SlideShare uma empresa Scribd logo
1 de 9
‫ملف كامل عن العائلت التي تنهب تونس‬



‫قامت‬
‫قوى‬




      ‫المعارضة التونسية الناشطة في الداخل بتحقيق ميداني حول العائلت التي تمارس النهب المنظم لخيرات‬
‫تونس، خلل عامي 1991 – 8991. وقد نشرت صحيفة الجرأة السبوعية التي تصدر في باريس في عددها‬
‫)73( شباط 8991 وفي عدديها 34 - 24 بتاريخ تموز - آب 8991، هذه الوثيقة التي تلخص أضرار وجرائم‬
‫الفساد المرتكبة من قبل هذه العائلت المحيطة بالرئيس بن علي، والتي ل زالت تحظى بالحصانة الكاملة ضد‬
                                                             ‫العقاب. وهنا نقدم هذا الملخص للوثيقة المذكورة.‬
   ‫ا‬
   ‫1 - عائلة لطيف : تتكون هذه العائلة من ثلثة أخوة: كمال وصلح ورؤوف، ويعتبر الول صديقً شخصيً‬
             ‫ا‬
‫للرئيس بن علي منذ وقت طويل. وكانت هذه العائلة القوية والمتكونة من مقاولين في الشغال العمومية، تمتلك‬
   ‫القدرة على تشكيل وإعادة تشكيل الحكومات، طيلة السنوات الخمس الولى من تاريخ حكم الرئيس بن علي.‬
  ‫وقد احتل أحد أعضاء هذه العائلة مولدي زواري وزارة الفلحة عن طريق التحالف. وكانت كل الشخصيات‬
 ‫التونسية تنتظر في مكتب كمال لطيف القائم بنهج بيروت قبل مقابلته. وقد مكنه هذا المتياز من الظفر بمعظم‬
                                          ‫عقود مقاولت البناء العمومية، وكل مدير عام لشركة تابعة للقطاع ا!‬
      ‫لعام مجبر على منحه عقود الشغال العمومية، لشركته تحت طائلة فصله. وحتى الشركات التابعة للقطاع‬
  ‫الخاص، فإنها تخضع للقاعدة نفسها. مثل ل يستطيع مؤسس فندق أن يحصل على قروض من البنك دون أن‬
         ‫يعطي لشركة لطيف مهمة تنفيذ أشغال البناء. وقد استحوذت هذه العائلة على مليين الدولرات بفضل‬
        ‫احتكارها واستحواذها على أسواق مقاولت البناء في القطاعين العام والخاص.غير أنه منذ عام 2991،‬
‫سقطت هذه العائلة من برجها العاجي بسبب خلف نشب بين كمال لطيف وبن علي، حيث رفض الول دخول‬
                ‫عائلة مافياوية جديدة في نظام النهب، أي عائلة ليلى الطرابلسي الزوجة الثانية للرئيس بن علي،!‬
                                                                   ‫ومنذئذ خضعت عائلة لطيف لعقوبات صا!‬
‫رمة، ووضعت تحت الرقابة البوليسية، وأحرقت عدة مقرات لها، والتزم أعضاؤها سياسة الصمت ثمن بقائهم‬
                                                                                          ‫على قيد الحياة ».‬
  ‫2 - عائلة عمار : ظهرت هذه العائلة الثانية في عام 7891 أيضً. وكان رئيسها حبيب عمار، أحد المنظمين‬
                                              ‫ا‬
     ‫للنقلب العسكري، ووزير الداخلية في « العهد الجديد ». وتميز ابنه دريد بطيشه وغطرسته، وقلة الذمة،‬
       ‫وانحصرت نشاطاته في الستيراد غير الشرعي للمواد المحظورة، الكحول، والسيارات الفارهة، وإقامة‬
 ‫المشاريع المشبوهة مع شركاء إيطاليين وارتكاب عمليات احتيال، وسلب، ونهب... الخ.ولما وصل تعميم إلى‬
        ‫الرئيس بن علي يكشف عن هذه التصرفات المشينة للبن في أيلول 8891، استخدمه هذا لخير كذريعة‬
               ‫لقصاء الب حبيب عمار من وزارة الداخلية في نوفمبر 8891، بهدف الستيلء على كامل �!‬
    ‫�لسلطات. وتم تعيين حبيب عمار سفيرً في فيينا، ولم يعد إلى تونس إل في عام 5991، بوساطة صداقته‬
                                                                    ‫ا‬
  ‫القديمة مع زوجة بن علي، وبعد إقصاء عائلة لطيف احتل حبيب عمار منصب وزير التصالت لكنه أعفي‬
‫من منصبه في كانون ثاني عام 7991. وكانت العوامل التي أسهمت في سقوطه، جشع أبنائه، وعلقاته‬
    ‫ل‬
    ‫المتميزة مع أجهزة المخابرات الليبية وبعض ضباط الجيش، إضافة إلى خشية بن علي منه، باعتباره رج ً‬
                                                                                       ‫عسكرياً مثله ».‬
  ‫3 - عائلة شيبوب : تعتبر عائلة شيبوب القوى من بين كل العائلت النهابة، بإجماع كل المراقبين للوضاع‬
    ‫التونسية.يرأس هذه العائلة سليم شيبوب، الذي كان صاحب مقهى حتى عام 7891، وزوج بنت الرئيس بن‬
       ‫علي الثانية دورصاف، ويرأس منذ مدة نادي الترجي الرياضي التونسي )‪ ( E. S. T‬أقوى أغنى الندية‬
    ‫التونسية على الطلق.تضم عائلة شيبوب التي يرأسها سليم، أخويه عفيف وهو نائب في البرلمان، ورئيس‬
         ‫لجنة في الجمعية الوطنية، وصاحب شركة تأمين، وقد وضع يده على كل أسواق التأمين منذ بداية العام‬
          ‫0991، وهي تدر عليه أرباحً تفوق المليون دولر سنويً. ويضطلع في بعض الحيان بالقيام بمت�!‬
                                                    ‫ا‬                     ‫ا‬
   ‫�بعة أعمال أو عقود مشبوهة بدل من صاحبها الحقيقي أخوه سليم. أما أخوه الثاني إلياس، فهو متخصص‬
 ‫في تصدير منتجات البحر، ويتمتع بامتيازات كبيرة في هذا المجال. وتوظف هذه العائلة خدمات عدد كبير من‬
       ‫رجال العمال مثل يوسف زروق، تاجر سلح معروف من قبل أجهزة المخابرات الغربية لنه كان أحد‬
  ‫موردي السلحة إلى العراق طيلة حرب الخليج الولى، أو عزيز ميلد أيضً، صاحب عدة فنادق، ولديه الن‬
                                    ‫ا‬
  ‫ثروة طائلة، ويملك أسهمً كبيرة في عدة بنوك، حصل عليها في ظروف مشبوهة، ويلعب منذئذ دور المسخر‬
                                                                              ‫ا‬
                          ‫لبن علي نفسه لشراء العقارات في أميركا اللتينية وخاصة في الرجنتين.ويتمثل ا�!‬
                                                            ‫�تصاص رئيس هذه العائلة سليم شيبوب �!‬
‫�شركاته في التوسط بين الشركات الجنبية ومؤسسات الدولة التونسية، ويحصل على نسبة مئوية ناتجة عن‬
  ‫كل الصفقات العمومية الدولية. فقد كان الوسيط عندما اشترت الخطوط التونسية للطيران أربع طائرات بوينغ‬
      ‫وأربع طائرات إيرباص. وكذلك في صفقة التصالت التي انتزعتها شركة نورثرن تيليكوم )‪Northern‬‬
     ‫‪ (Telecom‬بقيمة 084 مليون دولر، وصفقة توربينات الغاز لحساب الشركة الوطنية للكهرباء والغاز )‬
 ‫‪ ،(STEG‬التي انتزعتها الشركة اليطالية )‪ (Ansaldo‬بقيمة 002 مليون دولر، وصفقة شراء سفن من قبل‬
     ‫الشركة الوطنية للملحة وهي في طور إعادة الهيكلة على طريق عملية تخصيها.إن الشراسة التي يبديها !‬
         ‫سليم شيبوب في ابتزاز شركات القطاع العام « تثير العجاب »، فهو يقبض عمولت عن كل مسحوق‬
     ‫الحليب المستورد من الشركة التونسية لصناعة اللبان بفضل تواطؤ أحد أصدقائه المقربين، كمال التليلي،‬
        ‫حسبما أكد لنا أحد مدراء شركة )‪ .(STIL‬وهناك مثال آخر يوضح لنا أسلوب سليم شيبوب في اختلس‬
       ‫الموال العامة: في آذار/مارس 7991، كانت هناك حالة من المساومات بصدد الفوز بصفقة بناء المدينة‬
‫الولمبية برادس )ضاحية لتونس(، بقيمة 002 مليون دولر، ولم يتم الختيار بين مختلف المتعهدين، وخاصة‬
               ‫الفرنسيين والكوريين الجنوبيين حسب المعايير الموضوعية، « الخاصية التقنية – السعر»، وإن!‬
                                                   ‫ما حسب مقدار العمولة )‪ (LA,COMMISSION‬التي!‬
                                                                                                   ‫يقبل!‬
    ‫المتعهد بدفعها فقط. وحسب مسؤول كبير في وزارة التهجير، فإن الرئيس بن علي يقرر في اجتماع مجلس‬
   ‫الوزراء فقط، عندما يكون صهره قد عقد الصفقة مع المتعهد. ويحتكر سليم شيبوب أسواق تجهيزات وزارة‬
 ‫الدفاع أيضً، إذ استولى بالشتراك مع عزيز ميلد، صاحب فندق وصديق شخصي للعائلة على مزرعة تابعة‬‫ا‬
‫ا‬
‫لملك الدولة تبلغ مساحتها 0021 هكتار. ويمتلك سليم وزوجته بفضل مساعدة «مكلف تونسي » فندقً خاصً‬
        ‫ا‬
‫في مدينة كان الفرنسية على الشاطئ الزرق وبناية في باريس بقيمة عشرات المليين من الفرنكات الفرنسية.‬
                               ‫وتقدر الموال المسروقة من قبل عائلة شيبوب وشركائها، منهم الرئيس بن ع�!‬
         ‫�ي بعدة مئات المليين من الدولرات، مودعة في عدة بنوك أجنبية في أوروبا، وبعض بلدان أميركا‬
       ‫اللتينية. وقد استخدمت هذا الموال ظاهريً لدفع مشتريات الرئيس بن علي في الرجنتين، وفلوريدا في‬
                                                               ‫ا‬
      ‫الوليات المتحدة الميركية، كما أكدت ذلك صحيفة البايس السبانية. زد على ذلك، فإن افتراض التحويل‬
   ‫المتأتي عن عملية تبييض الموال من تجارة المخدرات لحساب مجموعات أميركية لتينية يكتسب صدقيته.‬
    ‫ولم يكن تعيين محمد علي دواس، ابن أخ الرئيس بن علي محافظا للبنك المركزي، في حين لم تكن لديه أي‬
                                             ‫ً‬
    ‫ثقافة بنكية، مفاجئاً في شيء. في الواقع، ُقدر تحويل الموال بالعملة الصعبة خلل السنوات الماضية بنحو‬
                                                                  ‫ي‬
      ‫5.4 مليار دولر حسب الدراسة الجديدة المقدمة من صندوق النقد الدولي ) كانون أول/ ديسمبر 6991(.‬
      ‫وتخضع أصول ومقاصد هذه الحركات إلى امتحان دقيق من أجل تحديد درجة تورط هذه العائلة و الدولة‬
      ‫البوليسية التونسية والجنرال بن علي في تبييض الموال، وإعادة هيكلة دولرات تجارة المخدرات.ويقول‬

                                                   ‫2‬
‫مسؤولون كبار، وضباط في الجيش وقضاة وحتى بعض الضباط في البوليس، في الصالونات الخاصة، إنهم‬
     ‫على دراية بهذه الممارسات، ويستنكرونها بشدة. ومع ذلك، نظرً لسيادة الرهاب البوليسي، فإنهم عاجزون‬
                                              ‫ا‬
       ‫عن التنديد بإنحرافات للدولة التونسية هذه. ويذكر التونسيون في أحاديثهم اليومية أمثلة يمكن التحقق منها‬
                                                                                                  ‫تقريبً ».‬
                                                                                                      ‫ا‬
     ‫4 - عائلة سليم زروق : زوج البنت الكبرى للرئيس بن علي، غزوة ، كان في الصل موظفا معلوماتياً في‬
   ‫وزارة الداخلية، وهو قادم جديد على الساحة، غير أنه حقق صعودً ساطعً، وبسرعة، وأصبح مالكً لوحدات‬
              ‫ا‬                       ‫ا‬     ‫ا‬
      ‫تحويل البلستيك، بسبب التسهيلت غير المحدودة لدى قطاع البنوك الخاضع لسيطرة الدولة بنسبة 07 في‬
                  ‫المئة. وهكذا وضع يده على ثلثي سوق البلستيك، المر الذي جعل منافسيه يشتكون من نزعته‬
     ‫الحتكارية.واصبح سليم زروق من بين القيادات المتنفذة في اتحاد أرباب العمل التونسيين )التحاد التونسي‬
        ‫للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية )‪ ،(U.T.I,C.A‬إذ يرأس أحد فيدرالياته. ويتساءل أرباب العمل‬
       ‫المنتمون إلى التحاد إن كانت مصلحته داخل التحاد ليس لها من هدف سوى مراقبته، وتقديم تقارير عن‬
       ‫نشاطه إلى الرئيس بن علي. وتمثلت إحدى عملياته الناجحة بشرائه مدة أشهر فقط، شركة عامة عرضت‬
         ‫للخصخصة )سيراميك تونس ( بقيمة 71 مليون دولر، بعد أن ردع كل المشترين القوياء الذين تقدموا‬
    ‫لشرائها بوساطة التهديد في أبريل/نيسان 6991. وقام ببيع هذه الشركة بقيمة 42 مليون دولر في أيلول من‬
      ‫العام ذاته، محققاً بذلك ابتزازً مالياً بقيمة 7 مليين دولر من المال العام. وحين عبر رشيد صفر ) رئيس‬
                                                                               ‫ا‬
      ‫حكومة سابق ( عن دهشته بصدد سير هذه العملية، أحيل على التقاعد، في اليوم عينه , ومن المعروف في‬
                                                                                                  ‫تونس أن‬
          ‫رئيس الجمهورية يمتلك وحده صلحيات تعيين وإنهاء مهامه، وهذا يوضح لنا جيدً طبيعة النظام الذي‬
                             ‫ا‬
   ‫أقامه.ويثابر سليم زروق الملقب بالسيد « سيراميكس » على السير على نهج سليم شيبوب. ولما كان الرئيس‬
‫بن علي مدافعاً جيدً عن المساواة والعدل بين المواطنين، فإنه يضع أيضً بناته على قدر من المساواة في نطاق‬
                                        ‫ا‬                                               ‫ا‬
  ‫سياسة النهب.من جهة أخرى، أشرك الرئيس بن علي سليم زروق مع سليم شيبوب في عقد الصفقات المحققة‬
      ‫من أجل شراء أربع طائرات بوينغ من قبل شركة الخطوط التونسية. وقد استطاع سليم زروق وزوجته أن‬
        ‫يحققا ثروة قدرت بقيمة 24 مليون دولر، المر الذي جعل «المجموعة الوطنية »، العارفة بجميل رجل‬
         ‫العمال اللمع هذا ، تمنحه مجانً قطعة أرض في قرطاج، حيث يشيد فيها قصرً يليق بموهبته الفذة ».‬
                               ‫ا‬                                             ‫ا‬
  ‫5 - عائلة مبروك : تزوجت البنت الثالثة للرئيس بن علي سيرين من ابن رجل أعمال ثري من مدينة المهدية‬
      ‫هو علي مبروك في صيف عام 4991، وبسرعة مذهلة سارت هذه العائلة على طريق النهب. فقد فرضت‬
           ‫نفسها كوكيلة لشركة ) ‪ (Alcatel‬التي فازت بمناقصة تجهيزات الهاتف النقال في تونس، على حساب‬
 ‫ا‬
 ‫متعهدين آخرين قدموا منتوجً أفضل وبكلفة أقل. وقد انسحبت شركة إريكسون من مقرها في تونس، احتجاجً‬
                                                                               ‫ا‬
 ‫على هذه الممارسات الحتيالية. ومكنت هذه العملية سيرين من قبض 9.1 مليون دولر.وبموازاة ذلك، منحت‬
‫سيرين مهمة الشراف على النترنيت، التي تستغلها تحت اسم «بلنيت ‪ ،» Planet‬وتدر عليها ارباحً طائلة،‬
         ‫ا‬
  ‫بعد أن أجبر الرئيس بن علي كل المؤسسات العامة والمؤسسات الجامعية والثانوية والبتدائية على الشتراك‬
 ‫في النترنيت. وزد على ذلك، اشتركت سيرين بن علي بدعم من والدها في صفقة شراء طائرات إيرباص من‬
‫قبل شركة الخطوط التونسية.أخيرً، كان الرئيس بن علي عاد ً، إذ أنه لم يحرم أي من بناته الثلث من القبض‬
                                                ‫ل‬                          ‫ا‬
                 ‫على مستحقاتها من صفقة مهمة جدً أل وهي تحديث أسطول طيران شركة الخطوط التونسية ».‬
                                                                         ‫ا‬
 ‫6 - عائلة الطرابلسي : هي عائلة الزوجة الثانية للرئيس بن علي ليلى الطرابلسي، وتتألف من 11 أخً وأختً،‬
  ‫ا‬        ‫ا‬
  ‫وهي الكثر عدوانية، والكثر جشعً، وخصوصاً الكثر تورطً مع النظام السياسي القائم. وفي الواقع الفعلي،‬
                                                ‫ا‬                        ‫ا‬
     ‫تسيطر هذه العائلة مباشرة على الحرس المقرب جدً من الرئيس بن علي، منهم عبد الوهاب عبد ال الناطق‬
                                                          ‫ا‬
          ‫الرسمي باسم الرئاسة، والمتلعب والرقيب للعلم، وعبد ال الكعبي، وزير الداخلية الحالي، والخليفة‬
   ‫المزعوم لبن علي، ومحمد علي قنزوعي كاتب الدولة للمن الوطني، وعلي بالشاوش وزير الداخلية السابق.‬
  ‫ويعتبر محمد شكري مهندس كل الدسائس السياسية لهذه العائلة المافياوية، وهو مرتزق يعمل في الظل حسب‬
  ‫محاورينا. ويضم فريق محمد شكري رجا ً سياسيين أكثر فأكثر، أمثال عبد الرحيم الزواري وزير الخارجية‬
                                                                 ‫ل‬
      ‫السابق، وأمين عام حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقً، وعبد ال كعبي محافظ مدينة تونس‬
                                          ‫ا‬
   ‫سابقً، وعبد العزيز بن ضياء، ومصطفى بوعزيز وزير أراضى الدولة، وكذلك العديد من المسؤولين الكبار‬       ‫ا‬
      ‫في وزارة الداخلية. ويتخذ هذا الفريق القرارات المهمة ) تعيينات، إعفاءات.. الخ ( عقب الجتماعات التي‬
          ‫تعقد خارج المؤسسات الشرعية،ـ في مزرعة شكري بمرناق، أو في قصره « مريم العذارء – ‪Notre‬‬

                                                    ‫3‬
‫‪ .Dame‬ثم تقدم هذه القرارات إلى الرئيس بن علي – المتورط حتى النخاع في قضايا النهب – الذي يوافق‬
‫على تطبيقها.وتتميز هذه العائلة أيضاً بطيش أعضائها. فمراد، الخ الصغير لليلى ) 63 سنة ( متورط مع ابن‬
  ‫أخته سفيان الطرابلسي في تجارة المخدرات، التي انفجرت في شهر كانون ثاني 8991. وعلى الرغم من أن‬
  ‫كل الشباب الموقوفين اقروا في اعترافاتهم بأن مراد وابن أخته هم الممولون الرئيسيون للمخدرات، إل أنه لم‬
‫يتم التحقيق معهما من قبل البوليس، المر الذي يؤكد حسب الشخصيات المحقق معها مدى استقلل القضاء في‬
        ‫دولة الحق والقانون.ويركب أبناء أخ زوجة الرئيس السيارات الفاخرة، ويأكلون في المطاعم من الدرجة‬
   ‫الممتازة، ويسهرون في المراقص الليلية وفنادق الحمامات، تحت حماية أجهزة البوليس.أما أخ ليلى، بلحسن‬
     ‫الطرابلسي، فبعد زواج أخته من الرئيس بن علي، طلق زوجته الولى، وتزوج بنت هادي جيلني، رئيس‬
   ‫اتحاد أرباب العمل التونسيين، الذي دخل بالمناسبة في عائلة السلطان، وتم محو الفوائد على ديونه المستحقة‬
   ‫والمقدرة بنحو 45 مليون دينار تونسي، أي ما يعادل 54 مليون دولر. وُُخ َ هذا القرار في اجتماع مجلس‬
                                ‫ات ذ‬
   ‫الوزراء، المر الذي جعل بعضهم يرى أن هادي جيلني باع بنته في بلد تم فيه القضاء على نظام الرق في‬
     ‫عام 8481. وقد اشتهرت هذه العائلة، حاليَ باختلس الموروث العقاري للدولة، بعد ان وضعت يدها على‬
                                                                ‫ا‬
                                                                ‫ً‬
    ‫عقارات تعود ملكيتها لجانب بطريقة غير شرعية مستخدمة الحيل وتزوير الوثائق. ويذكر محاورونا على‬
 ‫سبيل المثال حال الرض المفرزة « خمسة ». فقد منح بلحسن الطرابلسي قطعة ارض بمساحة عدة هكتارات‬
        ‫في رأس قرطاج في المنطقة السياحية من قبل الوكالة العقارية للسياحة، بقصد بناء فندق سياحي، بفضل‬
    ‫الموال المتأتية من البتزاز والنهب )04 مليون دولر(. غير أن التونسيين فوجؤا بإعلن في الصحافة في‬
    ‫شهر أيار 8991، بطرح بيع مساحات من الرض المذكورة إلى الخواص بقيمة 003 دينار تونسي ) 003‬
   ‫دولر ( للمتر المربع الواحد، في حين أن قطعة الرض هذه منحت إلى بلحسن الطرابلسي بسعر رمزي هو‬
  ‫03 دولراً للمتر المربع الواحد ) وهذه العملية فريدة في نوعها في المناطق السياحية (. وفي ضاحية قمرت،‬
    ‫فعل مراد الذي ذكرناه آنفاً أفضل من أخيه بلحسن، إذ منحت الدولة قطعة ارض للوكالة العقارية للسكان )‬
      ‫0007 متر مربع (، وبد ً من أن تقوم هذه الخيرة بتخصيصها وبيعها إلى المواطنين، قامت الوكالة ببيع‬
                                                                               ‫ل‬
      ‫قطعة الرض هذه إلى مراد الطرابلسي بقيمة رمزية هو 03 دولرً للمتر المربع الواحد، الذي قام بدوره‬
                                          ‫ا‬
 ‫بتخصيصها وبيعها من جديد بقيمة 023 دولرً للمتر المربع الواحد، المر الذي مكنه من ربح مليوني دولر‬
                                                            ‫ا‬
   ‫أميركي في بحر بضعة أسابيع.وفي منطقة مرسى الصنوبر، حقق مراد عملية من طبيعة أخرى. فقام بشراء‬
       ‫قطعة أرض تقع في منطقة مصنفة أثرية منذ ما يقارب أكثر من نصف قرن بسعر رمزي، وقامت الدولة‬
  ‫بأوامر من الرئيس بن علي بإسقاط صفة الثرية عن قطعة الرض هذه، وتحويلها إلى منطقة حضرية. وهو‬
    ‫ما مكن مراد من تخصيصها وبيعها بقيمة 023 دولرً للمتر المربع الواحد، وحصل بذلك على ربح بضعة‬
                                                      ‫ا‬
   ‫مليين من الدولرات تم إيداعها في بنك سويسري.ويضيف الشخاص الذين قدموا لنا المعلومات حول هذه‬
 ‫القضايا، أن الوزراء والمسؤولين الذين سمحوا وابتلعوا هذه الختلسات لن يقلقوا من المتابعة القضائية، مثل‬
       ‫وزراء السياحة، والثقافة، وديوان قياس الراضي، والتجهيز، وكذلك مسؤولي الوكالة العقارية للسكان،‬
     ‫وشيخ بلدية المرسى. فالرئيس بن علي نفسه، بنى قصراً في منحدر هضبة سيدي بوسعيد على ارض تعود‬
      ‫ملكيتها لوزارة الدفاع، تم فيما بعد إسقاطها. فل ثروته الشخصية ول راتبه كرئيس منذ ما يزيد على عشر‬
  ‫سنوات، يسمحان له ببناء مثل هذا القصر.وفي ملف آخر، يبتز بلحسن الطرابلسي ماليً شركة فوسفات قفصة‬
                        ‫ا‬
     ‫والمجموعة الكيماوية التي يرأسها رافع دخيل، المتواطئ معه. إنهما يقبضان عمولت عن كل ما تبيعه أو‬
        ‫تشتريه هاتان الشركتان، وقد صرح لنا كوادر هاتين الشركتين، بأنهما يحصلن على مليين الدولرات‬
    ‫سنويً. وقد بنى رافع دخيل فيل فاخرة في حي المنار بقيمة ثلثة مليين دولر. ويؤكد لنا المسؤولون الذين‬
                                                                                                  ‫ا‬
         ‫قاموا بإطلعنا على مكان هذه الفيل، أن من المستحيل على أي رئيس أو مدير عام، مهما كانت رواتبه‬
  ‫والحوافز المالية التي يتقاضاها من الشركة، أن يكون بمقدوره بناء مثل هذا البناء الفاخر. ويطمح رافع دخيل‬
  ‫إلى أن يصبح وزيراً للقتصاد، المر الذي سيمكن مافية الطرابلسي من القيام بمزيد من القتطاعات المالية،‬
 ‫ومزيد من الختلسات.وتمكن بلحسن هذا نفسه، في إطار عمليات خصخصة شركات القطاع العام التي تمت‬
       ‫في جو من الشفافية حسب الخطاب الرسمي، من تملك « شركة النقل » بالشتراك مع والد زوجته هادي‬
      ‫جيلني، وهي شركة عامة، ممثلة لشركة فولسفاغن ‪ ،Wolkswagen‬وبدعم من فريق تونس العاصمة،‬
          ‫المتكون بشكل خاص من حمودة الخوجة، الرئيس المدير العام للبنك العربي – التونسي، ورئيس بلدية‬
 ‫المرسى، ومن جعفر محسن كادر سابق في الشركة عينها. وفضلً عن ذلك، فإن بلحسن هو الممون لكل مواد‬
        ‫الشغال العامة، التي يقتنيها من وزارة التجهيز. وهذه العمليات يحققها حمادي طويل، وهو شخص آخر‬

                                                  ‫4‬
‫يضطلع بتبعات عمل أو عقد بد ً من صاحبها الحقيقي، وشريك لعائلة الطرابلسي. ول يتردد بلحسن في أي‬
                                                                          ‫ل‬
       ‫لحظة عن ابتزاز مصارف القطاع العام. ويوضح المثال التالي الذي كشفه لنا أحد مسؤولي بنك الجنوب،‬
 ‫نموذجً لهذا البتزاز. لقد اشترى عفيف كيلني الشركة العامة « الرفاهية ‪ » Le Confort‬في عام 3991 –‬   ‫ا‬
‫4991 بفضل قرض بنكي بقيمة 05 مليون دولر. وبدل من أن توضع هذه الموال في خزينة الدولة، تقاسمها‬
      ‫عفيف مع بلحسن من أجل الحصول على حمايته.إزاء هذا الوضع، نفذ عمال هذه الشركة إضرابً مطالبين‬
                ‫ا‬
     ‫بالحصول على رواتبهم. وبعد ذلك، عدل عفيف عن تملكه شركة « الرفاهة » وأعادها إلى الدولة، وأوقفت‬
     ‫الشركة نشاطها حاليً. وفي غضون ذلك، تبخر القرض بقيمة 05 مليون دولر، فل يستطيع البنك استعادته‬
                                                                                    ‫ا‬
     ‫بأي حال من الحوال. وقد أكد وزير الشؤون الجتماعية الشاذلي نفاتي بأنه قدم الملف بنفسه المتصل بهذه‬
  ‫القضية إلى رئيس الجمهورية، الذي أمر بحفظه.اشتهرت عائلة الطرابلسي بفظاظة أساليبها. وتذكر الوساط‬
‫الدبلوماسية في هذا الصدد الحتلل بالقوة لمنازل في ضاحية قرطاج تعود ملكيتها لجانب، مثل منـزل السيدة‬
 ‫لوهمان طبيبة فرنسية من أصل تونسي، الذي احتله أعوان السيدة الولى لكي تسكن فيه أمها. وقد س ّمت هذه‬
            ‫م‬
    ‫القضية العلقات الفرنسية التونسية إلى درجة أن رئيسي الحكومة الفرنسية بالتناوب بالدور وجوبي رفضا‬
    ‫زيارة تونس ما لم تتم تسوية هذه القضية. وهناك احتللت همجية أخرى لمنازل تعود ملكيتها إلى الحكومة‬
   ‫الجزائرية المؤقتة، أساءت إلى العلقات التونسية – الجزائرية.وكان مهندس هذه الحتللت محمد شكري،‬
          ‫الذي يحمل صفة محافظ، وله مكاتب في وزارة الداخلية. وقد استخدم هو مثل هذه الساليب في البداية،‬
         ‫فأصبح« مالكاً » لعشرات المنازل التي تعود ملكيتها في الصل لجانب، وتقع في « المدينة الجنائنية »‬
    ‫لتونس. يعتبر البتزاز المالي من أخطر ممارسات أعضاء عائلة الطربلسي إزاء رجال العمال والشركات‬
        ‫الوطنية والدولية، التي يترتب عليها دفع مبالغ مالية ضخمة تحت طائلة الملحقة من قبل وزارة المالية،‬
       ‫والصندوق الوطني للضمان الجتماعي )‪ .( CNSS‬ويقود هذه المؤسسة الخيرة عبد الحميد نويرة رغم‬
       ‫معارضة أربع وزراء تناوبوا على وزارة الشؤون الجتماعية، ل لشيء إل لنه يعمل لمصلحة العائلت‬
         ‫المافياوية. ولهذا السبب رددت افتتاحية جريدة الشعب لسان حال التحاد العام التونسي للشغل في عددها‬
   ‫الصادر بتاريخ 51 آذار/مارس 7991 مغامرات مطلعين على الجرام لمصلحة سلطات س ّية. وقد عرض‬
                    ‫ر‬
      ‫الصندوق الوطني للضمان الجتماعي )‪ ( CNSS‬للبيع في المزاد العلني حقوق اكتتاب على أسهم التحاد‬
        ‫الدولي للبنوك الذي يملكه، قبل ربع ساعة من انتهاء تقديم العروض، وذلك بعد أن تعمد ترك سعر السهم‬
            ‫الواحد ينزل إلى ثمن زهيد )5.0 دولر مقابل 5.3 دولر في الصباح (. وقد قدرت الفوائد التي حققها‬
  ‫المشترون لهذه الحقوق بنحو 5.2 مليون دولر. وكان المشترون حقوق الكتتاب هذه هم عزيز ميلد، وسليم‬
           ‫مرزوق، وأحد أخوة عائلة الطرابلسي. وبل شك فإن مبلغ 5.2 مليون دولر يمثل خسارة «طواعية »‬
   ‫لصندوق التضامن الجماعي.وتتمتع عائلة الطرابلسي بامتازات مالية استثنائية. وفي هذا السياق، حمت هذه‬
          ‫العائلة مدة طويلة مصرفي كبير هو السيد منصف كعوش الذي يرأس عدة بنوك: بنك الجنوب والشركة‬
 ‫التونسية للبنك، وكان مكلفا بمهمات ثلث: الولى: تمويل شؤون وأعمال عائلة الطرابلسي من دون ضمانات‬
        ‫أو فرضيات تشكيكية، والثانية، مساعدتها على تهريب أموالها إلى الخارج، والثالثة ممارسة الضغوط أو‬
       ‫عرقلة أعمال الشركات ورجال العمال الذين يرفضون دفع «خاوة» إلى أخوة الطرابلسي. وقد سقط هذا‬
           ‫المصرفي الكبير لنه قطع مع قانون الصمت. في العام 2991، رفض المسؤول في بنك وطني، محمد‬
‫بوعوجة، منح قرض بقيمة 5.1 مليون دولر من دون ضمانات لتركة تأجير سيارات ) ‪ ( Magic Cars‬التي‬
 ‫يملكها بلحسن الطرابلسي وتدار الن من قبل منتصر مهرازي صهر ليلى الطرابلسي. فما كان من الرئيس بن‬
    ‫علي إل أن أقاله في اليوم عينه من رفضه التمويل حسب مصدر مسؤول في ذلك البنك.وانتشرت في تونس‬
 ‫نصوص سرية بأعداد كبيرة منددة بالسم بأفـراد عائلة الطرابلسي، وبشكل خاص أزواج أخوات ليلى، مثل «‬
         ‫الحاج » « معّم » غير منازع فيه للتهريب واستيراد المواد الفاخرة التي تباع في شارع زرقون بتونس‬
                                                                                          ‫ل‬
 ‫العاصمة، والذي أحبط محاولة أجهزة الجمارك إجبار تجار الشارع المذكور دفع الحقوق المترتبة عليهم. وقد‬
          ‫ذهب محافظ العاصمة شخصيً إلى عين المكان لتقديم اعتذار رئيس الجمهورية إلى جار شارع زرقون‬
                                                                            ‫ا‬
            ‫المحميين من قبل الحاج.ومن أبرز الحالت المثارة بقوة من قبل محاورينا حال ناصر الطرابلسي، أخ‬
      ‫«الرئيسة» الذي تخصص في احتكار استيراد اللحوم إلى تونس، بالشتراك مع حبيب الصيد، الذي يشغل‬
  ‫منصب رئيس ديوان وزير الداخلية . وقد لعب حبيب الصيد هذا دور الغواصة بالنسبة لعائلة الطرابلسي لدى‬
   ‫وزير الداخلية السابق بن رجب المتحالف مع سليم شيبوب، في نطاق الحرب الدائرة بين العائلت المافياوية‬
‫أمام أعين التونسيين. كما أن حال منصف الطرابلسي، الخ الكبر « للرئيسة » أثير بإصرار أيضً، حيث كان‬
              ‫ا‬

                                                  ‫5‬
‫يعمل مصوراً في ليبيا، وأحد رواد سجونها، وعاد إلى وضعه السبق كعامل في أحد المطاعم الحقيرة في حلق‬
      ‫الواد. لكن منذ عملية التغيير في 7 نوفمبر 7891، فرض نفسه كرجل أعمال عديم الستقامة بالشتراك مع‬
         ‫ياسين هميلة، المتخصص في استيراد المواد الغذائية ) موز، تون، عسل الخ (. ونظرً لنتمائه إلى عائلة‬
                            ‫ا‬
    ‫الطرابلسي، فهو معفى من دفع الضرائب إلى أجهزة الجمارك عن كل المواد المستوردة. وهكذا، يقوم بسرقة‬
     ‫مليين الدنانير من المال العام، وتح ّل إلى البنوك الفرنسية والسويسرية لحقً. وعرف عنه احتقاره للقانون‬
                                  ‫ا‬                                       ‫و‬
        ‫وللمواطنين، حسب ما يتردد عنه في الوساط الشعبية، خاصة في ضاحية رادس، جنوب العاصمة، حيث‬
        ‫يحتل منصب نائب رئيس بلديتها 7 - عائلة بن علي : في السابق كان أخو الرئيس يرأس هذه العائلة، وهو‬
              ‫منصف بن علي، عريف سابق في الجيش، ومؤتمن على أسرار الرئيس، ومعروف في أوساط طبقة‬
‫ا‬
‫اللصوص والحرامية منذ السبعينات. وقد توفي في ظروف غامضة في نيسان/أبريل 6991. وإذا وضعنا جانبً‬
  ‫الموت الطبيعي، فهناك احتمال يبرز على السطح، ويتمثل في التصفية الجسدية من قبل المافيا اليطالية بسبب‬
   ‫الختلف على تقاسم عوائد بيع المخدرات، إذ أن البوليس لم يسمح لحد بالقتراب من جثة المغدور. وجدير‬
  ‫بالذكر في هذا الصدد أن منصف بن علي كان قد حكم عليه غيابيً من قبل محكمة فرنسية بالسجن مع الشغال‬
                                              ‫ا‬
                                                                                       ‫الشاقة مدة 21 عام�!‬
        ‫�ً. أما شركائه من التونسيين المقيمين في فرنسا، الخوة روما، فقد قبلوا التعاون مع البوليس الفرنسي،‬
         ‫وأطلق سراحهم مؤخرً، ولم يطردوا من الراضي الفرنسية، ويعيشون تحت الحماية الفرنسية مخافة من‬
                                                                                       ‫ا‬
         ‫ردود أفعال الرئيس بن علي. وفي هذه القضية، تورطت الدولة التونسية في الدفاع عن المتهم منصف بن‬
      ‫علي، وعهد بالدفاع في هذه القضية إلى أحد المحامين المقربين من الرئيس بن علي هو عبادة الكافي، الذي‬
     ‫تحول إلى باريس. وقامت الوكالة التونسية للتصال الخارجي ) ‪ - (ATCE‬وهي مؤسسة حكومية - بحملة‬
             ‫إعلمية شرحت فيها أن المدعو منصف بن علي غير مسجل في سجل الحوال المدنية، وأن أخ �!‬
                                                                 ‫�لرئيس يدعى حبيب. وقد كوفئ رئيس هذه!‬
     ‫الوكالة على جهوده، ومنح منصب وزير لحقً. وفي الواقع، منذ بداية العهد الجديد، نصب منصف بن علي‬
                                                                 ‫ا‬
     ‫نفسه رئيسً في أوساط أولئك الذين يسيؤون استعمال الوظيفة. فقد بدأ يوزع الرخص الممنوحة بصعوبة من‬‫ا‬
 ‫قبل وزارة الداخلية: بارات، مقاهي، مطاعم، أماكن لبيع الكحول، صالت ألعاب بقيمة 00001 دولر عن كل‬
      ‫ا‬
      ‫رخصة. كما منح شركاءه في تجارة المخدرات جوازات سفر تونسية حقيقية، ولكن بأسماء مستعارة، نظرً‬
    ‫لسيطرته على أجهزة البوليس. وكانت هذه العمليات تدر عليه مبلغً بقيمة 00051 دولر عن كل عملية، كما‬
                                            ‫ا‬
                            ‫ذكر لنا أحد أصدقائه، وقد تخلى مؤخرً عن العمل في هذه الوساط المرموقة. وبم�!‬
                                                                        ‫ا‬
   ‫� أن مؤسسة القضاء فاسدة ومخترقة في تونس، فقد نصب منصف بن علي نفسه «رئيسً لهذه المؤسسة »،‬
                       ‫ا‬
 ‫حيث أنه بإمكان أي أحد إذا أراد أن يكسب حكمً لمصلحة قضيته، أن يدفع ما بين 02 ألف دولر إلى 03 ألف‬
                                                              ‫ا‬
     ‫دولر إلى منصف بن علي. ولما رفض أحد القضاة الذعان لمثل هذا السلوب طرد من باب القصر العدلي‬
      ‫أمام أعين كل الناس، وبل أي تفسير كما روى لنا ذلك أحد المحامين المشهورين في تونس. كما تخصصت‬
  ‫أكثر من عشرين شركة استيراد وتصدير، وشركات خدمات أخرى بمشاركة أجنبية في رأسمالها، والتي تعود‬
   ‫ملكية بعضها إلى منصف بن علي أو إلى رجاله فاقدي الشخصية من غازي ملولي، وأحمد قبي، في تبي�!‬
                                                                ‫�ض اموال المخدرات لحساب مجموعة إيط!‬
                                                                                                       ‫الية !‬
     ‫أو أميركية لتينية. وقد وظف منصف بن علي محاميين يعملن كامل الوقت في مكتبه بالمدينة الولمبية من‬
             ‫أجل الشراف على تركيب عملياته المعقدة. ويمتلك منصف بن علي قصرً فخماً في مرناق، المنطقة‬
                                     ‫ا‬
     ‫الزراعية، وهو شبيه بقصور رؤساء الكارتلت في الميدلين )‪ (Medlin‬ويتحرك دائمً في سيارة مصفحة‬
                          ‫ا‬
    ‫وتحت حراسة مشددة. وبعد موته، استمرت أعمال العائلة في الزدهار تحت قيادة الرئيس بن علي نفسه. لقد‬
          ‫تخصصت عائلة بن علي بالستيراد عن طريق تهريب الشياء الثمينة، من السجائر، والكحول الفاخرة،‬
                         ‫والموز، والماكينات اللكترونية، وألعاب البليار.. الخ. أما مكان نشاط هذه العائلة، ف�!‬
‫�د تمركز في منطقة سوسة مسقط رأسها، حيث تعيد استثمار أموالها في الفنادق. وقد بنت هذه العائلة فندقين‬
      ‫بقيمة 54 مليون دولر: الول تعود ملكيته لخ الرئيس بن علي في حمام سوسة، والثاني بنته أخته الكبرى‬
                ‫حورية التي توفيت منذ سنوات قليلة. وهذه المعلومات يمكن التأكد منها لدى سجل الديوان التونسي‬
     ‫للسياحة.وشقيقتها نعيمة التي تشارك مع ابنها عماد لطيف في حالت الغش والتدليس في الممتلكات العقارية‬
         ‫مع إدارة شؤون الدولة والمواطنين من العديد من التونسيين ضحيةأعمالهم واحتكاراتها جمارك والموانئ‬

                                                     ‫6‬
‫تونس أما الخت الصغرى للرئيس بن علي حياة، والتي يمثل زوجها سيفي ا!‬
                                                                      ‫لمنظمة الوطنية للعمال التونسيين ف!‬
                                                                                                   ‫ي ألم!‬
  ‫انيا )‪ ( ON TT‬فقد تخصصت في تهريب الذهب والماس، وقد أكد لنا رجال الجمارك هذه الحقائق. ويحتكر‬
 ‫ابن أخي الرئيس بن علي صلح، قيس بن علي توزيع الكحول في منطقة الساحل التونسي، حيث اقتصر دور‬
   ‫البوليس على حماية زبائنه حسب رواية أحد العاملين في محافظة مدينة سوسة. وفضلً عن ذلك، فقد منحته‬
‫إدارة تليكوم استثمار مجموع التاكسيفون )الهاتف العام( في كل المطارات التونسية، كما استعاد سفيان بن علي‬
  ‫ابن المتوفى منصف بن علي قسما من نشاط والده في استيراد وتوزيع المخدرات، ولما اتهمته بعض الجهات‬
                     ‫الرسمية، غادر تونس بضعة أسابيع بناء على توجيهات عمه الرئيس، لكي تمر العاصف!‬
          ‫ة. وقد اشترى مؤخرً كل الفري – شوب ) ‪ (FREE SHOP‬في كل المطارات التونسية، حيث عهد‬
                                                                                     ‫ا‬
     ‫استثمارها إلى شركة سويسرية متخصصة ) ‪ ،(Weitnauer‬المر الذي مكنه من ربح مليين الدولرات‬
                                                                                                   ‫سنويً.‬
                                                                                                    ‫ا‬
       ‫وهناك أعضاء آخرون من العائلة يحتلون وظائف رسمية أمثال مهدي مليكة ابن أخي الرئيس الذي عين‬
 ‫وزيرً للبيئة، من غير أن يحمل شهادة جامعية. وقد وصف بأنه رجل متعجرف وعديم الذمة. وهو الن يمتلك‬     ‫ا‬
        ‫ثروة تقدر بنحو 04 مليون دولر، ويلقبه كوادر وزارته بالسيد 02 %، لنه يفرض على كل الموردين‬
  ‫للخدمات أو للعمال دفع كومسيون بقيمة 02 %. ويمتلك قصرين، الول في تونس العاصمة بمنطقة المنار،‬
   ‫والثاني في حمام سوسة، وهو بصدد بناء قصر ثالث في ضاحية قمرت بتونس الشمالية، بعد أن قام بتخريب‬
 ‫قسم من البيئة الخضراء المحيطة به.وهو شريك مكتب للدراسات متخصص في دراسة التأثيرات المختل�!‬
      ‫�ة على المحيط البيئي. وهذا الوضع يفرض على أي شركة صناعية تريد فع ً الحصول على ترخيص‬
                             ‫ل‬
                                                        ‫لقامة مصنعها أن تمر أتوماتيكياً على هذا المكتب.‬
      ‫أما حامد مليكة المستشار في القصر، فتكمن مهمته في اقتطاع كومسيونات عن كل الصفقات التي تبرمها‬
       ‫الرئاسة، حسب المعلومات المقدمة لنا من قبل ضباط من البوليس. ويحتل البن الكبر من عائلة مهيري‬
  ‫) أبناء عم الرئيس ( منصب رئاسة التصالت لمنطقة تونس، حيث تكمن مهمته في التنصت على المكالمات‬
     ‫الهاتفية لمصلحة الرئيس، الذي ينعم عليه من أموال الصناديق السوداء. أما الخ الصغر ظفر ال مهيري‬
      ‫صاحب نص ممنوع نشره وتوزيعه في تونس ويحمل العنوان التالي « جمهورية ابن عمي » فقد عاد من‬
                 ‫باريس بعد إبرام تسوية بين أبناء العم، ومنح منصب مراقبة النترنيت ليمنع بذلك التونس�!‬
‫�ين من الدخول إلى مواقعها الحساسة . وقد تم وضعه على رأس هذه المؤسسة من قبل أحد أخويه في كانون‬
 ‫ثاني عام 7991. ويعمل الن مستشارً للبنوك، ويتمتع بامتيازات كثيرة، من دون أن يكون له دوام فعلي، كما‬
                                                                    ‫ا‬
   ‫أكد لنا مدير بنك الجنوب. وهناك ابن أخت بن علي، محمد علي دواس، الذي أصبح محافظً للبنك المركزي‬
                   ‫ا‬
        ‫في بداية عام 1002. وهناك عدد هائل من هذه العائلة الكبيرة تم تعيينهم في مناصب بالخارج، كممثلين‬
    ‫للمصالح التونسية، وهي وظائف تمكن هؤلء من الثراء السريع عن طريق نهب أموال الدولة التونسية ».‬
    ‫8 - عائلة الجري: هذه العائلة محمد الجري، الذي كان في البداية مجرد موظف في الدولة، لكنه أصبح بعد‬
        ‫ذلك الرجل القوي بعد بن علي طوال ثماني سنوات، بوصفه مديرً لديوان الرئاسة. إنه ينفذ كل الوامر‬
                                           ‫ا‬
          ‫الموكلة إليه، مقابل السماح له بإنشاء جمعية إساءة سوء استعمال الوظيفة مع الخوة مزابي، منصف،‬
   ‫مزوغي، وصادق، وهم رجال أعمال من مدينة جربة بالجنوب التونسي، حيث كان الول أحد أعضاء لجنة‬
      ‫تنظيم الحملة النتخابية للرئيس. وقد استفادوا جميعً سنوات طويلة من احتكار استيراد سيارات الشحن «‬
                                                       ‫ا‬
              ‫سكانيا – ‪ ،» Scania‬وهم الن يسيطرون على أربعين شركة في مختلف الميادين.وفي الوقت !‬
   ‫عينه، تسيطر عائلة محمد الجري بالشتراك مع أعضاء من عائلته على بنك ل شكلي يعمل في الواقع، على‬
 ‫الطريقة المؤدية إلى ليبيا في مدينة مدنين، كمركز مالي لتصريف العملة الليبية بطريقة غير شرعية، وخارج‬
      ‫نطاق معدلت الصرف الرسمية. وهكذا يحول هذا البنك أكثر من نصف مليون دولر يوميً، مستفيدً من‬
           ‫ا‬       ‫ا‬
 ‫الحصار الذي كان مضروباً على ليبيا منذ العام 2991.وحصلت عائلة الجري على ملكية شركة تابعة للقطاع‬
   ‫العام تم تخصيصها بقيمة )000007( ألف دولر في نهاية عام 5991، في حين أن سعرها الحقيقي قدر من‬
               ‫قبل أحد محاورينا بنحو 5.4 مليون دولر. وعندما فقد محمد الجري حظوته لدى رئيس الدولة!‬
                                                           ‫، اجتمع مجلس وزراء ضيق بهدف دراسة �!‬
                                                                           ‫�الة قطاع النقل في تونس ».‬

                                                   ‫7‬
‫الخـاتمـة‬
‫نستخلص من هذا العرض حول الفساد في تونس، الذي كثيرً ما ينطوي على تحويل أو تحريف وجهة الموارد‬
                                                  ‫ا‬
   ‫ل‬
   ‫المالية أو الخدمية من الستفادة العامة إلى العائلت الخاصة النهابة، إذ غالبً ما يتطلب هذا التحريف تحوي ً‬
                                   ‫ا‬
      ‫للموال إلى مصارف وبنوك أجنبية، ما سبب حدوث تسريبات ضارة بالقتصاد الوطني تعمل على زيادة‬
‫عرقلة التنمية القتصادية. والفساد في تونس له علقة بالمتغيرات القتصادية و الجتماعية الناجمة عن سياسة‬
    ‫الخصخصة، التي بدأ النظام يطبقها منذ مجيء الرئيس بن علي إلى السلطة. وفي ظل غياب قوانين صارمة‬
                                          ‫ضد الحتكار تعني الخصخصة استبدال احتكار القطاع العام باح�!‬
     ‫�كار القطاع الخاص، وهذا يؤدي إلى استشراء الفساد بكلفة إقتصادية واجتماعية كبيرة. هناك حاجة إلى‬
       ‫موازاة التخصيص مع وجود قوانين ضد الحتكار لدرء الفساد، وهذه القوانين كانت علمات أساسية في‬
‫التطور القتصادي في الدول الرأسمالية المتقدمة. يعمل الفساد في تونس على تقزيم التنمية القتصادية، ويعمل‬
    ‫أيضً على مفاقمة الفقر، لن الطبقة السياسية الحاكمة التي وصلت إلى السلطة في الـ 7 من نوفمبر 7891،‬      ‫ا‬
‫أحاطت نفسها فجأة ببهارج السلطة ومفاتنها، ل سيما سبل الوصول إلى الموارد المالية والسلطة الستثنائية في‬
                                                ‫منح العقود والمجاملت. وقد اجتهدت هذه الطبقة السياسي�!‬
                                                                  ‫� التي تلوثت بالفساد حتى النخاع، ب�!‬
           ‫�د أن ذاقت ثماره في جعل الفساد منهجيً ومستديمً بذاته، بحيث أنه تحول إلى «مؤسسة ». كما أن‬
                                                          ‫ا‬        ‫ا‬
  ‫ممارسات الفساد في تونس ليست مجرد ممارسات فردية خاصة لهذه العائلة أو تلك من العائلت النهابة، كما‬
 ‫جاء في حيثيات قضايا الفساد الكبرى التي تم عرضها في هذا الفصل من الكتاب، وإنما هي تتحرك من خلل‬
        ‫« أطر شبكية » و « مافيات » منظمة، وهكذا تكتسب ممارسات الفساد طابعً مؤسساتيً في إطار تلك «‬
                       ‫ا‬         ‫ا‬
   ‫المنظومات الشبكية ». إن للفساد آثارً سلبية ومدمرة على الستثمار الجنبي والمساعدات الجنبية، والتنمية‬
                                                                        ‫ا‬
                                     ‫القتصادية، حيث أن الفساد يعوق التنمية السياسية ويقوض الفعالية وا�!‬
      ‫�كفاءة الدارية، وشرعية القادة السياسيين والمؤسسات السياسية. غير أن الفساد ما كان له أن ينتشر في‬
          ‫تونس، وينمو ويزدهر، لول أنه لم يجد « بيئة حاضنة للفساد ». هذه البيئة الحاضنة للفساد، هي الدولة‬
  ‫البوليسية بزعامة الرئيس بن علي، الذي ترك العنان للفساد يستشري في تونس، ولم يمارس أي دور في كبح‬
   ‫جماحه. بل أن هذه الديكتاتورية البوليسية لجأت إلى تأسيس علقات وروابط مع رجال « البزنس » لقتسام‬
 ‫العمولت والصفقات والغنائم ليس فقط كنتيجة لضعف رموزها أمام إغراءات المال والثراء، وليس فقط بدافع‬
                                           ‫تأمين المستقبل وإنما أيضً لضرورات البقاء في السلطة. وكلما تعز!‬
                                                                                    ‫ا‬
                                                                   ‫زت علقات الطرفين وتشابكت مصالحهم!‬
                                                                                                        ‫ا قوي!‬
   ‫ت دافع الطبقة الخيرة لحماية النظام وإحاطته بسياج من الولء مدفوع الثمن. وهذا تحديدً ما ساعد بن علي‬
                     ‫ا‬
    ‫على الحتفاظ بالسلطة طوي ً. وحين تكون السلطة السياسية القائمة هي التي تحث على الفساد، ل بل، تدفع‬
                                                                                 ‫ل‬
     ‫إليه دفعً منظمً ، كما هي الحال بالنسبة لسلطة السابع من نوفمبر في تونس، فإن الفساد يصبح «مؤسسة».‬
                                                                                                ‫ا‬     ‫ا‬
                                                       ‫فكما يقول المثل الشعبي « المال السايب يعّم السرقة ».‬
                                                                  ‫ل‬
  ‫إن الفساد ليس ظاهرة تونسية، أو عربية فقط، بل هو ظاهرة عالمية. وقد كشف النقاب عن فضائح للفساد في‬
      ‫الدول الرأسمالية المتقدمة، في الوليات المتحدة الميركية وأوروبا الغربية واليابان طيلة عقدي الثمانينات‬
 ‫والتسعينات. وبينت الدراسات الحديثة جدً التي تناولت بالتحليل ظاهرة الفساد وعلقته بالقتصاد العالمي، أن‬
                                                                     ‫ا‬
          ‫الرشوة تعمل على تشويه السواق العالمية، وتعرقل التنمية القتصادية عن طريق إحلل الكسب غير‬
      ‫المشروع محل النوعية والداء والملءمة، وتقوض الخضوع للسياسة الديمقراطية. كما أن الفساد يضعف‬
                                                      ‫الحكومات غير المستقلة، ويهدد الديمقراطيات الناشئة. !‬
         ‫إن السؤال المطروح تونسيً وعربيً هو: هل يمكن انتهاج سياسة واضحة لمكافحة الفساد على المستوى‬
                                                                          ‫ا‬       ‫ا‬
                                                                                            ‫الوطني والعربي ؟.‬
   ‫إن مكافحة الفساد، تتطلب توافر الرادة السياسية، ومشاركة المجتمع المدني، وتقوية المؤسسات، فضلً عن‬
     ‫دور التعاون الدولي. ويرجع الدكتور محمود عبد الفضيل في دراسته القيمة عن إقتصاديات الفساد، إلى أن‬
      ‫القضاء على التداعيات السلبية للفساد على عملية التنمية ومسيرة التقدم في الوطن العربي، يتطلب التحرك‬
                                                                                ‫على المحاور الرئيسية التالية:‬
        ‫1 - محور توسيع رقعة الديمقراطية والمساءلة: ويقتضي ذلك توسيع دائرة الرقابة والمساءلة من جانب‬

                                                      ‫8‬
‫المجالس التشريعية والنيابية، والجهزة الرقابية، ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق درجة أكبر من « الشفافية‬
   ‫» في العقود الدولية والعطاءات وإتفاقيات المعونة، للقضاء على ما يسمى بـ « الفساد الكبير ». وليس هناك‬
  ‫من شك في أن الضمان الحقيقي لحل « مشكلة الفساد » ح ً جذريً يكمن في تداولية السلطة، حتى ل يعشش‬
                                           ‫ا‬    ‫ل‬
‫الفساد طوي ً ويتم توارثه والتستر عليه. وهنا يبرز دور هام منوط بالعلم والصحافة في تسليط الضوء على‬
                                                                                           ‫ل‬
                                                ‫« الفساد الكبير » في أعلى المواقع، مع توافر الضمانات ا!‬
   ‫لقضائية اللزمة لحصانة الصحفي ورجل العلم. 2 - محور الصلح الداري والمالي : ل بد من وضع‬
‫القواعد والضوابط اللزمة لمنع «التداخل » بين الوظيفة العامة وممارسة النشاط التجاري والمالي ) بالصالة‬
      ‫أو بالوكالة ( لمنع اختلط المال العام والمال الخاص. وهذا يقتضي بدوره إعادة النظر في اللوائح المالية‬
       ‫والدارية، وتشديد القيود والضوابط والقضاء التدريجي على مفهوم « الدولة – المزرعة ». 3 - محور‬
 ‫إصلح هيكل الجور والرواتب : ولكي يمكن محاصرة الفساد عند أدنى المستويات، لبد من تحسين أوضاع‬
                              ‫صغار الموظفين وكبارهم في الخدمة المدنية، من حيث مستوى الجور وال�!‬
                                                             ‫�رتبات وبما يتمتعون به من مزايا، ح�!‬
    ‫�ى تصبح تلك الجور والمرتبات أداة لـ « العيش الكريم » )‪ ،(Living wages‬مما يساعد على زيادة‬
  ‫درجة حصانة « صغار الموظفين » و « كبارهم » إزاء الفساد والمفسدين، وبما يساعد على القضاء على «‬
  ‫الفساد الصغير » بأشكاله المختلفة. وغني عن القول أن محاصرة الفساد وتقليص مساحته، يقتضيان التحرك‬
 ‫على « المحاور الثلثة » في وقت واحد.. إذ إن إصلح هيكل الرواتب والجور وتحصين «الموظف العام »‬
                                                                                   ‫ل يكفيان وحدهما لل‬




                                                   ‫9‬

Mais conteúdo relacionado

Mais de Amigo Hannibal

La véritable nature du régime de ben
La véritable nature du régime de benLa véritable nature du régime de ben
La véritable nature du régime de benAmigo Hannibal
 
بــــيـــان رقــم 2
بــــيـــان رقــم 2بــــيـــان رقــم 2
بــــيـــان رقــم 2Amigo Hannibal
 
بــــيـــان رقــم 2
بــــيـــان رقــم 2بــــيـــان رقــم 2
بــــيـــان رقــم 2Amigo Hannibal
 
بــــيـــان رقــم 2
بــــيـــان رقــم 2بــــيـــان رقــم 2
بــــيـــان رقــم 2Amigo Hannibal
 
مرثــيـّـة القصرين 7
مرثــيـّـة القصرين 7مرثــيـّـة القصرين 7
مرثــيـّـة القصرين 7Amigo Hannibal
 
مرثـيـّـة القصرين 2
مرثـيـّـة القصرين 2مرثـيـّـة القصرين 2
مرثـيـّـة القصرين 2Amigo Hannibal
 
مرثية القصرين 6
مرثية القصرين 6مرثية القصرين 6
مرثية القصرين 6Amigo Hannibal
 
مرثــيـّـة القصرين 7
مرثــيـّـة القصرين 7مرثــيـّـة القصرين 7
مرثــيـّـة القصرين 7Amigo Hannibal
 
مرثـيـّـة القصرين 2
مرثـيـّـة القصرين 2مرثـيـّـة القصرين 2
مرثـيـّـة القصرين 2Amigo Hannibal
 
مرثية القصرين 6
مرثية القصرين 6مرثية القصرين 6
مرثية القصرين 6Amigo Hannibal
 
مرثـيـّـة القصرين 2
مرثـيـّـة القصرين 2مرثـيـّـة القصرين 2
مرثـيـّـة القصرين 2Amigo Hannibal
 
مرثيّـة القصرين
مرثيّـة القصرينمرثيّـة القصرين
مرثيّـة القصرينAmigo Hannibal
 
مرثيّـة القصرين
مرثيّـة القصرينمرثيّـة القصرين
مرثيّـة القصرينAmigo Hannibal
 

Mais de Amigo Hannibal (14)

La véritable nature du régime de ben
La véritable nature du régime de benLa véritable nature du régime de ben
La véritable nature du régime de ben
 
بــــيـــان رقــم 2
بــــيـــان رقــم 2بــــيـــان رقــم 2
بــــيـــان رقــم 2
 
بــــيـــان رقــم 2
بــــيـــان رقــم 2بــــيـــان رقــم 2
بــــيـــان رقــم 2
 
بــــيـــان رقــم 2
بــــيـــان رقــم 2بــــيـــان رقــم 2
بــــيـــان رقــم 2
 
مرثــيـّـة القصرين 7
مرثــيـّـة القصرين 7مرثــيـّـة القصرين 7
مرثــيـّـة القصرين 7
 
مرثـيـّـة القصرين 2
مرثـيـّـة القصرين 2مرثـيـّـة القصرين 2
مرثـيـّـة القصرين 2
 
مرثية القصرين 6
مرثية القصرين 6مرثية القصرين 6
مرثية القصرين 6
 
مرثــيـّـة القصرين 7
مرثــيـّـة القصرين 7مرثــيـّـة القصرين 7
مرثــيـّـة القصرين 7
 
مرثـيـّـة القصرين 2
مرثـيـّـة القصرين 2مرثـيـّـة القصرين 2
مرثـيـّـة القصرين 2
 
مرثية القصرين 6
مرثية القصرين 6مرثية القصرين 6
مرثية القصرين 6
 
مرثـيـّـة القصرين 2
مرثـيـّـة القصرين 2مرثـيـّـة القصرين 2
مرثـيـّـة القصرين 2
 
kasserine
kasserinekasserine
kasserine
 
مرثيّـة القصرين
مرثيّـة القصرينمرثيّـة القصرين
مرثيّـة القصرين
 
مرثيّـة القصرين
مرثيّـة القصرينمرثيّـة القصرين
مرثيّـة القصرين
 

Mafia

  • 1. ‫ملف كامل عن العائلت التي تنهب تونس‬ ‫قامت‬ ‫قوى‬ ‫المعارضة التونسية الناشطة في الداخل بتحقيق ميداني حول العائلت التي تمارس النهب المنظم لخيرات‬ ‫تونس، خلل عامي 1991 – 8991. وقد نشرت صحيفة الجرأة السبوعية التي تصدر في باريس في عددها‬ ‫)73( شباط 8991 وفي عدديها 34 - 24 بتاريخ تموز - آب 8991، هذه الوثيقة التي تلخص أضرار وجرائم‬ ‫الفساد المرتكبة من قبل هذه العائلت المحيطة بالرئيس بن علي، والتي ل زالت تحظى بالحصانة الكاملة ضد‬ ‫العقاب. وهنا نقدم هذا الملخص للوثيقة المذكورة.‬ ‫ا‬ ‫1 - عائلة لطيف : تتكون هذه العائلة من ثلثة أخوة: كمال وصلح ورؤوف، ويعتبر الول صديقً شخصيً‬ ‫ا‬ ‫للرئيس بن علي منذ وقت طويل. وكانت هذه العائلة القوية والمتكونة من مقاولين في الشغال العمومية، تمتلك‬ ‫القدرة على تشكيل وإعادة تشكيل الحكومات، طيلة السنوات الخمس الولى من تاريخ حكم الرئيس بن علي.‬ ‫وقد احتل أحد أعضاء هذه العائلة مولدي زواري وزارة الفلحة عن طريق التحالف. وكانت كل الشخصيات‬ ‫التونسية تنتظر في مكتب كمال لطيف القائم بنهج بيروت قبل مقابلته. وقد مكنه هذا المتياز من الظفر بمعظم‬ ‫عقود مقاولت البناء العمومية، وكل مدير عام لشركة تابعة للقطاع ا!‬ ‫لعام مجبر على منحه عقود الشغال العمومية، لشركته تحت طائلة فصله. وحتى الشركات التابعة للقطاع‬ ‫الخاص، فإنها تخضع للقاعدة نفسها. مثل ل يستطيع مؤسس فندق أن يحصل على قروض من البنك دون أن‬ ‫يعطي لشركة لطيف مهمة تنفيذ أشغال البناء. وقد استحوذت هذه العائلة على مليين الدولرات بفضل‬ ‫احتكارها واستحواذها على أسواق مقاولت البناء في القطاعين العام والخاص.غير أنه منذ عام 2991،‬ ‫سقطت هذه العائلة من برجها العاجي بسبب خلف نشب بين كمال لطيف وبن علي، حيث رفض الول دخول‬ ‫عائلة مافياوية جديدة في نظام النهب، أي عائلة ليلى الطرابلسي الزوجة الثانية للرئيس بن علي،!‬ ‫ومنذئذ خضعت عائلة لطيف لعقوبات صا!‬ ‫رمة، ووضعت تحت الرقابة البوليسية، وأحرقت عدة مقرات لها، والتزم أعضاؤها سياسة الصمت ثمن بقائهم‬ ‫على قيد الحياة ».‬ ‫2 - عائلة عمار : ظهرت هذه العائلة الثانية في عام 7891 أيضً. وكان رئيسها حبيب عمار، أحد المنظمين‬ ‫ا‬ ‫للنقلب العسكري، ووزير الداخلية في « العهد الجديد ». وتميز ابنه دريد بطيشه وغطرسته، وقلة الذمة،‬ ‫وانحصرت نشاطاته في الستيراد غير الشرعي للمواد المحظورة، الكحول، والسيارات الفارهة، وإقامة‬ ‫المشاريع المشبوهة مع شركاء إيطاليين وارتكاب عمليات احتيال، وسلب، ونهب... الخ.ولما وصل تعميم إلى‬ ‫الرئيس بن علي يكشف عن هذه التصرفات المشينة للبن في أيلول 8891، استخدمه هذا لخير كذريعة‬ ‫لقصاء الب حبيب عمار من وزارة الداخلية في نوفمبر 8891، بهدف الستيلء على كامل �!‬ ‫�لسلطات. وتم تعيين حبيب عمار سفيرً في فيينا، ولم يعد إلى تونس إل في عام 5991، بوساطة صداقته‬ ‫ا‬ ‫القديمة مع زوجة بن علي، وبعد إقصاء عائلة لطيف احتل حبيب عمار منصب وزير التصالت لكنه أعفي‬
  • 2. ‫من منصبه في كانون ثاني عام 7991. وكانت العوامل التي أسهمت في سقوطه، جشع أبنائه، وعلقاته‬ ‫ل‬ ‫المتميزة مع أجهزة المخابرات الليبية وبعض ضباط الجيش، إضافة إلى خشية بن علي منه، باعتباره رج ً‬ ‫عسكرياً مثله ».‬ ‫3 - عائلة شيبوب : تعتبر عائلة شيبوب القوى من بين كل العائلت النهابة، بإجماع كل المراقبين للوضاع‬ ‫التونسية.يرأس هذه العائلة سليم شيبوب، الذي كان صاحب مقهى حتى عام 7891، وزوج بنت الرئيس بن‬ ‫علي الثانية دورصاف، ويرأس منذ مدة نادي الترجي الرياضي التونسي )‪ ( E. S. T‬أقوى أغنى الندية‬ ‫التونسية على الطلق.تضم عائلة شيبوب التي يرأسها سليم، أخويه عفيف وهو نائب في البرلمان، ورئيس‬ ‫لجنة في الجمعية الوطنية، وصاحب شركة تأمين، وقد وضع يده على كل أسواق التأمين منذ بداية العام‬ ‫0991، وهي تدر عليه أرباحً تفوق المليون دولر سنويً. ويضطلع في بعض الحيان بالقيام بمت�!‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫�بعة أعمال أو عقود مشبوهة بدل من صاحبها الحقيقي أخوه سليم. أما أخوه الثاني إلياس، فهو متخصص‬ ‫في تصدير منتجات البحر، ويتمتع بامتيازات كبيرة في هذا المجال. وتوظف هذه العائلة خدمات عدد كبير من‬ ‫رجال العمال مثل يوسف زروق، تاجر سلح معروف من قبل أجهزة المخابرات الغربية لنه كان أحد‬ ‫موردي السلحة إلى العراق طيلة حرب الخليج الولى، أو عزيز ميلد أيضً، صاحب عدة فنادق، ولديه الن‬ ‫ا‬ ‫ثروة طائلة، ويملك أسهمً كبيرة في عدة بنوك، حصل عليها في ظروف مشبوهة، ويلعب منذئذ دور المسخر‬ ‫ا‬ ‫لبن علي نفسه لشراء العقارات في أميركا اللتينية وخاصة في الرجنتين.ويتمثل ا�!‬ ‫�تصاص رئيس هذه العائلة سليم شيبوب �!‬ ‫�شركاته في التوسط بين الشركات الجنبية ومؤسسات الدولة التونسية، ويحصل على نسبة مئوية ناتجة عن‬ ‫كل الصفقات العمومية الدولية. فقد كان الوسيط عندما اشترت الخطوط التونسية للطيران أربع طائرات بوينغ‬ ‫وأربع طائرات إيرباص. وكذلك في صفقة التصالت التي انتزعتها شركة نورثرن تيليكوم )‪Northern‬‬ ‫‪ (Telecom‬بقيمة 084 مليون دولر، وصفقة توربينات الغاز لحساب الشركة الوطنية للكهرباء والغاز )‬ ‫‪ ،(STEG‬التي انتزعتها الشركة اليطالية )‪ (Ansaldo‬بقيمة 002 مليون دولر، وصفقة شراء سفن من قبل‬ ‫الشركة الوطنية للملحة وهي في طور إعادة الهيكلة على طريق عملية تخصيها.إن الشراسة التي يبديها !‬ ‫سليم شيبوب في ابتزاز شركات القطاع العام « تثير العجاب »، فهو يقبض عمولت عن كل مسحوق‬ ‫الحليب المستورد من الشركة التونسية لصناعة اللبان بفضل تواطؤ أحد أصدقائه المقربين، كمال التليلي،‬ ‫حسبما أكد لنا أحد مدراء شركة )‪ .(STIL‬وهناك مثال آخر يوضح لنا أسلوب سليم شيبوب في اختلس‬ ‫الموال العامة: في آذار/مارس 7991، كانت هناك حالة من المساومات بصدد الفوز بصفقة بناء المدينة‬ ‫الولمبية برادس )ضاحية لتونس(، بقيمة 002 مليون دولر، ولم يتم الختيار بين مختلف المتعهدين، وخاصة‬ ‫الفرنسيين والكوريين الجنوبيين حسب المعايير الموضوعية، « الخاصية التقنية – السعر»، وإن!‬ ‫ما حسب مقدار العمولة )‪ (LA,COMMISSION‬التي!‬ ‫يقبل!‬ ‫المتعهد بدفعها فقط. وحسب مسؤول كبير في وزارة التهجير، فإن الرئيس بن علي يقرر في اجتماع مجلس‬ ‫الوزراء فقط، عندما يكون صهره قد عقد الصفقة مع المتعهد. ويحتكر سليم شيبوب أسواق تجهيزات وزارة‬ ‫الدفاع أيضً، إذ استولى بالشتراك مع عزيز ميلد، صاحب فندق وصديق شخصي للعائلة على مزرعة تابعة‬‫ا‬ ‫ا‬ ‫لملك الدولة تبلغ مساحتها 0021 هكتار. ويمتلك سليم وزوجته بفضل مساعدة «مكلف تونسي » فندقً خاصً‬ ‫ا‬ ‫في مدينة كان الفرنسية على الشاطئ الزرق وبناية في باريس بقيمة عشرات المليين من الفرنكات الفرنسية.‬ ‫وتقدر الموال المسروقة من قبل عائلة شيبوب وشركائها، منهم الرئيس بن ع�!‬ ‫�ي بعدة مئات المليين من الدولرات، مودعة في عدة بنوك أجنبية في أوروبا، وبعض بلدان أميركا‬ ‫اللتينية. وقد استخدمت هذا الموال ظاهريً لدفع مشتريات الرئيس بن علي في الرجنتين، وفلوريدا في‬ ‫ا‬ ‫الوليات المتحدة الميركية، كما أكدت ذلك صحيفة البايس السبانية. زد على ذلك، فإن افتراض التحويل‬ ‫المتأتي عن عملية تبييض الموال من تجارة المخدرات لحساب مجموعات أميركية لتينية يكتسب صدقيته.‬ ‫ولم يكن تعيين محمد علي دواس، ابن أخ الرئيس بن علي محافظا للبنك المركزي، في حين لم تكن لديه أي‬ ‫ً‬ ‫ثقافة بنكية، مفاجئاً في شيء. في الواقع، ُقدر تحويل الموال بالعملة الصعبة خلل السنوات الماضية بنحو‬ ‫ي‬ ‫5.4 مليار دولر حسب الدراسة الجديدة المقدمة من صندوق النقد الدولي ) كانون أول/ ديسمبر 6991(.‬ ‫وتخضع أصول ومقاصد هذه الحركات إلى امتحان دقيق من أجل تحديد درجة تورط هذه العائلة و الدولة‬ ‫البوليسية التونسية والجنرال بن علي في تبييض الموال، وإعادة هيكلة دولرات تجارة المخدرات.ويقول‬ ‫2‬
  • 3. ‫مسؤولون كبار، وضباط في الجيش وقضاة وحتى بعض الضباط في البوليس، في الصالونات الخاصة، إنهم‬ ‫على دراية بهذه الممارسات، ويستنكرونها بشدة. ومع ذلك، نظرً لسيادة الرهاب البوليسي، فإنهم عاجزون‬ ‫ا‬ ‫عن التنديد بإنحرافات للدولة التونسية هذه. ويذكر التونسيون في أحاديثهم اليومية أمثلة يمكن التحقق منها‬ ‫تقريبً ».‬ ‫ا‬ ‫4 - عائلة سليم زروق : زوج البنت الكبرى للرئيس بن علي، غزوة ، كان في الصل موظفا معلوماتياً في‬ ‫وزارة الداخلية، وهو قادم جديد على الساحة، غير أنه حقق صعودً ساطعً، وبسرعة، وأصبح مالكً لوحدات‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫تحويل البلستيك، بسبب التسهيلت غير المحدودة لدى قطاع البنوك الخاضع لسيطرة الدولة بنسبة 07 في‬ ‫المئة. وهكذا وضع يده على ثلثي سوق البلستيك، المر الذي جعل منافسيه يشتكون من نزعته‬ ‫الحتكارية.واصبح سليم زروق من بين القيادات المتنفذة في اتحاد أرباب العمل التونسيين )التحاد التونسي‬ ‫للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية )‪ ،(U.T.I,C.A‬إذ يرأس أحد فيدرالياته. ويتساءل أرباب العمل‬ ‫المنتمون إلى التحاد إن كانت مصلحته داخل التحاد ليس لها من هدف سوى مراقبته، وتقديم تقارير عن‬ ‫نشاطه إلى الرئيس بن علي. وتمثلت إحدى عملياته الناجحة بشرائه مدة أشهر فقط، شركة عامة عرضت‬ ‫للخصخصة )سيراميك تونس ( بقيمة 71 مليون دولر، بعد أن ردع كل المشترين القوياء الذين تقدموا‬ ‫لشرائها بوساطة التهديد في أبريل/نيسان 6991. وقام ببيع هذه الشركة بقيمة 42 مليون دولر في أيلول من‬ ‫العام ذاته، محققاً بذلك ابتزازً مالياً بقيمة 7 مليين دولر من المال العام. وحين عبر رشيد صفر ) رئيس‬ ‫ا‬ ‫حكومة سابق ( عن دهشته بصدد سير هذه العملية، أحيل على التقاعد، في اليوم عينه , ومن المعروف في‬ ‫تونس أن‬ ‫رئيس الجمهورية يمتلك وحده صلحيات تعيين وإنهاء مهامه، وهذا يوضح لنا جيدً طبيعة النظام الذي‬ ‫ا‬ ‫أقامه.ويثابر سليم زروق الملقب بالسيد « سيراميكس » على السير على نهج سليم شيبوب. ولما كان الرئيس‬ ‫بن علي مدافعاً جيدً عن المساواة والعدل بين المواطنين، فإنه يضع أيضً بناته على قدر من المساواة في نطاق‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫سياسة النهب.من جهة أخرى، أشرك الرئيس بن علي سليم زروق مع سليم شيبوب في عقد الصفقات المحققة‬ ‫من أجل شراء أربع طائرات بوينغ من قبل شركة الخطوط التونسية. وقد استطاع سليم زروق وزوجته أن‬ ‫يحققا ثروة قدرت بقيمة 24 مليون دولر، المر الذي جعل «المجموعة الوطنية »، العارفة بجميل رجل‬ ‫العمال اللمع هذا ، تمنحه مجانً قطعة أرض في قرطاج، حيث يشيد فيها قصرً يليق بموهبته الفذة ».‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫5 - عائلة مبروك : تزوجت البنت الثالثة للرئيس بن علي سيرين من ابن رجل أعمال ثري من مدينة المهدية‬ ‫هو علي مبروك في صيف عام 4991، وبسرعة مذهلة سارت هذه العائلة على طريق النهب. فقد فرضت‬ ‫نفسها كوكيلة لشركة ) ‪ (Alcatel‬التي فازت بمناقصة تجهيزات الهاتف النقال في تونس، على حساب‬ ‫ا‬ ‫متعهدين آخرين قدموا منتوجً أفضل وبكلفة أقل. وقد انسحبت شركة إريكسون من مقرها في تونس، احتجاجً‬ ‫ا‬ ‫على هذه الممارسات الحتيالية. ومكنت هذه العملية سيرين من قبض 9.1 مليون دولر.وبموازاة ذلك، منحت‬ ‫سيرين مهمة الشراف على النترنيت، التي تستغلها تحت اسم «بلنيت ‪ ،» Planet‬وتدر عليها ارباحً طائلة،‬ ‫ا‬ ‫بعد أن أجبر الرئيس بن علي كل المؤسسات العامة والمؤسسات الجامعية والثانوية والبتدائية على الشتراك‬ ‫في النترنيت. وزد على ذلك، اشتركت سيرين بن علي بدعم من والدها في صفقة شراء طائرات إيرباص من‬ ‫قبل شركة الخطوط التونسية.أخيرً، كان الرئيس بن علي عاد ً، إذ أنه لم يحرم أي من بناته الثلث من القبض‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫على مستحقاتها من صفقة مهمة جدً أل وهي تحديث أسطول طيران شركة الخطوط التونسية ».‬ ‫ا‬ ‫6 - عائلة الطرابلسي : هي عائلة الزوجة الثانية للرئيس بن علي ليلى الطرابلسي، وتتألف من 11 أخً وأختً،‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫وهي الكثر عدوانية، والكثر جشعً، وخصوصاً الكثر تورطً مع النظام السياسي القائم. وفي الواقع الفعلي،‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫تسيطر هذه العائلة مباشرة على الحرس المقرب جدً من الرئيس بن علي، منهم عبد الوهاب عبد ال الناطق‬ ‫ا‬ ‫الرسمي باسم الرئاسة، والمتلعب والرقيب للعلم، وعبد ال الكعبي، وزير الداخلية الحالي، والخليفة‬ ‫المزعوم لبن علي، ومحمد علي قنزوعي كاتب الدولة للمن الوطني، وعلي بالشاوش وزير الداخلية السابق.‬ ‫ويعتبر محمد شكري مهندس كل الدسائس السياسية لهذه العائلة المافياوية، وهو مرتزق يعمل في الظل حسب‬ ‫محاورينا. ويضم فريق محمد شكري رجا ً سياسيين أكثر فأكثر، أمثال عبد الرحيم الزواري وزير الخارجية‬ ‫ل‬ ‫السابق، وأمين عام حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقً، وعبد ال كعبي محافظ مدينة تونس‬ ‫ا‬ ‫سابقً، وعبد العزيز بن ضياء، ومصطفى بوعزيز وزير أراضى الدولة، وكذلك العديد من المسؤولين الكبار‬ ‫ا‬ ‫في وزارة الداخلية. ويتخذ هذا الفريق القرارات المهمة ) تعيينات، إعفاءات.. الخ ( عقب الجتماعات التي‬ ‫تعقد خارج المؤسسات الشرعية،ـ في مزرعة شكري بمرناق، أو في قصره « مريم العذارء – ‪Notre‬‬ ‫3‬
  • 4. ‫‪ .Dame‬ثم تقدم هذه القرارات إلى الرئيس بن علي – المتورط حتى النخاع في قضايا النهب – الذي يوافق‬ ‫على تطبيقها.وتتميز هذه العائلة أيضاً بطيش أعضائها. فمراد، الخ الصغير لليلى ) 63 سنة ( متورط مع ابن‬ ‫أخته سفيان الطرابلسي في تجارة المخدرات، التي انفجرت في شهر كانون ثاني 8991. وعلى الرغم من أن‬ ‫كل الشباب الموقوفين اقروا في اعترافاتهم بأن مراد وابن أخته هم الممولون الرئيسيون للمخدرات، إل أنه لم‬ ‫يتم التحقيق معهما من قبل البوليس، المر الذي يؤكد حسب الشخصيات المحقق معها مدى استقلل القضاء في‬ ‫دولة الحق والقانون.ويركب أبناء أخ زوجة الرئيس السيارات الفاخرة، ويأكلون في المطاعم من الدرجة‬ ‫الممتازة، ويسهرون في المراقص الليلية وفنادق الحمامات، تحت حماية أجهزة البوليس.أما أخ ليلى، بلحسن‬ ‫الطرابلسي، فبعد زواج أخته من الرئيس بن علي، طلق زوجته الولى، وتزوج بنت هادي جيلني، رئيس‬ ‫اتحاد أرباب العمل التونسيين، الذي دخل بالمناسبة في عائلة السلطان، وتم محو الفوائد على ديونه المستحقة‬ ‫والمقدرة بنحو 45 مليون دينار تونسي، أي ما يعادل 54 مليون دولر. وُُخ َ هذا القرار في اجتماع مجلس‬ ‫ات ذ‬ ‫الوزراء، المر الذي جعل بعضهم يرى أن هادي جيلني باع بنته في بلد تم فيه القضاء على نظام الرق في‬ ‫عام 8481. وقد اشتهرت هذه العائلة، حاليَ باختلس الموروث العقاري للدولة، بعد ان وضعت يدها على‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫عقارات تعود ملكيتها لجانب بطريقة غير شرعية مستخدمة الحيل وتزوير الوثائق. ويذكر محاورونا على‬ ‫سبيل المثال حال الرض المفرزة « خمسة ». فقد منح بلحسن الطرابلسي قطعة ارض بمساحة عدة هكتارات‬ ‫في رأس قرطاج في المنطقة السياحية من قبل الوكالة العقارية للسياحة، بقصد بناء فندق سياحي، بفضل‬ ‫الموال المتأتية من البتزاز والنهب )04 مليون دولر(. غير أن التونسيين فوجؤا بإعلن في الصحافة في‬ ‫شهر أيار 8991، بطرح بيع مساحات من الرض المذكورة إلى الخواص بقيمة 003 دينار تونسي ) 003‬ ‫دولر ( للمتر المربع الواحد، في حين أن قطعة الرض هذه منحت إلى بلحسن الطرابلسي بسعر رمزي هو‬ ‫03 دولراً للمتر المربع الواحد ) وهذه العملية فريدة في نوعها في المناطق السياحية (. وفي ضاحية قمرت،‬ ‫فعل مراد الذي ذكرناه آنفاً أفضل من أخيه بلحسن، إذ منحت الدولة قطعة ارض للوكالة العقارية للسكان )‬ ‫0007 متر مربع (، وبد ً من أن تقوم هذه الخيرة بتخصيصها وبيعها إلى المواطنين، قامت الوكالة ببيع‬ ‫ل‬ ‫قطعة الرض هذه إلى مراد الطرابلسي بقيمة رمزية هو 03 دولرً للمتر المربع الواحد، الذي قام بدوره‬ ‫ا‬ ‫بتخصيصها وبيعها من جديد بقيمة 023 دولرً للمتر المربع الواحد، المر الذي مكنه من ربح مليوني دولر‬ ‫ا‬ ‫أميركي في بحر بضعة أسابيع.وفي منطقة مرسى الصنوبر، حقق مراد عملية من طبيعة أخرى. فقام بشراء‬ ‫قطعة أرض تقع في منطقة مصنفة أثرية منذ ما يقارب أكثر من نصف قرن بسعر رمزي، وقامت الدولة‬ ‫بأوامر من الرئيس بن علي بإسقاط صفة الثرية عن قطعة الرض هذه، وتحويلها إلى منطقة حضرية. وهو‬ ‫ما مكن مراد من تخصيصها وبيعها بقيمة 023 دولرً للمتر المربع الواحد، وحصل بذلك على ربح بضعة‬ ‫ا‬ ‫مليين من الدولرات تم إيداعها في بنك سويسري.ويضيف الشخاص الذين قدموا لنا المعلومات حول هذه‬ ‫القضايا، أن الوزراء والمسؤولين الذين سمحوا وابتلعوا هذه الختلسات لن يقلقوا من المتابعة القضائية، مثل‬ ‫وزراء السياحة، والثقافة، وديوان قياس الراضي، والتجهيز، وكذلك مسؤولي الوكالة العقارية للسكان،‬ ‫وشيخ بلدية المرسى. فالرئيس بن علي نفسه، بنى قصراً في منحدر هضبة سيدي بوسعيد على ارض تعود‬ ‫ملكيتها لوزارة الدفاع، تم فيما بعد إسقاطها. فل ثروته الشخصية ول راتبه كرئيس منذ ما يزيد على عشر‬ ‫سنوات، يسمحان له ببناء مثل هذا القصر.وفي ملف آخر، يبتز بلحسن الطرابلسي ماليً شركة فوسفات قفصة‬ ‫ا‬ ‫والمجموعة الكيماوية التي يرأسها رافع دخيل، المتواطئ معه. إنهما يقبضان عمولت عن كل ما تبيعه أو‬ ‫تشتريه هاتان الشركتان، وقد صرح لنا كوادر هاتين الشركتين، بأنهما يحصلن على مليين الدولرات‬ ‫سنويً. وقد بنى رافع دخيل فيل فاخرة في حي المنار بقيمة ثلثة مليين دولر. ويؤكد لنا المسؤولون الذين‬ ‫ا‬ ‫قاموا بإطلعنا على مكان هذه الفيل، أن من المستحيل على أي رئيس أو مدير عام، مهما كانت رواتبه‬ ‫والحوافز المالية التي يتقاضاها من الشركة، أن يكون بمقدوره بناء مثل هذا البناء الفاخر. ويطمح رافع دخيل‬ ‫إلى أن يصبح وزيراً للقتصاد، المر الذي سيمكن مافية الطرابلسي من القيام بمزيد من القتطاعات المالية،‬ ‫ومزيد من الختلسات.وتمكن بلحسن هذا نفسه، في إطار عمليات خصخصة شركات القطاع العام التي تمت‬ ‫في جو من الشفافية حسب الخطاب الرسمي، من تملك « شركة النقل » بالشتراك مع والد زوجته هادي‬ ‫جيلني، وهي شركة عامة، ممثلة لشركة فولسفاغن ‪ ،Wolkswagen‬وبدعم من فريق تونس العاصمة،‬ ‫المتكون بشكل خاص من حمودة الخوجة، الرئيس المدير العام للبنك العربي – التونسي، ورئيس بلدية‬ ‫المرسى، ومن جعفر محسن كادر سابق في الشركة عينها. وفضلً عن ذلك، فإن بلحسن هو الممون لكل مواد‬ ‫الشغال العامة، التي يقتنيها من وزارة التجهيز. وهذه العمليات يحققها حمادي طويل، وهو شخص آخر‬ ‫4‬
  • 5. ‫يضطلع بتبعات عمل أو عقد بد ً من صاحبها الحقيقي، وشريك لعائلة الطرابلسي. ول يتردد بلحسن في أي‬ ‫ل‬ ‫لحظة عن ابتزاز مصارف القطاع العام. ويوضح المثال التالي الذي كشفه لنا أحد مسؤولي بنك الجنوب،‬ ‫نموذجً لهذا البتزاز. لقد اشترى عفيف كيلني الشركة العامة « الرفاهية ‪ » Le Confort‬في عام 3991 –‬ ‫ا‬ ‫4991 بفضل قرض بنكي بقيمة 05 مليون دولر. وبدل من أن توضع هذه الموال في خزينة الدولة، تقاسمها‬ ‫عفيف مع بلحسن من أجل الحصول على حمايته.إزاء هذا الوضع، نفذ عمال هذه الشركة إضرابً مطالبين‬ ‫ا‬ ‫بالحصول على رواتبهم. وبعد ذلك، عدل عفيف عن تملكه شركة « الرفاهة » وأعادها إلى الدولة، وأوقفت‬ ‫الشركة نشاطها حاليً. وفي غضون ذلك، تبخر القرض بقيمة 05 مليون دولر، فل يستطيع البنك استعادته‬ ‫ا‬ ‫بأي حال من الحوال. وقد أكد وزير الشؤون الجتماعية الشاذلي نفاتي بأنه قدم الملف بنفسه المتصل بهذه‬ ‫القضية إلى رئيس الجمهورية، الذي أمر بحفظه.اشتهرت عائلة الطرابلسي بفظاظة أساليبها. وتذكر الوساط‬ ‫الدبلوماسية في هذا الصدد الحتلل بالقوة لمنازل في ضاحية قرطاج تعود ملكيتها لجانب، مثل منـزل السيدة‬ ‫لوهمان طبيبة فرنسية من أصل تونسي، الذي احتله أعوان السيدة الولى لكي تسكن فيه أمها. وقد س ّمت هذه‬ ‫م‬ ‫القضية العلقات الفرنسية التونسية إلى درجة أن رئيسي الحكومة الفرنسية بالتناوب بالدور وجوبي رفضا‬ ‫زيارة تونس ما لم تتم تسوية هذه القضية. وهناك احتللت همجية أخرى لمنازل تعود ملكيتها إلى الحكومة‬ ‫الجزائرية المؤقتة، أساءت إلى العلقات التونسية – الجزائرية.وكان مهندس هذه الحتللت محمد شكري،‬ ‫الذي يحمل صفة محافظ، وله مكاتب في وزارة الداخلية. وقد استخدم هو مثل هذه الساليب في البداية،‬ ‫فأصبح« مالكاً » لعشرات المنازل التي تعود ملكيتها في الصل لجانب، وتقع في « المدينة الجنائنية »‬ ‫لتونس. يعتبر البتزاز المالي من أخطر ممارسات أعضاء عائلة الطربلسي إزاء رجال العمال والشركات‬ ‫الوطنية والدولية، التي يترتب عليها دفع مبالغ مالية ضخمة تحت طائلة الملحقة من قبل وزارة المالية،‬ ‫والصندوق الوطني للضمان الجتماعي )‪ .( CNSS‬ويقود هذه المؤسسة الخيرة عبد الحميد نويرة رغم‬ ‫معارضة أربع وزراء تناوبوا على وزارة الشؤون الجتماعية، ل لشيء إل لنه يعمل لمصلحة العائلت‬ ‫المافياوية. ولهذا السبب رددت افتتاحية جريدة الشعب لسان حال التحاد العام التونسي للشغل في عددها‬ ‫الصادر بتاريخ 51 آذار/مارس 7991 مغامرات مطلعين على الجرام لمصلحة سلطات س ّية. وقد عرض‬ ‫ر‬ ‫الصندوق الوطني للضمان الجتماعي )‪ ( CNSS‬للبيع في المزاد العلني حقوق اكتتاب على أسهم التحاد‬ ‫الدولي للبنوك الذي يملكه، قبل ربع ساعة من انتهاء تقديم العروض، وذلك بعد أن تعمد ترك سعر السهم‬ ‫الواحد ينزل إلى ثمن زهيد )5.0 دولر مقابل 5.3 دولر في الصباح (. وقد قدرت الفوائد التي حققها‬ ‫المشترون لهذه الحقوق بنحو 5.2 مليون دولر. وكان المشترون حقوق الكتتاب هذه هم عزيز ميلد، وسليم‬ ‫مرزوق، وأحد أخوة عائلة الطرابلسي. وبل شك فإن مبلغ 5.2 مليون دولر يمثل خسارة «طواعية »‬ ‫لصندوق التضامن الجماعي.وتتمتع عائلة الطرابلسي بامتازات مالية استثنائية. وفي هذا السياق، حمت هذه‬ ‫العائلة مدة طويلة مصرفي كبير هو السيد منصف كعوش الذي يرأس عدة بنوك: بنك الجنوب والشركة‬ ‫التونسية للبنك، وكان مكلفا بمهمات ثلث: الولى: تمويل شؤون وأعمال عائلة الطرابلسي من دون ضمانات‬ ‫أو فرضيات تشكيكية، والثانية، مساعدتها على تهريب أموالها إلى الخارج، والثالثة ممارسة الضغوط أو‬ ‫عرقلة أعمال الشركات ورجال العمال الذين يرفضون دفع «خاوة» إلى أخوة الطرابلسي. وقد سقط هذا‬ ‫المصرفي الكبير لنه قطع مع قانون الصمت. في العام 2991، رفض المسؤول في بنك وطني، محمد‬ ‫بوعوجة، منح قرض بقيمة 5.1 مليون دولر من دون ضمانات لتركة تأجير سيارات ) ‪ ( Magic Cars‬التي‬ ‫يملكها بلحسن الطرابلسي وتدار الن من قبل منتصر مهرازي صهر ليلى الطرابلسي. فما كان من الرئيس بن‬ ‫علي إل أن أقاله في اليوم عينه من رفضه التمويل حسب مصدر مسؤول في ذلك البنك.وانتشرت في تونس‬ ‫نصوص سرية بأعداد كبيرة منددة بالسم بأفـراد عائلة الطرابلسي، وبشكل خاص أزواج أخوات ليلى، مثل «‬ ‫الحاج » « معّم » غير منازع فيه للتهريب واستيراد المواد الفاخرة التي تباع في شارع زرقون بتونس‬ ‫ل‬ ‫العاصمة، والذي أحبط محاولة أجهزة الجمارك إجبار تجار الشارع المذكور دفع الحقوق المترتبة عليهم. وقد‬ ‫ذهب محافظ العاصمة شخصيً إلى عين المكان لتقديم اعتذار رئيس الجمهورية إلى جار شارع زرقون‬ ‫ا‬ ‫المحميين من قبل الحاج.ومن أبرز الحالت المثارة بقوة من قبل محاورينا حال ناصر الطرابلسي، أخ‬ ‫«الرئيسة» الذي تخصص في احتكار استيراد اللحوم إلى تونس، بالشتراك مع حبيب الصيد، الذي يشغل‬ ‫منصب رئيس ديوان وزير الداخلية . وقد لعب حبيب الصيد هذا دور الغواصة بالنسبة لعائلة الطرابلسي لدى‬ ‫وزير الداخلية السابق بن رجب المتحالف مع سليم شيبوب، في نطاق الحرب الدائرة بين العائلت المافياوية‬ ‫أمام أعين التونسيين. كما أن حال منصف الطرابلسي، الخ الكبر « للرئيسة » أثير بإصرار أيضً، حيث كان‬ ‫ا‬ ‫5‬
  • 6. ‫يعمل مصوراً في ليبيا، وأحد رواد سجونها، وعاد إلى وضعه السبق كعامل في أحد المطاعم الحقيرة في حلق‬ ‫الواد. لكن منذ عملية التغيير في 7 نوفمبر 7891، فرض نفسه كرجل أعمال عديم الستقامة بالشتراك مع‬ ‫ياسين هميلة، المتخصص في استيراد المواد الغذائية ) موز، تون، عسل الخ (. ونظرً لنتمائه إلى عائلة‬ ‫ا‬ ‫الطرابلسي، فهو معفى من دفع الضرائب إلى أجهزة الجمارك عن كل المواد المستوردة. وهكذا، يقوم بسرقة‬ ‫مليين الدنانير من المال العام، وتح ّل إلى البنوك الفرنسية والسويسرية لحقً. وعرف عنه احتقاره للقانون‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫وللمواطنين، حسب ما يتردد عنه في الوساط الشعبية، خاصة في ضاحية رادس، جنوب العاصمة، حيث‬ ‫يحتل منصب نائب رئيس بلديتها 7 - عائلة بن علي : في السابق كان أخو الرئيس يرأس هذه العائلة، وهو‬ ‫منصف بن علي، عريف سابق في الجيش، ومؤتمن على أسرار الرئيس، ومعروف في أوساط طبقة‬ ‫ا‬ ‫اللصوص والحرامية منذ السبعينات. وقد توفي في ظروف غامضة في نيسان/أبريل 6991. وإذا وضعنا جانبً‬ ‫الموت الطبيعي، فهناك احتمال يبرز على السطح، ويتمثل في التصفية الجسدية من قبل المافيا اليطالية بسبب‬ ‫الختلف على تقاسم عوائد بيع المخدرات، إذ أن البوليس لم يسمح لحد بالقتراب من جثة المغدور. وجدير‬ ‫بالذكر في هذا الصدد أن منصف بن علي كان قد حكم عليه غيابيً من قبل محكمة فرنسية بالسجن مع الشغال‬ ‫ا‬ ‫الشاقة مدة 21 عام�!‬ ‫�ً. أما شركائه من التونسيين المقيمين في فرنسا، الخوة روما، فقد قبلوا التعاون مع البوليس الفرنسي،‬ ‫وأطلق سراحهم مؤخرً، ولم يطردوا من الراضي الفرنسية، ويعيشون تحت الحماية الفرنسية مخافة من‬ ‫ا‬ ‫ردود أفعال الرئيس بن علي. وفي هذه القضية، تورطت الدولة التونسية في الدفاع عن المتهم منصف بن‬ ‫علي، وعهد بالدفاع في هذه القضية إلى أحد المحامين المقربين من الرئيس بن علي هو عبادة الكافي، الذي‬ ‫تحول إلى باريس. وقامت الوكالة التونسية للتصال الخارجي ) ‪ - (ATCE‬وهي مؤسسة حكومية - بحملة‬ ‫إعلمية شرحت فيها أن المدعو منصف بن علي غير مسجل في سجل الحوال المدنية، وأن أخ �!‬ ‫�لرئيس يدعى حبيب. وقد كوفئ رئيس هذه!‬ ‫الوكالة على جهوده، ومنح منصب وزير لحقً. وفي الواقع، منذ بداية العهد الجديد، نصب منصف بن علي‬ ‫ا‬ ‫نفسه رئيسً في أوساط أولئك الذين يسيؤون استعمال الوظيفة. فقد بدأ يوزع الرخص الممنوحة بصعوبة من‬‫ا‬ ‫قبل وزارة الداخلية: بارات، مقاهي، مطاعم، أماكن لبيع الكحول، صالت ألعاب بقيمة 00001 دولر عن كل‬ ‫ا‬ ‫رخصة. كما منح شركاءه في تجارة المخدرات جوازات سفر تونسية حقيقية، ولكن بأسماء مستعارة، نظرً‬ ‫لسيطرته على أجهزة البوليس. وكانت هذه العمليات تدر عليه مبلغً بقيمة 00051 دولر عن كل عملية، كما‬ ‫ا‬ ‫ذكر لنا أحد أصدقائه، وقد تخلى مؤخرً عن العمل في هذه الوساط المرموقة. وبم�!‬ ‫ا‬ ‫� أن مؤسسة القضاء فاسدة ومخترقة في تونس، فقد نصب منصف بن علي نفسه «رئيسً لهذه المؤسسة »،‬ ‫ا‬ ‫حيث أنه بإمكان أي أحد إذا أراد أن يكسب حكمً لمصلحة قضيته، أن يدفع ما بين 02 ألف دولر إلى 03 ألف‬ ‫ا‬ ‫دولر إلى منصف بن علي. ولما رفض أحد القضاة الذعان لمثل هذا السلوب طرد من باب القصر العدلي‬ ‫أمام أعين كل الناس، وبل أي تفسير كما روى لنا ذلك أحد المحامين المشهورين في تونس. كما تخصصت‬ ‫أكثر من عشرين شركة استيراد وتصدير، وشركات خدمات أخرى بمشاركة أجنبية في رأسمالها، والتي تعود‬ ‫ملكية بعضها إلى منصف بن علي أو إلى رجاله فاقدي الشخصية من غازي ملولي، وأحمد قبي، في تبي�!‬ ‫�ض اموال المخدرات لحساب مجموعة إيط!‬ ‫الية !‬ ‫أو أميركية لتينية. وقد وظف منصف بن علي محاميين يعملن كامل الوقت في مكتبه بالمدينة الولمبية من‬ ‫أجل الشراف على تركيب عملياته المعقدة. ويمتلك منصف بن علي قصرً فخماً في مرناق، المنطقة‬ ‫ا‬ ‫الزراعية، وهو شبيه بقصور رؤساء الكارتلت في الميدلين )‪ (Medlin‬ويتحرك دائمً في سيارة مصفحة‬ ‫ا‬ ‫وتحت حراسة مشددة. وبعد موته، استمرت أعمال العائلة في الزدهار تحت قيادة الرئيس بن علي نفسه. لقد‬ ‫تخصصت عائلة بن علي بالستيراد عن طريق تهريب الشياء الثمينة، من السجائر، والكحول الفاخرة،‬ ‫والموز، والماكينات اللكترونية، وألعاب البليار.. الخ. أما مكان نشاط هذه العائلة، ف�!‬ ‫�د تمركز في منطقة سوسة مسقط رأسها، حيث تعيد استثمار أموالها في الفنادق. وقد بنت هذه العائلة فندقين‬ ‫بقيمة 54 مليون دولر: الول تعود ملكيته لخ الرئيس بن علي في حمام سوسة، والثاني بنته أخته الكبرى‬ ‫حورية التي توفيت منذ سنوات قليلة. وهذه المعلومات يمكن التأكد منها لدى سجل الديوان التونسي‬ ‫للسياحة.وشقيقتها نعيمة التي تشارك مع ابنها عماد لطيف في حالت الغش والتدليس في الممتلكات العقارية‬ ‫مع إدارة شؤون الدولة والمواطنين من العديد من التونسيين ضحيةأعمالهم واحتكاراتها جمارك والموانئ‬ ‫6‬
  • 7. ‫تونس أما الخت الصغرى للرئيس بن علي حياة، والتي يمثل زوجها سيفي ا!‬ ‫لمنظمة الوطنية للعمال التونسيين ف!‬ ‫ي ألم!‬ ‫انيا )‪ ( ON TT‬فقد تخصصت في تهريب الذهب والماس، وقد أكد لنا رجال الجمارك هذه الحقائق. ويحتكر‬ ‫ابن أخي الرئيس بن علي صلح، قيس بن علي توزيع الكحول في منطقة الساحل التونسي، حيث اقتصر دور‬ ‫البوليس على حماية زبائنه حسب رواية أحد العاملين في محافظة مدينة سوسة. وفضلً عن ذلك، فقد منحته‬ ‫إدارة تليكوم استثمار مجموع التاكسيفون )الهاتف العام( في كل المطارات التونسية، كما استعاد سفيان بن علي‬ ‫ابن المتوفى منصف بن علي قسما من نشاط والده في استيراد وتوزيع المخدرات، ولما اتهمته بعض الجهات‬ ‫الرسمية، غادر تونس بضعة أسابيع بناء على توجيهات عمه الرئيس، لكي تمر العاصف!‬ ‫ة. وقد اشترى مؤخرً كل الفري – شوب ) ‪ (FREE SHOP‬في كل المطارات التونسية، حيث عهد‬ ‫ا‬ ‫استثمارها إلى شركة سويسرية متخصصة ) ‪ ،(Weitnauer‬المر الذي مكنه من ربح مليين الدولرات‬ ‫سنويً.‬ ‫ا‬ ‫وهناك أعضاء آخرون من العائلة يحتلون وظائف رسمية أمثال مهدي مليكة ابن أخي الرئيس الذي عين‬ ‫وزيرً للبيئة، من غير أن يحمل شهادة جامعية. وقد وصف بأنه رجل متعجرف وعديم الذمة. وهو الن يمتلك‬ ‫ا‬ ‫ثروة تقدر بنحو 04 مليون دولر، ويلقبه كوادر وزارته بالسيد 02 %، لنه يفرض على كل الموردين‬ ‫للخدمات أو للعمال دفع كومسيون بقيمة 02 %. ويمتلك قصرين، الول في تونس العاصمة بمنطقة المنار،‬ ‫والثاني في حمام سوسة، وهو بصدد بناء قصر ثالث في ضاحية قمرت بتونس الشمالية، بعد أن قام بتخريب‬ ‫قسم من البيئة الخضراء المحيطة به.وهو شريك مكتب للدراسات متخصص في دراسة التأثيرات المختل�!‬ ‫�ة على المحيط البيئي. وهذا الوضع يفرض على أي شركة صناعية تريد فع ً الحصول على ترخيص‬ ‫ل‬ ‫لقامة مصنعها أن تمر أتوماتيكياً على هذا المكتب.‬ ‫أما حامد مليكة المستشار في القصر، فتكمن مهمته في اقتطاع كومسيونات عن كل الصفقات التي تبرمها‬ ‫الرئاسة، حسب المعلومات المقدمة لنا من قبل ضباط من البوليس. ويحتل البن الكبر من عائلة مهيري‬ ‫) أبناء عم الرئيس ( منصب رئاسة التصالت لمنطقة تونس، حيث تكمن مهمته في التنصت على المكالمات‬ ‫الهاتفية لمصلحة الرئيس، الذي ينعم عليه من أموال الصناديق السوداء. أما الخ الصغر ظفر ال مهيري‬ ‫صاحب نص ممنوع نشره وتوزيعه في تونس ويحمل العنوان التالي « جمهورية ابن عمي » فقد عاد من‬ ‫باريس بعد إبرام تسوية بين أبناء العم، ومنح منصب مراقبة النترنيت ليمنع بذلك التونس�!‬ ‫�ين من الدخول إلى مواقعها الحساسة . وقد تم وضعه على رأس هذه المؤسسة من قبل أحد أخويه في كانون‬ ‫ثاني عام 7991. ويعمل الن مستشارً للبنوك، ويتمتع بامتيازات كثيرة، من دون أن يكون له دوام فعلي، كما‬ ‫ا‬ ‫أكد لنا مدير بنك الجنوب. وهناك ابن أخت بن علي، محمد علي دواس، الذي أصبح محافظً للبنك المركزي‬ ‫ا‬ ‫في بداية عام 1002. وهناك عدد هائل من هذه العائلة الكبيرة تم تعيينهم في مناصب بالخارج، كممثلين‬ ‫للمصالح التونسية، وهي وظائف تمكن هؤلء من الثراء السريع عن طريق نهب أموال الدولة التونسية ».‬ ‫8 - عائلة الجري: هذه العائلة محمد الجري، الذي كان في البداية مجرد موظف في الدولة، لكنه أصبح بعد‬ ‫ذلك الرجل القوي بعد بن علي طوال ثماني سنوات، بوصفه مديرً لديوان الرئاسة. إنه ينفذ كل الوامر‬ ‫ا‬ ‫الموكلة إليه، مقابل السماح له بإنشاء جمعية إساءة سوء استعمال الوظيفة مع الخوة مزابي، منصف،‬ ‫مزوغي، وصادق، وهم رجال أعمال من مدينة جربة بالجنوب التونسي، حيث كان الول أحد أعضاء لجنة‬ ‫تنظيم الحملة النتخابية للرئيس. وقد استفادوا جميعً سنوات طويلة من احتكار استيراد سيارات الشحن «‬ ‫ا‬ ‫سكانيا – ‪ ،» Scania‬وهم الن يسيطرون على أربعين شركة في مختلف الميادين.وفي الوقت !‬ ‫عينه، تسيطر عائلة محمد الجري بالشتراك مع أعضاء من عائلته على بنك ل شكلي يعمل في الواقع، على‬ ‫الطريقة المؤدية إلى ليبيا في مدينة مدنين، كمركز مالي لتصريف العملة الليبية بطريقة غير شرعية، وخارج‬ ‫نطاق معدلت الصرف الرسمية. وهكذا يحول هذا البنك أكثر من نصف مليون دولر يوميً، مستفيدً من‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫الحصار الذي كان مضروباً على ليبيا منذ العام 2991.وحصلت عائلة الجري على ملكية شركة تابعة للقطاع‬ ‫العام تم تخصيصها بقيمة )000007( ألف دولر في نهاية عام 5991، في حين أن سعرها الحقيقي قدر من‬ ‫قبل أحد محاورينا بنحو 5.4 مليون دولر. وعندما فقد محمد الجري حظوته لدى رئيس الدولة!‬ ‫، اجتمع مجلس وزراء ضيق بهدف دراسة �!‬ ‫�الة قطاع النقل في تونس ».‬ ‫7‬
  • 8. ‫الخـاتمـة‬ ‫نستخلص من هذا العرض حول الفساد في تونس، الذي كثيرً ما ينطوي على تحويل أو تحريف وجهة الموارد‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫المالية أو الخدمية من الستفادة العامة إلى العائلت الخاصة النهابة، إذ غالبً ما يتطلب هذا التحريف تحوي ً‬ ‫ا‬ ‫للموال إلى مصارف وبنوك أجنبية، ما سبب حدوث تسريبات ضارة بالقتصاد الوطني تعمل على زيادة‬ ‫عرقلة التنمية القتصادية. والفساد في تونس له علقة بالمتغيرات القتصادية و الجتماعية الناجمة عن سياسة‬ ‫الخصخصة، التي بدأ النظام يطبقها منذ مجيء الرئيس بن علي إلى السلطة. وفي ظل غياب قوانين صارمة‬ ‫ضد الحتكار تعني الخصخصة استبدال احتكار القطاع العام باح�!‬ ‫�كار القطاع الخاص، وهذا يؤدي إلى استشراء الفساد بكلفة إقتصادية واجتماعية كبيرة. هناك حاجة إلى‬ ‫موازاة التخصيص مع وجود قوانين ضد الحتكار لدرء الفساد، وهذه القوانين كانت علمات أساسية في‬ ‫التطور القتصادي في الدول الرأسمالية المتقدمة. يعمل الفساد في تونس على تقزيم التنمية القتصادية، ويعمل‬ ‫أيضً على مفاقمة الفقر، لن الطبقة السياسية الحاكمة التي وصلت إلى السلطة في الـ 7 من نوفمبر 7891،‬ ‫ا‬ ‫أحاطت نفسها فجأة ببهارج السلطة ومفاتنها، ل سيما سبل الوصول إلى الموارد المالية والسلطة الستثنائية في‬ ‫منح العقود والمجاملت. وقد اجتهدت هذه الطبقة السياسي�!‬ ‫� التي تلوثت بالفساد حتى النخاع، ب�!‬ ‫�د أن ذاقت ثماره في جعل الفساد منهجيً ومستديمً بذاته، بحيث أنه تحول إلى «مؤسسة ». كما أن‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ممارسات الفساد في تونس ليست مجرد ممارسات فردية خاصة لهذه العائلة أو تلك من العائلت النهابة، كما‬ ‫جاء في حيثيات قضايا الفساد الكبرى التي تم عرضها في هذا الفصل من الكتاب، وإنما هي تتحرك من خلل‬ ‫« أطر شبكية » و « مافيات » منظمة، وهكذا تكتسب ممارسات الفساد طابعً مؤسساتيً في إطار تلك «‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫المنظومات الشبكية ». إن للفساد آثارً سلبية ومدمرة على الستثمار الجنبي والمساعدات الجنبية، والتنمية‬ ‫ا‬ ‫القتصادية، حيث أن الفساد يعوق التنمية السياسية ويقوض الفعالية وا�!‬ ‫�كفاءة الدارية، وشرعية القادة السياسيين والمؤسسات السياسية. غير أن الفساد ما كان له أن ينتشر في‬ ‫تونس، وينمو ويزدهر، لول أنه لم يجد « بيئة حاضنة للفساد ». هذه البيئة الحاضنة للفساد، هي الدولة‬ ‫البوليسية بزعامة الرئيس بن علي، الذي ترك العنان للفساد يستشري في تونس، ولم يمارس أي دور في كبح‬ ‫جماحه. بل أن هذه الديكتاتورية البوليسية لجأت إلى تأسيس علقات وروابط مع رجال « البزنس » لقتسام‬ ‫العمولت والصفقات والغنائم ليس فقط كنتيجة لضعف رموزها أمام إغراءات المال والثراء، وليس فقط بدافع‬ ‫تأمين المستقبل وإنما أيضً لضرورات البقاء في السلطة. وكلما تعز!‬ ‫ا‬ ‫زت علقات الطرفين وتشابكت مصالحهم!‬ ‫ا قوي!‬ ‫ت دافع الطبقة الخيرة لحماية النظام وإحاطته بسياج من الولء مدفوع الثمن. وهذا تحديدً ما ساعد بن علي‬ ‫ا‬ ‫على الحتفاظ بالسلطة طوي ً. وحين تكون السلطة السياسية القائمة هي التي تحث على الفساد، ل بل، تدفع‬ ‫ل‬ ‫إليه دفعً منظمً ، كما هي الحال بالنسبة لسلطة السابع من نوفمبر في تونس، فإن الفساد يصبح «مؤسسة».‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫فكما يقول المثل الشعبي « المال السايب يعّم السرقة ».‬ ‫ل‬ ‫إن الفساد ليس ظاهرة تونسية، أو عربية فقط، بل هو ظاهرة عالمية. وقد كشف النقاب عن فضائح للفساد في‬ ‫الدول الرأسمالية المتقدمة، في الوليات المتحدة الميركية وأوروبا الغربية واليابان طيلة عقدي الثمانينات‬ ‫والتسعينات. وبينت الدراسات الحديثة جدً التي تناولت بالتحليل ظاهرة الفساد وعلقته بالقتصاد العالمي، أن‬ ‫ا‬ ‫الرشوة تعمل على تشويه السواق العالمية، وتعرقل التنمية القتصادية عن طريق إحلل الكسب غير‬ ‫المشروع محل النوعية والداء والملءمة، وتقوض الخضوع للسياسة الديمقراطية. كما أن الفساد يضعف‬ ‫الحكومات غير المستقلة، ويهدد الديمقراطيات الناشئة. !‬ ‫إن السؤال المطروح تونسيً وعربيً هو: هل يمكن انتهاج سياسة واضحة لمكافحة الفساد على المستوى‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫الوطني والعربي ؟.‬ ‫إن مكافحة الفساد، تتطلب توافر الرادة السياسية، ومشاركة المجتمع المدني، وتقوية المؤسسات، فضلً عن‬ ‫دور التعاون الدولي. ويرجع الدكتور محمود عبد الفضيل في دراسته القيمة عن إقتصاديات الفساد، إلى أن‬ ‫القضاء على التداعيات السلبية للفساد على عملية التنمية ومسيرة التقدم في الوطن العربي، يتطلب التحرك‬ ‫على المحاور الرئيسية التالية:‬ ‫1 - محور توسيع رقعة الديمقراطية والمساءلة: ويقتضي ذلك توسيع دائرة الرقابة والمساءلة من جانب‬ ‫8‬
  • 9. ‫المجالس التشريعية والنيابية، والجهزة الرقابية، ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق درجة أكبر من « الشفافية‬ ‫» في العقود الدولية والعطاءات وإتفاقيات المعونة، للقضاء على ما يسمى بـ « الفساد الكبير ». وليس هناك‬ ‫من شك في أن الضمان الحقيقي لحل « مشكلة الفساد » ح ً جذريً يكمن في تداولية السلطة، حتى ل يعشش‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫الفساد طوي ً ويتم توارثه والتستر عليه. وهنا يبرز دور هام منوط بالعلم والصحافة في تسليط الضوء على‬ ‫ل‬ ‫« الفساد الكبير » في أعلى المواقع، مع توافر الضمانات ا!‬ ‫لقضائية اللزمة لحصانة الصحفي ورجل العلم. 2 - محور الصلح الداري والمالي : ل بد من وضع‬ ‫القواعد والضوابط اللزمة لمنع «التداخل » بين الوظيفة العامة وممارسة النشاط التجاري والمالي ) بالصالة‬ ‫أو بالوكالة ( لمنع اختلط المال العام والمال الخاص. وهذا يقتضي بدوره إعادة النظر في اللوائح المالية‬ ‫والدارية، وتشديد القيود والضوابط والقضاء التدريجي على مفهوم « الدولة – المزرعة ». 3 - محور‬ ‫إصلح هيكل الجور والرواتب : ولكي يمكن محاصرة الفساد عند أدنى المستويات، لبد من تحسين أوضاع‬ ‫صغار الموظفين وكبارهم في الخدمة المدنية، من حيث مستوى الجور وال�!‬ ‫�رتبات وبما يتمتعون به من مزايا، ح�!‬ ‫�ى تصبح تلك الجور والمرتبات أداة لـ « العيش الكريم » )‪ ،(Living wages‬مما يساعد على زيادة‬ ‫درجة حصانة « صغار الموظفين » و « كبارهم » إزاء الفساد والمفسدين، وبما يساعد على القضاء على «‬ ‫الفساد الصغير » بأشكاله المختلفة. وغني عن القول أن محاصرة الفساد وتقليص مساحته، يقتضيان التحرك‬ ‫على « المحاور الثلثة » في وقت واحد.. إذ إن إصلح هيكل الرواتب والجور وتحصين «الموظف العام »‬ ‫ل يكفيان وحدهما لل‬ ‫9‬