أيب بن خلف.‬ ‫01ـ نـُبَـْيه بن احلجاج.‬ ‫11ـ أخوه منَبِّه بن احلجاج.‬ ‫ُ‬
  • 22. ‫كان من عادة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن ينام يف أوائل الليل بعد صالة العشاء، ج بعد نصف الليل إىل املسجد احلرام،‬ ‫وخير‬ ‫و‬ ‫‪‬‬ ‫يصلي فيه قيام الليل، فأمر عليًا رضي اهلل عنه تلك الليلة أن يضطجع على فراشه، ويتسجى بربده احلضرمي األخضر، وأخربه أنه ال‬ ‫يصيبه مكروه.‬ ‫فلما كانت عتمة من الليل وساد اهلدوء، ونام عامة الناس جاء املذكورون إىل بيته صلى اهلل عليه وسلم سرا، واجتمعوا على بابه‬ ‫ً‬ ‫يرصدونه، وهم يظنونه نائما حىت إذا قام ج وثبوا عليه، ونفذوا ما قرروا فيه.‬ ‫وخر‬ ‫ً‬ ‫كانوا على ثقة ويقني جازم من جناح هذه املؤامرة الدنية، حىت وقف أبو جهل وقفة الزهو واخليالء، وقال خماطبًا ألصحابه املطوقني‬ ‫و‬ ‫يف سخرية واستهزاء: إن حممدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، مث بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم‬ ‫ً‬ ‫جنان كجنان األردن، وإن مل تفعلوا كان له فيكم ذبح، مث بعثتم من بعد موتكم، مث جعلت لكم نار حترقون فيها.‬ ‫وقد كان ميعاد تنفيذ تلك املؤامرة بعد منتصف الليل يف وقت خروجه صلى اهلل عليه وسلم من البيت، فباتوا متيقظني ينتظرون‬ ‫ساعة الصفر، ولكن اهلل غالب على أمره، بيده ملكوت السموات واألرض، يفعل ما يشاء، وهو جيري وال جيـار عليه، فقـد فعـل مـا‬ ‫خاطب به الرسول صلى اهلل عليه وسلم فيما بعد: {وإِذ َْكر بِك الَّذين كفرواْ لِيُثْبِتُوك أَو يَـقتُـلُوك أَو خيْرجوك وَْكرون وَْكر اهللُ‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ ْ َ ْ ُ ُ َ َْي ُ ُ َ َْي ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ ْي ُ ُ َ َ َ َ ُ‬ ‫واهللُ خْيـر الْماكِرين} [األنفال:03].‬ ‫َ َُ َ َِ‬ ‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم يغادر بيته‬
  • 23. ‫ج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من باب بيته ومن بيت صفوف الكفار دون ان حيسو‬ ‫خر‬ ‫‪‬‬ ‫به، وانطلق هو وابو بكر الصديق إىل غار ثور، حيث تبعهم كون لكن عمي عليهم‬ ‫املشر‬ ‫بسبب احلمام الذي بىن عشه على باب الغار، وبيت العنكبوت.‬ ‫تابعا طريقهما إىل يثرب فلحقهما سراقة بن مالك طمعا يف مكافأة قريش ، فعرض عليه‬ ‫‪‬‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم العودة على ان يعطى سواري كسرى (ملك الفرس يف ذلك الزمان) ،‬ ‫وما كان لسراقة ملا علم على رسولنا الكرمي من الصدق إال أن قبل وعاد.‬ ‫أقام رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بقباء أربعة أيام: االثنني والثالثاء واألربعاء واخلميس.‬ ‫‪‬‬ ‫وأسس مسجد قباء وصلى فيه، وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة، فلما كان‬ ‫اليوم اخلامس ـ يوم اجلمعة ـ كب بأمر اهلل له، وأبو بكر ردفه، وأرسل إىل بين النجار ـ‬ ‫ر‬ ‫أخواله ـ فجاءوا متقلدين سيوفهم، فسار حنو املدينة وهم حوله، و كته اجلمعة يف بين سامل‬ ‫أدر‬ ‫بن عوف، فجمع هبم يف املسجد الذي يف بطن الوادى، كانوا مائة رجل.‬ ‫و‬
  • 24. ‫مث سار النيب صلى اهلل عليه وسلم بعد اجلمعة حىت دخل املدينة ـ ومن ذلك اليوم‬ ‫‪‬‬ ‫مسيت بلدة يثرب مبدينة الرسول صلى اهلل عليه وسلم، ويعرب عنها باملدينة خمتصرا ـ‬ ‫ً‬ ‫كان يوما مشهودا أغر، فقد ارجتت البيوت والسكك بأصوات احلمد والتسبيح،‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫وتغنت بنات األنصار بغاية ح والسرور:‬ ‫الفر‬ ‫طـلـع الـبــدر علـينا **مـن ثـنيــات الـوداع‬ ‫وجـب الشـكـر علـينا ** م ــا دعــا لـلـه داع‬ ‫أيـهـا املبـعـوث فـينا ** جـئـت بـاألمـر املطاع‬
  • 25. ‫‪ ‬كان أول ما قام به صصلى اهلل عليه وسلم يف املدينة :‬ ‫1- أخى بني املهاجرين واألنصار.‬ ‫2- بناء املسجد النبوي.‬ ‫3-ابرام معاهدة الدفاع عن املدينة مع اليهود.‬ ‫‪ْ ‬يكن تقسيم العهد املدين إىل ثالث مراحل:‬ ‫1 ـ مرحلة تأسيس اجملتمع اإلسالمي، ومتكني الدعوة اإلسالمية، وقد أثريت يف هذه املرحلة القالقل‬ ‫والفنت من الداخل، وزحف فيها األعداء من ج؛ ليستأصلوا شأفة املسلمني، ويقلعوا الدعوة من‬ ‫اخلار‬ ‫جذورها. وقد انتهت هذه املرحلة بتغلب املسلمني وسيطرهتم على املوقف مع عقد صلح احلديبية‬ ‫يف ذى القعدة سنة ست من اهلجرة.‬ ‫2 ـ مرحلة الصلح مع العدو األكرب، والفراغ لدعوة ملوك األرض إىل اإلسالم، وللقضاء على‬ ‫أطراف املؤامرات. وقد انتهت هذه املرحلة بفتح مكة املكرمة يف رمضان سنة مثان من اهلجرة.‬ ‫3 ـ مرحلة استقبال الوفود، ودخول الناس يف دين اهلل أفواجا. وقد امتدت هذه املرحلة إىل وفاة‬ ‫ً‬ ‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم يف ربيع األول سنة إحدى عشرة من اهلجرة.‬
  • 26. ‫وقعت يف السنة الثانية هلجرة، عندما علم املسلمون بوجود قافلة جتارية لقريش عائدة‬ ‫‪‬‬ ‫من الشام، فخرجو لإلستيالء عليها ، إال ان ابا سفيان غري ريقها وارسل اىل قريش‬ ‫لتحذيرهم فخرجو اليه ب 059 مقاتل.‬ ‫التقى اجلمعان عند ابار بدر يف منطقة قريبة من املدينة املنورة.‬ ‫‪‬‬ ‫كانت نتائج كة استشهاد 41 رجال من املسلمني لقاء نقتل 07 من كني و‬ ‫املشر‬ ‫املعر‬ ‫‪‬‬ ‫اسر 07 اخرين.‬ ‫كان يهود بين قينقاع خانو معاهدهتم فامر الرسول صلى اهلل عليه وسلم باجالئهم‬ ‫‪‬‬ ‫عن املدينة.‬
  • 27. ‫وقعت يف السنة الثالثة للهجرة، عندما أراد كوا قريش ان يثأروا هلزْيتهم يف بدر، فجمعو 0003‬ ‫مشر‬ ‫‪‬‬ ‫مقاتل واجتهو غلى املدينة ، اليت مجعت 0001 مقاتل وخرجوا ملالقاة كني يف جبل أحد.‬ ‫املشر‬ ‫كانت كة أجزاء‬ ‫للمعر‬ ‫‪‬‬ ‫فجزئها األول هو االنتصار اجلزئي للمسلمني.‬ ‫‪‬‬ ‫اما جزئها الثاين فهو عصيان الرماة ألوامر رسول اهلل ونزوهلم عن اجلبل االمر الذي مكن خالد بن‬ ‫‪‬‬ ‫الوليد من اإللتفات على جيش املسلمني و تشتيته.‬ ‫اجلزء الثالث هو دعوة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كني اىل موقعة محراء األسد لتحديد‬ ‫املشر‬ ‫‪‬‬ ‫الفائز، كان من عادات الفائز ان خييم مبكان كة ثالثة ايام و هذا ما مل يفعله كون.‬ ‫املشر‬ ‫املعر‬ ‫و‬ ‫استشهاد كل من محزة بن عبداملطلب و مصعب بن عمري.‬ ‫‪‬‬ ‫اجالء يهود بين النضري.‬ ‫‪‬‬
  • 28. ‫وقعت يف السنة اخلامسة للهجرة، كان سببها هو رغبة كني يف اجلزيرة العربية‬ ‫املشر‬ ‫و‬ ‫‪‬‬ ‫بإهناء املسلمني و دولتهم ، فاجتمعت األحزاب و مجعوا 00001 مقاتل وقدمو‬ ‫للمدينة، فتفاجئو باخلندق الذي حفر حوهلا مبشورة سلمان الفارسي.‬ ‫حماولة العبور من كني، واملكافحة املتواصلة من املسلمني، دامت أياماً، إال أن‬ ‫املشر‬ ‫‪‬‬ ‫اخلندق ملا كان حائالً بني اجليشني مل جير بينهما قتال مباشر أو حرب دامية، بل‬ ‫اقتصروا على املراماة واملناضلة.‬ ‫فشلت كل حماوالت اخرتاق اخلندق من جهة املشكرين.‬ ‫‪‬‬ ‫ارسل اهلل تعاىل عليهم رحيا صرصرا قلبت قدورهم وخيامهم فرجعوا مهزومني.‬ ‫‪‬‬ ‫قتل كل رجال يهود بين قريظة خليانتهم العهد ومساعدة العدو على دخول املدينة.‬ ‫‪‬‬
  • 29. ‫وملا تطورت الظروف يف اجلزيزة العربية إىل حد كبري لصاحل املسلمني، أخذت طالئع الفتح األعظم وجناح الدعوة اإلسالمية تبدو شيئاً‬ ‫‪‬‬ ‫فشيئاً، وبدأت التمهيدات إلقرار حق املسلمني يف أداء عبادهتم يف املسجد احلرام، الذي كان قد صد عنه كون منذ ستة أعوام.‬ ‫املشر‬ ‫أري رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف املنام، وهو باملدينة، أنه دخل هو وأصحابه املسجد احلرام، وأخذ مفتاح الكعبة، وطافوا‬ ‫واعتمروا، وحلق بعضهم وقصر بعضهم، فأخرب بذلك أصحابه ففرحوا، وحسبوا أهنم داخلو مكة عامهم ذلك، وأخرب أصحابه أنه‬ ‫معتمر فتجهزوا للسفر.‬ ‫استنفار املسلمني‬ ‫واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه، فأبطأ كثري من األعراب، أما هو فغسل ثيابه، كب ناقته القصواء،‬ ‫َ ْ‬ ‫ور‬ ‫واستخلف على املدينة ابن أم مكتوم أو منَْيـلَة الليثي. ج منها يوم اإلثنني غرة ذي القعدة سنة 6 هـ، ومعه زوجته أم سلمة، يف ألف‬ ‫وخر‬ ‫ُ‬ ‫وأربعمائة، ويقال: ألف ومخسمائة، ومل ج معه بسالح، إال سالح املسافر: السيوف يف القرب.‬ ‫ُُ‬ ‫خير‬ ‫املسلمون كون إىل مكة‬ ‫يتحر‬ ‫وحترك يف اجتاه مكة، فلما كان بذي احلُلَيْـفة قَـلَّد اهلدي وأشعره، وأحرم بالعمرة؛ ليأمن الناس من حربه، وبعث بني يديه عيناً له من‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ‬ ‫خزاعة خيربه عن قريش، حىت إذا كان قريباً من عسفان أتاه عينه، فقال: إين كت كعب بن لؤي قد مجعوا لك األحابيش ، ومجعوا لك‬ ‫تر‬ ‫ُ َْ‬ ‫مجوعاً، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، واستشار النيب صلى اهلل عليه وسلم أصحابه، وقال: (أترون منيل إىل ذراري هؤالء الذين‬ ‫أعانوهم فنصيبهم؟ فإن قعدوا قعدوا موتورين حمزونني، وإن جنوا يكن عنق قطعها اهلل، أم تريدون أن نؤم هذا البيت فمن صدنا عنه‬ ‫قاتلناه؟) فقال أبو بكر: اهلل ورسوله أعلم، إمنا جئنا معتمرين، ومل جنئ لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبني البيت قاتلناه، فقال النيب‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم: (فروحوا)، فراحوا.‬
  • 30. ‫حماولة قريش صد املسلمني عن البيت‬ ‫‪‬‬ ‫كانت قريش ملا مسعت خبروج النيب صلى اهلل عليه وسلم عقدت جملساً استشارياً قررت فيه صد املسلمني عن البيت كيفما ْيكن، فبعد أن أعرض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫عن األحابيش، نقل إليه رجل من بين كعب أن قريشاً نازلة بذي طُوي، وأن مائيت فارس يف قيادة خالد بن الوليد مرابطة بكراع الغَميم يف الطريق الرئيسي الذي يوصل إىل مكة.‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫وقد حاول خالد صد املسلمني، فقام بفرسانه إزاءهم يرتاءي اجليشان. ورأي خالد املسلمني يف صالة الظهر كعون ويسجدون، فقال: لقد كانوا على غرة، لو كنا محلنا عليهم‬ ‫ير‬ ‫ألصبنا منهم، مث قرر أن ْييل على املسلمني ـ وهم يف صالة العصر ـ ميلة واحدة، ولكن اهلل أنزل حكم صالة اخلوف، ففاتت الفرصة خالداً.‬ ‫تبديل الطريق وحماولة اجتناب اللقاء الدامي‬ ‫وأخذ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم طريقاً وعرا بني شعاب، وسلك هبم ذات اليمني بني ظهري احلَمض يف طريق خترجه على ثنية املرار مهبط احلديبية من أسفل مكة، وترك‬ ‫َُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ًْ‬ ‫الطريق الرئيسي الذي يفضي إىل احلرم ماراً بالتنعيم، كه إىل اليسار، فلما رأي خالد قَـتَـرة اجليش اإلسالمي قد خالفوا عن طريقه انطلق كض نذيراً لقريش.‬ ‫ير‬ ‫َ‬ ‫تر‬ ‫وسار رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حىت إذا كان بثنية املرار كت راحلته، فقال الناس: حل حل، فأحلَّت ، فقالوا: خألت القصواء، فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم: (ما خألت‬ ‫َْ َْ َ ْ‬ ‫بر‬ ‫القصواء، وما ذاك هلا خبلق، ولكن حبسها حابس الفيل)، مث قال: (والذي نفسي بيده ال يسألوين خطة يعظمون فيها حرمات اهلل إال أعطيتهم إياها)، مث زجرها فوثبت به، فعدل‬ ‫حىت نزل بأقصي احلديبية، على ََد قليل املاء، إمنا يتربضه الناس تربضاً، فلم يلبث أن نزحوه. فشكوا إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم العطش، ع سهماً من كنانته، مث أمرهم‬ ‫فانتز‬ ‫مث‬ ‫أن جيعلوه فيه، فواهلل ما زال جييش هلم بالري حىت صدروا.‬ ‫بُديْل يتوسط بني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وقريش‬‫َ‬ ‫وملا اطمأن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم جاء بديل بن ورقَاء اخلزاعي يف نفر من خزاعة، كانت خزاعة عْيبَة نُصح لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من أهل تُهامة، فقال: إين‬ ‫ـَ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫و‬ ‫َْ‬ ‫كت كعب ابن لؤي، نزلوا أعداد مياه احلديبية، معهم العُوذ املطَافِيل ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت. قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم: (إنا مل جنئ لقتال أحد، ولكنا جئنا‬ ‫َ‬ ‫تر‬ ‫معتمرين، وإن قريشاً قد هنكتهم احلرب وأضرت هبم، فإن شاءوا ماددهتم، وخيلوا بيين وبني الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإال فقد مجُّوا ، وإن هم أبوا‬ ‫َ‬ ‫إال القتال فوالذي نفسي بيده ألقاتلنهم على أمري هذا حىت تنفرد سالفيت، أو لينفذن اهلل أمره).‬ ‫قال بديل: سأبلغهم ما تقول، فانطلق حىت أيت قريشاً، فقال: إين قد جئتكم من عند هذا الرجل، ومسعته يقول قوال، فإن شئتم عرضته عليكم.‬ ‫ِ‬ ‫فقال سفهاؤهم: ال حاجة لنا أن حتدثنا عنه بشيء. وقال ذوو الرأي منهم: هات ما مسعته. قال: مسعته يقول كذا كذا، فبعثت قريش م ْرز بن حفص، فلما رآه رسول اهلل صلى‬ ‫كَ‬ ‫و‬ ‫اهلل عليه وسلم قال: هذا رجل غادر، فلما جاء وتكلم قال له مثل ما قال لبديل وأصحابه، فرجع إىل قريش وأخربهم.‬
  • 31. ‫بُديْل يتوسط بني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وقريش‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫وملا اطمأن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم جاء بديل بن ورقَاء اخلزاعي يف نفر من خزاعة، كانت خزاعة‬ ‫و‬ ‫َْ‬ ‫عْيبَة نُصح لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من أهل تُـهامة، فقال: إين كت كعب ابن لؤي، نزلوا أعداد‬ ‫تر‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ‬ ‫يل ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت. قال رسول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫مياه احلديبية، معهم العوذ املطَافِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وسلم: (إنا مل جنئ لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشاً قد هنكتهم احلرب وأضرت هبم، فإن شاءوا‬ ‫ماددهتم، وخيلوا بيين وبني الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإال فقد مجُّوا ، وإن هم‬ ‫َ‬ ‫أبوا إال القتال فوالذي نفسي بيده ألقاتلنهم على أمري هذا حىت تنفرد سالفيت، أو لينفذن اهلل أمره).‬ ‫قال بديل: سأبلغهم ما تقول، فانطلق حىت أيت قريشاً، فقال: إين قد جئتكم من عند هذا الرجل، ومسعته‬ ‫يقول قوال، فإن شئتم عرضته عليكم.‬ ‫فقال سفهاؤهم: ال حاجة لنا أن حتدثنا عنه بشيء. وقال ذوو الرأي منهم: هات ما مسعته. قال: مسعته‬ ‫ِ‬ ‫يقول كذا كذا، فبعثت قريش م ْرز بن حفص، فلما رآه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال: هذا رجل‬ ‫كَ‬ ‫و‬ ‫غادر، فلما جاء وتكلم قال له مثل ما قال لبديل وأصحابه، فرجع إىل قريش وأخربهم.‬
  • 32. ‫رسل قريش‬ ‫‪‬‬ ‫مث قال رجل من كنانة ـ امسه احلُلَْيس بن علقمة: دعوين آته. فقالوا: ائته، فلما أشرف على النيب صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه قال‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم: (هذا فالن، وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها)، فبعثوها له، واستقبله القوم يلبون، فلما رأي‬ ‫ذلك. قال: سبحان اهلل ما ينبغي هلؤالء أن يصدوا عن البيت، فرجع إىل أصحابه، فقال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، وما أري‬ ‫أن يصدوا، وجري بينه وبني قريش كالم أحفظه.‬ ‫فقال عروة بن مسعود الثقفي: إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها، ودعوين آته، فأتاه، فجعل يكلمه، فقال له النيب صلى‬ ‫ُْ‬ ‫اهلل عليه وسلم حنواً من قوله لبديل. فقال له عروة عند ذلك: أي حممد أرأيت لو استأصلت قومك، هل مسعت بأحد من العرب‬ ‫اجتاح أهله قبلك، وإن تكن األخري فواهلل إين ال أري وجوها، وإين أري أوباشا من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، قال له أبو بكر:‬ ‫ْ َِ‬ ‫امصص بَظْر الالت، أحنن نفر عنه؟ قال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده لوال يد كانت عندي مل أجزك هبا‬ ‫ألجبتك. وجعل يكلم النيب صلى اهلل عليه وسلم، كلما كلمه أخذ بلحيته، واملغرية بن شعبة عند رأس النيب صلى اهلل عليه وسلم،‬ ‫و‬ ‫ومعه السيف وعليه املِغفر، فكلما أهوي عروة إىل حلية النيب صلى اهلل عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف، وقال: أخر يدك عن حلية‬ ‫َُْ‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، فرفع عروة رأسه، وقال: من ذا؟ قالوا: املغرية بن شعبة، فقال: أي عذر، أو لست أسعي يف‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫غدرتِك؟ كان املغرية صحب قوماً يف اجلاهلية فقتلهم وأخذ أمواهلم، مث جاء فأسلم، فقال النبـي صلى اهلل عليه وسلم: (أما اإلسالم‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ََْ و‬ ‫فأقبل، وأما املال فلست منـه فـي شيء) ( كان املغرية ابن أخي عروة).‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫مث إن عروة جعل يرمق أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وتعظيمهم له، فرجع إىل أصحابه، فقال: أي قوم، واهلل لقد وفدت‬ ‫على امللوك، على قيصر كسري والنجاشي، واهلل ما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب حممد حممداً، واهلل إن تَـنَخم‬ ‫َّ َ‬ ‫و‬ ‫خنامة إال وقعت يف كف رجل منهم، فدلك هبا وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا‬ ‫ٍْ‬ ‫ُِد‬ ‫تكلم خفضوا أصواهتم عنده، وما حي ُّون إليه النظر تعظيماً له، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها.‬ ‫ُ‬
  • 33. ‫هو الذي كف أيديهم عنكم‬ ‫‪‬‬ ‫وملا رأي شباب قريش الطائشون، الطاحمون إىل احلرب، رغبة زعمائهم يف الصلح فكروا يف خطة حتول بينهم وبني‬ ‫الصلح، فقرروا أن خيرجوا ليالً، ويتسللوا إىل معسكر املسلمني، وحيدثوا أحداثاً تشعل نار احلرب، وفعالً قد قاموا بتنفيذ‬ ‫هذا القرار، فقد ج سبعون أو مثانون منهم ليالً فهبطوا من جبل التنعيم، وحاولوا التسلل إىل معسكر املسلمني، غري‬ ‫خر‬ ‫أن حممد بن مسلمة قائد احلرس اعتقلهم مجيعاً.‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورغبة ف ــي الصلــح أطلـق سراحهم النيب صلى اهلل عليه وسلم وعفا عنـهم، ويف ذلك أنزل اهلل: {وهو الَّذي كف أَيْديـَهم‬ ‫َ َّ ُ ْ‬ ‫َ َُ‬ ‫ِ َ َّ ِ ْ ِ ْ َ رُ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عنكم وأَيْديَكم عْنـهم بِبَطْن مكةَ من بـَعد أَن أَظْفكم علَْيهم} [الفتح: 42]‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُْ َ ُْ َ ُ‬ ‫عثمان بن عفان سفرياً إىل قريش‬ ‫وحينئذ أراد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن يبعث سفرياً كد لدي قريش موقفه وهدفه من هذا السفر، فدعا عمر‬ ‫يؤ‬ ‫بن اخلطاب لريسله إليهم، فاعتذر قائالً: يا رسول اهلل، ليس يل أحد مبكة من بين عدي بن كعب يغضب يل إن‬ ‫أوذيت، فأرسل عثمان بن عفان، فإن عشريته هبا، وإنه مبلغ ما أردت، فدعاه، وأرسله إىل قريش، وقال: أخربهم أنا مل‬ ‫نأت لقتال، وإمنا جئنا عماراً، وادعهم إىل اإلسالم، وأمره أن يأيت رجاالً مبكة مؤمنني، ونساء مؤمنات، فيبشرهم‬ ‫بالفتح، وخيربهم أن اهلل عز وجل مظهر دينه مبكة، حىت ال يستخفي فيها أحد باإلْيان.‬ ‫فانطلق عثمان حىت مر على قريش بِبَـ ْلدح، فقالوا: أين تريد؟ فقال: بعثين رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بكذا كذا،‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫قالوا: قد مسعنا ما تقول، فانفذ حلاجتك، وقام إليه أبان ابن سعيد بن العاص، فرحب به مث ج فرسه، فحمل عثمان‬ ‫أسر‬ ‫على الفرس، وأجاره وأردفه حىت جاء مكة، وبلغ الرسالة إىل زعماء قريش، فلما غ عرضوا عليه أن يطوف بالبيت،‬ ‫فر‬ ‫فرفض هذا العرض، وأيب أن يطوف حىت يطوف رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم.‬
  • 34. ‫إشاعة مقتل عثمان وبيعة الرضوان‬ ‫‪‬‬ ‫واحتبسته قريش عندها ـ ولعلهم أرادوا أن يتشاوروا فيما بينهم يف الوضع الراهن، ويربموا أمرهم، مث يردوا‬ ‫عثمان جبواب ما جاء به من الرسالة ـ وطال االحتباس، فشاع بني املسلمني أن عثمان قتل، فقال رسول اهلل‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم ملا بلغته اإلشاعة: (ال نربح حىت نناجز القوم)، مث دعا أصحابه إىل البيعة، فثاروا إليه‬ ‫يبايعونه على أال يفروا، وبايعته مجاعة على املوت، وأول من بايعه أبو سنان األسدي، وبايعه سلمة بن‬ ‫األكوع على املوت ثالث مرات، يف أول الناس ووسطهم وآخرهم، وأخذ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫بيد نفسه وقال: (هذه عن عثمان). وملا متت البيعة جاء عثمان فبايعه، ومل يتخلف عن هذه البيعة إال رجل‬ ‫َ ُّ‬ ‫من املنافقني يقال له: جد بن قَـْيس.‬ ‫ِ‬ ‫أخذ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هذه البيعة حتت شجرة، كان عمر آخذا بيده، ومعقل بن يَسار آخذا‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫بغصن الشجرة يرفعه عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، وهذه هي بيعة الرضوان اليت أنزل اهلل فيها: {لَقد‬ ‫َْ‬ ‫رضي اللَّهُ عن الْمؤمنِني إِذ يـُبَايِعونَك حتْت َّجرةِ}اآلية [الفتح: 81]‬ ‫َ ِ ُ ْ َ ْ ُ َ َ َ الش َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫إبرامَ الصلح وبنوده‬ ‫وعرفت قريش ضيق املوقف، فأسرعت إىل بعث سهْيل بن عمرو لعقد الصلح، وأكدت له أال يكون يف‬ ‫َُ‬ ‫الصلح إال أن يرجع عنا عامه هذا، ال تتحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبداً، فأتاه سهيل بن‬ ‫عمرو، فلما رآه قال: (قد سهل لكم كم)، أراد القوم الصلح حني بعثوا هذا الرجل، فجاء سهيل‬ ‫أمر‬ ‫فتكلم طويالً، مث اتفقا على قواعد الصلح،‬
  • 35. ‫كانت خيرب مدينة كبرية ذات حصون ومز ع على بعد مثانني ميال من املدينة يف جهة الشمال، وهي اآلن قرية يف مناخها بعض الوخامة.‬ ‫ار‬ ‫‪‬‬ ‫سبب الغزوة‬ ‫وملا اطمأن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من أقوي أجنحة األحزاب الثالثة، وهو قريش، وأمن منه متاماً بعد صلح احلديبية أراد أن حياسب‬ ‫اجلناحني الباقيني ـ اليهود وقبائل جند ـ حىت يتم األمن والسالم، ويسود اهلدوء يف املنطقة، غ املسلمون من الصراع الدامي املتواصل إىل تبليغ‬ ‫ويفر‬ ‫رسالة اهلل والدعوة إليه.‬ ‫وملا كانت خيرب هي كرة الدس والتآمر كز االستفزازات العسكرية، ومعدن التحرشات وإثارة احلروب، كانت هي اجلديرة بالتفات املسلمني أوال.‬ ‫ومر‬ ‫و‬ ‫أما كون خيرب هبذه الصفة، فال ننسي أن أهل خيرب هم الذين حزبوا األحزاب ضد املسلمني، وأثاروا بين قريظة على الغدر واخليانة، مث أخذوا يف‬ ‫االتصاالت باملنافقني ـ الطابور اخلامس يف اجملتمع اإلسالمي ـ وبغطفان وأعراب البادية ـ اجلناح الثالث من األحزاب ـ كانوا هم أنفسهم يتهيأون‬ ‫و‬ ‫للقتال، فألقوا املسلمني بإجراءاهتم هذه يف حمن متوصلة، حىت وضعوا خطة الغتيال النيب صلى اهلل عليه وسلم، وإزاء ذلك اضطر املسلمون إىل‬ ‫ِ‬ ‫بعوث متواصلة، وإىل الفتك برأس هؤالء املتآمرين، مثل سالم بن أيب احلُقْيق، وأسري بن زارم، ولكن الواجب على املسلمني إزاء هؤالء اليهود كان‬ ‫َ‬ ‫أكرب من ذلك، وإمنا أبطأوا يف القيام هبذا الواجب ؛ ألن قوة أكرب وأقوي وألد وأعند منهم ـ وهي قريش ـ كانت جماهبة للمسلمني، فلما انتهت هذه‬ ‫اجملاهبة صفا اجلو حملاسبة هؤالء اجملرمني، واقرتب هلم يوم احلساب.‬ ‫اخلروج إىل خيرب‬ ‫قال ابن إسحاق: أقام رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم باملدينة حني رجع من احلديبية ذا احلجة وبعض احملرم، مث ج يف بقية احملرم إىل خيرب.‬ ‫خر‬ ‫ِ‬ ‫قال املفسرون: إن خيرب كانت وعدا وعدها اهلل تعاىل بقوله: {وعدكم اللَّهُ مغَاِن كثِرية تَأْخذونَـها فَـعجل لَكم هذهِ} [الفتح: 02] يعين صلح‬ ‫َّ ُ ِ‬ ‫َ َ َ ُ ُ َ َ َ ًَ ُ ُ َ َ َ ْ َ‬ ‫احلديبية، وباملغاِن الكثرية خيرب.‬