SlideShare uma empresa Scribd logo
1 de 48
‫المقاربة التشاركية في التنمي ة:‬
                                 ‫ح ل ّ أم د ُرجة؟‬
‫بقلم: علي الموسوي‬
                                                                        ‫مقدمة منهجية‬
‫يتمحور موضوع الحلقنة البحثينة حول ثلثينة مترابطنة ومتفاعلة )الدولة، المواطننة،‬
‫التنمينة( إل أن التنمينة فني هذه الثلثينة هني بالسناس حصنيلة ونتيجنة للمكونينن‬
                                                             ‫الساسيين وليست سببا.‬
‫وهذه الثلثية، وبالصيغة المطروحة فيها، أكثر جذبا للمقاربات الماكروسوسيولوجية‬
‫إل أن المقاربة الميكروسوسيولوجية عبر دراسة حالة تدخل تنموي قام به »برنامج‬
‫التنمية الريفية المتكاملة في منطقة بعلبك الهرمل« الذي تم بالتعاون بين الحكومة‬
‫اللبناني نة وبرنام نج الم نم المتحدة النمائي، يمكنه نا أن تُشكّ نل مدخل ً لفه نم معي نن‬
 ‫ن‬      ‫ن‬             ‫ن‬           ‫ن‬                         ‫ن‬      ‫ن‬         ‫ن‬
‫للعلقنة بينن الدولة والمواطننة والتنمينة. على الرغنم منن أن الحالة التنموينة نفّذت‬
‫ضمنن شروط تاريخينة محدّدة، وفني منطقنة ذات تركيبنة اجتماعينة نن اقتصنادية نن‬
‫ثقافية مميزة، ومع أنه يستحيل علميا التعميم من خلل دراسة حالة مفردة، إل أن‬
‫أي تجربة تنموية مناطقية ل تحصل في جزيرة معزولة بل هي تنطوي على بعدي‬
‫العام والخاص. إن أهمية الحالة، موضوع الدراسة، تكمن في ما انطوت عليه من‬
‫علقات ودللت. فه ني تشك نل مجال تقاط نع لتدخلت فاعلي نن دوليي نن وإقليميي نن‬
 ‫ن‬           ‫ن‬        ‫ن‬               ‫ن‬            ‫ن‬      ‫ن‬
  ‫)منظمننة المننم المتحدة ع نبر برامجه نا المعنيننة والدول المانح نة على اختلفه نا،‬
    ‫ن‬             ‫ن‬                          ‫ن‬          ‫ن‬
‫ولبنانيينن )السنلطة بأجهزتهنا المختلفنة، وفعاليات سنياسية واجتماعينة فني منطقنة‬
‫التدخنل(. إن الفشنل الذرينع لهذا التدخنل التنموي المتعدد الطرف، ل يتينح للباحنث‬
‫فرصة الكشف عن أزمة التنمية وحسب، بل أيضا عن أزمة الدولة وأزمة المواطنة‬
‫فني لبنان. لقند فوّت هؤلء الفاعلون مجتمعينن، فرصنة ثميننة كان يمكنن لهنا، لو‬
‫كانت التنمية هي الهم وهي الهدف الفعلي، أن تشكل تجربة ن نموذجا يُحتذى بها‬
‫لينس على مسنتوى التدخنل التنموي فني لبنان وحسنب، بنل على مسنتوى التدخلت‬
                                                                  ‫التنموية في العالم.‬
‫منا هني المقاربنة التشاركينة فني التنمينة؟ ولماذا المشاركنة فني التنمينة فني الحالة‬
‫التني ندرس؟ وكينف تمنت ممارسنتها؟ وطالمنا ان المشاركنة فني التنمينة هني آخنر‬
‫النتاجات النظريننة الدارجننة، والكثننر ترويجا حاليا مننن قبننل المنظمات الدوليننة،‬
   ‫ن‬                  ‫ن‬     ‫ن‬                 ‫ن‬         ‫ن‬         ‫ن‬
‫باعتبارهنا الحنل النجنع للخروج منن حالة التخلف، فلماذا آلت ممارسنتها إلى الفشنل‬
‫فني لبنان ضمنن برنامنج إنمائي محدّد؟ هذه بعنض أسنئلة سنتتصدى هذه المداخلة‬
                                                                          ‫للجابة عنها.‬
‫تجدر الشارة بدايننة أن هذه المداخلة رسننمت حدودهننا النظريننة بالسننجال مننع‬
‫المفهوم مننن داخننل حقله النظري )أي الليبراليننة القتصننادية(، عننبر التركيننز على‬
‫الممارسنات التشاركينة للبرنامنج ) (. والمنبرّر السناسي للتركينز على الموضوع أن‬
‫المننم المتحدة، عننبر ذراعهننا النمائي، أدارت هذا البرنامننج. وهننو شكّننل إحدى‬
‫الفرص لختبار مفهوم التنميننة البشريننة المسننتدامة، وتحديدا مكونهننا التشاركنني،‬
‫والكشف عن كيفية ممارسته فعليا وعن مدى صحته وملءمته في بيئة اجتماعية ن‬
‫اقتصادية ن ثقافية مختلفة عن البيئة التي أُنتج فيها. هذه العلقة بين منطقين هي‬
‫علقة إشكالية ما زالت مستمرة ومطروحة للمعالجة منذ بروز مفهوم التنمية، بعد‬
‫الحرب العالمينة الثانينة. إل أن منا يضفني على هذه العلقنة أهمينة خاصنة هنو منن‬
‫جهة، ما خلصت إليه تقييمات إدارة البرنامج في النظر إلى تنظيم المجتمع المحلي‬
‫ومشاركته، عبر اللجان المحلية والعليا التي تم تشكيلها، كأهم إنجاز من إنجازاتها.‬
‫وعلينه فسنيتم تتبنع مشاركنة المجتمنع المحلي، التني تعند مؤشرا أسناسيا فني التنمينة‬
‫المحلينة الريفينة؛ ومنن جهنة أخرى، ان هذه العلقنة القائمنة مبدئيا على المشاركنة،‬
‫سننتكشف عننن مواقننف كننل طرف مننن الطراف المتدخلة والمتشاركننة وعننن‬
                                                                            ‫ممارساته.‬
‫والمقاربة ستتم في ضوء الفرضية الساسية التية: إن انسداد أفق البرنامج تنمويا‬
‫أدى إلى تحويله إلى برنام نج إلهائي، يس نتمد قوة اس نتمراره م نن الوعود المتكررة،‬
                  ‫ن‬         ‫ن‬           ‫ن‬             ‫ن‬
‫مستفيدا من الرعاية المعنوية للمم المتحدة ومن إدارتها المباشرة له، ومن فعالية‬
‫‪ (Complicité‬بينن الفاعلينن السناسيين الدوليينن منهنم‬   ‫)‪objective‬‬   ‫التواطنؤ الموضوعني‬
‫والمحليينن، وفني هذا السنياق بدت التشاركينة إطارا شكليا ل تنطوي على أي بعند‬
                                                         ‫تغييري مجتمعي فعلي.‬
‫ويمك نن بس نط مكونات هذه الفرضي نة على الوج نه الت ني: غياب القرار الس نياسي‬
    ‫ن‬                   ‫ن‬      ‫ن‬           ‫ن‬                    ‫ن‬     ‫ن‬
‫اللبناني بالتنمية الشاملة والمتكاملة )الذي عبّر عنه غياب الخطط والبرامج التنموية‬
‫المتكاملة(، وتركّننز سننياسة إعادة العمار فنني مناطننق محددة حكمتهننا صننيغة‬
 ‫»المحاصنصة« التني أرسنيت بعند اتفاق الطائف؛ وإلى ذلك ثمنة المفاعينل الناشئة‬
‫عننن اتخاذ قرار إلغاء زراعننة المخدرات، الذي أدى إلى تدهور الوضاع المعيشيننة‬
‫فني المنطقنة، فتحوّل برنامنج »التنمينة« إلى أداة لمتصناص نقمنة سنكان المنطقنة‬
‫المتضررينن منن هذا القرار. هذه المكونات مجتمعنة، المترابطنة والمتضافرة، أدّت‬
‫بالقيمينن على إدارة البرنامنج إلى التكينف منع هذا الواقنع واجراء تبدينل غينر معلن‬
‫فني وظيفنة البرنامنج عنبر تحويله منن برنامنج تنموي )مفترض( إلى برنامنج إلهائي.‬
‫هذه الممارسنة أدت إلى إنجازات هزيلة بسنيطة مشتتنة، مجزأة وغينر متكاملة، كمنا‬
‫أدّت إلى مشاركننة صننورية لم ترق حتننى إلى اعتبارهننا أداة سننلبية لتحسننين أداء‬
                                              ‫البرنامج فأنّى لها أن تكون تغييرية.‬
‫لقنند سنناهم الفاعلون-المتدخلون على اختلفهننم، فنني عدم نجاح البرنامننج فنني‬
‫تحقيق التنمية الريفية المتكاملة؛ وعلى الرغم من أهمية العوامل التقنية ن الدارية‬
‫ن المالية والتي ل يمكن إغفالها، إل أن عوامل الفشل أكثر عمقا وترتبط بالسياسات‬
‫الجتماعينة نن القتصنادية والجتماعينة نن السنياسية، حينث يكمنن العامنل المحدّد فني‬
‫غياب القرار السننياسي بالتنميننة محليا ودوليا، الذي جسننّدته أدوار الفاعليننن على‬
‫المستويات المختلفة، والذي يعبّر عن غياب الثقافة التنموية على المستوى الوطني‬
                                                                        ‫والمحلي.‬
                                                       ‫أول ً ن المشاركة في التنمية‬
                                                               ‫1 ن نشأة المفهوم‬
‫موضوعنة المشاركنة فني التنمينة ليسنت حديثنة السنتخدام، فقند جرى تداولهنا مننذ‬
                                  ‫الربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي ) (.‬
‫إل أننه مننذ أواسنط سنبعينيات القرن العشرينن تحديدا، تنم إدماج مفهوم المشاركنة‬
‫فعليا، وبشكنل سنريع، فني الفكنر والخطاب التنمويينن. هذه الضافنة النظرينة على‬
‫مفهوم التنمي نة ترافق نت م نع مرحلة تغي نر ف ني الظرف الدولي؛ فف ني ظ نل اشتداد‬
        ‫ن‬    ‫ن‬                   ‫ن ن‬               ‫ن‬    ‫ن‬        ‫ن‬
‫التنافنس بينن النظامينن الشتراكني والرأسنمالي لسنتقطاب دول »العالم الثالث«‬
‫التني تشكنل مجال ً للتدخلت التنموينة، وكذلك مجال ً للصنراع اليديولوجني، شكلت‬
       ‫ن‬             ‫ن‬                   ‫ن‬                        ‫ن‬     ‫ن‬
‫التنميننة التشاركيننة، كنتاج متدرّج ) ( ومتطور للتفكيننر التنموي، إحدى مكونات العدة‬
                       ‫النظرية ن اليديولوجية لتسويق المنطق القتصادي الليبرالي.‬
‫إلى التنافس اليديولوجي، فقد كان لبعض التطورات القتصادية دور أساسي في‬
‫نشأة المقاربنة التشاركينة في التنمينة؛ ففي السننوات الثلثين الظافرة التي عاشتهنا‬
‫الدول الغربيننة، خصننوصا، كانننت »الحكومات والشركات الكننبيرة هنني الرافعات‬
‫القتصنادية الوحيدة المهمنة فني المجتمنع« ) (. إل أن هذه الظروف تغيّرت تحنت‬
‫تأثينر مجموعنة منن العوامنل، كاننت بدايتهنا منع الصندمة النفطينة الولى، عام 3791،‬
‫وتتابع أزمات الطاقة عالميا، والتي أدت إلى انعكاسات اقتصادية واجتماعية )تباطؤ‬
‫فنني النمننو، تزاينند البطالة، مشكلت السننتبعاد والفقننر، تزاينند الديون، التصننحيح‬
‫الهيكلي، وإلى التبدل خصنوصا فني الولويات القتصنادية حينث تصندرت »التنافسنية‬
‫القتص نادية« )‪ (Compétitivité‬واجه نة الولويات( نت نج عنه نا تغي نر ف ني قواع ند العم نل‬
 ‫ن‬       ‫ن‬       ‫ن ن‬         ‫ن‬      ‫ن‬               ‫ن‬                           ‫ن‬
‫وسياسات الستخدام والسياسة الجتماعية ) (؛ في مواجهة هذه النتائج، وفي ظل‬
‫نقند شديند وجّنهه عدد كنبير منن باحثني دول العالم الثالث فني تلك الفترة للمقاربنة‬
‫التقنينة والقتصنادية البحتنة للتنمينة، التني تفترض تطنبيق النموذج الوحيند المسنتورد‬
‫والمفروض منن فوق، منن دون مشورة السنكان المعنيينن ومنن دون مشاركتهنم ،‬
‫والتي تقاطعت مع مطالبة العديد من بلدان العالم الثالث بإقامة »نظام اقتصادي‬
‫عالمني جديند«. فني مواجهنة هذه المطالبات تزايدت المبادرات للتخفينف منن الثار‬
‫السلبية للتبدلت العميقة الجارية، وبرزت اهتمامات جديدة مرتبطة بظروف معيشة‬
‫السننكان وبتلبيننة الحاجات السنناسية. ارتدت التنميننة المحليننة التشاركيننة »أهميننة‬
‫اسنتراتيجية فني خلق فرص عمنل وتطوينر السنتخدام« ) (. وبرز »منطنق آخنر فني‬
‫التنمي ننة، منط ننق ينطلق مننن المحلي، أو بالحرى مننن النظم ننة الجتماعي ننة ننن‬
 ‫ن ن‬               ‫ن‬         ‫ن‬                      ‫ن‬          ‫ن‬        ‫ن‬
‫المناطقينة« ) (، منطنق تنموي آخنر هنو »عبارة عنن شكنل منن القتصناد يكون أكثنر‬
‫قربا منن السنكان المحليينن وحينث يقوم هؤلء بتحديده والسنيطرة علينه إلى حند‬
                                                                               ‫كبير« ) (.‬
‫وفي هذا السياق ظهرت مفاهيم جديدة مثل تنمية بديلة )‪، (Développement alternatif‬‬
‫)‪Développement‬‬   ‫تنمية ذات وجه إنساني )‪ ، (Développement à visage humain‬تنمية قاعدية‬
‫‪ (Développement‬أو أيضا تنميننة تشاركيننة )‬   ‫)‪endogène‬‬   ‫‪ ، (à‬تنميننة مننن داخننل‬   ‫‪la base‬‬

‫‪ . (Développement participatif‬والقاسم المشترك بين هذه التسميات المختلفة هي أنها‬
‫كلهننا تبحننث ع نن إعادة وضننع البعاد النسننانية والجتماعيننة للتنميننة ف ني صننميم‬
        ‫ن‬                                                         ‫ن‬
                                                                               ‫المناقشة.‬
‫لقند شدّدت المقاربنة التنموينة الجديدة، مننذ السنبعينيات، على إدراك عملينة التنمينة‬
‫كتحول كمني وكيفني، فني الن نفسنه، فني ظروف معيشنة السنكان، الكثنر فقرا‬
‫تحديدا، ليس على مستوى النتاج والدخل وحسب، وإنما أيضا على مستوى الكرامة‬
                   ‫في تلبية الحاجات الساسية، سواء منها المادية أو غير المادية ) (.‬
‫لقند تمايزت السنياسات الجديدة جذريا عنن السنياسات التقليدينة، حينث إنهنا ركزت‬
‫على سياسات الستخدام، وسياسات إعادة توزيع الثروة، وسياسات تلبية الحاجات‬
‫الساسية، وأولت اهتماما كبيرا للسكان ولحاجاتهم، كما للطريقة التي تؤمن زيادة‬
‫مشاركتهنم فني عملينة التنمينة. وهكذا بدأ التفكينر التنموي يضنع السنكان فني صنميم‬
‫اهتماماته، حتى باتت مشاركتهم ضرورية لدى الغلبية من الممولين. وقد وجد هذا‬
‫التوجنه دعما جديا وقويا، خصنوصا بعند انهيار المنظومنة الشتراكينة وتبلور العولمنة‬
‫أكثر فأكثر، ومع تزايد المنافسة الدولية وتزايد ديون الحكومات، وفي إطار الدعوة‬
‫إلى تحجيننم دور الدولة وتدخلتهننا اقتصنناديا واجتماعيا فنني ظننل تزاينند الفقار‬
                                                    ‫والتهميش والستبعاد الجتماعي.‬
                                                           ‫2 ن تعريف المشاركة بالتنمية‬
‫على الرغ نم منن أن مصنطلح المشاركنة بالتنمينة أصنبح مصنطلحا رائجا جدا فني‬
 ‫ن‬                ‫ن‬     ‫ن‬    ‫ن‬         ‫ن‬           ‫ن‬       ‫ن ن‬
                           ‫أدبيات التنمية، إل أنه استمر مصطلحا غير دقيق المعنى.‬
‫ويعود مصننندر عدم الدقنننة إلى المعننننى المزدوج لفعنننل »شارك« والذي يعرّف‬
‫وبشكل ملموس بطريقتين مختلفتين الواحدة عن الخرى. وما يمي ّز بين التعريفين‬
 ‫) ( هو درجة النشاط أو عدم النشاط التي تُضفى على الموضوع. فالمعنى الول‬
‫يفترض »الخضوع لعملينة يكون فيهنا إلزام«، وهنو منا ينطوي على بعنض السنلبية‬
‫في الفعل؛ بينما المعنى الثاني يقصد به »ممارسة جزء من المسؤولية في إنجاز‬
                              ‫العملية، وهذا ما يفترض على العكس فعل ً إيجابيا«.‬
‫عرّف برنامنج المنم المتحدة النمائي المشاركنة بأنهنا: »عملينة وليسنت حدثا حينث‬
‫ينخرط السنكان بقوة فني العمليات القتصنادية والجتماعينة والثقافينة والسنياسية‬
‫التني تؤثنر فني حياتهنم« ) ( )تقرينر التنمينة البشرينة 3991(. يتعلق المنر بالنسنبة‬
  ‫ن‬       ‫ن‬                  ‫ن‬        ‫ن‬        ‫ن‬            ‫ن‬       ‫ن ن‬       ‫ن‬
‫للبرنام نج ب نبراديغم تنموي جدي ند، ل ب نل ب نبراديغم فلس نفي، حي نث ت نم النظ نر إلى‬
     ‫ن‬       ‫ن ن‬          ‫ن‬            ‫ن ن‬          ‫ن‬                  ‫ن ن‬
‫المشاركة كوسيلة وغاية في الوقت نفسه. وقد أعطى البنك الدولي تعريفا مماثلً‬
‫معتنبرا إياهنا: »عملينة يؤثنر منن خللهنا الطراف المعنيون ويتشاركون الرقابنة على‬
        ‫المبادرات التنموية وكذلك على القرارات والموارد المتعلقة بهم« ) ( )6991(.‬
                                                  ‫3 ن المشاركة بين الوسيلة والغاية‬
‫وف ني ضوء الزدواجي نة ف ني المعن نى انقس نمت المقاربات الولى للمشارك نة، ف ني‬
 ‫ن‬     ‫ن‬                           ‫ن‬       ‫ن‬        ‫ن ن‬                  ‫ن‬
‫السبعينيات من القرن العشرين، بين نظرتين أساسيتين: الولى نظرة أداتية ، ترى‬
‫المشاركنة كوسنيلة لتحسنين نوعينة التدخلت التنموينة؛ والثانينة نظرة تغييرينة تراهنا‬
                                                     ‫كحق بالتنمية وغاية بحد ذاتها .‬
‫ففي دراستهما لمفهوم المشاركة بالتنمية وللمقاربات المختلفة التي تناولته، توصل‬
‫)‪ (Marsden et Oakley‬إلى التمييز بين تأويلين يختزلن النظرتين الساسيتين اللتين كانتا‬
‫تتنازعان العاملين في مجال التنمية. فبالنسبة للبعض، تشك ّل المشاركة فعل ً سلبيا‬
‫حينث يشارك السنكان بناء على مبادرة تأتني منن خارج المجتمنع المحلي ، وبغينة‬
‫إنجاز أهداف محددة مسنبقا. أمنا بالنسنبة للبعنض الخنر، وفني نظرة أوسنع، تشكنل‬
‫المشاركة فرصة حقيقية لشتراك السكان في نشاط يحدّدون هم حقله ويشعرون‬
                                                                  ‫بأنهم مسؤولون عنه ) (.‬
‫يرتبنط محنك التميينز بينن هذينن التأويلينن للمشاركنة بالغاينة. فالمدافعون، عنن هذا‬
‫التأويننل أو ذلك، يسننتخدمون حججا ترتبننط، بشكننل واسننع، بالهداف التنني تُتابننع‬
                                           ‫والفوائد التي يُفتّش عنها من خلل المشاركة.‬
‫وتُشدّد كنل منن هاتينن النظرتينن على أهمينة بعند منن أبعاد المشاركنة؛ فالنظرة‬
‫‪ (Aspect‬حينث إن المشاركنة‬        ‫)‪instrumental‬‬   ‫الولى تركّنز على البعند الداتني للمشاركنة‬
‫تشكل وسيلة لتحسين نوعية مشروع معين وفعاليته، بقدر ما ت ُساعد على انضمام‬
‫السكان وتحث ّهم على دعم المشروع والمساهمة فيه؛ كما تسمح المشاركة أيضا،‬
‫إضافنة إلى ذلك، بالسنتعانة بالمعارف والطاقات المحلينة وباسنتخدامها فني إنجاز‬
‫المشروع. وبمجرد تحقيننق أهداف المشروع، المحددة مسننبقا، فإن ذلك يعدّ أكث نر‬
 ‫ن‬
‫أهمينة منن مسنألة تأمينن مشاركنة السنكان. لقند تقاسنم العديند منن المنظمات‬
          ‫ن ن‬         ‫ن‬      ‫ن‬       ‫ن‬     ‫ن‬       ‫ن‬        ‫ن‬    ‫ن ن‬
‫المانحنة، وجهنة النظنر الداتينة للمشاركنة كونهنم كانوا مشغولينن بفعالينة المشارينع‬
                                                                                 ‫ونجاحها.‬
‫أما النظرة الثانية فتتبنى تصورا أوسع، وتجد أن المشاركة ل تبرّر نفسها بمعاييرها‬
‫التقنينة فقنط، بنل ترى فني مشاركنة الفئات المهمّنشة رافعنة حقيقينة قادرة على‬
‫السماح للسكان بأن يتولوا بأنفسهم مراقبة التنمية الخاصة بهم وأن يكونوا سادتها.‬
‫‪ (Aspect‬للمشاركنة‬   ‫)‪politique‬‬   ‫تتميّنز هذه المقاربنة بتركيزهنا أكثنر على البعند السنياسي‬
‫) ( وبتضمينهننا وظيفننة تحويليننة للعلقات التنني يقيمهننا الفقراء مننع باقنني أعضاء‬
‫المجتمع، وخصوصا مع المؤسسات العامة والطبقات المسيطِرة. لذلك يمكن النظر‬
‫إلى المشاركننة كغايننة للتنميننة عندمننا تتيننح السننتماع إلى الفئات الكثننر تهميشا‬
‫واسنتبعادا عنبر إخراجهنم منن »ثقافنة الصنمت« ) (، وتسناهم فني دعنم قدراتهنم‬
                                      ‫وتمكينهم وتساعد كذلك في إعادة توزيع السلطة.‬
‫»إن التأويلينن السناسيين للمشاركنة يرتبطان بالموقنع الذي يتبناه الباحنث؛ فهنو إمنا‬
‫أن يكون إلى جانب الوكالت المسؤولة عن المشاريع التنموية، أو يكون إلى جانب‬
‫السكان المشاركين« كما تلحظ »ميشنير«. وتضيف »إن فوائد المشاركة، بالنسبة‬
‫إلى المموّلينن والوكالت المسنؤولة عنن مشارينع التنمينة، هني عموما منن طبيعنة‬
‫تقنية وأداتية. وما يسعى إليه هؤلء كأولوية، يكمن في تحقيق الهداف التي تم‬
‫تحديدهننا فنني إطار مشاريعهننم، وفنني تحسننين الفعاليننة الداريننة والماليننة لهذه‬
                                                                   ‫المشاريع« ) (.‬
‫إل أننه يسنجّل راهنا حصنول توافنق عام على إشراك السنكان أكثنر فني نشاطات‬
‫التنمية، بغينة وضنع حاجاتهنم بشكل أفضنل، في البرامنج التنموية. كما يتنم التوافنق‬
        ‫عموما على النظر إلى المشاركة في التنمية كأداة وغاية في الوقت نفسه.‬
‫إل أن المأخنذ السناسي على هذه التوجهات والممارسنات أنهنا ركّزت على »تحلينل‬
‫نتائج الزمات أكثنر منن تحلينل السنباب« ) ( وذلك فني سنياق الدعوة إلى الحند منن‬
‫تدخنل الدول منن جهنة، وإطلق حرينة السنواق منن جهنة ثانينة، وتحمينل السنكان‬
‫مسننؤولية واقعهننم ومسننؤولية السننعي فنني مجتمعاتهننم المحليننة ليجاد الحلول‬
                                          ‫للزمات التي يعانون منها من جهة ثالثة.‬
‫لقند كاننت المنظمات الدولينة أول منن شجّنع على المشاركنة الشعبينة فني الوسناط‬
 ‫التنموينة الدولينة. فمننذ 9691 ، أعلننت الجمعينة العامنة للمنم المتحدة أن »التقدم‬
‫والتنمية في المجال الجتماعي يتطلبان )...( مشاركة ناشطة من كل العناصر في‬
‫المجتمنع، بشكنل إفرادي أو عنبر الجمعيات، فني تحديند الهداف المشتركنة للتنمينة‬
                                                                   ‫وإنجازها« ) (.‬
‫بعد سنوات عدة، تبنى المجلس القتصادي والجتماعي في منظمة المم المتحدة،‬
‫عام 5791، قرارا يحنث فينه الدول العضاء على »تبنني المشاركنة الشعبينة فني كنل‬
‫اسنتراتيجية وطنينة للتنمينة، وتشجينع المشاركنة الناشطنة، على نطاق واسنع، لكنل‬
‫الفراد والمنظمات غير الحكومية الوطنية في عملية التنمية، وخصوصا في تحديد‬
‫الهداف، وصنياغة السنياسات وتنفينذ البرامنج« ) (. فني الفترة نفسنها، تبنّنى العديند‬
‫من المنظمات الحكومية الدولية العاملة في مجال التنمية قضية المشاركة وأدخلها‬
                                                                  ‫في برامجه ) (.‬
‫4 ن عوائق المشاركة في التنمية‬
‫أغلب التدخلت التنموية ترتبط بأطراف ثلثة: المجتمع المحلي المستهدف بالتدخل،‬
  ‫الجهة المانحة، والدولة التي يحصل التدخل على أراضيها ومع بعض من سكانها.‬
‫فالمشاركة عموما، وفي التنمية تحديدا، ل تتم في »مدينة فاضلة« بل هي تجري‬
‫دائما في ظروف اجتماعية اقتصادية سياسية ثقافية محددة، وتتوافق في إطارها‬
‫مصننالح الفاعليننن وتتعارض، سننواء على مسننتوى المجتمننع الكننبير أم المجتمننع‬
‫المحلي؛ وهي تزيد من حدة الصراع بين الفاعلين المسنتفيدين من الوضنع القائم‬
‫والمتضررين منه، إذا ما تبنّت الجهة المانحة النظرة إلى المشاركة كغاية، أي التركيز‬
‫على بعدها السياسي التغييري. والمشاركة عندما تأخذ هذا المنحى التغييري تؤدي‬
‫إلى التعارض منع القوى المسنتفيدة منن المنر الواقنع؛ فنن »الحكومات المركزينة‬
 ‫ن‬                        ‫ن‬       ‫ن‬     ‫ن‬       ‫ن‬            ‫ن‬
‫والموظفون البيروقراطيون يكونون عموما متحفظيننننن على فكرة التخلي عننننن‬
    ‫ن‬                      ‫ن‬
‫السنلطة، لنهنم يعتنبرون أن السنلطة واتخاذ القرارات هني منن صنلحيتهم... هذا‬
    ‫السياق هو الذي دفع البعض إلى اعتبار المشاركة عملية سياسية بامتياز« ) (.‬
‫كذلك على المستوى القتصادي فإن تراجع دور الدولة، وهو قرار سياسي ل لبس‬
‫فينه، فني ظنل انفلت السنواق »يمكنن أن يخفنف منن واجبات السنلطة المركزينة‬
‫ويجعلها تحدّ من مسؤولياتها تجاه المجتمع المحلي وسلطته المحلية« ) (، ل بل إنه‬
‫يعرّض اقتص نناد المجتم ننع المحلي التقليدي والناشىء ويخضع ننه لمنافس ننة غيننر‬
  ‫ن‬     ‫ن‬          ‫ن‬                                  ‫ن‬           ‫ن‬
‫متكافئة بما يضر بالتدخلت التشاركية النتاجية على قلتها. وإذا كانت سياسة الدولة‬
‫تؤثنر فني المبادرات التشاركينة ويمكنهنا أن تشكنل رافعنة لهنا، كمنا يمكنن أن تشكنل‬
‫عائقا أمام تبلوره نا، إل أن التحف نظ والتوج نس ل يقتص نران فق نط على الحكومات‬
              ‫ن‬       ‫ن‬         ‫ن‬         ‫ن‬               ‫ن‬
‫والموظفين وإنما يشملن أيضا المجتمع المحلي، بما فيه بعض أحزابه وجمعياته،‬
‫وخصنوصا الفعاليات التقليدينة المسنتفيدة منن الوضنع القائم. »فالجماعنة« القروينة‬
‫ليسنت مجموعنة متجانسنة. وبالتالي، فإن المعاناة منن التهمينش التاريخني ومنن‬
 ‫ن‬    ‫ن‬         ‫ن‬        ‫ن‬                           ‫ن‬        ‫ن‬       ‫ن‬
‫السننتبعاد والفقننر ينعكننس ضعفا فنني قدرات وإمكانات الفراد على المشاركننة‬
‫فيختل التوازن وينتفي التكافؤ بين شريك مانح، يملك المعرفة والمال، وبين شريك‬
‫ضعينف، ينتظنر المسناعدة ويعانني ضعفا بالقدرات والمكانات. هذا الواقنع يؤدي‬
      ‫ن‬                                    ‫ن‬          ‫ن‬      ‫ن‬       ‫ن‬
‫إلى تكرينس اسنتبعاد أصنحاب »ثقافنة الصنمت« مجددا. فعلى الرغنم منن التشجينع‬
‫العلنني على المشاركنة »فإن أغلبينة الشخاص يبقون على الهامنش؛ القوياء هنم‬
‫مننن »يشاركون«، ونادرا مننا يشارك الفقراء، الذيننن يراقبون مننا يجري أكثننر ممننا‬
‫يتكلمون« ) (. فالمشاركة ليست معطى جاهزا لدى السكان وإنما هي تحتاج إلى‬
‫بناء ومأسننسة وتقتضنني تمكينا وتطويرا لقدرات الفئات الجتماعيننة الكثننر تهميشا‬
‫واسنتبعادا، و»تعزينز الجهزة المؤسنسية على المسنتوى المحلي، بصنورة خاصنة،‬
             ‫لتأمين ديمومة العمل الجماعي، بعد انتهاء برنامج أو مشروع ما« ) (.‬
‫يضاف إلى كنل ذلك سنلبية المجتمنع المحلي غالبا لنتظاره المسناعدة منن الخارج،‬
‫وهني وإن كاننت ضرورينة باعتبار »أن التنمينة المحلينة الداخلينة المنشنأ ل تعنني أننه‬
‫لي ننس هناك مس نناعدة تأت نني م ننن فوق« ) ( )وطن نني أو خارج نني(، إل أن هذه‬
              ‫ن‬           ‫ن‬                 ‫ن‬     ‫ن‬          ‫ن‬           ‫ن‬
‫المسناعدة ل تعوّض عنن المشاركنة اليجابينة منن قبنل السنكان. إن كثرة التدخلت‬
‫التنموي نة التني لم تف نض إلى تنمي نة حقيقي نة تشج نع أغلبي نة الس نكان على الس نلبية‬
    ‫ن‬            ‫ن‬      ‫ن‬        ‫ن‬      ‫ن‬        ‫ن‬           ‫ن‬        ‫ن‬     ‫ن‬
‫وتدفعهم إلى العزوف عن المشاركة؛ قلة من الفاعلين البارزين الذين أصبح لديهم‬
‫خنبرة التعامنل منع هذه الجهات المانحنة »يتحولون إلى سنماسرة تنمينة محليينن‬
 ‫ن‬       ‫ن‬          ‫ن‬                ‫ن‬                   ‫ن ن‬            ‫ن‬
‫للحصول على دعم الجهات المانحة... ويميلون إلى اعتماد الخطاب نفسه للفاعلين‬
                                                                    ‫من الخارج« ) (.‬
‫إلى الدولة والمجتمننع المحلي ثمننة طرف آخننر يلعننب دورا فنني تعزيننز ممارسننة‬
‫المشاركنة، أو فني تحوينل التدخلت التنموينة القائمنة على المشاركنة إلى تدخلت‬
                 ‫لتشاركية، أو على القل القتصار على ممارسة شكلية للمشاركة.‬
‫فمسنيرة التدخلت التنموينة للدول المانحنة فني البلدان المتخلفنة، ومننذ بروز مفهوم‬
‫التنمينة فني الخمسنينيات، ل تشجنع على توقنع نتائج تنموينة تؤمنن التغيينر الكمني‬
‫والنوعنني )أي التنميننة بأي مننن مسننمياتها( الذي يفترض أنهننا تسننعى إليننه فنني‬
‫طروحاتها النظرية على القل. فالتفاوت القتصادي ازداد اتساعا بين البلدان الغنية‬
‫والبلدان الفقيرة. وعلى الرغم من هذا الخفاق لسباب تتعلق بالطرفين، ما زالت‬
‫البلدان الفقيرة تشكل المختبر لفحص مدى صحة المفاهيم من ناحية، والساليب‬
‫والطرق المستخدمة من ناحية ثانية. وقد تعرضت الطريقة التي تستخدمها الجهات‬
‫المانحة لتطبيق ممارستها التشاركية، منذ التسعينيات، إلى انتقادات قاسية باعتبارها‬
‫أح ند مص نادر الخلل ف ني فه نم المجتمعات المحلي نة المس نتهدفة، انتقادات م نا زالت‬
      ‫ن‬                  ‫ن‬       ‫ن‬                   ‫ن‬     ‫ن‬            ‫ن‬     ‫ن‬
‫صننالحة حتننى اليوم. يبدو أن تاريننخ التدخلت التشاركيننة هننو تاريننخ سننلسلة مننن‬
‫الوهام: الوهنم التجرينبي ووهنم الجماعنة المحلينة ووهنم التواصنل الشفاف إلى‬
                                                          ‫وهم التوافق العتيادي ) (:‬
‫إن اسنتخدام المقاربنة التشاركينة منن قبنل المانحينن لم يكفنل أبدا عدم الوقوع فني‬
‫»الس نياحة التنموي نة« الت ني يت نم انتقاده نا م نن قب نل المروجي نن أنفس نهم. )الوه نم‬
 ‫ن‬          ‫ن‬       ‫ن‬          ‫ن‬     ‫ن ن‬             ‫ن‬     ‫ن‬       ‫ن‬             ‫ن‬
‫التجرينبي(؛ أضنف إلى ذلك عدم قدرة هذا النوع منن المقاربنة على فهنم النسنيج‬
  ‫ن‬      ‫ن‬        ‫ن‬         ‫ن‬                              ‫ن‬       ‫ن‬
‫الجتماعنني والرهانات الجتماعيننة ننن السننياسية المحليننة، حيننث يرتكننز الخطاب‬
‫التشارك نني غالبا على نظرة ل ن نن س ننوسيولوجية للجماعات المحلي ننة؛ فالمقارب ننة‬
  ‫ن‬             ‫ن‬                           ‫ن ن‬                         ‫ن‬
‫التشاركية ل تبرز الواليات الجتماعية التي تنتج وتعيد إنتاج اللمساواة الجتماعية ن‬
‫القتصنادية، كمنا أنهنا تتجنّنب السنئلة الحسناسة؛ أضنف إلى ذلك أن تحلينل العلقات‬
‫الجتماعي نة ف ني المس نارات التشاركي نة ضعي نف بقدر م نا أن إرادة التغيي نر ملتبس نة؛‬
  ‫ن‬        ‫ن‬                  ‫ن‬         ‫ن‬      ‫ن‬              ‫ن‬       ‫ن ن‬
‫فالجهود التشاركينة، بينن المتدخلينن الخارجيينن والنافذينن المحليينن، غالبا منا تشكنل‬
‫مناسنبات لتمرينر مصنالح الطرفينن بتواطنؤ ضمنني بينهمنا؛ يسنتفيد الطرف الول منن‬
‫»التوافق« لشرعننة العمال التني يريدون تحقيقهنا والثانني بتأمين مصنالحه المادينة‬
‫و/أو المعنويننة. انطلقا مننن هذا الواقننع وعلى الرغننم مننن الرادة المعلنننة بتعبئة‬
‫»الفقراء« و»الفئات الجتماعينننة المهمّنننشة«، فإن احتمال اسنننتبعادهم تصنننبح‬
‫حظوظه كبيرة جدا. وفي ضوء ذلك يخشى بقوة على المسارات التشاركية من أن‬
‫تدعّنم سنلطات الفئات المهيمننة، أو أن تخدم مصنالحهم الخاصنة )وهنم »الجماعنة‬
‫المحلينة«(؛ ومنع أفضلينة للمقاربنة التشاركينة على غيرهنا منن الطرق الكلسنيكية‬
‫للتدخل، فإن ذلك ل يكفي كي يجعل من الحوار المفتوح فرصة للتواصل الشفاف.‬
‫فعدا الرهانات داخننل الجماعننة، فإن تجارب التدخننل التنموي السننابقة، والسننياق‬
‫السنياسي نن الداري، والعلقات المسنبقة لفرينق البحنث بالقرينة، والوسنطاء الذينن‬
‫تقام معهننم العلقات المفضلة، وتوقعات الفاعليننن المحلييننن إزاء المشروع، كننل‬
‫ذلك يؤثننر بقوة على صننيغ الحوار ومحتواه. وهننو مننا يسننميه )‪ ( ) (Mosse‬وهننم‬
                                                                     ‫التواصل الشفاف.‬
‫فني ضوء كنل ذلك فإن إنتاج تحلينل مشترك بينن الفاعلينن المحليينن )على تنوعهنم(‬
‫والمتدخلي ننن الخارجيي ننن ل يت ننم تلقائيا. فاختيار أعمال معين ننة للتنفي ننذ، وتحدي نند‬
  ‫ن‬          ‫ن‬          ‫ن‬                               ‫ن‬        ‫ن‬            ‫ن‬
‫الولويات، ينتميان إلى منطقينن متمايزينن: فكنل تدخنل خارجني يُدرج ضمنن إطار‬
‫محدد من قبل المنظمة غير الحكومية أو المموّل: الموضوعات، العمال، الولويات،‬
‫إلخ. وهامش المناورة في التجاوب مع الطلبات المحلية يمارس ضمن نطاق ضيق‬
‫نوعا ما. وبعد قبول الولويات المتمايزة للفئات الجتماعية فإن المشكلة تنتقل تاليا‬
‫إلى تراتبينة هذه المشارينع عنبر التحكينم بينن الطلبات المشروعنة كلهنا، ولكنهنا غينر‬
                                          ‫القابلة للبدء بها!! )وهم التوافق العتيادي(.‬
‫نخلص إلى القول أن أزمنة المقاربنة التشاركينة فني التنمينة تكمنن فني أنهنا ل تعيند‬
‫النظنر ل بالنظمنة القائمنة على اللمسناواة والسنيطرة فني المجتمنع المحلي، ول‬
‫بطريقنة عمنل نظام المسناعدات، ممنا يبقني الزمنة مفتوحنة ويبقني التنمينة تكتفني،‬
‫كما الموضة، بتبديل أسمائها التي تُب ْهر لفترة ثم يتم تجديدها، ل بسبب تغيير فعلي‬
‫فني نوعينة حياة السنكان، وإنمنا كتمرينن ذهنني لبعنض الخنبراء والمسنتشارين فني‬
‫البحنث عنن »براديغنم« جديند. وعلينه فإن أزمنة المقاربنة التشاركينة فني التنمينة‬
‫كغيرهنا منن أزمات المقاربات التنموينة الخرى ترتبنط بأزمنة الدولة منن جهنة وأزمنة‬
                                                             ‫المواطنية من جهة أخرى.‬
‫ثانيا نن الممارسنة التشاركينة فني برنامنج المنم المتحدةللتنمينة الريفينة المتكاملة فني‬
                                                                ‫منطقة بعلبك ن الهرمل‬
‫كي نف يت نم تفس نير اس نتمرار أزم نة التنمي نة على الرغ نم م نن الدراس نات والتوص نيات‬
   ‫ن‬          ‫ن‬         ‫ن ن‬              ‫ن‬         ‫ن‬          ‫ن‬      ‫ن‬      ‫ن‬     ‫ن‬
‫والمراجعات والتطوينر الدائم للدوات النظرينة المسنتخدمة فني التدخلت التنموينة،‬
‫ومنن بينهنا تلك المرتبطنة بالتنمينة البشرينة المسنتدامة، وهني بالسناس تنمينة ترتكنز‬
                                                 ‫على المقاربة التشاركية في رؤيتها؟‬
‫تشك نل الممارس نات التشاركي نة المح نك الفعلي لقياس مدى ملءم نة النتاج النظري‬
               ‫ن‬                        ‫ن‬       ‫ن‬            ‫ن‬          ‫ن‬
‫لخنبراء يعتمدون التنظينم البيروقراطني العقلنني نمطا نن مثاليا لهندسنة التنمينة فني‬
‫بلد تقوم أسناسا على أنماط أخرى منن التنظينم الجتماعني المسنتند إلى شرعيات‬
                                                                              ‫مختلفة.‬
‫يُقدّم برنامنج المنم المتحدة للتنمينة الريفينة المتكاملة فني بعلبنك نن الهرمنل تجربنة‬
‫يمكنن تفحنص الممارسنات التشاركينة منن خللهنا. فالمدة الزمنينة للبرنامنج، والذي‬
‫اسنتمر منن 4991 إلى 1002، تعتنبر فني مقياس التخطينط التنموي مدة كافينة لتقيينم‬
‫التجربنة؛ كذلك فإن البرنامنج جرى تنفيذه فني ظنل حماس خنبراء المنم المتحدة‬
‫التنمويينن وتبنيهنم لنن »موضنة« التسنعينيات الجديدة، أي التنمينة البشرينة، ثنم التنمينة‬
‫البشرية المستدامة، حيث شكلت المقاربة التشاركية البراديغم الجديد، المعوّل عليه‬
                                                      ‫في نجاح هذه النماذج التنموية.‬
‫إن تقيينم برنامنج منا ينطلق عادة منن قياس الفارق بينن الهداف والنتائج، أو بينن‬
‫النتائج المتوقعنة منن التدخنل التنموي والنتائج المُلحظنة أو المحققنة، والتني يمكنن‬
‫تفسنيرها بطرق مختلفنة. والممارسنات التشاركينة ليسنت لحظنة أو حدثا عابرا فني‬
‫البرنامنج، وإنمنا تقتضني أن تكون متجسنّدة فني مراحنل البرنامنج المختلفنة منن‬
 ‫ن ن‬           ‫ن‬         ‫ن‬      ‫ن‬                    ‫ن‬      ‫ن‬       ‫ن‬
                    ‫التشخيص والعداد إلى التنفيذ فالمتابعة ثم التقييم والمساءلة.‬
‫إن دراسنة الممارسنات التشاركينة هني دراسنة لممارسنات نوعينة؛ وعلينه فقند تنم‬
‫العتماد في جمع المعلومات على المقابلت شبه الموجهة ) ( مع سكان المنطقة‬
‫وم نع أعضاء اللجان المحلي نة والعلينا الت ني شكّلهنا البرنام نج، وعلى الوثائق، وثائق‬
                      ‫ن‬          ‫ن‬       ‫ن ن‬             ‫ن‬                      ‫ن‬
‫البرنامنج منن جهنة، والصنحف والمجلت منن جهنة أخرى. وهذه كلهنا تتلءم منع‬
 ‫ن‬         ‫ن‬                ‫ن‬    ‫ن‬            ‫ن‬       ‫ن‬    ‫ن ن‬
                                                            ‫التحليل الكيفي )النوعي(.‬
‫ولن التقيينم هنو تقيينم لحنق، فإن مسنألة إعادة تركينب الحداث والمواقنف تتأثنر‬
                                                                            ‫بمسألتين:‬
‫الولى: القدرة على التذك نر بع ند مرور س نت س ننوات على المشروع وه نو م نا يع ند‬
 ‫ن ن ن‬                           ‫ن‬    ‫ن‬         ‫ن‬     ‫ن‬
‫عامل ً سنلبيا؛ إل أن المدة الطويلة تؤثنر أكثنر على تفاصنيل الحداث ويكون تأثيرهنا‬
‫ضعيفا، إن لم يكننن معدوما، على المواقننف العامننة والنطباعات السنناسية التنني‬
                                                      ‫كوّنها الشخاص عن البرنامج.‬
‫الثانينة: مدى حرينة التعنبير عنن الرأي. وللتقيينم اللحنق ميزة تفاضلينة عنن التقيينم‬
‫المتزامنن، حينث تكون حرينة التعنبير فني التقيينم اللحنق متوافرة أكثنر، لن الرتهان‬
‫إلى مصلحة قائمة مع البرنامج، أو منتظرة، يصبح تأثيرها أقل بكثير منه في حالة‬
                                                                   ‫اشتغال البرنامج.‬
‫كينف مارس البرنامنج منا يدعنو إلينه ويروّج له منن مشاركنة؟ وأي تولينف نتنج عنن‬
‫التفاعنل بينن منطقينن مختلفينن: منطنق عقلنني بيروقراطني منن جهنة، متمثنل‬
 ‫ن‬       ‫ن‬    ‫ن‬   ‫ن‬          ‫ن‬      ‫ن‬      ‫ن‬        ‫ن‬       ‫ن ن‬
‫بالفاعلينن الدوليينن )المنم المتحدة والدول المانحنة(، ومنطنق طائفني وعشائري‬
‫ومناطقني، منن جهنة أخرى، متمثنل بالفاعنل الوطنني بمسنتوياته المختلفنة السنلطة‬
          ‫السياسية وأجهزتها، الحزاب والجمعيات على المستوى العام والمحلي(.‬
‫إن العداد العقلننني لبرنامننج إنمائي مننا يقوم على تحدينند أهدافننه بوضوح. كمننا‬
‫أن»تقيينم مسنار التنمينة المحلينة المتكاملة يُمارس لينس فقنط منن أجنل تحديند‬
 ‫ن‬      ‫ن‬    ‫ن‬   ‫ن‬    ‫ن‬                     ‫ن‬        ‫ن‬         ‫ن‬    ‫ن‬
‫وقياس التقدم المحقنق، وإنمنا ليتينح أيضا ضبنط الهداف المنشودة... ومنن المهنم‬
‫أل يقتصنر التقيينم على الجواننب القتصنادية البحتنة للعملينة ) (، وإنمنا علينه أن يطال‬
‫أيضا التقدم الحاصنل فني الميادينن الجتماعينة والثقافينة« ) (. والسنؤال الول الذي‬
‫يتبادر إلى الذهن هو: كيف يستمر البرنامج بالهداف نفسها، على الرغم من توافر‬
‫القليل القليل من التمويل المتوقع؟ لماذا لم يكيّف القيمون على البرنامج الهداف‬
‫منع المكانات المتوافرة والمتوقعنة؟ لماذا حدث العكنس منن ذلك، أي تنم تبدينل‬
‫هدف البرنامننج مننن »برنامننج زراعات بديلة إلى برنامننج تنميننة ريفيننة متكاملة‬
          ‫ن‬       ‫ن‬       ‫ن‬                         ‫ن‬         ‫ن‬    ‫ن‬
‫ومندمجنة وشاملة«، أي تبديله منن برنامنج قطاعني إلى برنامنج شامنل؟ منا هني‬
‫وظيفة تكبير الهداف في ظل النقص الشديد في التمويل؟ إن الجابة عن هذه‬
‫السئلة تكشف منذ البداية عدم جدية التدخل التنموي في المنطقة وبأنه كان أقرب‬
‫إلى التدخل ن اللهاء منه إلى التدخل ن التنمية. وإذا كان من الصعوبة كشف عملية‬
‫اللهاء هذه منذ نشأة البرنامج، فأي موقف كان للفاعلين المحليين، وللفاعلين على‬
‫المستوى الوطني، بعد أن استمر النقص بالتمويل واستمر البرنامج في عدم تنفيذ‬
                           ‫أهدافه؟ ولماذا استمر البرنامج على الرغم من تعثره؟‬
‫في ضوء المقارنة ما بين أهداف البرنامج وبين النجازات التي تحققت فإن قضية‬
‫البحث الساسية المطروحة للدراسة ل تعود قضية إنجازات البرنامج الهزيلة، وإنما‬
‫تصنبح قضينة تكوينينة تتعلق بنشأة البرنامنج وبلورة فكرتنه وأهدافنه منن جهنة، و‬
‫قضينة اسنتمراريته على الرغنم منن عدم تنفينذ أهدافنه السناسية والفرعينة إلى حند‬
                                                             ‫كبير، من جهة أخرى.‬
‫فني إطار هذا التوجنه سنيتم التركينز على بعنض الممارسنات التشاركينة ذات الدللة،‬
‫عبر التركيز على نشأة البرنامج من جهة وتنظيم المجتمع المحلي )اللجان المحلية‬
                                                          ‫والعليا( من جهة أخرى.‬
                                 ‫1. موقع المشاركة وممارستها في مرحلة العداد‬
      ‫ما هي الظروف التي أنشىء فيها البرنامج؟ ولماذا أنشىء؟ وكيف أنشىء؟‬
            ‫1.1 نشأة البرنامج: برنامج تنمية أم برنامج مكافحة زراعة المخدرات؟‬
‫فني إطار تفاهنم دولي نن إقليمني توصنل اللبنانيون إلى اتفاق الطائف الذي وضنع‬
‫حدا للحرب اللبنانينة، وتنم تكلينف سنوريا برعاينة تطنبيق هذا التفاق اللبنانني، بعند‬
‫مشاركتها، مع دول عربية أخرى، في تحرير الكويت من الغزو العراقي، وفي إطار‬
‫التهيئة لمؤتمنر مدريند منن أجنل »تسنوية سنلمية« فني الشرق الوسنط. لقند تأثنر‬
‫البرنامج منذ انطلقه عام 4991 بمناخ عملية السلم في المنطقة ومدى تقدمها أو‬
                              ‫تراجعها وسيرتبط بذلك إلى حد كبير تمويل البرنامج.‬
‫شكننل التوافننق الدولي ننن القليمنني ننن اللبناننني غطاء شرعيا للتواجنند العسننكري‬
‫السنوري فني لبنان. وكاننت السنلطات اللبنانينة قند جرّنبت قبنل الحرب إتلف زراعنة‬
‫المخدرات، إل أن الزراعة استمرت وشهدت توسعا غير مسبوق أثناء الحرب، ل بل‬
‫أضيفت إليها زراعة الخشخاش، مما جعلها من أولى مطالب الدول الغربية وهيئات‬
‫المنم المتحدة المعنينة. وفني إطار ضغنط دولي على سنوريا ولبنان ) (، تنم إصندار‬
‫قرار يمننع زراعنة المخدرات وصنناعتها وتجارتهنا. منع الشارة إلى أن قرار التلف‬
‫اتخنذ قبنل إنشاء البرنامنج وقبنل التفاوض على إنشائه . لقند شكنل الوجود السنوري‬
‫المسنلح فني لبنان بقوتينه المادينة والمعنوينة، عامل ً حاسنما ) ( فني فرض تطنبيق‬
‫هذا القرار، وفي نجاح »حملت استئصال المحاصيل الممنوعة المترافقة مع جهود‬
‫أجهزة المكافحة والشرطة، مطلع التسعينيات، بمعالجة جوانب هذه المشاكل في‬
‫منطقنة بعلبنك نن الهرمنل. ولتجننب العودة إلى الحالة القائمنة فني الماضني يجنب‬
‫التوجنه إلى معالجنة السنباب الكامننة وبالخنص الوضنع الهامشي للمنطقنة والوضنع‬
‫المادي للسنكان. إذ يجنب توجينه المنطقنة نحنو تيار التنمينة... بحينث تبقنى عملينة‬
‫مكافحننة المخدرات أولويننة موازيننة... لمواجهننة هذا التحدي قرّرت الدولة العمننل‬
                          ‫باتجاه تنمية ريفية متكاملة لمنطقة بعلبك ن الهرمل...« ) (.‬
‫إن هذه الواقع نة التاريخي نة تكش نف أول ً أن برنام نج التنمي نة الريفي نة المتكاملة ف ني‬
 ‫ن‬              ‫ن‬         ‫ن‬         ‫ن‬                 ‫ن‬      ‫ن‬           ‫ن‬
‫المنطقنة لم ينشنأ بناء على مبادرة منن المجتمنع المحلي، ول تمّنت اسنتشارتهم بنه؛‬
‫كما أنه لم يأت بناء على مبادرة تنموية من السلطة اللبنانية، أي نتيجة قرار سياسي‬
‫للحكومنة بتنمينة المناطنق اللبنانينة المهمّنشة، لننه لو كان المنر كذلك، لكان يجنب‬
‫على القرار بالتنميننة أن يشمننل مناطننق أخرى، تعيننش وضننع الحرمان والفقننر‬
‫والتهميش عينه؛ أما اقتصاره في تلك اللحظة التاريخية على منطقة بعلبك ن الهرمل‬
‫إنمنا أتنى كنن »بدينل« أو »تعوينض« عنن حرمان سنكان المنطقنة منن مورد عينش‬
‫أسناسي نتيجنة قرار مكافحنة المخدرات ) (. وقند تنبيّن، ممنا آل إلينه البرنامنج لحقا،‬
‫أن الهدف السناسي كان مكافحنة زراعنة المخدرات، والتنمينة لم تكنن سنوى ذريعنة‬
‫أو بدينل رمزي أكثنر مننه فعلي! والفرق شاسنع بينن التوجهينن: التوجّنه الول وهنو‬
‫توجنه سنلبي ينطلق منن أولوينة مكافحنة المخدرات، وهنو منا تنم إنجازه فعليا أثناء‬
‫عمنل البرنامنج، سنواء حصنلت التنمينة أم لم تحصنل؛ والتوجّنه الثانني، يصننّف كتوجنه‬
‫إيجابنني وينطلق مننن التنميننة، بصننرف النظننر عننن وجود زراعننة مخدرات أو عدم‬
‫وجودهنا، كجزء منن عملينة شاملة تهدف إلى إدماج المنطقنة ومكافحنة الفقنر فيهنا‬
‫فني إطار النماء المتوازن الذي ننص علينه اتفاق الطائف. ومنع أن البرنامنج نجنح‬
‫مؤقتا فني مكافحنة المخدرات، إل أننه فشنل فني مجال التنمينة الريفينة المتكاملة،‬
                                              ‫وخصوصا لجهة الممارسة التشاركية؛‬
‫وكاس نتنتاج أولي: لق ند أ ُ نسقِط البرنام نج على المجتم نع المحلي م نن دون مشارك نة‬
 ‫ن‬            ‫ن‬           ‫ن‬             ‫ن‬                    ‫ن‬               ‫ن‬
‫السننكان، وهننو مننا يخالف ألف باء التنميننة التشاركيننة؛ كذلك فالمبادرة لم تكننن‬
‫بالسناس مبادرة لبنانينة، أي نتيجنة قرار بالتنمينة الشاملة للمناطنق، والمنطقنة منن‬
‫ضمنها، بل إن البرنامج استحدث كرد فعل على فعل إلغاء زراعة المخدرات، الذي‬
                                           ‫كان هو الهدف الساس وليس التنمية .‬

    ‫1.2 برنامج بهوية ملتبسة: برنامج تنمية ريفية متكاملة أم برنامج زراعات بديلة؟‬
‫يُعبّر هذا التسناؤل عنن التباس أسناسي فني هوينة البرنامنج. فالفقنر والتهمينش ل‬
‫يقتصرا على منطقة بعلبك ن الهرمل بل يطال مناطق لبنانية عديدة كعكار والضنية‬
‫وبن نت جبي نل وغيره نا، )لمراجع نة خارط نة الفق نر البشري وأحوال المعيش نة 7002(.‬
        ‫ن‬                       ‫ن‬       ‫ن‬       ‫ن‬           ‫ن‬        ‫ن‬      ‫ن‬
‫والسؤال الذي يطرح: لماذا يقر برنامج للتنمية في بعلبك ن الهرمل من دون سواها‬
‫منن المناطنق المماثلة؟ والجواب هنو أن هذه المنطقنة منا كاننت لتشكنل، آنذاك،‬
‫مجال ً لبرنام نج تنموي لو لم تك نن تزرع المخدرات. ف ني ضوء ذلك فإن الرب نط لدى‬
     ‫ن‬                   ‫ن‬                   ‫ن‬                 ‫ن‬
‫سكان المنطقة عموما، والمزارعين خصوصا، بين البرنامج وبين زراعة المخدرات‬
‫ليننس مننن دون أسنناس؛ »فخلل الجتماع الول فنني شمسننطار شُكّلت اللجنننة‬
‫المحليننة وكان عنوان الجتماع »الزراعات البديلة« فمننا الذي اسننتجدّ حتننى يغيّننر‬
‫الفرجانني ويعترض على هذه التسنمية ويعتنبر أن البرنامنج هنو برنامنج تنمينة ريفينة‬
‫متكاملة« ) (! فبين فهم السكان لوظيفة البرنامج وبين فهم مديره، الذي يصر على‬
‫التسنمية )تنمينة ريفينة متكاملة( ويؤكند على ذلك فني كنل مناسنبة، نشنأ التباس قوي‬
‫فني وظيفنة البرنامنج ودوره، وهنو التباس أدى إلى خطابينن مختلفينن ومتعارضينن،‬
‫خطاب لمدير البرنامج وخطاب لسكان المنطقة عموما، وللمزارعين خصوصا؛ هذا‬
‫الختلف، ل بل التعارض، في فهم السكان وتوقعهم لدور البرنامج انعكس سلبا‬
‫على الممارسات التشاركية فيه؛ فأحد مبادىء المشاركة أن يكون هناك فهم موحّد‬
‫لوظيفنة البرنامنج ودوره، هذا إن لم يكنن السنكان قند سناهموا فني تحديند الدور،‬
‫فإذا كان الختلف قنند طالهمننا على مسننتوى النطلق، فسننيؤدي ذلك حكما إلى‬
‫ارتدادات على مسنتوى التنفينذ لن »توقعات الفاعلينن المحليينن إزاء المشروع تؤثنر‬
‫بقوة على صنيغ الحوار ومحتواه« )‪ .( ) (Mosse‬ويكون هذا التماينز فني الخطاب بينن‬
‫الطرفين أكثر سلبية على البرنامج إذا تم بناؤه على موقف متعمّد يهدف إلى تحوير‬
‫مقصنود منن قبنل الجهنة المشرفنة. يقول مدينر البرنامنج »المشروع عندمنا أتيننا إلى‬
‫هنا كان اسمه مشروع الزراعات البديلة... نعم كان اسمه كذلك وكان معنا الدكتور‬
‫عادل قرطاس وزينر الزراعنة؛ ولكنن زراعنة بديلة فني منطقنة كاننت تدخنل مليارات‬
‫منن الحشيشنة والفيون بمشروع أيامهنا ميزانيتنه 4 مليينن دولر، يعنني منا فني شني‬
‫فلوس، هنني نوع مننن الفأل )السننيىء(. الناس كانننت مترقبننة تعويضات وملييننن‬
‫ستأتي لتوزع عليها، وهذه الوعود أعطيت من السياسيين حتى الناس تقبل بالتخلي‬
‫عننن زراعننة الحشيشننة والفيون ول تعارض ذلك بالقوة؛ فقلنننا حتننى نبعنند مننن‬
‫هالمشاك ننل كله ننا نقلب البرنام ننج ونغيره إلى برنام ننج تنمي ننة متكاملة ومندمج ننة‬
  ‫ن‬                  ‫ن‬        ‫ن‬                    ‫ن‬                ‫ن‬       ‫ن‬
‫وشاملة... نعنم أننا اقترحنت ذلك على الوزينر قرطاس وعلى برنامنج المنم المتحدة‬
‫النمائي لن نه ل يوج ند تناس نب بي نن المكانات وبي نن عنوان المشروع... لن عنوان‬
                           ‫ن‬               ‫ن‬     ‫ن‬       ‫ن‬        ‫ن‬
‫الزراعات البديلة بيفترض تعويضات ولمّنا بتعطني تعويضات للمزارعينن واحند واحند‬
‫يعنني أموال كثيرة؛ بينمنا التنمينة يمكنن القيام بهنا على مراحنل منا دام هنم وعدوننا‬
‫بفلوس سننتأتي؛ بينمننا تعويضات زي مننا حصننل فنني الحرب بتكون مباشرة؛ الذي‬
‫لحظتننه أن الناس مترقننبين متننى سننتوزّع عليهننم شيكات، تعويضات؛ ثننم أيضا‬
‫ينتظرون أن تأتي لهم بزراعات بديلة تعوّض ويكون دخلها يساوي أو يقارب الدخل‬
‫الذي كانوا يحصنلون علينه، وهذا غينر ممكنن؛ فالزراعات البديلة مكلفنة... المنطقنة‬
‫فيها شح بالمياه... المياه موجودة ولكن عميقة...؛ أي زراعة ستزرعها ل يمكن لها‬
‫أن تكون منافسنة ول يمكنن أن تعطينك نفنس مدخول زراعنة الحشيشنة« ) (. هذا‬
‫الننص الحرفني لمقابلة أجراهنا الباحنث منع مدينر البرنامنج، بعند سنت سننوات على‬
‫انتهاء عمله، تلقني أضواء كاشفنة على مسنائل محورينة فني مسنار التنمينة الريفينة‬
                                                                           ‫المتكاملة:‬
‫نن تسنويق البرنامنج منن قبنل الفاعلينن السنياسيين، عنبر إطلق وعود بمسناعدات‬
‫سنتغدق على السنكان، وهنو أمنر يفسنّر صنورة السنكان عنن البرنامنج كنبرنامج‬
      ‫ن ن‬           ‫ن‬     ‫ن‬       ‫ن‬          ‫ن ن‬          ‫ن‬            ‫ن‬
‫مسناعدات وكبدينل عنن زراعنة المخدرات. فإمنا أن الفاعلينن السنياسيين خضعوا‬
            ‫ن‬     ‫ن‬            ‫ن‬               ‫ن‬      ‫ن‬   ‫ن‬           ‫ن‬
‫لعملينة تضلينل، أو أنهنم منن خلل اتصنالتهم كوّنوا قناعنة منا عنن البرنامنج المنتظنر،‬
   ‫وفي الحالتين يعتبرون مساهمين جزئيا في عملية تضليل المزارعين وخداعهم.‬
‫ن تواطؤ مارسته المم المتحدة عبر إدارة البرنامج وبمعرفة المرجع المسؤول في‬
‫لبنان )على القنل( منن جهنة، والدولة اللبنانينة ممثلة بوزينر الزراعنة آنذاك، منن جهنة‬
‫ثانينة، فني تغيينر اسنم البرنامنج منن برنامنج »الزراعات البديلة«، كنبرنامج قطاعني،‬
‫والذي كان يسنتهدف، خصنوصا، المزارعينن المتضررينن مباشرة منن إلغاء زراعنة‬
‫المخدرات، وهنم منن بينن الكثنر فقرا، إلى برنامنج »تنمينة ريفينة متكاملة وشاملة«،‬
‫وهني تسنمية تلقنى صندى إيجابيا لدى الوسناط الدولينة المروّنجة لمفهوم التنمينة‬
‫البشرية المستدامة، وبهذه التسمية تم توسيع الهداف لتشمل كل القطاعات ومن‬
                                                               ‫بينها القطاع الزراعي.‬
‫ن تم التلعب، بوعي كامل وبتخطيط مسبق، في بناء ركيزة البرنامج، وهو تلعب‬
‫ستكون له وظيفة أساسية في مسيرة البرنامج، هي وظيفة إلهائية ستعتمد الوعود‬
‫منن جهنة، وبعنض النجازات الهزيلة منن جهنة أخرى، لتأمينن اسنتمرارية البرنامنج.‬
‫وللبتعاد ع نن مجابه نة القضي نة الس ناسية، أي التنمي نة القطاعي نة الزراعي نة، وجدت‬
       ‫ن‬          ‫ن‬          ‫ن‬                ‫ن‬      ‫ن‬        ‫ن‬        ‫ن‬
‫الجهات المعنينة الحنل نن المهرب )‪ (Echappatoire‬بتغيينر اسنم البرنامنج، ممنا يتينح لهنا‬
‫التدخنل فني كنل المجالت فني المنطقنة، فني حينن أن الموال المتوافرة ل تكفني‬
              ‫للقطاع الزراعي فكيف بها تكفي لكل القطاعات بما فيهم الزراعة؟!!‬
‫ن لقد كان مدير البرنامج واضحا في تبريره لتبديل اسم البرنامج، فالزراعات البديلة‬
‫تتطلب تواف نر أموال لي نس فق نط لدع نم المزارعي نن ف ني المرحلة النتقالي نة، وإنم نا‬
 ‫ن‬        ‫ن‬                   ‫ن‬    ‫ن‬           ‫ن‬      ‫ن‬     ‫ن‬           ‫ن‬
‫سنيكون اعتماد هذه الزراعات محرجا للبرنامنج فني ظنل التوجنه القدينم نن الجديند‬
‫للحكومة آنذاك، بالتركيز، في إعادة تنشيط القتصاد اللبناني، على قطاعي التجارة‬
‫والخدمات وتهميش قطاعي النتاج الزراعي والصناعي. يطرح هذا التوجه إشكالية‬
‫أساسية لبرنامج الزراعات البديلة، في ظل التوجه القتصادي للحكومة، وفي ظل‬
‫غياب سياسة زراعية وفي إطار السواق المفتوحة والتنافس الشديد في ما بينها.‬
‫إل أن هذا الهروب هنو هروب شكلي، لن الزراعنة فني منطقنة عمنل البرنامنج هني‬
        ‫مورد أساسي، وأي برنامج تنموي للمنطقة ل يمكنه أن يتجاوز هذا الواقع.‬
‫ن ان ترداد فكرة »إن أي زراعة ستزرعها )المنطقة( ل يمكن لها أن تكون منافسة‬
‫ول يمكنن أن تعطينك نفنس مدخول زراعنة الحشيشنة« يكشنف عنن التباس وخلط‬
‫بينن مصنلحة المزارع منن جهنة، والمصننّع والتاجنر منن جهنة أخرى. إن ميزة زراعنة‬
‫الحشيشة أن كلفة زراعتها قليلة، وأنها قابلة للتخزين من دون كلفة ، وأن تسويقها‬
‫مؤمنن عموما. والدراسنة المقارننة، للكلفنة والمردود، منع بعنض الزراعات الخرى،‬
‫ليسنت دائما لصنالح الحشيشنة ) (. المشكلة تكمنن أسناسا فني ارتفاع كلفنة النتاج‬
‫وفني أزمنة تصريفه بسنبب غياب السنياسة الزراعينة الرشيدة. ومزارع الحشيشنة هنو‬
‫الحلقننة الضعننف والكثننر فقرا ضمننن دورة إنتاج المخدرات مقارنننة مننع المص ننّع‬
‫والتاجر؛ وهو أثبت، طيلة فترة عمل البرنامج، عن التزامه وعن استعداده لممارسة‬
                                      ‫زراعات أخرى حين يتوافر له البديل الزراعي.‬
‫ن إن دعوة المم المتحدة إلى »تبني المشاركة الشعبية في كل استراتيجية وطنية‬
‫للتنمية، وتشجيع المشاركة الناشطة، للفراد والمنظمات غير الحكومية الوطنية في‬
‫عملية التنمية، وخصوصا في تحديد الهداف، وصياغة السياسات وتنفيذ البرامج «،‬
‫تتحوّل ضمن هذا المسار الذي انطلق منه برنامج التنمية الريفية، خطابا استهلكيا،‬
                       ‫تمّ تجاوزه في الممارسة من قبل ممثلي المنظمة أنفسهم.‬
‫ننن لقنند أمضننت إدارة البرنامننج وقتا طويل ً للتفسننير للمزارعيننن وللرأي العام »إن‬
‫البرنامج هو برنامج تنمية؛ وقضينا تماما على فكرة أن البرنامج هو برنامج زراعات‬
‫بديلة« ) (. إل أن المقابلت التي أجريت مع المزارعين ومع فعاليات المنطقة أكدت‬
                  ‫أن أغلبية المبحوثين اعتبروا أن البرنامج هو للزراعات البديلة ) (.‬
‫إن هذه النظرة للبرنامنج ليسنت تفصنيل ً يمكنن تجاوزه بنل هني رؤينة حاسنمة فني‬
‫نوع التدخلت التنني خطّننط لهننا البرنامننج ونفّذهننا، والتنني مهّدت لتوسننع أفقنني‬
‫وسطحي وابتعدت عن التدخل العاموي والمتخصص، وقد أث ّر هذا التوجه في كل‬
                      ‫خطوات البرنامج اللحقة وتحديدا على الممارسات التشاركية.‬
                                  ‫1.3 تفاوض ملتبس ومراهنة على الضمير الدولي‬
‫لقد اتخذ القرار بمكافحة المخدرات، زراعة وصناعة وتجارة، قبل ثلث سنوات من‬
‫إنشاء البرنامج؛ وبذلك تكون السلطة اللبنانية قد أسقطت من يدها ورقة مساومة‬
‫فني المفاوضنة منع الجهات الدولينة التني ضغطنت لتخاذ قرار اللغاء، والتني سنبق‬
‫لدول أخرى أن اسنتخدمتها؛ إن تسنرّع السنلطة فني اتخاذ القرار، على الرغنم منن‬
‫تواطئهنا مننذ السنتقلل منع ممارسنة هذه الزراعنة، يؤكند على أن القرار كان نتيجنة‬
                                  ‫تقاطع مصالح دولية ن إقليمية أول ً ولبنانية تاليا ) (.‬
     ‫»لبنان هنو التجربنة الوحيدة فني العالم، حينث أتلفنت الزراعات الممنوعنة قبنل‬
      ‫ن ن‬                     ‫ن‬      ‫ن‬                        ‫ن‬
‫انطلق أي برنامننج بديننل مننن المننم المتحدة وهيئة مكافحننة المخدرات... لبنان‬
‫استمر على مدى ثلث سنوات ينفذ عمليات تدمير هذه المزروعات من دون التوجه‬
‫إلى المننم المتحدة... إن برنامننج التلف فنني الدول الخرى كان يترافننق بشكننل‬
‫وطيند منع برامنج النماء ودفنع التعويضات. إل أن قرار التلف فني لبنان كان قرارا‬
       ‫سياسيا... وهو ما أدى إلى انعدام الرابط بين زراعة المخدرات والبرنامج« ) (.‬
     ‫»لقنند ألغننى لبنان زراعننة المخدرات مقابننل وعود بالمسنناعدة وليننس مقابننل‬
‫التزامات ... لقند بدأ التلف منع السنلطة الولى بعند اتفاق الطائف بناء على الوعند‬
‫52‬   ‫الذي قدّمته منظمة الغذية الدولية »الفاو« »في أواخر عام 2991 بأنها ستؤمن‬
‫مليون دولر، وقد أبلغ المسؤولون آنذاك بذلك رسميا رئاسة مجلس النواب ووزارة‬
‫الخارجينة والحكومنة وذلك للمسناهمة فني إقامنة مصنرف تسنليف شرط أن تتجنه‬
‫الحكومنة اللبنانينة أيضا فني هذا التجاه« ) (. ومنع تبدل السنلطة ) (، التني واكبنت‬
‫بدورهننا إتلف المخدرات، وتولّت المفاوضات قبننل إنشاء البرنامننج بسنننتين، وهننو‬
‫وقنننت كاف للتفاوض وتحسنننين الشروط، إن كان هناك تقصنننير سنننابق، تبدلت‬
‫الرهانات والولويات ومناط نننق الهتمام . فالمفاوض اللبنان ننني لم يُلزم الطراف‬
                   ‫ن‬                               ‫ن‬
‫الدولية، باتفاقات محددة ودقيقة وإنما اكتفى بمطالبتها بالمساعدة وبتنفيذ الوعود،‬
‫والفرق شاس نع بي نن الح نق المبن ني على اتفاقات ملزم نة وبي نن ترك الم نر لضمي نر‬
 ‫ن‬       ‫ن‬          ‫ن‬      ‫ن‬                   ‫ن‬        ‫ن‬      ‫ن ن‬
                    ‫المجتمع الدولي. الولى فيها إلزام والثانية فيها تمنٍ واستجداء.‬
‫ولذلك تطرح السننئلة التيننة: لماذا تسننرّع الطرف اللبناننني وتسنناهل فنني إتلف‬
‫المخدرات منن دون الحصنول على التزامات دولينة واضحنة بالحصنول على التموينل‬
 ‫المقدّر بنن 003 مليون دولر؟ ولماذا اسنتمرت السنلطات فني لبنان ملتزمنة بمكافحنة‬
‫المخدرات طيلة سننبع سنننوات م نا دام البرنام نج لم يحص نل على التزامات واضحننة‬
                      ‫ن‬         ‫ن‬              ‫ن‬
‫ومحدّدة؟ هنل المسنألة تعود إلى تقصنير واضنح منن المفاوض اللبنانني؟ أو إلى‬
         ‫ن‬                 ‫ن ن‬        ‫ن‬                ‫ن‬      ‫ن‬
‫جهنل فني أصنول التفاوض؟ أو إلى تواطنؤ بينن الطراف المفاوضنة؟ لم يتنبيّن أن‬
‫السلطة »الجديدة« قاصرة أو عاجزة في المفاوضات، حيث إنها تمكنت من تأمين‬
‫تمويل، من المصادر الدولية نفسها، لمشاريع إعادة العمار في بيروت وفي بعض‬
‫المناط نق اللبناني نة الخرى. إن التفس نير المنطق ني لتلف زراع نة المخدرات، وعدم‬
                ‫ن‬            ‫ن‬          ‫ن‬                  ‫ن‬           ‫ن‬
‫تأمينن التموينل الكافني لبرنامنج التنمينة الريفينة، والذي ل يشكنل تمويله إل نسنبة‬
‫هزيلة، مقارنة بالدين العام الداخلي والخارجي، يرجع بالدرجة الولى إلى الموقع‬
‫الهامشني لمنطقنة بعلبنك نن الهرمنل فني التركيبنة اللبنانينة )منطقنة زراعينة، عشائرينة،‬
 ‫ذات أغلبية شيعية، النظرة الدولية إليها باعتبارها منطقة نفوذ أساسي لحزب ا(.‬
‫لقند شكّنل البرنامنج نقطنة تقاطنع بينن منطقينن: منطنق عقلنني )أمنم متحدة ودول‬
‫مانحنة غربينة( مبنني على المصنلحة والقوة، ومنطنق »لعقلنني« للسنلطة اللبنانينة‬
‫مبنني على مصنالح ضيقنة ومركبنة، اقتصنادية نن طائفينة نن مناطقينة ول يؤطرهنا أي‬
‫هدف تنموي شامل على المستوى الوطني، وعلى مناشدة لننننن»المجتمنع الدولي‬
‫الممثل بالمم المتحدة أن يؤمن للبنان ما يساعده على المضي في خطته وجعلها‬
‫دائمننة النجاح« ) (. إن التجاوب الدولي مننع المناشدة كان ضعيفا، إل أن المشكلة‬
                                    ‫ن‬                                   ‫ن‬
‫لم تنحصر دائما في عدم التجاوب الدولي، بل كانت مشكلة لدى السلطات اللبنانية‬
                                                                                ‫أيضا.‬
‫»المنطق الدولي«‬
‫في اجتماع عمل تقويمي شامل في مقر برنامج التنمية الريفية حضره نواب بعلبك‬
‫ن ن الهرم نل وأرلك ني المدي نر التنفيذي لبرنام نج الم نم المتحدة لمكافح نة المخدرات‬
          ‫ن‬                 ‫ن‬      ‫ن‬                  ‫ن‬        ‫ن‬        ‫ن‬
‫والجريمنة، قال كاسنيني سنفير إيطالينا توضيحا لكلم شوقني فاخوري )وزينر زراعنة‬
‫سنابق( فني الجلسنة المغلقنة: »لم يكنن مؤتمنر بارينس لرصند الموال للمنطقنة بنل‬
      ‫لتعريف الدول المانحة بالمشكلة . وبعد المؤتمر كان على كل دولة مانحننننة‬
‫أن تناقنش منع الحكومنة اللبنانينة منا يمكنن تقديمنه. إنمنا كاننت هناك مشكلت فنينة،‬
‫فالحكومتان اللبنانية واليطالية لم تتفقا على جداول المشاريع المقترحة؛ ومجموع‬
‫البروتوكول بيننا كان 07 مليون دولر، وحددت الحكومة اللبنانية حصة منطقة بعلبك‬
 ‫ن الهرمل بنن 3.1 مليون دولر. وحتنى اليوم ل تزال المور تتأرجنح وأسنف لصراحتي‬
   ‫في وقت يردد العلم اللبناني كل يوم أن الدول المانحة ل تفي بوعودها« ) (.‬
‫أمنا أرلكني فقال: »أقدر جدا صنراحتكم وسنوف أكون صنريحا معكنم لتحاشني أي‬
‫سوء تفاهم مستقبل ً، في الماضي كان الغموض سائدا وأيضا سوء التفاهم عن‬
‫دور المم المتحدة وبرنامج المم المتحدة لمكافحة المخدرات، ونحن لم نعاهدكم‬
‫ونخلف العهند أبدا . وأجند نفسني على يقينن بأننه لم يزركنم أي ممثنل منن برنامجني‬
 ‫ويعطيكنم عهودا. المنم المتحدة تعهدت بنن 6 مليينن دولر للبنان، وخاصنة للبقاع،‬
‫ونفّذنا عهودنا ووعدنا وصرفنا حتى الن مليونين، واليوم نحن هنا لنتطلع للمستقبل‬
                                   ‫وعلينننننا أن ننسنى إنتننناج وزراعة المخدرات...‬
‫نحن هنا من أجل أن نعمل للتنمية كهدف للمزارعين والتفاهم بعيدا عن الضغط‬
‫وسنوف ل نعمنل تحنت الضغنط« ) (. تُنبيّن هذه الوثيقنة أن المشكلة الفعلينة ليسنت‬
‫نقصا في خبرة المفاوض، كما يروّج للمر، بل لن المنطقة المستهدفة بالتنمية لم‬
‫تكنن لهنا الولوينة ضمنن رهانات الفاعلينن فني »نظام المحاصنصة«، ل بنل على‬
‫العكنس منن ذلك فقند تنم اسنتخدام مكافحنة المخدرات كورقنة مسناومة لصنالح‬
                                                 ‫أولويات أخرى في مناطق أخرى.‬
‫وتفسير ذلك يعود إلى أنه في ظل ضعف الدولة بعد الطائف حل منطق جديد في‬
‫إدارة حكنننم البلد وشؤون الناس يقوم على مبدأ المحاصنننصة بينننن الممثلينننن‬
   ‫ن‬           ‫ن‬       ‫ن‬                                          ‫ن‬
‫السننياسيين للطوائف، الذيننن يتوزعون مقدرات الدولة على قاعدة حصننص معينننة‬
‫لكنل طائفنة. إل أن نظام المحاصنصة هذا لم يكنن بسنيطا بنل مركبا وتتداخنل فني‬
‫توزينع الحصنص عوامنل عديدة. ففني ظنل ضعنف أجهزة الدولة، وغياب الخطنة‬
 ‫ن‬                          ‫ن‬    ‫ن‬   ‫ن‬           ‫ن‬      ‫ن‬      ‫ن‬
‫التنموينة الشاملة على المسنتوى الوطنني، تحكنم الفاعلون السنياسيون الطائفيون‬
‫بحصنص طوائفهنم، ممنا أجنبرهم على التواطنؤ فني منا بينهنم عنبر التسنليم للشرينك‬
‫المحاصنص بتوزينع حصنة طائفتنه دون تدخنل منن الخرينن. على مسنتوى التوزينع‬
‫الطائفي العام حضر المناطقي في منطق السياسي الطائفي المحاصص وأعطى‬
‫أولوينة للمناطنق التني يتنم فيهنا تجديند زعامتنه على حسناب المناطنق الخرى التني‬
‫تتواجند فيهنا طائفتنه وإنمنا ليسنت محدّدة فني إعادة إنتاج الزعامنة )الحريري: بيروت‬
‫أول ً ل عكار؛ بري: الجنوب أول ً ل البقاع الشمالي؛ جنبلط: الشوف أول ً ل راشينا ول‬
   ‫حاصبيا؛ الهراوي: زحلة أول ً ل البقاع عموما ول البقاع الشمالي بصورة خاصة(.‬
‫فني ضوء هذا التصنور يمكنن تلمنس عوامنل النطلقنة الملتبسنة والتني أدت إلى‬
‫فشنل برنامنج المنم المتحدة للتنمينة الريفينة. فنبرنامج المنم المتحدة يتعامنل منع‬
‫السلطات الرسمية، وهو، يكرس المر الواقع في تدخلته، ول يسعى إلى تغييره.‬
‫فق ند أدى تمفص نل التدخلت المتنابذة والمتواطئة للفاعلي نن النافذي نن ف ني برنام نج‬
 ‫ن‬        ‫ن‬    ‫ن‬          ‫ن‬                                       ‫ن‬           ‫ن‬
‫المم المتحدة للتنمية الريفية المتكاملة في منطقة بعلبك ن الهرمل، إلى تحويله من‬
‫برنامنج إنمائي إلى برنامنج إلهائي يرتكنز إلى وعود كنبيرة ودائمنة منن إدارتنه، وإلى‬
‫النظنر إلينه كمجال للتوظينف وتقدينم خدمات، ولو بسنيطة، إلى »زبائن« الفاعلينن‬
‫الطائفيين-السياسيين )وزراء ونواب(؛ وتوزّع سكان المنطقة بين قلة، مستفيدة من‬
‫هذه الخدمات البسنيطة، وكثرة لمبالينة بعند أن تكشّنف لهنا عقنم البرنامنج، وبعنض‬
                                         ‫البعض »جاع« و»ثار« واستمر البرنامج.‬
‫إن انكشاف المنطقنة سنياسيا، وعدم تشكيلهنا أولوينة تنموينة لدى اي منن الفاعلينن‬
‫السياسيين على المستويات كافة، سواء الوطني أو البقاعي أو على صعيد منطقة‬
‫بعلبك-الهرمل، هو الذي حرمها من تأسيس برنامج جدي للتنمية الريفية. فأولويات‬
‫الفاعلين توزعت على قضايا أخرى وعلى مناطق أخرى، على الرغم من الرأسمال‬
‫المعنوي الذي وفّرته المنطقة للسلطة الجديدة بعد عام 2991 تجاه الهيئات الدولية،‬
‫مننن خلل تجاوبهننا واسننتمرار التزام مزارعيهننا لمدة سننبع سنننوات بعدم زراعننة‬
                                                                          ‫المخدرات.‬
                             ‫1.4 البرنامج وهندسة المشاركة في المجتمع المحلي:‬
‫إذا كان نت أهداف البرنام نج ق ند ت نم تحريفه نا، وإذا كان التموي نل المقدّر لم تحص نل‬
 ‫ن‬                 ‫ن‬                   ‫ن‬         ‫ن ن ن‬                      ‫ن‬
‫المنطقنة مننه إل على النذر اليسنير، فمنا الهدف منن تنظينم المجتمنع المحلي؟ هنل‬
‫هو تمرين على الديموقراطية تمارسه المم المتحدة لفحص المفاهيم التي تنتجها‬
‫و/أو تعويد للسكان على الديموقراطية كما تسعى؟ وإذا افترضنا أن الهدف الثاني‬
‫هنو المقصنود فمنا نفنع الديموقراطينة إذا كان أفنق ممارسنتها مسندودا لجهنة إنجاز‬
‫الهداف؛ »فعلى الرغنم منن الكنم الهائل للمواضينع والمشارينع التني كاننت تناقنش‬
‫فني الجتماعات إل أن معظنم تلك المشارينع لم ينفنذ« )مقابلة رقنم 1(؟ أل يسنيء‬
‫هذا النوع منن تعويند الناس على الديموقراطينة إلى فكرة الديموقراطينة نفسنها،‬
   ‫ن‬     ‫ن‬                      ‫ن‬                       ‫ن‬      ‫ن‬
‫خصنوصا أن البرنامنج ارتكنز إلى وعود أثبتنت التجربنة عدم صندقيتها؟ سنيتم وضنع‬
‫هذه السنئلة جانبا ومحاولة تفحنص كيفينة ممارسنة البرنامنج لشراك السنكان فني‬
‫المجتمع المحلي، كونها مسألة ليست مرتبطة بالمال بقدر ما هي مرتبطة بالذهنية‬
                                              ‫وبالنهج المتبع في التواصل مع الخر.‬
‫إن النطلق مننن مسننلمة عدم إمكانيننة تجاهننل القوى التقليديننة فنني المجتمننع‬
‫المحلي، يطرح فني المقابنل مسنألة عدم تحوينل اللجان مجال ً لتكرينس نفوذ هذه‬
‫القوى أو لعادة إنتاج هيمنتهنننا. على البرنامنننج ابتكار صنننيغ جديدة للتعاون منننع‬
‫المجتمنع المحلي، تسنمح للبرنامنج بالوجود والسنتمرار منن جهنة ولعنب دور تغييري‬
                                                                     ‫من جهة أخرى.‬
‫»إن محور اسنتراتيجية التنمينة فني المنطقنة هنو جماعنة المزارعينن. فأبرز إنجازات‬
‫المرحلة الولى كانننت تنظيننم المزارعيننن ضمننن 22 لجنننة محليننة )‪ ، (LDCC‬تعمننل‬
‫كمجالس قروينة ومجموعات للمزارعينن. والمرحلة الثانينة سنتتابع بدورهنا مواصنلة‬
‫دعننم هذه المجموعات وتسنناعدهم على تشكيننل 22 تعاونيننة، ودمجهننم بإدارة‬
‫البرنامنج . أثناء ذلك سنتطور قدراتهنم التعليمينة والدارينة، تعزز مبادراتهنم وتشجنع‬
‫روح الجماعة لتأمين استمرارية البرنامج على المدى الطويل. وتشكل هذه اللجان‬
                                ‫التعبير الملموس عن المبادرة والمسؤولية المحلية.‬
‫وسنتتحول اللجننة العلينا بالتالي إلى شركنة عامنة، تمتلكهنا اللجان المحلينة وتشغلهنا‬
‫على أسناس تجاري. هذا التدبينر سنيؤمن اسنتقلليتها المالينة والعملنينة وإدارتهنا‬
           ‫ن‬          ‫ن‬               ‫ن‬       ‫ن ن‬                      ‫ن‬
‫الذاتي نة ويزي ند م نن فعالي نة عملياته نا م نن خلل الحاف نز على تحقي نق الرباح. هذه‬
             ‫ن‬           ‫ن‬            ‫ن ن‬             ‫ن‬        ‫ن ن‬          ‫ن‬
‫الشركة المقترحة ستنشغل بكل النشاطات الجتماعية التي تهم المزارعين: تأمين‬
‫البذار، التسننليف، النتاج، التسننويق، والصننناعات الزراعيننة. وسننتسعى إلى تمكيننن‬
‫وتقوينة وضنع المزارعينن المحليينن فني السنواق المحلينة والعالمينة . وسنتتولى‬
‫الشركة مهام التنسيق بين التعاونيات وستكون معنية بترشيد مسؤولياتها، أخيرا من‬
                  ‫المتوقع أن تدير الشركة مخطط التسليف والصندوق الدوار« ) (.‬
‫يبدو منن هذه الوثيقنة التأسنيسية للبرنامنج، بالمقارننة منع النجازات المحققنة، أن‬
‫هندسنة التنمينة المحلينة فني البرنامنج كاننت هندسنة خطابينة بالدرجنة الولى همهنا‬
‫السناسي التوافق مع أدبيات المم المتحدة ومخاطبة المجتمع الدولي، وخصوصا‬
‫الدول المانحننة . وعلى الرغننم مننن ذلك لم يسننتقطب هذا الخطاب تمويننل الدول‬
‫المانحة، مما يحيلنا باستمرار إلى التساؤل عن السباب الفعلية لذلك والتي تتجاوز‬
‫نوعينة »الخطاب«: هنل كاننت التنمينة المحلينة للمنطقنة هني الهدف الفعلي لهذه‬
‫التدخلت؟ وهنل هذه التنمينة كاننت ممكننة فني ظنل غياب الخطنة النمائينة الشاملة‬
‫2991‬   ‫على المسنتوى الوطنني، وخصنوصا فني ظنل التوجنه الحكومني الجديند مننذ‬
                                     ‫بإعادة تجديد الدور القتصادي السابق للبنان؟‬
                        ‫ويبقى السؤال: كيف مارس البرنامج »خطابه التشاركي«؟‬
                                           ‫2. ممارسة المشاركة في مرحلة التنفيذ‬
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy
Ay dawla - copy

Mais conteúdo relacionado

Semelhante a Ay dawla - copy

إعداد التراب بالمغرب من الحوار إلى الميثاق إلى التصميم.pptx
إعداد التراب بالمغرب من الحوار إلى الميثاق إلى التصميم.pptxإعداد التراب بالمغرب من الحوار إلى الميثاق إلى التصميم.pptx
إعداد التراب بالمغرب من الحوار إلى الميثاق إلى التصميم.pptx19926
 
مظاهر واشكال العالمية
مظاهر واشكال العالميةمظاهر واشكال العالمية
مظاهر واشكال العالميةIzzeddin AlAtari
 
Toolkit education aux médias v ar
Toolkit education aux médias v arToolkit education aux médias v ar
Toolkit education aux médias v arKerim Bouzouita
 
Toolkit éducation aux médias et à l'information by Kerim Bouzouita UNESCO
Toolkit éducation aux médias et à l'information by Kerim Bouzouita UNESCOToolkit éducation aux médias et à l'information by Kerim Bouzouita UNESCO
Toolkit éducation aux médias et à l'information by Kerim Bouzouita UNESCOKerim Bouzouita
 
Human development 00 general introduction
Human development 00 general introductionHuman development 00 general introduction
Human development 00 general introductionKamal AL MASRI
 
Leadership in the Fourth Industrial Revolution Linsky & darabya dubai policy ...
Leadership in the Fourth Industrial Revolution Linsky & darabya dubai policy ...Leadership in the Fourth Industrial Revolution Linsky & darabya dubai policy ...
Leadership in the Fourth Industrial Revolution Linsky & darabya dubai policy ...Ghaleb Darabya
 
ورقة عمل بعنوان الإعلام الإسلامي بين الفهم والتأثير في الرأي العام
ورقة عمل بعنوان الإعلام الإسلامي بين الفهم والتأثير في الرأي العامورقة عمل بعنوان الإعلام الإسلامي بين الفهم والتأثير في الرأي العام
ورقة عمل بعنوان الإعلام الإسلامي بين الفهم والتأثير في الرأي العامMohamed Salah Aldeen
 
موجز الأنشطة والتّوصيات
موجز الأنشطة والتّوصياتموجز الأنشطة والتّوصيات
موجز الأنشطة والتّوصياتEuroMed Rights - Tunisia
 
تربية المواطنة
تربية المواطنةتربية المواطنة
تربية المواطنةmeemar
 
العمل التطوعي وادارة المتطوعين
العمل التطوعي وادارة المتطوعينالعمل التطوعي وادارة المتطوعين
العمل التطوعي وادارة المتطوعينPCPD Palestine
 
Saida drissi
Saida drissiSaida drissi
Saida drissiRaja M
 
الفكر الثقافي في الإعلام الجديد ودوره للعرض
الفكر الثقافي في الإعلام الجديد ودوره للعرضالفكر الثقافي في الإعلام الجديد ودوره للعرض
الفكر الثقافي في الإعلام الجديد ودوره للعرضboukhrissa Naila
 
International management 02 globalization and international links
International management 02 globalization and international linksInternational management 02 globalization and international links
International management 02 globalization and international linksKamal AL MASRI
 
البيان التأسيسي لحزب البناء الوطني
البيان التأسيسي لحزب البناء الوطنيالبيان التأسيسي لحزب البناء الوطني
البيان التأسيسي لحزب البناء الوطنيحزب البناء الوطني
 
توصيات جهوية.ppt
توصيات جهوية.pptتوصيات جهوية.ppt
توصيات جهوية.pptSaidCltrois
 
تقرير الاعلام الاجتماعي العربي
تقرير الاعلام الاجتماعي العربيتقرير الاعلام الاجتماعي العربي
تقرير الاعلام الاجتماعي العربيshahid alamin
 
Nisreen Mazzawi_Gender and Environmental Policies
Nisreen Mazzawi_Gender and Environmental PoliciesNisreen Mazzawi_Gender and Environmental Policies
Nisreen Mazzawi_Gender and Environmental Policieshbs_Palestine_Jordan
 
التنمية المستدامة والتنمية المحلية.pdf
التنمية المستدامة والتنمية المحلية.pdfالتنمية المستدامة والتنمية المحلية.pdf
التنمية المستدامة والتنمية المحلية.pdfmohamedezzat558304
 
المحاضرة الثالثة.docx
المحاضرة الثالثة.docxالمحاضرة الثالثة.docx
المحاضرة الثالثة.docxMahmoudElMasri3
 
العولمة(globalization)
العولمة(globalization)العولمة(globalization)
العولمة(globalization)Abdou Poxer
 

Semelhante a Ay dawla - copy (20)

إعداد التراب بالمغرب من الحوار إلى الميثاق إلى التصميم.pptx
إعداد التراب بالمغرب من الحوار إلى الميثاق إلى التصميم.pptxإعداد التراب بالمغرب من الحوار إلى الميثاق إلى التصميم.pptx
إعداد التراب بالمغرب من الحوار إلى الميثاق إلى التصميم.pptx
 
مظاهر واشكال العالمية
مظاهر واشكال العالميةمظاهر واشكال العالمية
مظاهر واشكال العالمية
 
Toolkit education aux médias v ar
Toolkit education aux médias v arToolkit education aux médias v ar
Toolkit education aux médias v ar
 
Toolkit éducation aux médias et à l'information by Kerim Bouzouita UNESCO
Toolkit éducation aux médias et à l'information by Kerim Bouzouita UNESCOToolkit éducation aux médias et à l'information by Kerim Bouzouita UNESCO
Toolkit éducation aux médias et à l'information by Kerim Bouzouita UNESCO
 
Human development 00 general introduction
Human development 00 general introductionHuman development 00 general introduction
Human development 00 general introduction
 
Leadership in the Fourth Industrial Revolution Linsky & darabya dubai policy ...
Leadership in the Fourth Industrial Revolution Linsky & darabya dubai policy ...Leadership in the Fourth Industrial Revolution Linsky & darabya dubai policy ...
Leadership in the Fourth Industrial Revolution Linsky & darabya dubai policy ...
 
ورقة عمل بعنوان الإعلام الإسلامي بين الفهم والتأثير في الرأي العام
ورقة عمل بعنوان الإعلام الإسلامي بين الفهم والتأثير في الرأي العامورقة عمل بعنوان الإعلام الإسلامي بين الفهم والتأثير في الرأي العام
ورقة عمل بعنوان الإعلام الإسلامي بين الفهم والتأثير في الرأي العام
 
موجز الأنشطة والتّوصيات
موجز الأنشطة والتّوصياتموجز الأنشطة والتّوصيات
موجز الأنشطة والتّوصيات
 
تربية المواطنة
تربية المواطنةتربية المواطنة
تربية المواطنة
 
العمل التطوعي وادارة المتطوعين
العمل التطوعي وادارة المتطوعينالعمل التطوعي وادارة المتطوعين
العمل التطوعي وادارة المتطوعين
 
Saida drissi
Saida drissiSaida drissi
Saida drissi
 
الفكر الثقافي في الإعلام الجديد ودوره للعرض
الفكر الثقافي في الإعلام الجديد ودوره للعرضالفكر الثقافي في الإعلام الجديد ودوره للعرض
الفكر الثقافي في الإعلام الجديد ودوره للعرض
 
International management 02 globalization and international links
International management 02 globalization and international linksInternational management 02 globalization and international links
International management 02 globalization and international links
 
البيان التأسيسي لحزب البناء الوطني
البيان التأسيسي لحزب البناء الوطنيالبيان التأسيسي لحزب البناء الوطني
البيان التأسيسي لحزب البناء الوطني
 
توصيات جهوية.ppt
توصيات جهوية.pptتوصيات جهوية.ppt
توصيات جهوية.ppt
 
تقرير الاعلام الاجتماعي العربي
تقرير الاعلام الاجتماعي العربيتقرير الاعلام الاجتماعي العربي
تقرير الاعلام الاجتماعي العربي
 
Nisreen Mazzawi_Gender and Environmental Policies
Nisreen Mazzawi_Gender and Environmental PoliciesNisreen Mazzawi_Gender and Environmental Policies
Nisreen Mazzawi_Gender and Environmental Policies
 
التنمية المستدامة والتنمية المحلية.pdf
التنمية المستدامة والتنمية المحلية.pdfالتنمية المستدامة والتنمية المحلية.pdf
التنمية المستدامة والتنمية المحلية.pdf
 
المحاضرة الثالثة.docx
المحاضرة الثالثة.docxالمحاضرة الثالثة.docx
المحاضرة الثالثة.docx
 
العولمة(globalization)
العولمة(globalization)العولمة(globalization)
العولمة(globalization)
 

Ay dawla - copy

  • 1. ‫المقاربة التشاركية في التنمي ة:‬ ‫ح ل ّ أم د ُرجة؟‬ ‫بقلم: علي الموسوي‬ ‫مقدمة منهجية‬ ‫يتمحور موضوع الحلقنة البحثينة حول ثلثينة مترابطنة ومتفاعلة )الدولة، المواطننة،‬ ‫التنمينة( إل أن التنمينة فني هذه الثلثينة هني بالسناس حصنيلة ونتيجنة للمكونينن‬ ‫الساسيين وليست سببا.‬ ‫وهذه الثلثية، وبالصيغة المطروحة فيها، أكثر جذبا للمقاربات الماكروسوسيولوجية‬ ‫إل أن المقاربة الميكروسوسيولوجية عبر دراسة حالة تدخل تنموي قام به »برنامج‬ ‫التنمية الريفية المتكاملة في منطقة بعلبك الهرمل« الذي تم بالتعاون بين الحكومة‬ ‫اللبناني نة وبرنام نج الم نم المتحدة النمائي، يمكنه نا أن تُشكّ نل مدخل ً لفه نم معي نن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫للعلقنة بينن الدولة والمواطننة والتنمينة. على الرغنم منن أن الحالة التنموينة نفّذت‬ ‫ضمنن شروط تاريخينة محدّدة، وفني منطقنة ذات تركيبنة اجتماعينة نن اقتصنادية نن‬ ‫ثقافية مميزة، ومع أنه يستحيل علميا التعميم من خلل دراسة حالة مفردة، إل أن‬ ‫أي تجربة تنموية مناطقية ل تحصل في جزيرة معزولة بل هي تنطوي على بعدي‬ ‫العام والخاص. إن أهمية الحالة، موضوع الدراسة، تكمن في ما انطوت عليه من‬ ‫علقات ودللت. فه ني تشك نل مجال تقاط نع لتدخلت فاعلي نن دوليي نن وإقليميي نن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫)منظمننة المننم المتحدة ع نبر برامجه نا المعنيننة والدول المانح نة على اختلفه نا،‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ولبنانيينن )السنلطة بأجهزتهنا المختلفنة، وفعاليات سنياسية واجتماعينة فني منطقنة‬ ‫التدخنل(. إن الفشنل الذرينع لهذا التدخنل التنموي المتعدد الطرف، ل يتينح للباحنث‬ ‫فرصة الكشف عن أزمة التنمية وحسب، بل أيضا عن أزمة الدولة وأزمة المواطنة‬ ‫فني لبنان. لقند فوّت هؤلء الفاعلون مجتمعينن، فرصنة ثميننة كان يمكنن لهنا، لو‬ ‫كانت التنمية هي الهم وهي الهدف الفعلي، أن تشكل تجربة ن نموذجا يُحتذى بها‬ ‫لينس على مسنتوى التدخنل التنموي فني لبنان وحسنب، بنل على مسنتوى التدخلت‬ ‫التنموية في العالم.‬
  • 2. ‫منا هني المقاربنة التشاركينة فني التنمينة؟ ولماذا المشاركنة فني التنمينة فني الحالة‬ ‫التني ندرس؟ وكينف تمنت ممارسنتها؟ وطالمنا ان المشاركنة فني التنمينة هني آخنر‬ ‫النتاجات النظريننة الدارجننة، والكثننر ترويجا حاليا مننن قبننل المنظمات الدوليننة،‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫باعتبارهنا الحنل النجنع للخروج منن حالة التخلف، فلماذا آلت ممارسنتها إلى الفشنل‬ ‫فني لبنان ضمنن برنامنج إنمائي محدّد؟ هذه بعنض أسنئلة سنتتصدى هذه المداخلة‬ ‫للجابة عنها.‬ ‫تجدر الشارة بدايننة أن هذه المداخلة رسننمت حدودهننا النظريننة بالسننجال مننع‬ ‫المفهوم مننن داخننل حقله النظري )أي الليبراليننة القتصننادية(، عننبر التركيننز على‬ ‫الممارسنات التشاركينة للبرنامنج ) (. والمنبرّر السناسي للتركينز على الموضوع أن‬ ‫المننم المتحدة، عننبر ذراعهننا النمائي، أدارت هذا البرنامننج. وهننو شكّننل إحدى‬ ‫الفرص لختبار مفهوم التنميننة البشريننة المسننتدامة، وتحديدا مكونهننا التشاركنني،‬ ‫والكشف عن كيفية ممارسته فعليا وعن مدى صحته وملءمته في بيئة اجتماعية ن‬ ‫اقتصادية ن ثقافية مختلفة عن البيئة التي أُنتج فيها. هذه العلقة بين منطقين هي‬ ‫علقة إشكالية ما زالت مستمرة ومطروحة للمعالجة منذ بروز مفهوم التنمية، بعد‬ ‫الحرب العالمينة الثانينة. إل أن منا يضفني على هذه العلقنة أهمينة خاصنة هنو منن‬ ‫جهة، ما خلصت إليه تقييمات إدارة البرنامج في النظر إلى تنظيم المجتمع المحلي‬ ‫ومشاركته، عبر اللجان المحلية والعليا التي تم تشكيلها، كأهم إنجاز من إنجازاتها.‬ ‫وعلينه فسنيتم تتبنع مشاركنة المجتمنع المحلي، التني تعند مؤشرا أسناسيا فني التنمينة‬ ‫المحلينة الريفينة؛ ومنن جهنة أخرى، ان هذه العلقنة القائمنة مبدئيا على المشاركنة،‬ ‫سننتكشف عننن مواقننف كننل طرف مننن الطراف المتدخلة والمتشاركننة وعننن‬ ‫ممارساته.‬ ‫والمقاربة ستتم في ضوء الفرضية الساسية التية: إن انسداد أفق البرنامج تنمويا‬ ‫أدى إلى تحويله إلى برنام نج إلهائي، يس نتمد قوة اس نتمراره م نن الوعود المتكررة،‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫مستفيدا من الرعاية المعنوية للمم المتحدة ومن إدارتها المباشرة له، ومن فعالية‬ ‫‪ (Complicité‬بينن الفاعلينن السناسيين الدوليينن منهنم‬ ‫)‪objective‬‬ ‫التواطنؤ الموضوعني‬
  • 3. ‫والمحليينن، وفني هذا السنياق بدت التشاركينة إطارا شكليا ل تنطوي على أي بعند‬ ‫تغييري مجتمعي فعلي.‬ ‫ويمك نن بس نط مكونات هذه الفرضي نة على الوج نه الت ني: غياب القرار الس نياسي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫اللبناني بالتنمية الشاملة والمتكاملة )الذي عبّر عنه غياب الخطط والبرامج التنموية‬ ‫المتكاملة(، وتركّننز سننياسة إعادة العمار فنني مناطننق محددة حكمتهننا صننيغة‬ ‫»المحاصنصة« التني أرسنيت بعند اتفاق الطائف؛ وإلى ذلك ثمنة المفاعينل الناشئة‬ ‫عننن اتخاذ قرار إلغاء زراعننة المخدرات، الذي أدى إلى تدهور الوضاع المعيشيننة‬ ‫فني المنطقنة، فتحوّل برنامنج »التنمينة« إلى أداة لمتصناص نقمنة سنكان المنطقنة‬ ‫المتضررينن منن هذا القرار. هذه المكونات مجتمعنة، المترابطنة والمتضافرة، أدّت‬ ‫بالقيمينن على إدارة البرنامنج إلى التكينف منع هذا الواقنع واجراء تبدينل غينر معلن‬ ‫فني وظيفنة البرنامنج عنبر تحويله منن برنامنج تنموي )مفترض( إلى برنامنج إلهائي.‬ ‫هذه الممارسنة أدت إلى إنجازات هزيلة بسنيطة مشتتنة، مجزأة وغينر متكاملة، كمنا‬ ‫أدّت إلى مشاركننة صننورية لم ترق حتننى إلى اعتبارهننا أداة سننلبية لتحسننين أداء‬ ‫البرنامج فأنّى لها أن تكون تغييرية.‬ ‫لقنند سنناهم الفاعلون-المتدخلون على اختلفهننم، فنني عدم نجاح البرنامننج فنني‬ ‫تحقيق التنمية الريفية المتكاملة؛ وعلى الرغم من أهمية العوامل التقنية ن الدارية‬ ‫ن المالية والتي ل يمكن إغفالها، إل أن عوامل الفشل أكثر عمقا وترتبط بالسياسات‬ ‫الجتماعينة نن القتصنادية والجتماعينة نن السنياسية، حينث يكمنن العامنل المحدّد فني‬ ‫غياب القرار السننياسي بالتنميننة محليا ودوليا، الذي جسننّدته أدوار الفاعليننن على‬ ‫المستويات المختلفة، والذي يعبّر عن غياب الثقافة التنموية على المستوى الوطني‬ ‫والمحلي.‬ ‫أول ً ن المشاركة في التنمية‬ ‫1 ن نشأة المفهوم‬ ‫موضوعنة المشاركنة فني التنمينة ليسنت حديثنة السنتخدام، فقند جرى تداولهنا مننذ‬ ‫الربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي ) (.‬
  • 4. ‫إل أننه مننذ أواسنط سنبعينيات القرن العشرينن تحديدا، تنم إدماج مفهوم المشاركنة‬ ‫فعليا، وبشكنل سنريع، فني الفكنر والخطاب التنمويينن. هذه الضافنة النظرينة على‬ ‫مفهوم التنمي نة ترافق نت م نع مرحلة تغي نر ف ني الظرف الدولي؛ فف ني ظ نل اشتداد‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫التنافنس بينن النظامينن الشتراكني والرأسنمالي لسنتقطاب دول »العالم الثالث«‬ ‫التني تشكنل مجال ً للتدخلت التنموينة، وكذلك مجال ً للصنراع اليديولوجني، شكلت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫التنميننة التشاركيننة، كنتاج متدرّج ) ( ومتطور للتفكيننر التنموي، إحدى مكونات العدة‬ ‫النظرية ن اليديولوجية لتسويق المنطق القتصادي الليبرالي.‬ ‫إلى التنافس اليديولوجي، فقد كان لبعض التطورات القتصادية دور أساسي في‬ ‫نشأة المقاربنة التشاركينة في التنمينة؛ ففي السننوات الثلثين الظافرة التي عاشتهنا‬ ‫الدول الغربيننة، خصننوصا، كانننت »الحكومات والشركات الكننبيرة هنني الرافعات‬ ‫القتصنادية الوحيدة المهمنة فني المجتمنع« ) (. إل أن هذه الظروف تغيّرت تحنت‬ ‫تأثينر مجموعنة منن العوامنل، كاننت بدايتهنا منع الصندمة النفطينة الولى، عام 3791،‬ ‫وتتابع أزمات الطاقة عالميا، والتي أدت إلى انعكاسات اقتصادية واجتماعية )تباطؤ‬ ‫فنني النمننو، تزاينند البطالة، مشكلت السننتبعاد والفقننر، تزاينند الديون، التصننحيح‬ ‫الهيكلي، وإلى التبدل خصنوصا فني الولويات القتصنادية حينث تصندرت »التنافسنية‬ ‫القتص نادية« )‪ (Compétitivité‬واجه نة الولويات( نت نج عنه نا تغي نر ف ني قواع ند العم نل‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫وسياسات الستخدام والسياسة الجتماعية ) (؛ في مواجهة هذه النتائج، وفي ظل‬ ‫نقند شديند وجّنهه عدد كنبير منن باحثني دول العالم الثالث فني تلك الفترة للمقاربنة‬ ‫التقنينة والقتصنادية البحتنة للتنمينة، التني تفترض تطنبيق النموذج الوحيند المسنتورد‬ ‫والمفروض منن فوق، منن دون مشورة السنكان المعنيينن ومنن دون مشاركتهنم ،‬ ‫والتي تقاطعت مع مطالبة العديد من بلدان العالم الثالث بإقامة »نظام اقتصادي‬ ‫عالمني جديند«. فني مواجهنة هذه المطالبات تزايدت المبادرات للتخفينف منن الثار‬ ‫السلبية للتبدلت العميقة الجارية، وبرزت اهتمامات جديدة مرتبطة بظروف معيشة‬ ‫السننكان وبتلبيننة الحاجات السنناسية. ارتدت التنميننة المحليننة التشاركيننة »أهميننة‬ ‫اسنتراتيجية فني خلق فرص عمنل وتطوينر السنتخدام« ) (. وبرز »منطنق آخنر فني‬
  • 5. ‫التنمي ننة، منط ننق ينطلق مننن المحلي، أو بالحرى مننن النظم ننة الجتماعي ننة ننن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المناطقينة« ) (، منطنق تنموي آخنر هنو »عبارة عنن شكنل منن القتصناد يكون أكثنر‬ ‫قربا منن السنكان المحليينن وحينث يقوم هؤلء بتحديده والسنيطرة علينه إلى حند‬ ‫كبير« ) (.‬ ‫وفي هذا السياق ظهرت مفاهيم جديدة مثل تنمية بديلة )‪، (Développement alternatif‬‬ ‫)‪Développement‬‬ ‫تنمية ذات وجه إنساني )‪ ، (Développement à visage humain‬تنمية قاعدية‬ ‫‪ (Développement‬أو أيضا تنميننة تشاركيننة )‬ ‫)‪endogène‬‬ ‫‪ ، (à‬تنميننة مننن داخننل‬ ‫‪la base‬‬ ‫‪ . (Développement participatif‬والقاسم المشترك بين هذه التسميات المختلفة هي أنها‬ ‫كلهننا تبحننث ع نن إعادة وضننع البعاد النسننانية والجتماعيننة للتنميننة ف ني صننميم‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المناقشة.‬ ‫لقند شدّدت المقاربنة التنموينة الجديدة، مننذ السنبعينيات، على إدراك عملينة التنمينة‬ ‫كتحول كمني وكيفني، فني الن نفسنه، فني ظروف معيشنة السنكان، الكثنر فقرا‬ ‫تحديدا، ليس على مستوى النتاج والدخل وحسب، وإنما أيضا على مستوى الكرامة‬ ‫في تلبية الحاجات الساسية، سواء منها المادية أو غير المادية ) (.‬ ‫لقند تمايزت السنياسات الجديدة جذريا عنن السنياسات التقليدينة، حينث إنهنا ركزت‬ ‫على سياسات الستخدام، وسياسات إعادة توزيع الثروة، وسياسات تلبية الحاجات‬ ‫الساسية، وأولت اهتماما كبيرا للسكان ولحاجاتهم، كما للطريقة التي تؤمن زيادة‬ ‫مشاركتهنم فني عملينة التنمينة. وهكذا بدأ التفكينر التنموي يضنع السنكان فني صنميم‬ ‫اهتماماته، حتى باتت مشاركتهم ضرورية لدى الغلبية من الممولين. وقد وجد هذا‬ ‫التوجنه دعما جديا وقويا، خصنوصا بعند انهيار المنظومنة الشتراكينة وتبلور العولمنة‬ ‫أكثر فأكثر، ومع تزايد المنافسة الدولية وتزايد ديون الحكومات، وفي إطار الدعوة‬ ‫إلى تحجيننم دور الدولة وتدخلتهننا اقتصنناديا واجتماعيا فنني ظننل تزاينند الفقار‬ ‫والتهميش والستبعاد الجتماعي.‬ ‫2 ن تعريف المشاركة بالتنمية‬
  • 6. ‫على الرغ نم منن أن مصنطلح المشاركنة بالتنمينة أصنبح مصنطلحا رائجا جدا فني‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫أدبيات التنمية، إل أنه استمر مصطلحا غير دقيق المعنى.‬ ‫ويعود مصننندر عدم الدقنننة إلى المعننننى المزدوج لفعنننل »شارك« والذي يعرّف‬ ‫وبشكل ملموس بطريقتين مختلفتين الواحدة عن الخرى. وما يمي ّز بين التعريفين‬ ‫) ( هو درجة النشاط أو عدم النشاط التي تُضفى على الموضوع. فالمعنى الول‬ ‫يفترض »الخضوع لعملينة يكون فيهنا إلزام«، وهنو منا ينطوي على بعنض السنلبية‬ ‫في الفعل؛ بينما المعنى الثاني يقصد به »ممارسة جزء من المسؤولية في إنجاز‬ ‫العملية، وهذا ما يفترض على العكس فعل ً إيجابيا«.‬ ‫عرّف برنامنج المنم المتحدة النمائي المشاركنة بأنهنا: »عملينة وليسنت حدثا حينث‬ ‫ينخرط السنكان بقوة فني العمليات القتصنادية والجتماعينة والثقافينة والسنياسية‬ ‫التني تؤثنر فني حياتهنم« ) ( )تقرينر التنمينة البشرينة 3991(. يتعلق المنر بالنسنبة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫للبرنام نج ب نبراديغم تنموي جدي ند، ل ب نل ب نبراديغم فلس نفي، حي نث ت نم النظ نر إلى‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫المشاركة كوسيلة وغاية في الوقت نفسه. وقد أعطى البنك الدولي تعريفا مماثلً‬ ‫معتنبرا إياهنا: »عملينة يؤثنر منن خللهنا الطراف المعنيون ويتشاركون الرقابنة على‬ ‫المبادرات التنموية وكذلك على القرارات والموارد المتعلقة بهم« ) ( )6991(.‬ ‫3 ن المشاركة بين الوسيلة والغاية‬ ‫وف ني ضوء الزدواجي نة ف ني المعن نى انقس نمت المقاربات الولى للمشارك نة، ف ني‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫السبعينيات من القرن العشرين، بين نظرتين أساسيتين: الولى نظرة أداتية ، ترى‬ ‫المشاركنة كوسنيلة لتحسنين نوعينة التدخلت التنموينة؛ والثانينة نظرة تغييرينة تراهنا‬ ‫كحق بالتنمية وغاية بحد ذاتها .‬ ‫ففي دراستهما لمفهوم المشاركة بالتنمية وللمقاربات المختلفة التي تناولته، توصل‬ ‫)‪ (Marsden et Oakley‬إلى التمييز بين تأويلين يختزلن النظرتين الساسيتين اللتين كانتا‬ ‫تتنازعان العاملين في مجال التنمية. فبالنسبة للبعض، تشك ّل المشاركة فعل ً سلبيا‬ ‫حينث يشارك السنكان بناء على مبادرة تأتني منن خارج المجتمنع المحلي ، وبغينة‬ ‫إنجاز أهداف محددة مسنبقا. أمنا بالنسنبة للبعنض الخنر، وفني نظرة أوسنع، تشكنل‬
  • 7. ‫المشاركة فرصة حقيقية لشتراك السكان في نشاط يحدّدون هم حقله ويشعرون‬ ‫بأنهم مسؤولون عنه ) (.‬ ‫يرتبنط محنك التميينز بينن هذينن التأويلينن للمشاركنة بالغاينة. فالمدافعون، عنن هذا‬ ‫التأويننل أو ذلك، يسننتخدمون حججا ترتبننط، بشكننل واسننع، بالهداف التنني تُتابننع‬ ‫والفوائد التي يُفتّش عنها من خلل المشاركة.‬ ‫وتُشدّد كنل منن هاتينن النظرتينن على أهمينة بعند منن أبعاد المشاركنة؛ فالنظرة‬ ‫‪ (Aspect‬حينث إن المشاركنة‬ ‫)‪instrumental‬‬ ‫الولى تركّنز على البعند الداتني للمشاركنة‬ ‫تشكل وسيلة لتحسين نوعية مشروع معين وفعاليته، بقدر ما ت ُساعد على انضمام‬ ‫السكان وتحث ّهم على دعم المشروع والمساهمة فيه؛ كما تسمح المشاركة أيضا،‬ ‫إضافنة إلى ذلك، بالسنتعانة بالمعارف والطاقات المحلينة وباسنتخدامها فني إنجاز‬ ‫المشروع. وبمجرد تحقيننق أهداف المشروع، المحددة مسننبقا، فإن ذلك يعدّ أكث نر‬ ‫ن‬ ‫أهمينة منن مسنألة تأمينن مشاركنة السنكان. لقند تقاسنم العديند منن المنظمات‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫المانحنة، وجهنة النظنر الداتينة للمشاركنة كونهنم كانوا مشغولينن بفعالينة المشارينع‬ ‫ونجاحها.‬ ‫أما النظرة الثانية فتتبنى تصورا أوسع، وتجد أن المشاركة ل تبرّر نفسها بمعاييرها‬ ‫التقنينة فقنط، بنل ترى فني مشاركنة الفئات المهمّنشة رافعنة حقيقينة قادرة على‬ ‫السماح للسكان بأن يتولوا بأنفسهم مراقبة التنمية الخاصة بهم وأن يكونوا سادتها.‬ ‫‪ (Aspect‬للمشاركنة‬ ‫)‪politique‬‬ ‫تتميّنز هذه المقاربنة بتركيزهنا أكثنر على البعند السنياسي‬ ‫) ( وبتضمينهننا وظيفننة تحويليننة للعلقات التنني يقيمهننا الفقراء مننع باقنني أعضاء‬ ‫المجتمع، وخصوصا مع المؤسسات العامة والطبقات المسيطِرة. لذلك يمكن النظر‬ ‫إلى المشاركننة كغايننة للتنميننة عندمننا تتيننح السننتماع إلى الفئات الكثننر تهميشا‬ ‫واسنتبعادا عنبر إخراجهنم منن »ثقافنة الصنمت« ) (، وتسناهم فني دعنم قدراتهنم‬ ‫وتمكينهم وتساعد كذلك في إعادة توزيع السلطة.‬ ‫»إن التأويلينن السناسيين للمشاركنة يرتبطان بالموقنع الذي يتبناه الباحنث؛ فهنو إمنا‬ ‫أن يكون إلى جانب الوكالت المسؤولة عن المشاريع التنموية، أو يكون إلى جانب‬
  • 8. ‫السكان المشاركين« كما تلحظ »ميشنير«. وتضيف »إن فوائد المشاركة، بالنسبة‬ ‫إلى المموّلينن والوكالت المسنؤولة عنن مشارينع التنمينة، هني عموما منن طبيعنة‬ ‫تقنية وأداتية. وما يسعى إليه هؤلء كأولوية، يكمن في تحقيق الهداف التي تم‬ ‫تحديدهننا فنني إطار مشاريعهننم، وفنني تحسننين الفعاليننة الداريننة والماليننة لهذه‬ ‫المشاريع« ) (.‬ ‫إل أننه يسنجّل راهنا حصنول توافنق عام على إشراك السنكان أكثنر فني نشاطات‬ ‫التنمية، بغينة وضنع حاجاتهنم بشكل أفضنل، في البرامنج التنموية. كما يتنم التوافنق‬ ‫عموما على النظر إلى المشاركة في التنمية كأداة وغاية في الوقت نفسه.‬ ‫إل أن المأخنذ السناسي على هذه التوجهات والممارسنات أنهنا ركّزت على »تحلينل‬ ‫نتائج الزمات أكثنر منن تحلينل السنباب« ) ( وذلك فني سنياق الدعوة إلى الحند منن‬ ‫تدخنل الدول منن جهنة، وإطلق حرينة السنواق منن جهنة ثانينة، وتحمينل السنكان‬ ‫مسننؤولية واقعهننم ومسننؤولية السننعي فنني مجتمعاتهننم المحليننة ليجاد الحلول‬ ‫للزمات التي يعانون منها من جهة ثالثة.‬ ‫لقند كاننت المنظمات الدولينة أول منن شجّنع على المشاركنة الشعبينة فني الوسناط‬ ‫التنموينة الدولينة. فمننذ 9691 ، أعلننت الجمعينة العامنة للمنم المتحدة أن »التقدم‬ ‫والتنمية في المجال الجتماعي يتطلبان )...( مشاركة ناشطة من كل العناصر في‬ ‫المجتمنع، بشكنل إفرادي أو عنبر الجمعيات، فني تحديند الهداف المشتركنة للتنمينة‬ ‫وإنجازها« ) (.‬ ‫بعد سنوات عدة، تبنى المجلس القتصادي والجتماعي في منظمة المم المتحدة،‬ ‫عام 5791، قرارا يحنث فينه الدول العضاء على »تبنني المشاركنة الشعبينة فني كنل‬ ‫اسنتراتيجية وطنينة للتنمينة، وتشجينع المشاركنة الناشطنة، على نطاق واسنع، لكنل‬ ‫الفراد والمنظمات غير الحكومية الوطنية في عملية التنمية، وخصوصا في تحديد‬ ‫الهداف، وصنياغة السنياسات وتنفينذ البرامنج« ) (. فني الفترة نفسنها، تبنّنى العديند‬ ‫من المنظمات الحكومية الدولية العاملة في مجال التنمية قضية المشاركة وأدخلها‬ ‫في برامجه ) (.‬
  • 9. ‫4 ن عوائق المشاركة في التنمية‬ ‫أغلب التدخلت التنموية ترتبط بأطراف ثلثة: المجتمع المحلي المستهدف بالتدخل،‬ ‫الجهة المانحة، والدولة التي يحصل التدخل على أراضيها ومع بعض من سكانها.‬ ‫فالمشاركة عموما، وفي التنمية تحديدا، ل تتم في »مدينة فاضلة« بل هي تجري‬ ‫دائما في ظروف اجتماعية اقتصادية سياسية ثقافية محددة، وتتوافق في إطارها‬ ‫مصننالح الفاعليننن وتتعارض، سننواء على مسننتوى المجتمننع الكننبير أم المجتمننع‬ ‫المحلي؛ وهي تزيد من حدة الصراع بين الفاعلين المسنتفيدين من الوضنع القائم‬ ‫والمتضررين منه، إذا ما تبنّت الجهة المانحة النظرة إلى المشاركة كغاية، أي التركيز‬ ‫على بعدها السياسي التغييري. والمشاركة عندما تأخذ هذا المنحى التغييري تؤدي‬ ‫إلى التعارض منع القوى المسنتفيدة منن المنر الواقنع؛ فنن »الحكومات المركزينة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫والموظفون البيروقراطيون يكونون عموما متحفظيننننن على فكرة التخلي عننننن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫السنلطة، لنهنم يعتنبرون أن السنلطة واتخاذ القرارات هني منن صنلحيتهم... هذا‬ ‫السياق هو الذي دفع البعض إلى اعتبار المشاركة عملية سياسية بامتياز« ) (.‬ ‫كذلك على المستوى القتصادي فإن تراجع دور الدولة، وهو قرار سياسي ل لبس‬ ‫فينه، فني ظنل انفلت السنواق »يمكنن أن يخفنف منن واجبات السنلطة المركزينة‬ ‫ويجعلها تحدّ من مسؤولياتها تجاه المجتمع المحلي وسلطته المحلية« ) (، ل بل إنه‬ ‫يعرّض اقتص نناد المجتم ننع المحلي التقليدي والناشىء ويخضع ننه لمنافس ننة غيننر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫متكافئة بما يضر بالتدخلت التشاركية النتاجية على قلتها. وإذا كانت سياسة الدولة‬ ‫تؤثنر فني المبادرات التشاركينة ويمكنهنا أن تشكنل رافعنة لهنا، كمنا يمكنن أن تشكنل‬ ‫عائقا أمام تبلوره نا، إل أن التحف نظ والتوج نس ل يقتص نران فق نط على الحكومات‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫والموظفين وإنما يشملن أيضا المجتمع المحلي، بما فيه بعض أحزابه وجمعياته،‬ ‫وخصنوصا الفعاليات التقليدينة المسنتفيدة منن الوضنع القائم. »فالجماعنة« القروينة‬ ‫ليسنت مجموعنة متجانسنة. وبالتالي، فإن المعاناة منن التهمينش التاريخني ومنن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫السننتبعاد والفقننر ينعكننس ضعفا فنني قدرات وإمكانات الفراد على المشاركننة‬ ‫فيختل التوازن وينتفي التكافؤ بين شريك مانح، يملك المعرفة والمال، وبين شريك‬
  • 10. ‫ضعينف، ينتظنر المسناعدة ويعانني ضعفا بالقدرات والمكانات. هذا الواقنع يؤدي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫إلى تكرينس اسنتبعاد أصنحاب »ثقافنة الصنمت« مجددا. فعلى الرغنم منن التشجينع‬ ‫العلنني على المشاركنة »فإن أغلبينة الشخاص يبقون على الهامنش؛ القوياء هنم‬ ‫مننن »يشاركون«، ونادرا مننا يشارك الفقراء، الذيننن يراقبون مننا يجري أكثننر ممننا‬ ‫يتكلمون« ) (. فالمشاركة ليست معطى جاهزا لدى السكان وإنما هي تحتاج إلى‬ ‫بناء ومأسننسة وتقتضنني تمكينا وتطويرا لقدرات الفئات الجتماعيننة الكثننر تهميشا‬ ‫واسنتبعادا، و»تعزينز الجهزة المؤسنسية على المسنتوى المحلي، بصنورة خاصنة،‬ ‫لتأمين ديمومة العمل الجماعي، بعد انتهاء برنامج أو مشروع ما« ) (.‬ ‫يضاف إلى كنل ذلك سنلبية المجتمنع المحلي غالبا لنتظاره المسناعدة منن الخارج،‬ ‫وهني وإن كاننت ضرورينة باعتبار »أن التنمينة المحلينة الداخلينة المنشنأ ل تعنني أننه‬ ‫لي ننس هناك مس نناعدة تأت نني م ننن فوق« ) ( )وطن نني أو خارج نني(، إل أن هذه‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المسناعدة ل تعوّض عنن المشاركنة اليجابينة منن قبنل السنكان. إن كثرة التدخلت‬ ‫التنموي نة التني لم تف نض إلى تنمي نة حقيقي نة تشج نع أغلبي نة الس نكان على الس نلبية‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫وتدفعهم إلى العزوف عن المشاركة؛ قلة من الفاعلين البارزين الذين أصبح لديهم‬ ‫خنبرة التعامنل منع هذه الجهات المانحنة »يتحولون إلى سنماسرة تنمينة محليينن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫للحصول على دعم الجهات المانحة... ويميلون إلى اعتماد الخطاب نفسه للفاعلين‬ ‫من الخارج« ) (.‬ ‫إلى الدولة والمجتمننع المحلي ثمننة طرف آخننر يلعننب دورا فنني تعزيننز ممارسننة‬ ‫المشاركنة، أو فني تحوينل التدخلت التنموينة القائمنة على المشاركنة إلى تدخلت‬ ‫لتشاركية، أو على القل القتصار على ممارسة شكلية للمشاركة.‬ ‫فمسنيرة التدخلت التنموينة للدول المانحنة فني البلدان المتخلفنة، ومننذ بروز مفهوم‬ ‫التنمينة فني الخمسنينيات، ل تشجنع على توقنع نتائج تنموينة تؤمنن التغيينر الكمني‬ ‫والنوعنني )أي التنميننة بأي مننن مسننمياتها( الذي يفترض أنهننا تسننعى إليننه فنني‬ ‫طروحاتها النظرية على القل. فالتفاوت القتصادي ازداد اتساعا بين البلدان الغنية‬ ‫والبلدان الفقيرة. وعلى الرغم من هذا الخفاق لسباب تتعلق بالطرفين، ما زالت‬
  • 11. ‫البلدان الفقيرة تشكل المختبر لفحص مدى صحة المفاهيم من ناحية، والساليب‬ ‫والطرق المستخدمة من ناحية ثانية. وقد تعرضت الطريقة التي تستخدمها الجهات‬ ‫المانحة لتطبيق ممارستها التشاركية، منذ التسعينيات، إلى انتقادات قاسية باعتبارها‬ ‫أح ند مص نادر الخلل ف ني فه نم المجتمعات المحلي نة المس نتهدفة، انتقادات م نا زالت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫صننالحة حتننى اليوم. يبدو أن تاريننخ التدخلت التشاركيننة هننو تاريننخ سننلسلة مننن‬ ‫الوهام: الوهنم التجرينبي ووهنم الجماعنة المحلينة ووهنم التواصنل الشفاف إلى‬ ‫وهم التوافق العتيادي ) (:‬ ‫إن اسنتخدام المقاربنة التشاركينة منن قبنل المانحينن لم يكفنل أبدا عدم الوقوع فني‬ ‫»الس نياحة التنموي نة« الت ني يت نم انتقاده نا م نن قب نل المروجي نن أنفس نهم. )الوه نم‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫التجرينبي(؛ أضنف إلى ذلك عدم قدرة هذا النوع منن المقاربنة على فهنم النسنيج‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الجتماعنني والرهانات الجتماعيننة ننن السننياسية المحليننة، حيننث يرتكننز الخطاب‬ ‫التشارك نني غالبا على نظرة ل ن نن س ننوسيولوجية للجماعات المحلي ننة؛ فالمقارب ننة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫التشاركية ل تبرز الواليات الجتماعية التي تنتج وتعيد إنتاج اللمساواة الجتماعية ن‬ ‫القتصنادية، كمنا أنهنا تتجنّنب السنئلة الحسناسة؛ أضنف إلى ذلك أن تحلينل العلقات‬ ‫الجتماعي نة ف ني المس نارات التشاركي نة ضعي نف بقدر م نا أن إرادة التغيي نر ملتبس نة؛‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫فالجهود التشاركينة، بينن المتدخلينن الخارجيينن والنافذينن المحليينن، غالبا منا تشكنل‬ ‫مناسنبات لتمرينر مصنالح الطرفينن بتواطنؤ ضمنني بينهمنا؛ يسنتفيد الطرف الول منن‬ ‫»التوافق« لشرعننة العمال التني يريدون تحقيقهنا والثانني بتأمين مصنالحه المادينة‬ ‫و/أو المعنويننة. انطلقا مننن هذا الواقننع وعلى الرغننم مننن الرادة المعلنننة بتعبئة‬ ‫»الفقراء« و»الفئات الجتماعينننة المهمّنننشة«، فإن احتمال اسنننتبعادهم تصنننبح‬ ‫حظوظه كبيرة جدا. وفي ضوء ذلك يخشى بقوة على المسارات التشاركية من أن‬ ‫تدعّنم سنلطات الفئات المهيمننة، أو أن تخدم مصنالحهم الخاصنة )وهنم »الجماعنة‬ ‫المحلينة«(؛ ومنع أفضلينة للمقاربنة التشاركينة على غيرهنا منن الطرق الكلسنيكية‬ ‫للتدخل، فإن ذلك ل يكفي كي يجعل من الحوار المفتوح فرصة للتواصل الشفاف.‬ ‫فعدا الرهانات داخننل الجماعننة، فإن تجارب التدخننل التنموي السننابقة، والسننياق‬
  • 12. ‫السنياسي نن الداري، والعلقات المسنبقة لفرينق البحنث بالقرينة، والوسنطاء الذينن‬ ‫تقام معهننم العلقات المفضلة، وتوقعات الفاعليننن المحلييننن إزاء المشروع، كننل‬ ‫ذلك يؤثننر بقوة على صننيغ الحوار ومحتواه. وهننو مننا يسننميه )‪ ( ) (Mosse‬وهننم‬ ‫التواصل الشفاف.‬ ‫فني ضوء كنل ذلك فإن إنتاج تحلينل مشترك بينن الفاعلينن المحليينن )على تنوعهنم(‬ ‫والمتدخلي ننن الخارجيي ننن ل يت ننم تلقائيا. فاختيار أعمال معين ننة للتنفي ننذ، وتحدي نند‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الولويات، ينتميان إلى منطقينن متمايزينن: فكنل تدخنل خارجني يُدرج ضمنن إطار‬ ‫محدد من قبل المنظمة غير الحكومية أو المموّل: الموضوعات، العمال، الولويات،‬ ‫إلخ. وهامش المناورة في التجاوب مع الطلبات المحلية يمارس ضمن نطاق ضيق‬ ‫نوعا ما. وبعد قبول الولويات المتمايزة للفئات الجتماعية فإن المشكلة تنتقل تاليا‬ ‫إلى تراتبينة هذه المشارينع عنبر التحكينم بينن الطلبات المشروعنة كلهنا، ولكنهنا غينر‬ ‫القابلة للبدء بها!! )وهم التوافق العتيادي(.‬ ‫نخلص إلى القول أن أزمنة المقاربنة التشاركينة فني التنمينة تكمنن فني أنهنا ل تعيند‬ ‫النظنر ل بالنظمنة القائمنة على اللمسناواة والسنيطرة فني المجتمنع المحلي، ول‬ ‫بطريقنة عمنل نظام المسناعدات، ممنا يبقني الزمنة مفتوحنة ويبقني التنمينة تكتفني،‬ ‫كما الموضة، بتبديل أسمائها التي تُب ْهر لفترة ثم يتم تجديدها، ل بسبب تغيير فعلي‬ ‫فني نوعينة حياة السنكان، وإنمنا كتمرينن ذهنني لبعنض الخنبراء والمسنتشارين فني‬ ‫البحنث عنن »براديغنم« جديند. وعلينه فإن أزمنة المقاربنة التشاركينة فني التنمينة‬ ‫كغيرهنا منن أزمات المقاربات التنموينة الخرى ترتبنط بأزمنة الدولة منن جهنة وأزمنة‬ ‫المواطنية من جهة أخرى.‬ ‫ثانيا نن الممارسنة التشاركينة فني برنامنج المنم المتحدةللتنمينة الريفينة المتكاملة فني‬ ‫منطقة بعلبك ن الهرمل‬ ‫كي نف يت نم تفس نير اس نتمرار أزم نة التنمي نة على الرغ نم م نن الدراس نات والتوص نيات‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫والمراجعات والتطوينر الدائم للدوات النظرينة المسنتخدمة فني التدخلت التنموينة،‬
  • 13. ‫ومنن بينهنا تلك المرتبطنة بالتنمينة البشرينة المسنتدامة، وهني بالسناس تنمينة ترتكنز‬ ‫على المقاربة التشاركية في رؤيتها؟‬ ‫تشك نل الممارس نات التشاركي نة المح نك الفعلي لقياس مدى ملءم نة النتاج النظري‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫لخنبراء يعتمدون التنظينم البيروقراطني العقلنني نمطا نن مثاليا لهندسنة التنمينة فني‬ ‫بلد تقوم أسناسا على أنماط أخرى منن التنظينم الجتماعني المسنتند إلى شرعيات‬ ‫مختلفة.‬ ‫يُقدّم برنامنج المنم المتحدة للتنمينة الريفينة المتكاملة فني بعلبنك نن الهرمنل تجربنة‬ ‫يمكنن تفحنص الممارسنات التشاركينة منن خللهنا. فالمدة الزمنينة للبرنامنج، والذي‬ ‫اسنتمر منن 4991 إلى 1002، تعتنبر فني مقياس التخطينط التنموي مدة كافينة لتقيينم‬ ‫التجربنة؛ كذلك فإن البرنامنج جرى تنفيذه فني ظنل حماس خنبراء المنم المتحدة‬ ‫التنمويينن وتبنيهنم لنن »موضنة« التسنعينيات الجديدة، أي التنمينة البشرينة، ثنم التنمينة‬ ‫البشرية المستدامة، حيث شكلت المقاربة التشاركية البراديغم الجديد، المعوّل عليه‬ ‫في نجاح هذه النماذج التنموية.‬ ‫إن تقيينم برنامنج منا ينطلق عادة منن قياس الفارق بينن الهداف والنتائج، أو بينن‬ ‫النتائج المتوقعنة منن التدخنل التنموي والنتائج المُلحظنة أو المحققنة، والتني يمكنن‬ ‫تفسنيرها بطرق مختلفنة. والممارسنات التشاركينة ليسنت لحظنة أو حدثا عابرا فني‬ ‫البرنامنج، وإنمنا تقتضني أن تكون متجسنّدة فني مراحنل البرنامنج المختلفنة منن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫التشخيص والعداد إلى التنفيذ فالمتابعة ثم التقييم والمساءلة.‬ ‫إن دراسنة الممارسنات التشاركينة هني دراسنة لممارسنات نوعينة؛ وعلينه فقند تنم‬ ‫العتماد في جمع المعلومات على المقابلت شبه الموجهة ) ( مع سكان المنطقة‬ ‫وم نع أعضاء اللجان المحلي نة والعلينا الت ني شكّلهنا البرنام نج، وعلى الوثائق، وثائق‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫البرنامنج منن جهنة، والصنحف والمجلت منن جهنة أخرى. وهذه كلهنا تتلءم منع‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫التحليل الكيفي )النوعي(.‬ ‫ولن التقيينم هنو تقيينم لحنق، فإن مسنألة إعادة تركينب الحداث والمواقنف تتأثنر‬ ‫بمسألتين:‬
  • 14. ‫الولى: القدرة على التذك نر بع ند مرور س نت س ننوات على المشروع وه نو م نا يع ند‬ ‫ن ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫عامل ً سنلبيا؛ إل أن المدة الطويلة تؤثنر أكثنر على تفاصنيل الحداث ويكون تأثيرهنا‬ ‫ضعيفا، إن لم يكننن معدوما، على المواقننف العامننة والنطباعات السنناسية التنني‬ ‫كوّنها الشخاص عن البرنامج.‬ ‫الثانينة: مدى حرينة التعنبير عنن الرأي. وللتقيينم اللحنق ميزة تفاضلينة عنن التقيينم‬ ‫المتزامنن، حينث تكون حرينة التعنبير فني التقيينم اللحنق متوافرة أكثنر، لن الرتهان‬ ‫إلى مصلحة قائمة مع البرنامج، أو منتظرة، يصبح تأثيرها أقل بكثير منه في حالة‬ ‫اشتغال البرنامج.‬ ‫كينف مارس البرنامنج منا يدعنو إلينه ويروّج له منن مشاركنة؟ وأي تولينف نتنج عنن‬ ‫التفاعنل بينن منطقينن مختلفينن: منطنق عقلنني بيروقراطني منن جهنة، متمثنل‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫بالفاعلينن الدوليينن )المنم المتحدة والدول المانحنة(، ومنطنق طائفني وعشائري‬ ‫ومناطقني، منن جهنة أخرى، متمثنل بالفاعنل الوطنني بمسنتوياته المختلفنة السنلطة‬ ‫السياسية وأجهزتها، الحزاب والجمعيات على المستوى العام والمحلي(.‬ ‫إن العداد العقلننني لبرنامننج إنمائي مننا يقوم على تحدينند أهدافننه بوضوح. كمننا‬ ‫أن»تقيينم مسنار التنمينة المحلينة المتكاملة يُمارس لينس فقنط منن أجنل تحديند‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫وقياس التقدم المحقنق، وإنمنا ليتينح أيضا ضبنط الهداف المنشودة... ومنن المهنم‬ ‫أل يقتصنر التقيينم على الجواننب القتصنادية البحتنة للعملينة ) (، وإنمنا علينه أن يطال‬ ‫أيضا التقدم الحاصنل فني الميادينن الجتماعينة والثقافينة« ) (. والسنؤال الول الذي‬ ‫يتبادر إلى الذهن هو: كيف يستمر البرنامج بالهداف نفسها، على الرغم من توافر‬ ‫القليل القليل من التمويل المتوقع؟ لماذا لم يكيّف القيمون على البرنامج الهداف‬ ‫منع المكانات المتوافرة والمتوقعنة؟ لماذا حدث العكنس منن ذلك، أي تنم تبدينل‬ ‫هدف البرنامننج مننن »برنامننج زراعات بديلة إلى برنامننج تنميننة ريفيننة متكاملة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ومندمجنة وشاملة«، أي تبديله منن برنامنج قطاعني إلى برنامنج شامنل؟ منا هني‬ ‫وظيفة تكبير الهداف في ظل النقص الشديد في التمويل؟ إن الجابة عن هذه‬ ‫السئلة تكشف منذ البداية عدم جدية التدخل التنموي في المنطقة وبأنه كان أقرب‬
  • 15. ‫إلى التدخل ن اللهاء منه إلى التدخل ن التنمية. وإذا كان من الصعوبة كشف عملية‬ ‫اللهاء هذه منذ نشأة البرنامج، فأي موقف كان للفاعلين المحليين، وللفاعلين على‬ ‫المستوى الوطني، بعد أن استمر النقص بالتمويل واستمر البرنامج في عدم تنفيذ‬ ‫أهدافه؟ ولماذا استمر البرنامج على الرغم من تعثره؟‬ ‫في ضوء المقارنة ما بين أهداف البرنامج وبين النجازات التي تحققت فإن قضية‬ ‫البحث الساسية المطروحة للدراسة ل تعود قضية إنجازات البرنامج الهزيلة، وإنما‬ ‫تصنبح قضينة تكوينينة تتعلق بنشأة البرنامنج وبلورة فكرتنه وأهدافنه منن جهنة، و‬ ‫قضينة اسنتمراريته على الرغنم منن عدم تنفينذ أهدافنه السناسية والفرعينة إلى حند‬ ‫كبير، من جهة أخرى.‬ ‫فني إطار هذا التوجنه سنيتم التركينز على بعنض الممارسنات التشاركينة ذات الدللة،‬ ‫عبر التركيز على نشأة البرنامج من جهة وتنظيم المجتمع المحلي )اللجان المحلية‬ ‫والعليا( من جهة أخرى.‬ ‫1. موقع المشاركة وممارستها في مرحلة العداد‬ ‫ما هي الظروف التي أنشىء فيها البرنامج؟ ولماذا أنشىء؟ وكيف أنشىء؟‬ ‫1.1 نشأة البرنامج: برنامج تنمية أم برنامج مكافحة زراعة المخدرات؟‬ ‫فني إطار تفاهنم دولي نن إقليمني توصنل اللبنانيون إلى اتفاق الطائف الذي وضنع‬ ‫حدا للحرب اللبنانينة، وتنم تكلينف سنوريا برعاينة تطنبيق هذا التفاق اللبنانني، بعند‬ ‫مشاركتها، مع دول عربية أخرى، في تحرير الكويت من الغزو العراقي، وفي إطار‬ ‫التهيئة لمؤتمنر مدريند منن أجنل »تسنوية سنلمية« فني الشرق الوسنط. لقند تأثنر‬ ‫البرنامج منذ انطلقه عام 4991 بمناخ عملية السلم في المنطقة ومدى تقدمها أو‬ ‫تراجعها وسيرتبط بذلك إلى حد كبير تمويل البرنامج.‬ ‫شكننل التوافننق الدولي ننن القليمنني ننن اللبناننني غطاء شرعيا للتواجنند العسننكري‬ ‫السنوري فني لبنان. وكاننت السنلطات اللبنانينة قند جرّنبت قبنل الحرب إتلف زراعنة‬ ‫المخدرات، إل أن الزراعة استمرت وشهدت توسعا غير مسبوق أثناء الحرب، ل بل‬ ‫أضيفت إليها زراعة الخشخاش، مما جعلها من أولى مطالب الدول الغربية وهيئات‬
  • 16. ‫المنم المتحدة المعنينة. وفني إطار ضغنط دولي على سنوريا ولبنان ) (، تنم إصندار‬ ‫قرار يمننع زراعنة المخدرات وصنناعتها وتجارتهنا. منع الشارة إلى أن قرار التلف‬ ‫اتخنذ قبنل إنشاء البرنامنج وقبنل التفاوض على إنشائه . لقند شكنل الوجود السنوري‬ ‫المسنلح فني لبنان بقوتينه المادينة والمعنوينة، عامل ً حاسنما ) ( فني فرض تطنبيق‬ ‫هذا القرار، وفي نجاح »حملت استئصال المحاصيل الممنوعة المترافقة مع جهود‬ ‫أجهزة المكافحة والشرطة، مطلع التسعينيات، بمعالجة جوانب هذه المشاكل في‬ ‫منطقنة بعلبنك نن الهرمنل. ولتجننب العودة إلى الحالة القائمنة فني الماضني يجنب‬ ‫التوجنه إلى معالجنة السنباب الكامننة وبالخنص الوضنع الهامشي للمنطقنة والوضنع‬ ‫المادي للسنكان. إذ يجنب توجينه المنطقنة نحنو تيار التنمينة... بحينث تبقنى عملينة‬ ‫مكافحننة المخدرات أولويننة موازيننة... لمواجهننة هذا التحدي قرّرت الدولة العمننل‬ ‫باتجاه تنمية ريفية متكاملة لمنطقة بعلبك ن الهرمل...« ) (.‬ ‫إن هذه الواقع نة التاريخي نة تكش نف أول ً أن برنام نج التنمي نة الريفي نة المتكاملة ف ني‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المنطقنة لم ينشنأ بناء على مبادرة منن المجتمنع المحلي، ول تمّنت اسنتشارتهم بنه؛‬ ‫كما أنه لم يأت بناء على مبادرة تنموية من السلطة اللبنانية، أي نتيجة قرار سياسي‬ ‫للحكومنة بتنمينة المناطنق اللبنانينة المهمّنشة، لننه لو كان المنر كذلك، لكان يجنب‬ ‫على القرار بالتنميننة أن يشمننل مناطننق أخرى، تعيننش وضننع الحرمان والفقننر‬ ‫والتهميش عينه؛ أما اقتصاره في تلك اللحظة التاريخية على منطقة بعلبك ن الهرمل‬ ‫إنمنا أتنى كنن »بدينل« أو »تعوينض« عنن حرمان سنكان المنطقنة منن مورد عينش‬ ‫أسناسي نتيجنة قرار مكافحنة المخدرات ) (. وقند تنبيّن، ممنا آل إلينه البرنامنج لحقا،‬ ‫أن الهدف السناسي كان مكافحنة زراعنة المخدرات، والتنمينة لم تكنن سنوى ذريعنة‬ ‫أو بدينل رمزي أكثنر مننه فعلي! والفرق شاسنع بينن التوجهينن: التوجّنه الول وهنو‬ ‫توجنه سنلبي ينطلق منن أولوينة مكافحنة المخدرات، وهنو منا تنم إنجازه فعليا أثناء‬ ‫عمنل البرنامنج، سنواء حصنلت التنمينة أم لم تحصنل؛ والتوجّنه الثانني، يصننّف كتوجنه‬ ‫إيجابنني وينطلق مننن التنميننة، بصننرف النظننر عننن وجود زراعننة مخدرات أو عدم‬ ‫وجودهنا، كجزء منن عملينة شاملة تهدف إلى إدماج المنطقنة ومكافحنة الفقنر فيهنا‬
  • 17. ‫فني إطار النماء المتوازن الذي ننص علينه اتفاق الطائف. ومنع أن البرنامنج نجنح‬ ‫مؤقتا فني مكافحنة المخدرات، إل أننه فشنل فني مجال التنمينة الريفينة المتكاملة،‬ ‫وخصوصا لجهة الممارسة التشاركية؛‬ ‫وكاس نتنتاج أولي: لق ند أ ُ نسقِط البرنام نج على المجتم نع المحلي م نن دون مشارك نة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫السننكان، وهننو مننا يخالف ألف باء التنميننة التشاركيننة؛ كذلك فالمبادرة لم تكننن‬ ‫بالسناس مبادرة لبنانينة، أي نتيجنة قرار بالتنمينة الشاملة للمناطنق، والمنطقنة منن‬ ‫ضمنها، بل إن البرنامج استحدث كرد فعل على فعل إلغاء زراعة المخدرات، الذي‬ ‫كان هو الهدف الساس وليس التنمية .‬ ‫1.2 برنامج بهوية ملتبسة: برنامج تنمية ريفية متكاملة أم برنامج زراعات بديلة؟‬ ‫يُعبّر هذا التسناؤل عنن التباس أسناسي فني هوينة البرنامنج. فالفقنر والتهمينش ل‬ ‫يقتصرا على منطقة بعلبك ن الهرمل بل يطال مناطق لبنانية عديدة كعكار والضنية‬ ‫وبن نت جبي نل وغيره نا، )لمراجع نة خارط نة الفق نر البشري وأحوال المعيش نة 7002(.‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫والسؤال الذي يطرح: لماذا يقر برنامج للتنمية في بعلبك ن الهرمل من دون سواها‬ ‫منن المناطنق المماثلة؟ والجواب هنو أن هذه المنطقنة منا كاننت لتشكنل، آنذاك،‬ ‫مجال ً لبرنام نج تنموي لو لم تك نن تزرع المخدرات. ف ني ضوء ذلك فإن الرب نط لدى‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫سكان المنطقة عموما، والمزارعين خصوصا، بين البرنامج وبين زراعة المخدرات‬ ‫ليننس مننن دون أسنناس؛ »فخلل الجتماع الول فنني شمسننطار شُكّلت اللجنننة‬ ‫المحليننة وكان عنوان الجتماع »الزراعات البديلة« فمننا الذي اسننتجدّ حتننى يغيّننر‬ ‫الفرجانني ويعترض على هذه التسنمية ويعتنبر أن البرنامنج هنو برنامنج تنمينة ريفينة‬ ‫متكاملة« ) (! فبين فهم السكان لوظيفة البرنامج وبين فهم مديره، الذي يصر على‬ ‫التسنمية )تنمينة ريفينة متكاملة( ويؤكند على ذلك فني كنل مناسنبة، نشنأ التباس قوي‬ ‫فني وظيفنة البرنامنج ودوره، وهنو التباس أدى إلى خطابينن مختلفينن ومتعارضينن،‬ ‫خطاب لمدير البرنامج وخطاب لسكان المنطقة عموما، وللمزارعين خصوصا؛ هذا‬ ‫الختلف، ل بل التعارض، في فهم السكان وتوقعهم لدور البرنامج انعكس سلبا‬
  • 18. ‫على الممارسات التشاركية فيه؛ فأحد مبادىء المشاركة أن يكون هناك فهم موحّد‬ ‫لوظيفنة البرنامنج ودوره، هذا إن لم يكنن السنكان قند سناهموا فني تحديند الدور،‬ ‫فإذا كان الختلف قنند طالهمننا على مسننتوى النطلق، فسننيؤدي ذلك حكما إلى‬ ‫ارتدادات على مسنتوى التنفينذ لن »توقعات الفاعلينن المحليينن إزاء المشروع تؤثنر‬ ‫بقوة على صنيغ الحوار ومحتواه« )‪ .( ) (Mosse‬ويكون هذا التماينز فني الخطاب بينن‬ ‫الطرفين أكثر سلبية على البرنامج إذا تم بناؤه على موقف متعمّد يهدف إلى تحوير‬ ‫مقصنود منن قبنل الجهنة المشرفنة. يقول مدينر البرنامنج »المشروع عندمنا أتيننا إلى‬ ‫هنا كان اسمه مشروع الزراعات البديلة... نعم كان اسمه كذلك وكان معنا الدكتور‬ ‫عادل قرطاس وزينر الزراعنة؛ ولكنن زراعنة بديلة فني منطقنة كاننت تدخنل مليارات‬ ‫منن الحشيشنة والفيون بمشروع أيامهنا ميزانيتنه 4 مليينن دولر، يعنني منا فني شني‬ ‫فلوس، هنني نوع مننن الفأل )السننيىء(. الناس كانننت مترقبننة تعويضات وملييننن‬ ‫ستأتي لتوزع عليها، وهذه الوعود أعطيت من السياسيين حتى الناس تقبل بالتخلي‬ ‫عننن زراعننة الحشيشننة والفيون ول تعارض ذلك بالقوة؛ فقلنننا حتننى نبعنند مننن‬ ‫هالمشاك ننل كله ننا نقلب البرنام ننج ونغيره إلى برنام ننج تنمي ننة متكاملة ومندمج ننة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫وشاملة... نعنم أننا اقترحنت ذلك على الوزينر قرطاس وعلى برنامنج المنم المتحدة‬ ‫النمائي لن نه ل يوج ند تناس نب بي نن المكانات وبي نن عنوان المشروع... لن عنوان‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الزراعات البديلة بيفترض تعويضات ولمّنا بتعطني تعويضات للمزارعينن واحند واحند‬ ‫يعنني أموال كثيرة؛ بينمنا التنمينة يمكنن القيام بهنا على مراحنل منا دام هنم وعدوننا‬ ‫بفلوس سننتأتي؛ بينمننا تعويضات زي مننا حصننل فنني الحرب بتكون مباشرة؛ الذي‬ ‫لحظتننه أن الناس مترقننبين متننى سننتوزّع عليهننم شيكات، تعويضات؛ ثننم أيضا‬ ‫ينتظرون أن تأتي لهم بزراعات بديلة تعوّض ويكون دخلها يساوي أو يقارب الدخل‬ ‫الذي كانوا يحصنلون علينه، وهذا غينر ممكنن؛ فالزراعات البديلة مكلفنة... المنطقنة‬ ‫فيها شح بالمياه... المياه موجودة ولكن عميقة...؛ أي زراعة ستزرعها ل يمكن لها‬ ‫أن تكون منافسنة ول يمكنن أن تعطينك نفنس مدخول زراعنة الحشيشنة« ) (. هذا‬ ‫الننص الحرفني لمقابلة أجراهنا الباحنث منع مدينر البرنامنج، بعند سنت سننوات على‬
  • 19. ‫انتهاء عمله، تلقني أضواء كاشفنة على مسنائل محورينة فني مسنار التنمينة الريفينة‬ ‫المتكاملة:‬ ‫نن تسنويق البرنامنج منن قبنل الفاعلينن السنياسيين، عنبر إطلق وعود بمسناعدات‬ ‫سنتغدق على السنكان، وهنو أمنر يفسنّر صنورة السنكان عنن البرنامنج كنبرنامج‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫مسناعدات وكبدينل عنن زراعنة المخدرات. فإمنا أن الفاعلينن السنياسيين خضعوا‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫لعملينة تضلينل، أو أنهنم منن خلل اتصنالتهم كوّنوا قناعنة منا عنن البرنامنج المنتظنر،‬ ‫وفي الحالتين يعتبرون مساهمين جزئيا في عملية تضليل المزارعين وخداعهم.‬ ‫ن تواطؤ مارسته المم المتحدة عبر إدارة البرنامج وبمعرفة المرجع المسؤول في‬ ‫لبنان )على القنل( منن جهنة، والدولة اللبنانينة ممثلة بوزينر الزراعنة آنذاك، منن جهنة‬ ‫ثانينة، فني تغيينر اسنم البرنامنج منن برنامنج »الزراعات البديلة«، كنبرنامج قطاعني،‬ ‫والذي كان يسنتهدف، خصنوصا، المزارعينن المتضررينن مباشرة منن إلغاء زراعنة‬ ‫المخدرات، وهنم منن بينن الكثنر فقرا، إلى برنامنج »تنمينة ريفينة متكاملة وشاملة«،‬ ‫وهني تسنمية تلقنى صندى إيجابيا لدى الوسناط الدولينة المروّنجة لمفهوم التنمينة‬ ‫البشرية المستدامة، وبهذه التسمية تم توسيع الهداف لتشمل كل القطاعات ومن‬ ‫بينها القطاع الزراعي.‬ ‫ن تم التلعب، بوعي كامل وبتخطيط مسبق، في بناء ركيزة البرنامج، وهو تلعب‬ ‫ستكون له وظيفة أساسية في مسيرة البرنامج، هي وظيفة إلهائية ستعتمد الوعود‬ ‫منن جهنة، وبعنض النجازات الهزيلة منن جهنة أخرى، لتأمينن اسنتمرارية البرنامنج.‬ ‫وللبتعاد ع نن مجابه نة القضي نة الس ناسية، أي التنمي نة القطاعي نة الزراعي نة، وجدت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الجهات المعنينة الحنل نن المهرب )‪ (Echappatoire‬بتغيينر اسنم البرنامنج، ممنا يتينح لهنا‬ ‫التدخنل فني كنل المجالت فني المنطقنة، فني حينن أن الموال المتوافرة ل تكفني‬ ‫للقطاع الزراعي فكيف بها تكفي لكل القطاعات بما فيهم الزراعة؟!!‬ ‫ن لقد كان مدير البرنامج واضحا في تبريره لتبديل اسم البرنامج، فالزراعات البديلة‬ ‫تتطلب تواف نر أموال لي نس فق نط لدع نم المزارعي نن ف ني المرحلة النتقالي نة، وإنم نا‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫سنيكون اعتماد هذه الزراعات محرجا للبرنامنج فني ظنل التوجنه القدينم نن الجديند‬
  • 20. ‫للحكومة آنذاك، بالتركيز، في إعادة تنشيط القتصاد اللبناني، على قطاعي التجارة‬ ‫والخدمات وتهميش قطاعي النتاج الزراعي والصناعي. يطرح هذا التوجه إشكالية‬ ‫أساسية لبرنامج الزراعات البديلة، في ظل التوجه القتصادي للحكومة، وفي ظل‬ ‫غياب سياسة زراعية وفي إطار السواق المفتوحة والتنافس الشديد في ما بينها.‬ ‫إل أن هذا الهروب هنو هروب شكلي، لن الزراعنة فني منطقنة عمنل البرنامنج هني‬ ‫مورد أساسي، وأي برنامج تنموي للمنطقة ل يمكنه أن يتجاوز هذا الواقع.‬ ‫ن ان ترداد فكرة »إن أي زراعة ستزرعها )المنطقة( ل يمكن لها أن تكون منافسة‬ ‫ول يمكنن أن تعطينك نفنس مدخول زراعنة الحشيشنة« يكشنف عنن التباس وخلط‬ ‫بينن مصنلحة المزارع منن جهنة، والمصننّع والتاجنر منن جهنة أخرى. إن ميزة زراعنة‬ ‫الحشيشة أن كلفة زراعتها قليلة، وأنها قابلة للتخزين من دون كلفة ، وأن تسويقها‬ ‫مؤمنن عموما. والدراسنة المقارننة، للكلفنة والمردود، منع بعنض الزراعات الخرى،‬ ‫ليسنت دائما لصنالح الحشيشنة ) (. المشكلة تكمنن أسناسا فني ارتفاع كلفنة النتاج‬ ‫وفني أزمنة تصريفه بسنبب غياب السنياسة الزراعينة الرشيدة. ومزارع الحشيشنة هنو‬ ‫الحلقننة الضعننف والكثننر فقرا ضمننن دورة إنتاج المخدرات مقارنننة مننع المص ننّع‬ ‫والتاجر؛ وهو أثبت، طيلة فترة عمل البرنامج، عن التزامه وعن استعداده لممارسة‬ ‫زراعات أخرى حين يتوافر له البديل الزراعي.‬ ‫ن إن دعوة المم المتحدة إلى »تبني المشاركة الشعبية في كل استراتيجية وطنية‬ ‫للتنمية، وتشجيع المشاركة الناشطة، للفراد والمنظمات غير الحكومية الوطنية في‬ ‫عملية التنمية، وخصوصا في تحديد الهداف، وصياغة السياسات وتنفيذ البرامج «،‬ ‫تتحوّل ضمن هذا المسار الذي انطلق منه برنامج التنمية الريفية، خطابا استهلكيا،‬ ‫تمّ تجاوزه في الممارسة من قبل ممثلي المنظمة أنفسهم.‬ ‫ننن لقنند أمضننت إدارة البرنامننج وقتا طويل ً للتفسننير للمزارعيننن وللرأي العام »إن‬ ‫البرنامج هو برنامج تنمية؛ وقضينا تماما على فكرة أن البرنامج هو برنامج زراعات‬ ‫بديلة« ) (. إل أن المقابلت التي أجريت مع المزارعين ومع فعاليات المنطقة أكدت‬ ‫أن أغلبية المبحوثين اعتبروا أن البرنامج هو للزراعات البديلة ) (.‬
  • 21. ‫إن هذه النظرة للبرنامنج ليسنت تفصنيل ً يمكنن تجاوزه بنل هني رؤينة حاسنمة فني‬ ‫نوع التدخلت التنني خطّننط لهننا البرنامننج ونفّذهننا، والتنني مهّدت لتوسننع أفقنني‬ ‫وسطحي وابتعدت عن التدخل العاموي والمتخصص، وقد أث ّر هذا التوجه في كل‬ ‫خطوات البرنامج اللحقة وتحديدا على الممارسات التشاركية.‬ ‫1.3 تفاوض ملتبس ومراهنة على الضمير الدولي‬ ‫لقد اتخذ القرار بمكافحة المخدرات، زراعة وصناعة وتجارة، قبل ثلث سنوات من‬ ‫إنشاء البرنامج؛ وبذلك تكون السلطة اللبنانية قد أسقطت من يدها ورقة مساومة‬ ‫فني المفاوضنة منع الجهات الدولينة التني ضغطنت لتخاذ قرار اللغاء، والتني سنبق‬ ‫لدول أخرى أن اسنتخدمتها؛ إن تسنرّع السنلطة فني اتخاذ القرار، على الرغنم منن‬ ‫تواطئهنا مننذ السنتقلل منع ممارسنة هذه الزراعنة، يؤكند على أن القرار كان نتيجنة‬ ‫تقاطع مصالح دولية ن إقليمية أول ً ولبنانية تاليا ) (.‬ ‫»لبنان هنو التجربنة الوحيدة فني العالم، حينث أتلفنت الزراعات الممنوعنة قبنل‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫انطلق أي برنامننج بديننل مننن المننم المتحدة وهيئة مكافحننة المخدرات... لبنان‬ ‫استمر على مدى ثلث سنوات ينفذ عمليات تدمير هذه المزروعات من دون التوجه‬ ‫إلى المننم المتحدة... إن برنامننج التلف فنني الدول الخرى كان يترافننق بشكننل‬ ‫وطيند منع برامنج النماء ودفنع التعويضات. إل أن قرار التلف فني لبنان كان قرارا‬ ‫سياسيا... وهو ما أدى إلى انعدام الرابط بين زراعة المخدرات والبرنامج« ) (.‬ ‫»لقنند ألغننى لبنان زراعننة المخدرات مقابننل وعود بالمسنناعدة وليننس مقابننل‬ ‫التزامات ... لقند بدأ التلف منع السنلطة الولى بعند اتفاق الطائف بناء على الوعند‬ ‫52‬ ‫الذي قدّمته منظمة الغذية الدولية »الفاو« »في أواخر عام 2991 بأنها ستؤمن‬ ‫مليون دولر، وقد أبلغ المسؤولون آنذاك بذلك رسميا رئاسة مجلس النواب ووزارة‬ ‫الخارجينة والحكومنة وذلك للمسناهمة فني إقامنة مصنرف تسنليف شرط أن تتجنه‬ ‫الحكومنة اللبنانينة أيضا فني هذا التجاه« ) (. ومنع تبدل السنلطة ) (، التني واكبنت‬ ‫بدورهننا إتلف المخدرات، وتولّت المفاوضات قبننل إنشاء البرنامننج بسنننتين، وهننو‬ ‫وقنننت كاف للتفاوض وتحسنننين الشروط، إن كان هناك تقصنننير سنننابق، تبدلت‬
  • 22. ‫الرهانات والولويات ومناط نننق الهتمام . فالمفاوض اللبنان ننني لم يُلزم الطراف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الدولية، باتفاقات محددة ودقيقة وإنما اكتفى بمطالبتها بالمساعدة وبتنفيذ الوعود،‬ ‫والفرق شاس نع بي نن الح نق المبن ني على اتفاقات ملزم نة وبي نن ترك الم نر لضمي نر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫المجتمع الدولي. الولى فيها إلزام والثانية فيها تمنٍ واستجداء.‬ ‫ولذلك تطرح السننئلة التيننة: لماذا تسننرّع الطرف اللبناننني وتسنناهل فنني إتلف‬ ‫المخدرات منن دون الحصنول على التزامات دولينة واضحنة بالحصنول على التموينل‬ ‫المقدّر بنن 003 مليون دولر؟ ولماذا اسنتمرت السنلطات فني لبنان ملتزمنة بمكافحنة‬ ‫المخدرات طيلة سننبع سنننوات م نا دام البرنام نج لم يحص نل على التزامات واضحننة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ومحدّدة؟ هنل المسنألة تعود إلى تقصنير واضنح منن المفاوض اللبنانني؟ أو إلى‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫جهنل فني أصنول التفاوض؟ أو إلى تواطنؤ بينن الطراف المفاوضنة؟ لم يتنبيّن أن‬ ‫السلطة »الجديدة« قاصرة أو عاجزة في المفاوضات، حيث إنها تمكنت من تأمين‬ ‫تمويل، من المصادر الدولية نفسها، لمشاريع إعادة العمار في بيروت وفي بعض‬ ‫المناط نق اللبناني نة الخرى. إن التفس نير المنطق ني لتلف زراع نة المخدرات، وعدم‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫تأمينن التموينل الكافني لبرنامنج التنمينة الريفينة، والذي ل يشكنل تمويله إل نسنبة‬ ‫هزيلة، مقارنة بالدين العام الداخلي والخارجي، يرجع بالدرجة الولى إلى الموقع‬ ‫الهامشني لمنطقنة بعلبنك نن الهرمنل فني التركيبنة اللبنانينة )منطقنة زراعينة، عشائرينة،‬ ‫ذات أغلبية شيعية، النظرة الدولية إليها باعتبارها منطقة نفوذ أساسي لحزب ا(.‬ ‫لقند شكّنل البرنامنج نقطنة تقاطنع بينن منطقينن: منطنق عقلنني )أمنم متحدة ودول‬ ‫مانحنة غربينة( مبنني على المصنلحة والقوة، ومنطنق »لعقلنني« للسنلطة اللبنانينة‬ ‫مبنني على مصنالح ضيقنة ومركبنة، اقتصنادية نن طائفينة نن مناطقينة ول يؤطرهنا أي‬ ‫هدف تنموي شامل على المستوى الوطني، وعلى مناشدة لننننن»المجتمنع الدولي‬ ‫الممثل بالمم المتحدة أن يؤمن للبنان ما يساعده على المضي في خطته وجعلها‬ ‫دائمننة النجاح« ) (. إن التجاوب الدولي مننع المناشدة كان ضعيفا، إل أن المشكلة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫لم تنحصر دائما في عدم التجاوب الدولي، بل كانت مشكلة لدى السلطات اللبنانية‬ ‫أيضا.‬
  • 23. ‫»المنطق الدولي«‬ ‫في اجتماع عمل تقويمي شامل في مقر برنامج التنمية الريفية حضره نواب بعلبك‬ ‫ن ن الهرم نل وأرلك ني المدي نر التنفيذي لبرنام نج الم نم المتحدة لمكافح نة المخدرات‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫والجريمنة، قال كاسنيني سنفير إيطالينا توضيحا لكلم شوقني فاخوري )وزينر زراعنة‬ ‫سنابق( فني الجلسنة المغلقنة: »لم يكنن مؤتمنر بارينس لرصند الموال للمنطقنة بنل‬ ‫لتعريف الدول المانحة بالمشكلة . وبعد المؤتمر كان على كل دولة مانحننننة‬ ‫أن تناقنش منع الحكومنة اللبنانينة منا يمكنن تقديمنه. إنمنا كاننت هناك مشكلت فنينة،‬ ‫فالحكومتان اللبنانية واليطالية لم تتفقا على جداول المشاريع المقترحة؛ ومجموع‬ ‫البروتوكول بيننا كان 07 مليون دولر، وحددت الحكومة اللبنانية حصة منطقة بعلبك‬ ‫ن الهرمل بنن 3.1 مليون دولر. وحتنى اليوم ل تزال المور تتأرجنح وأسنف لصراحتي‬ ‫في وقت يردد العلم اللبناني كل يوم أن الدول المانحة ل تفي بوعودها« ) (.‬ ‫أمنا أرلكني فقال: »أقدر جدا صنراحتكم وسنوف أكون صنريحا معكنم لتحاشني أي‬ ‫سوء تفاهم مستقبل ً، في الماضي كان الغموض سائدا وأيضا سوء التفاهم عن‬ ‫دور المم المتحدة وبرنامج المم المتحدة لمكافحة المخدرات، ونحن لم نعاهدكم‬ ‫ونخلف العهند أبدا . وأجند نفسني على يقينن بأننه لم يزركنم أي ممثنل منن برنامجني‬ ‫ويعطيكنم عهودا. المنم المتحدة تعهدت بنن 6 مليينن دولر للبنان، وخاصنة للبقاع،‬ ‫ونفّذنا عهودنا ووعدنا وصرفنا حتى الن مليونين، واليوم نحن هنا لنتطلع للمستقبل‬ ‫وعلينننننا أن ننسنى إنتننناج وزراعة المخدرات...‬ ‫نحن هنا من أجل أن نعمل للتنمية كهدف للمزارعين والتفاهم بعيدا عن الضغط‬ ‫وسنوف ل نعمنل تحنت الضغنط« ) (. تُنبيّن هذه الوثيقنة أن المشكلة الفعلينة ليسنت‬ ‫نقصا في خبرة المفاوض، كما يروّج للمر، بل لن المنطقة المستهدفة بالتنمية لم‬ ‫تكنن لهنا الولوينة ضمنن رهانات الفاعلينن فني »نظام المحاصنصة«، ل بنل على‬ ‫العكنس منن ذلك فقند تنم اسنتخدام مكافحنة المخدرات كورقنة مسناومة لصنالح‬ ‫أولويات أخرى في مناطق أخرى.‬
  • 24. ‫وتفسير ذلك يعود إلى أنه في ظل ضعف الدولة بعد الطائف حل منطق جديد في‬ ‫إدارة حكنننم البلد وشؤون الناس يقوم على مبدأ المحاصنننصة بينننن الممثلينننن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫السننياسيين للطوائف، الذيننن يتوزعون مقدرات الدولة على قاعدة حصننص معينننة‬ ‫لكنل طائفنة. إل أن نظام المحاصنصة هذا لم يكنن بسنيطا بنل مركبا وتتداخنل فني‬ ‫توزينع الحصنص عوامنل عديدة. ففني ظنل ضعنف أجهزة الدولة، وغياب الخطنة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫التنموينة الشاملة على المسنتوى الوطنني، تحكنم الفاعلون السنياسيون الطائفيون‬ ‫بحصنص طوائفهنم، ممنا أجنبرهم على التواطنؤ فني منا بينهنم عنبر التسنليم للشرينك‬ ‫المحاصنص بتوزينع حصنة طائفتنه دون تدخنل منن الخرينن. على مسنتوى التوزينع‬ ‫الطائفي العام حضر المناطقي في منطق السياسي الطائفي المحاصص وأعطى‬ ‫أولوينة للمناطنق التني يتنم فيهنا تجديند زعامتنه على حسناب المناطنق الخرى التني‬ ‫تتواجند فيهنا طائفتنه وإنمنا ليسنت محدّدة فني إعادة إنتاج الزعامنة )الحريري: بيروت‬ ‫أول ً ل عكار؛ بري: الجنوب أول ً ل البقاع الشمالي؛ جنبلط: الشوف أول ً ل راشينا ول‬ ‫حاصبيا؛ الهراوي: زحلة أول ً ل البقاع عموما ول البقاع الشمالي بصورة خاصة(.‬ ‫فني ضوء هذا التصنور يمكنن تلمنس عوامنل النطلقنة الملتبسنة والتني أدت إلى‬ ‫فشنل برنامنج المنم المتحدة للتنمينة الريفينة. فنبرنامج المنم المتحدة يتعامنل منع‬ ‫السلطات الرسمية، وهو، يكرس المر الواقع في تدخلته، ول يسعى إلى تغييره.‬ ‫فق ند أدى تمفص نل التدخلت المتنابذة والمتواطئة للفاعلي نن النافذي نن ف ني برنام نج‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المم المتحدة للتنمية الريفية المتكاملة في منطقة بعلبك ن الهرمل، إلى تحويله من‬ ‫برنامنج إنمائي إلى برنامنج إلهائي يرتكنز إلى وعود كنبيرة ودائمنة منن إدارتنه، وإلى‬ ‫النظنر إلينه كمجال للتوظينف وتقدينم خدمات، ولو بسنيطة، إلى »زبائن« الفاعلينن‬ ‫الطائفيين-السياسيين )وزراء ونواب(؛ وتوزّع سكان المنطقة بين قلة، مستفيدة من‬ ‫هذه الخدمات البسنيطة، وكثرة لمبالينة بعند أن تكشّنف لهنا عقنم البرنامنج، وبعنض‬ ‫البعض »جاع« و»ثار« واستمر البرنامج.‬ ‫إن انكشاف المنطقنة سنياسيا، وعدم تشكيلهنا أولوينة تنموينة لدى اي منن الفاعلينن‬ ‫السياسيين على المستويات كافة، سواء الوطني أو البقاعي أو على صعيد منطقة‬
  • 25. ‫بعلبك-الهرمل، هو الذي حرمها من تأسيس برنامج جدي للتنمية الريفية. فأولويات‬ ‫الفاعلين توزعت على قضايا أخرى وعلى مناطق أخرى، على الرغم من الرأسمال‬ ‫المعنوي الذي وفّرته المنطقة للسلطة الجديدة بعد عام 2991 تجاه الهيئات الدولية،‬ ‫مننن خلل تجاوبهننا واسننتمرار التزام مزارعيهننا لمدة سننبع سنننوات بعدم زراعننة‬ ‫المخدرات.‬ ‫1.4 البرنامج وهندسة المشاركة في المجتمع المحلي:‬ ‫إذا كان نت أهداف البرنام نج ق ند ت نم تحريفه نا، وإذا كان التموي نل المقدّر لم تحص نل‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن ن‬ ‫ن‬ ‫المنطقنة مننه إل على النذر اليسنير، فمنا الهدف منن تنظينم المجتمنع المحلي؟ هنل‬ ‫هو تمرين على الديموقراطية تمارسه المم المتحدة لفحص المفاهيم التي تنتجها‬ ‫و/أو تعويد للسكان على الديموقراطية كما تسعى؟ وإذا افترضنا أن الهدف الثاني‬ ‫هنو المقصنود فمنا نفنع الديموقراطينة إذا كان أفنق ممارسنتها مسندودا لجهنة إنجاز‬ ‫الهداف؛ »فعلى الرغنم منن الكنم الهائل للمواضينع والمشارينع التني كاننت تناقنش‬ ‫فني الجتماعات إل أن معظنم تلك المشارينع لم ينفنذ« )مقابلة رقنم 1(؟ أل يسنيء‬ ‫هذا النوع منن تعويند الناس على الديموقراطينة إلى فكرة الديموقراطينة نفسنها،‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫خصنوصا أن البرنامنج ارتكنز إلى وعود أثبتنت التجربنة عدم صندقيتها؟ سنيتم وضنع‬ ‫هذه السنئلة جانبا ومحاولة تفحنص كيفينة ممارسنة البرنامنج لشراك السنكان فني‬ ‫المجتمع المحلي، كونها مسألة ليست مرتبطة بالمال بقدر ما هي مرتبطة بالذهنية‬ ‫وبالنهج المتبع في التواصل مع الخر.‬ ‫إن النطلق مننن مسننلمة عدم إمكانيننة تجاهننل القوى التقليديننة فنني المجتمننع‬ ‫المحلي، يطرح فني المقابنل مسنألة عدم تحوينل اللجان مجال ً لتكرينس نفوذ هذه‬ ‫القوى أو لعادة إنتاج هيمنتهنننا. على البرنامنننج ابتكار صنننيغ جديدة للتعاون منننع‬ ‫المجتمنع المحلي، تسنمح للبرنامنج بالوجود والسنتمرار منن جهنة ولعنب دور تغييري‬ ‫من جهة أخرى.‬ ‫»إن محور اسنتراتيجية التنمينة فني المنطقنة هنو جماعنة المزارعينن. فأبرز إنجازات‬ ‫المرحلة الولى كانننت تنظيننم المزارعيننن ضمننن 22 لجنننة محليننة )‪ ، (LDCC‬تعمننل‬
  • 26. ‫كمجالس قروينة ومجموعات للمزارعينن. والمرحلة الثانينة سنتتابع بدورهنا مواصنلة‬ ‫دعننم هذه المجموعات وتسنناعدهم على تشكيننل 22 تعاونيننة، ودمجهننم بإدارة‬ ‫البرنامنج . أثناء ذلك سنتطور قدراتهنم التعليمينة والدارينة، تعزز مبادراتهنم وتشجنع‬ ‫روح الجماعة لتأمين استمرارية البرنامج على المدى الطويل. وتشكل هذه اللجان‬ ‫التعبير الملموس عن المبادرة والمسؤولية المحلية.‬ ‫وسنتتحول اللجننة العلينا بالتالي إلى شركنة عامنة، تمتلكهنا اللجان المحلينة وتشغلهنا‬ ‫على أسناس تجاري. هذا التدبينر سنيؤمن اسنتقلليتها المالينة والعملنينة وإدارتهنا‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫الذاتي نة ويزي ند م نن فعالي نة عملياته نا م نن خلل الحاف نز على تحقي نق الرباح. هذه‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫الشركة المقترحة ستنشغل بكل النشاطات الجتماعية التي تهم المزارعين: تأمين‬ ‫البذار، التسننليف، النتاج، التسننويق، والصننناعات الزراعيننة. وسننتسعى إلى تمكيننن‬ ‫وتقوينة وضنع المزارعينن المحليينن فني السنواق المحلينة والعالمينة . وسنتتولى‬ ‫الشركة مهام التنسيق بين التعاونيات وستكون معنية بترشيد مسؤولياتها، أخيرا من‬ ‫المتوقع أن تدير الشركة مخطط التسليف والصندوق الدوار« ) (.‬ ‫يبدو منن هذه الوثيقنة التأسنيسية للبرنامنج، بالمقارننة منع النجازات المحققنة، أن‬ ‫هندسنة التنمينة المحلينة فني البرنامنج كاننت هندسنة خطابينة بالدرجنة الولى همهنا‬ ‫السناسي التوافق مع أدبيات المم المتحدة ومخاطبة المجتمع الدولي، وخصوصا‬ ‫الدول المانحننة . وعلى الرغننم مننن ذلك لم يسننتقطب هذا الخطاب تمويننل الدول‬ ‫المانحة، مما يحيلنا باستمرار إلى التساؤل عن السباب الفعلية لذلك والتي تتجاوز‬ ‫نوعينة »الخطاب«: هنل كاننت التنمينة المحلينة للمنطقنة هني الهدف الفعلي لهذه‬ ‫التدخلت؟ وهنل هذه التنمينة كاننت ممكننة فني ظنل غياب الخطنة النمائينة الشاملة‬ ‫2991‬ ‫على المسنتوى الوطنني، وخصنوصا فني ظنل التوجنه الحكومني الجديند مننذ‬ ‫بإعادة تجديد الدور القتصادي السابق للبنان؟‬ ‫ويبقى السؤال: كيف مارس البرنامج »خطابه التشاركي«؟‬ ‫2. ممارسة المشاركة في مرحلة التنفيذ‬